السعودية: 3 وزراء يضعون في ساعتين «معالجة» الصحة والإعلام والعدل لـ«الأخطاء الطبية»

خلصوا إلى 18 توصية عملية وكشفوا عن أنظمة وأحكام يجري الترتيب لها داخل أروقة وزاراتهم

وزراء الإعلام والصحة والعدل في ندوة الأخطاء الطبية (تصوير: إقبال حسين)
TT

حاول 3 وزراء سعوديون ليلة أول من أمس إيجاد حلول تمكن من التكامل بين أجهزتهم الثلاثة وهي «الصحة» و«الإعلام» و«العدل» لمعالجة واقع الأخطاء الطبية في السعودية، خلال ندوة عقدت في الطاولة المستديرة بفندق «الإنتركونتننتال» في العاصمة السعودية الرياض.

وحمل تجمع الوزراء الثلاثة الذي استمر لساعتين بشارات سارة تخص بوادر الانتهاء من حزمة أحكام وتنظيمات جديدة تخص الأخطاء الطبية وما يتعلق بها، كان من بينها تقديرات التعويض للحالات والوفيات الناجمة، وكذلك نظام لمراقبة إعلام البرامج الطبية إضافة إلى تطبيقات إلكترونية جديدة لاكتشاف الأخطاء قبل وقوعها في مستشفيات الدولة بالمملكة.

ونجحت جهود الوزراء الدكتور عبد الله الربيعة وزير الصحة - المضيف للحدث - والدكتور عبد العزيز خوجه وزير الثقافة والإعلام، والدكتور محمد العيسى وزير العدل، مع جموع من المختصين في الجوانب الشرعية والإعلامية والطبية، في الوصول إلى 18 توصية عملية تزامنت مع ما كشفه الوزراء من وجود أنظمة وأحكام سترى النور قريبا ستدعم من تطوير المهنة الطبية وما يتعلق بها من معالجة قانونية وشرعية وإعلامية.

واعترف الوزراء الثلاثة بتقصير ملموس كل في مجاله حول ما يتم معالجته للأخطاء الطبية وما يتعلق بها إذ جاءت اعترافاتهم بوجود خلل في تقديرات الإحصاءات الدقيقة وتفاصيل واقع الإشكالية الطبية، بينما يرون أن التشريعات القانونية والشرعية تحتاج إلى تعديلات ومراجعات لإعطاء الحقوق، إضافة إلى وجود تعاط وصف بأنه غير «إيجابي» لتناول الإعلام للقضايا والحالات المطروحة.

وكانت ورقة عمل قدمتها وزارة الصحة ممثلة في الدكتور محمد حشيم حول إحصاءات الأخطاء الطبية بأنها وصلت خلال الأعوام الخمسة الماضية إلى 680 قرارا من أصل 3.2 ألف قضية بينما جاء نصيب القرارات الصادرة للحق الخاص 51 قرارا تمت عبر 18 هيئة صحية شرعية في مختلف مناطق البلاد.

وهنا، يكشف الدكتور الربيعة في مشاركته عن أن العمل جار حاليا لتطوير منهجية عملية ستنتهي قريبا بعد اكتمال مكوناتها تضم بعض الأنظمة والقوانين، وتشمل ما يخص ملف التشهير وتطبيقه وفقا لأحكام دقيقة، لافتا إلى أن جميع الأنظمة تم تطويرها لضمان ممارسة مهنية طبية عالية.

وأضاف الربيعة أن الأخطاء الطبية تحتل حيزا كبيرا من اهتمام المواطنين ووسائل الإعلام والجهات صاحبة العلاقة حرصا من الجميع على الحد منها ومنع تكرارها، مضيفا أن الأخطاء الطبية تشكل قضية عالمية مما أوجب قيام الهيئات العلمية العالمية بوضع أسس مهنية مدروسة للتعامل معها وإرسال قواعد لحماية المرضى والممارسين الصحيين من حدوثها وآثارها السلبية.

وأشار الربيعة إلى تنامي حجم التأمين عن الأخطاء الطبية التي على الرغم من الإشاعات المتفشية فإنها لا تتعدى نسب الأخطاء الطبية ببقية الدول بحسب التقديرات العالمية، مضيفا أنه إذا وجد خطأ فهناك نظام دقيق للتعامل معه من الناحية الطبية والقضائية، والوزارة متقيدة بهذه الأنظمة المستقاة من أنظمة مهنية عالمية ونسعى لتطوير هذه المعايير لتحقيق الأهداف المرجوة لسلامة المرضى.

وأبان الربيعة أن هناك عملا حاليا لآلية رصد علمي إلكتروني مهني ستقلص من الأخطاء المهنية، مشيرا إلى أنه سيتم تطبيق منهجية إجرائية في 30 مستشفى كبيرا في المملكة خلال المرحلة الأولى على أن يتبعها 60 مستشفى لاستكشاف الأخطاء قبل وقوعها.

إلى ذلك، كشف وزير العدل العيسى عن أنه لا توجد فراغات تخص متطلبات العمل القضائي في المحاكم الطبية، بل هناك سلطة تقديرية فيما يتعلق بجوانب التقديرات المادية في وقت يمكن فيه الطعن في القرارات الصادرة عن الهيئة الطبية، لكنه اعترف بوجود فراغ في البحث والاستقصاء في وضع المقدرات الجزئية العادلة.

