رئيس هيئة مكة: لدي فتوى عن «صلاة الجماعة» ستعيد حسابات رجال الحسبة في الميدان

أقر لـ«الشرق الأوسط» بأنه كتب باسم مستعار في فتواه عن الاختلاط

TT

كشف أحمد الغامدي، رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة، لـ«الشرق الأوسط» عن دراسة له - ينشرها لاحقا - خاصة بأحكام صلاة الجماعة، معتبرا أن من شأنها إعادة حسابات تعامل رجال الحسبة في الميدان، مع المحلات التجارية ومحطات البنزين والمخابز.

وقال الغامدي إن الدراسة التي استغرق إعدادها نحو 12 عاما، منها جزء كبير يعنى بمتابعة رجال الهيئة للمحلات التجارية أثناء تأدية الصلاة، مبينا اختلاف العلماء حول مفهوم صلاة الجماعة، فمنهم من قال إنها واجبة، ومنهم من قال إنها ليست بواجبة، والذين قالوا بالوجوب، أصروا على موقفهم من إغلاق المحال التجارية والخدمية أثناء صلاة المسلمين الجماعية في المساجد، لأن ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب، واستثنى هذا الفريق محطات الوقود التي يحتاجها المسافرون، والصيدليات المناوبة أو ما يخشى سرقته، أو ما يخشى تلفه من المحلات الخاصة، أو المراكز التي تبيع المخبوزات، فهذه كلها تستثنى وإن قالوا بوجوب استثنائها.

ويواصل رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة قوله: «أما الرأي الآخر من العلماء، فيرى أن إغلاق المحلات التجارية أثناء الصلاة ليس واجبا، وأنه من السنن المؤكدة، واستنادا على هذا فإنه لا يلزم أصحاب المحلات التجارية بالإغلاق، وإنما يحثون على أدائها ويرغَون في فضلها، ويكتفى في هذا بأن أصحاب المحلات في بلد مسلم وأهله مسلمون». وأضاف أن كل صاحب متجر يناوب بين عماله، ولا يجوز لأحد أن يمنعهم من أداء الصلاة، ولا بد لصاحب المتجر أن ينظم طريقة عملهم ما دام أنه يلزم إبقاء المحل مفتوحا لأسباب ما، وهذا مقتطف من بحث كبير يقارب المائة وخمسين صفحة، استوفيت فيها كل الأدلة وناقشتها حديثيا، واستوفيت فيها النظر لأقوال العلماء والشراح.

وكشف عن تعرضه لجملة من المضايقات بسبب فتوى الاختلاط التي تناولتها وسائل إعلامية متعددة فيما مضى، وأوضح أنه تعرض للتهديد بالقتل والتكفير والكتابة على جدران منزله، ومضايقة أبنائه وقرابته والإساءة إليهم بطريقة غير مباشرة، ورسائل وصفها بالعجيبة والغريبة لم تتوقف لأيام طويلة.

وزاد مستدركا «لكن في الجانب الآخر شعرت بتأييد كبير، وشعرت بفضل الله علي، وسرني وأسعدني أن الناس عرفت جانبا من سماحة الإسلام، وكل يؤخذ من كلامه ويرد، وليست الآراء الاجتهادية، نصوص قرآن وسنة، وتلك الآراء عرضة للصواب والخطأ».

وقال أحمد الغامدي: «ما حدث لي من مضايقات أعتبره فضلا من الله سيق لي، وكان هناك أناس يتألمون في أنفسهم، ممن كان يخاف الله ويتقيه ويخشاه، أن يكون ارتكب إثما في أمور هي من المتطلبات الحاجية في الحياة، ولا يستطيع أن ينفك عنها إما أن يكون عنده خادمه أو سائق، أو بناته يحتجن للعمل ويشعر بصعوبة كبيرة في إخراجهن في محيط مجتمع يرى كل تلك الأمور مرفوضة ونوعا من التشدد في تحريم بعض الصور». وقال إن المرأة إذا عملت في محيط عملها وبما يتناسب مع حفظ كرامتها، فلا يوجد شيء يمنع هذا، وكذلك إذا طلبت العلم أو الدراسة، نظرا إلى اضطرار بعض الأسر لإرسال أبنائها وبناتها إلى خارج البلاد لإكمال دراستهم، وبعد ما تحقق لنا في هذا البلد الكريم جامعة تلبي كافة الطلبات والاحتياجات، خرج لنا أناس يهاجموننا في أمور جزئية مختلف فيها، وفي محيط محفوظ وعلمي، وليس موقع عبث، فالطالبة تأتي في سن رشدها، وتأتي إلى مكان مخصص للعلم والناس تأتي كلها فيه بكرامتها، وكل واحد يعرف حدوده، وليس هذا المحيط محيط فساد حتى يصور بهذه الصورة، وليس محيط سوء، وسلف الأمة لم يكونوا بهذا التشدد»، وتساءل: «لماذا نضيق على الناس ونشدد عليهم وندفعهم لارتكاب أمور أسوأ منها!».

وأوضح أن الفتاة السعودية حين تسافر خارج البلاد فإنها قد تتعرض لمضايقات كثيرة، وأحوال مختلفة قد تتضرر منها، وقد لا تريد هذه الفتاة هذا الشيء، ولو كانت قريبة من أسرتها لكان أفضل، وأضاف: «الارتياح الذي لمسناه عند كثير من العقلاء ومختلف شرائح المجتمع إبان إصداري للفتوى، كان مدخل فرحة وسرور لي، وكتب لي ربي من فضله ما مكني فيه أن أبرز الحق بأدلته الشرعية، ولا أدعي ولا أزعم بأنني صاحب الرأي الذي لا يصيبه خطأ، بل فعلت ما أستطيع من اجتهاد، وأبقيت فتوى الاختلاط في أدراجي سنتين، ولم أشأ إظهارها لمعرفتي المسبقة أن هناك لغطا سيدور حول الموضوع، وهو ما جعلني أنشر جزءا يسيرا من الموضوع باسم (مستعار) كباحث شرعي».

وشدد الغامدي على أن الخلل الفردي يحتاج إلى الإصلاح والتبصير، وأن لا نعامله بالتحقيق والإحالة والإفصاح عنه، ولكن الخطأ الاجتماعي هو ما يجب التصدي له لأنه الذي يهدم المجتمع، مطمئنا أن المجتمع والهيئة لا يمكن الفصل بينهما، والذي يجمع بينهما إنما هو وصل وبناء وإصلاح.