مسؤول في وزارة الحج لـ «الشرق الأوسط»: عقوبات صارمة طالت شركات وهمية تعمل تحت عباءة سعوديين

بعد 2093 زيارة وجولة تفتيشية

عقوبات صارمة صدرت بحق مؤسسات وشركات وهمية (تصوير سلمان مرزوقي)
TT

قطعت وزارة الحج السعودية الطريق أمام شركات ومؤسسات وهمية، بعضها تدثر تحت مظلة سعودية بأنشطة أجنبية بالكامل، وأوقعت عليها جملة من العقوبات، وتمت إحالتها إلى اللجنة المختصة، التي أصدرت في حقها عقوبات وغرامات وصلت إلى حد 50 ألف ريال سعودي، فيما ثمنت تجاوب أداء الشركات النظامية، وتحسن نمط عملها في حج العام المنصرم 1430هـ.

وقال إبراهيم الجابري، مدير عام حجاج الداخل في وزارة الحج السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، إن لجان المراقبة والمتابعة التابعة لوزارة الحج تقوم بجولات مفاجئة، تبدأ من غرة ذي القعدة إلى بداية ذي الحجة من كل عام، تشمل المكاتب المرخصة والفروع النظامية في مناطق السعودية جميعها، بينما تقوم الوزارة بدورها بالمتابعة، للتأكد من نظامية تلك الشركات، وأنها قادرة على استقبال الحجاج النظاميين، وبين أنه من خلال الجولات يكتشف أن هناك حملات وهمية، لأن المراقب ذهب إلى المكتب الرئيسي، فيكتشف أن هناك مكاتب غير مصرح لها، وغير موجودة في القائمة، حيث يتم تدوينها وتصريحها كمكاتب مخالفة.

وأضاف الجابري أنه في كل عام تتقلص الأعداد، وذلك بفضل التنسيق القائم بين وزارتي الداخلية والحج، وأن كثيرا من الجهات المعنية تبدي تعاونا جيدا في هذا المجال، وبخاصة في السنوات الأخيرة، مما ضيق الخناق على تلك المكاتب والمؤسسات والشركات الوهمية، موضحا أن الحملات لهذا العام أطاحت بـ12 عشر شركة وهمية، وقال «كل هذه الجولات التفتيشية، تم رصدها ورفعها إلى اللجنة، التي بدورها حسمت مصير تلك الشركات المخالفة، وأصدرت عقوبات في حق تلك المكاتب الوهمية». أما فيما يختص بالمكاتب الرسمية، فيؤكد أن «هناك تحسنا ملحوظا وملموسا على مستوى الحاج بعينه والجهات الأمنية، ولاحظنا التزاما كبيرا من تلك الشركات المرخصة، وتقيدها بالأنظمة والتعليمات التي طلبت منها».

وساق إبراهيم الجابري مثالا على نجاح التجربة، بفضل تقلص الشكاوى الفعلية للحجاج والمقدمة في هذا الخصوص، وجولات اللجان أثناء المتابعة والمراقبة دارت على جميع مخيمات حجاج ومؤسسات الداخل، وأشار إلى أنه لم يتقدم سوى 4 حالات بشكاوى أثناء الموسم مقارنة بالمواسم الثلاثة الماضية، التي كان العدد فيها أكبر بكثير.

وحول مدى تنفيذ آلية العقوبات وطريقة تنفيذها، قال إنه أمر يخص اللجنة وحدها، التي تنظر كل حالة مخالفة على حدة، وأضاف أن «غالبية الملاحظات هي إشكالات إدارية، أما فيما يكون على تماس مباشر مع الخدمة الفعلية للحجاج فهي قليلة جدا، على الرغم من ضراوة اللجنة وحدتها في التعامل مع الحالات المخالفة».

وحول وجود مؤسسات تدثرت تحت عباءة السعودة، أجاب مدير عام حجاج الداخل: «نشدد رقابتنا في هذا الخصوص، ولا نتسامح مطلقا، وهناك شروط لا بد أن تنطبق على مدير عام الشركة وبقية أفرادها، ومحددة في اللائحة التنفيذية للنظام، فالعاملون في المكاتب الرئيسية لا بد أن يكونوا سعوديين، وإذا وجدت أي عمالة أجنبية أو عمال أجانب فتدون المخالفة، وتحال إلى اللجنة وتصدر عقوبات في حق المخالفين، ونحن دقيقون في مسألة السعودة»، مبينا أن «هناك استخداما للعمالة الأجنبية في الأعمال الخدمية، مثل النظافة والحراسة، وما إلى ذلك، أما كموظفين فالكادر مائة في المائة سعوديون، ونحن كجهات مشرفة لاحظنا التحسن الملموس من خلال انضباط الشركات في ذلك».