وأفصح العيسى عن دراسة حالية في المحكمة الكبرى تم الانتهاء من عملية المسح الجزئي فيها للوصول إلى تقديرات ملائمة تخص الدية، لافتا في الوقت ذاته إلى آماله بأن تستقل الهيئات الطبية الشرعية ويتفرغ الكوادر العاملون فيها وهم من التعليم العالي ووزارة الصحة ووزارة العدل كعمل رسمي لهم في جهاز مستقل.

وقال العيسى إن هناك عقوبات محددة في النظام، ومساحات تقديرية في التعويض يجب ألا تخرج عن الديات المقدرة في الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أن الهيئة الصحية الشرعية قد تنطلق إلى آفاق تضع الأمور في نصابها الصحيح فيما يتعلق بالتقدير العادل وعند التدقيق على بعض القرارات يتم تعديلها، لأن الكثير مما يتداوله الإعلام يتعلق بالتقدير العادل والمجزي للتعويض، مبينا أن العقوبات تتمثل في الإنذارات وسحب التراخيص والغرامات، وهناك سلطة تقديرية فيما يتعلق بالتعويض المادي والمعنوي.

وكان الدكتور علي الشهري المستشار القانوني بوزارة العدل في ورقة علمية قدمها، قال إنه منذ إنشاء اللجنة الشرعية للفصل في قضايا الأخطاء الطبية كانت الوزارة هي المعول عليه حيث إن الأنظمة تنص على ترؤس أحد القضاة العاملين تحت مظلة وزارة العدل مما يدل على حرص الوزارة على اختيار ذوي الكفاءة العالية.

إلى ذلك، شدد خوجه وزير الثقافة والإعلام على واقع ومسؤولية وسائل الإعلام بكل أشكالها لمتابعة ما يطرح ويبث، لافتا إلى أن الوزارة ملتزمة بالتأكيد على اتباع المنهجية الصحيحة وإعطاء كل ذي حق حقه، في وقت ذكر فيه الوزارة بالنشر والبث الهادف البناء ودعم الوصول إلى الحقيقة والتعريف بها، طالبا من الإعلاميين أن يكون البحث عن الحقيقة ديدنهم وتوعية المواطن هدفهم في طرح إعلامي مستنير.

وأبدى خوجه استياءه من بعض البرامج الطبية في الفضائيات العربية على الأقمار الصناعية الثلاثة (عرب سات ونايل سات ونور سات)، مشددا على أنها كانت من أولويات اهتماماته لمحاربة الفاسد منها في كل مجالاته، إذ أفصح عن آليات جديدة عبر تنظيم وضع حاليا للحد من انتشارها، يبرز فيها ضرورة استخراج الرخص من المنشأ.

وكشف الوزير خوجه عن ترتيب لوضع نظام للقضاء والإعلام الإلكتروني لتنظيم العملية الإعلامية، وذلك لضبط الاستغلال السلبي للقنوات الفضائية وكذلك المواقع الإلكترونية، لافتا إلى أن العمل جار حاليا لتغطية جميع جوانب هذا النظام.

من ناحيته، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الثقافة والإعلام المشرف على الإعلام الداخلي الدكتور عبد الرحمن الهزاع، إن الوزارة لديها لجنة مختصة بالنظر في المخالفات الصحافية يشارك فيها ممثلون من وزارات الداخلية والعدل والتجارة ومستشاران قانونيان، ومن بين ما تنظر فيه اللجنة الشكاوى المتعلقة بالأخطاء الطبية.

وناشد الهزاع في ورقة عمل قدمها الإعلاميين بمراعاة أمور، من أهمها الابتعاد عن المبالغة والتهويل، والابتعاد عن تأليب العامة واستفزازهم حيال أي خطأ لم يتحدد المتسبب فيه بشكل نهائي، وعدم التشهير بالأشخاص أو المؤسسات بأسمائها، مؤكدا أن على الإعلام التفاعل وطلب الإيضاح بينما لو تم إغلاق جوال المتحدث الرسمي فيحق للجهة الإعلامية استخدام المعلومات المتاحة معها.

وأعلن الهزاع 18 توصية عن الندوة ركزت حول وضع وزارة الصحة نظاما بإلزام القطاعات الصحية بتطبيق الجودة والحصول على الاعتماد والالتزام بمنهجية استكشاف الأخطاء الطبية، وعمل البرامج اللازمة للحد منها، وإنشاء إدارة متخصصة لحقوق المرضى والتوعية بذلك، واستمرار العمل في الندوات وورش العمل المتعلقة.

وأضاف في ذات المسار استمرار رفع مستوى الكوادر المهنية والكوادر العلمية ودعم القطاعات بالإمكانيات البشرية وتحديد دور كل مستشفى وقدراته، وحث القطاعات على وجود لجان متخصصة طبية ودراسة كل الحالات الصحية وتحليلها مع تطوير آليات التعاقد وإنشاء المكاتب الدائمة لاستقطاب الكفاءات الطبية، وتسهيل الترخيص للقطاع الصحي العالمي للاستثمار في المملكة.

وقضائيا، طالبت الندوة ببحث القضاة العمل والتعاون مع الأطباء، وإعادة النظر في ملفات التعويضات وكذلك الأخطاء المعنوية والتأثيرات السلبية الناجمة عن ذلك، إضافة إلى إعادة النظر في المكافأة الممنوحة لتكون مساوية للهيئات القضائية الأخرى، والتأكد من عدم وجود أي فراغ في الأنظمة واللوائح المعمول بها.

وفيما يتعلق بالإعلام، فقد ذكر الهزاع أن الندوة أوصت بعدم السماح للنشر بعد الحكم النهائي، وحث وسائل الإعلام على عدم إعلان نتيجة خطأ طبي غير مسجل لدى الجهات المختصة.