السعودية: الكشف عن استراتيجية وطنية للزراعة

وزير الزراعة أكد لـ«الشرق الأوسط» العمل على وضع اللمسات الأخيرة

سعودي يعرض لوزير زراعة بلاده طبقا من التمور الفاخرة المُنتجة محليا على هامش ورشة عمل البيوت المحمية أمس في الرياض (تصوير: أحمد فتحي)
TT

أفصحت السعودية أمس، عن نيتها إعلان استراتيجية زراعية شاملة، تُحاكي في تطبيقها وتعميمها، اتساع رقعة الأنشطة الزراعية على أراضي البلاد، بأفرعها وتخصصاتها وتنوع محاصيلها.

وتتزامن تلك الاستراتيجية المزمع أن ترى النور قريبا، مع ولادة أول مركز خاص بالمعلومات الزراعية على مستوى المملكة، وهو ما عدّه مسؤول سعودي رفيع المستوى، مفيدا لكل من يعمل في القطاع الزراعي في البلاد، سواء رجال الأعمال المستثمرون أو المزارعون على حدٍ سواء.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور فهد بالغنيم وزير الزراعة السعودي، عن عمل وزارته حاليا، على وضع اللمسات الأخيرة على استراتيجيةٍ زراعيةٍ شاملة، تُمثل رؤيةً سعوديةً للأنظمة الزراعية في البلاد.

وأكد الوزير بالغنيم على أن تكون تلك الاستراتيجية شاملةً للتخصصات الزراعية في البيوت المحمية، والحقول والمزارع المكشوفة، في الوقت الذي لم يُحدد فيه الوزير السعودي موعدا لولادة تلك الاستراتيجية، لكنه أكد أنها سترى النور قريبا. وقال الدكتور فهد بالغنيم في رده على سؤالٍ لـ«الشرق الأوسط» على هامش ورشة عمل احتضنتها العاصمة السعودية الرياض أمس، تبنتها وزارة الزراعة، وحاكت فيها حزمةً من الأمور تسعى من خلالها لتطوير زراعة البيوت المحمية: «زراعة البيوت المحمية هي جزءٌ لا يتجزأ من استراتيجية زراعية معمول بها في البلاد في الوقت الحالي، ووزارة الزراعة الآن، تضع اللمسات الأخيرة على إخراج استراتيجية جديدة، شاملة ومستقبلية، تعمل على تطوير وزيادة الأنشطة الزراعية على اختلاف محاصيلها».

وبالعودة هنا للمركز الخاص بالمعلومات الزراعية، فسيحوي المركز معلومات تفصيلية دقيقة عن استيعاب البلاد للأنشطة الزراعية، ويحدد في ذات الوقت المناطق الأكثر نماءً في السعودية من حيث المسطحات الخضراء، وكميات المياه الجوفية، ومستويات التربة والخصوبة في وقتٍ واحد.

وهنا قال الوزير السعودي: «رغبنا نحن في وزارة الزراعة أن نتبنى المركز، لكن صندوق التنمية الزراعية أخذ المبادرة، وأجرى دراسةً مستفيضةً مع عدد من بيوت الخبرة العالمية، وقريبا سيتم الكشف عن مركز المعلومات الزراعية، وهو ما سيكون له فائدة لكل من يعمل في الحقل الزراعي، سواء المزارعون والتجار المستثمرون في القطاعات الزراعية، وهذا سيتم خلال أشهر».

ويعمل صندوق التنمية الزراعي على المساهمة في تمويل المشاريع في القطاع الزراعي في المملكة، وقدم خلال الفترة الماضية، قروضا ماليه لقرابة 280 مشروعا زراعيا في بيوت محمية، بقيمةٍ تجاوزت أكثر من مليار ريال (266.6 مليون دولار).

وسبق أن قدم صندوق التنمية الزراعية فيما مضى 7 مبادرات، تركزت على جوانب تسويقية لمنتجات الخضراوات والفاكهة، ورفع كفاءة الإنتاج المحلي، بالإضافة إلى خفض استهلاك المياه. وقطع الوزير السعودي وعودا بأن لا تكون أي توصية تخرج عن ورشة العمل، وتكون صالحةً للتنفيذ، «حبيسةً للأدراج» مؤكدا أن ما سيكون مناسبا من تلك التوصيات سيدخل حيز التنفيذ بشكل مباشر، أما أي توصية لا تعود بالفائدة، فلن يتم تبني تطبيقها وفقا لتعبيره. وقال في هذا الجانب: «التوصيات لن تكون حبيسة الأدراج، ولا توجد توصيات سبق أن حُبست في الأدراج، ما يعود بالفائدة يُطبق ويؤخذ بعين الاعتبار مباشرةً، وما هو غير مناسب لا يأخذ سبيله».

لكن الوزير بالغنيم لم يُخفِ معاناة بلاده من ظروفٍ مناخية صحراوية قاسية، يزيد من تلك المعاناة الافتقار إلى المياه ومواردها الطبيعية المتجددة، وعدم وجود أنهار مع شُحٍ في الأمطار، وهو ما يقود وزارة الزراعة لإدراك أهمية التوازن بين ندرة الموارد المائية وتحقيق الأمن الغذائي.

وربط بالغنيم الاستقرار في أسعار الخضار في البلاد بالعرض والطلب، لكنه توقع أن يحدث الانخفاض في الأسعار، في حال حدث ما سماه الوزير بـ«تخفيض مشترك» ما بين مزارعي البيوت المحمية والحقول المكشوفة. وتمنى وزير الزراعة السعودي في ذات الوقت أن ينتج ما وصفه بـ«النمو المدروس» في الاتجاه الصحيح الرامي لزيادة المساحة المزروعة في البيوت المحمية، التي ربما تنبثق عن لقاءات المستثمرين في المجال الزراعي، والمزارعين وبيوت الخبرة والجامعات المهتمة بهذا الجانب.

واستند الدكتور بالغنيم على إحصائيات وتقارير رسمية، أثبتت بدورها أن الزراعة عبر البيوت المحمية تؤدي لتوفير المياه بنسبة تقترب من 90 في المائة، مقارنةً بالزراعة التقليدية. وارتفعت المساحات المزروعة بالخضراوات في البيوت المحمية في المملكة، من 191 هكتار إلى 9 آلاف هكتار زراعي، مُحققةً ارتفاعا في الإنتاج، من 13 ألف طن إلى أكثر من 740 ألف طن.

وبدت التوصيات التي من المتوقع أن تتمخض عن ورشة العمل واضحةً في كلمة الدكتور عبد الله العبيد وكيل وزارة الزراعة للأبحاث والتنمية الزراعية، حيث تركز جُلّها حول زيادة كفاءة إنتاج الزراعة المحمية، واستخدام التقنيات الحديثة في ذات الزراعة، واللجوء للتقنية الحيوية، بالإضافة إلى الحد من المبيدات الكيميائية في مكافحة الآفات، لتأتي تقنيات الري الحديثة والمؤدية لترشيد المياه.