وأشار إلى أن هناك نقلة تطويرية لحجاج الداخل خاصة بعد تدشين وزير الحج السعودية لموقع الوزارة الإلكتروني العام الماضي، وأصبحت هناك نقلة نوعية في التعاملات بين الوزارة والشركات والمؤسسات، والتواصل مستمر مع البوابة، وقال: «في هذا العام طبقنا برنامج التكلفة المخفضة، والأرقام الإحصائية التي قمنا بعملها بعد الموسم مباشرة، وجدنا الرضا الكامل من الحجاج، بالإضافة إلى رضا الشركات والمؤسسات القائمة بالخدمة، على الرغم من توقعنا من عدم رضاهم بسبب التكلفة المنخفضة».

من جانبه، أوضح سعد القرشي، رئيس لجنة الحج والعمرة في الغرفة الصناعية والتجارية في مكة المكرمة، لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك القرارات المنبثقة ليست نهائية بالنسبة إلى الشركات والمؤسسات، فهناك اللائحة التنفيذية التي صدرت عن النظام المتعلق بالشركات، والتي مفادها «إذا صدرت عقوبة على أي شركة، فمن حق هذه الشركة أن تستأنف خلال ستين يوما، فإذا استأنفت في ديوان المظالم، خلال الستين يوما، فيعتبر قرارا غير نهائي ولا يلزم الشركة بتنفيذ القرار»، مفيدا أن من حق الشركة الاستئناف ورفعه إلى ديوان المظالم، وتستمر الشركة في نشاطها حتى يبت الأمر بشكله النهائي في ديوان المظالم، ولا يعتبر القرار نهائيا إلا بعد انتهاء الستين يوما، أو انتظار حكم ديوان المظالم في هذا الخصوص، وهي الفترة المحددة للتظلم. وأضاف أن هذا القرار المنصوص يطبق على الشركات النظامية، أما الشركات المخالفة في الأصل فتستبعد من مرافعات النظام القضائي، وتطبق بحقها الأنظمة التي تصل إلى عقوبة السجن، والإبعاد من البلاد إذا كان الشخص أجنبيا، مؤكدا أن ثمة شركات تزاول أنشطة وهمية، ويديرها أجانب بأسماء سعوديين، وهي نادرة الوقوع وقلت بشكل كبير في السنتين الأخيرتين.

وكانت عقوبات أصدرتها لجنة النظر في مخالفات شركات ومؤسسات حجاج الداخل، وأفضت إلى قرارات تتصدى لأي تهاون أو قصور أو احتيال في الخدمات المقدمة للحجاج لموسم حج عام 1430هـ، وذلك إثر ما تم رصده من ملاحظات تشغيلية وإدارية وخدمية خلال جولات لجان المراقبة التابعة لوزارة الحج التي بلغت 2093 زيارة، بدءا من يوم الخامس من ذي الحجة، وحتى يوم 13/12/1430هـ.

وشملت الجولات 233 شركة ومؤسسة مرخصا لها بخدمة حجاج الداخل العاملة في موسم حج 1430هـ، حيث تم الوقوف على مواقعها في المشاعر المقدسة بمنى وعرفات، كما تم النظر في مخالفات 16 حملة ومكتبا قاموا بممارسة الخدمة من دون ترخيص.

وأصدرت اللجنة في هذا الشأن 108 قرارات، تشمل عقوبات بحق 49 شركة، منها غرامات مالية، تتراوح ما بين عشرة آلاف، و50 ألف ريال أو التعويض للحجاج المتضررين أو التخفيض من نسبة الحجاج المصرح بخدمتهم بمقدار 10 في المائة، والإبعاد عن المملكة لغير المواطن.

كما تم أخذ التعهد الكتابي على 7 مؤسسات وشركات، في حين تم حفظ 36 قرارا وفقا لما نصت عليه مضامين القرارات لكل حالة على حدة، وفق مقتضى الأنظمة المراعاة، من حيث إجراءات التبليغ والتظلم وغير ذلك من الأمور ذات الصلة، لأن الهدف الأساسي هو أن يتحقق العدل وصيانة الحقوق من العبث، وفي المقدمة أن يتمكن الحاج من أداء نسكه بكل يسر وسهولة، بعيدا عن كل ما يعكر صفوه أو يبتزه. بينما تجدر الإشارة إلى أن اللجنة يشارك في عضويتها، إلى جانب وزارة الحج، مندوب يمثل وزارة الداخلية، وآخر يمثل وزارة التجارة والصناعة.