السعودية: الدولة تحملت نفقات علاج 1076 مواطنا في الخارج العام الماضي

مدير المكاتب الصحية لـ «الشرق الأوسط»: التوسع في الخدمات سيقلل من أعدادهم.. ونعمل بحيادية تامة ولا ننظر إلى اللون أو الاسم

TT

كشف لـ«الشرق الأوسط» مسؤول رفيع في وزارة الصحة السعودية عن أن الدولة تحملت نفقات علاج نحو 1076 مواطنا في الخارج خلال العام المنصرم 2009، وذلك من أصل 1967 معاملة طلب علاج تم إحالتها للهيئة الطبية العليا للبت في موضوعها.

ومعلوم أن الهيئة الطبية العليا المشكلة بمرسوم ملكي، والتي تضم في عضويتها ممثلين عن جميع القطاعات الصحية في البلاد، هي المسؤولة عن النظر في جميع طلبات المواطنين الراغبين في العلاج في الخارج.

ودائما ما تواجه الهيئة الطبية العليا، المسؤولة عن ملف العلاج في الخارج، انتقادات لسياسة عملها، وتتهم في بعض الأوساط بأنها «غير حيادية» بالنظر في طلبات العلاج. لكن الدكتور خالد الحسين مدير عام الهيئات الطبية والملاحق الصحية في الخارج التابع لوزارة الصحة دافع عن المنهجية التي تتبعها الهيئة العليا الطبية في عملها. وقال في تصريحات خاصة بـ«الشرق الأوسط» إن الهيئة الطبية العليا «تعمل بحيادية تامة، ولا تنظر إلى من هو هذا المريض أو ذاك، لكنها تنظر إلى المواطنين جميعا دون تفرقة، ولا تنظر إلى أسمائهم أو ألوانهم».

وتتلخص مهمة الهيئة العليا الطبية، طبقا للحسين، في «دراسة جميع الحالات المرضية التي يتقدم بها المريض لطلب العلاج في الخارج، أو الطبيب المعالج في مستشفى ما يرى أن المريض يحتاج لعلاج في الخارج»، حيث يقول إن الهيئة «تغطي جميع الطلبات على مستوى البلاد». ولا ينكر الدكتور خالد الحسين أنهم يتلقون تذمرا من بعض المواطنين، وأحاديث عن عدم الرضا على أدائهم من البعض الآخر، لكنه يؤكد أن الهيئة الطبية العليا التي تنظر في طلبات العلاج في الخارج «وجدت كهيئة طبية بحتة وليست تنظر للأمور بأي معيار آخر إلا بالمعيار الطبي».

ويؤكد مدير الملاحق الصحية التابعة لوزارة الصحة أنهم لا يقومون بإرسال المواطنين للعلاج في الخارج إلا للحالات التي يتأكد لهم طبيا أنه من الممكن شفاؤها، ويشير إلى أن بعض المرضى يحصلون على «أمل خاطئ وكاذب أو غير مقر علميا في بعض الدول تشير إلى وجود علاج لهم».

ولدى الجهات المختصة في السعودية،مراكز طبية محدودة، وقوائم معتمدة، هي التي تم التوافق على إرسال من يرغب العلاج لها، وذلك بالتنسيق مع الديوان الملكي، كما أخبر بذلك «الشرق الأوسط» الدكتور الحسين، والذي ذكر أنه على الرغم من وجود كثير من المراكز الطبية في الولايات المتحدة الأميركية فإنه وقع الاختيار على 31 مركزا فقط. وترسل السعودية مرضاها الراغبين في العلاج في الخارج، بحسب مدير عام المكاتب الصحية في الخارج، إلى كل من الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، سويسرا، إسبانيا، إضافة إلى سنغافورة، حيث يؤكد الحسين أن المراكز التي تم اختيارها في تلك البلدان تم مؤخرا إبرام آلية عمل بينها وبين السعودية، وهي الدولة المرسلة. وتضطر السعودية إلى إرسال مرضاها إلى الخارج ممن لديهم إصابات بأمراض السرطان، أو ممن يحتاجون إلى زراعات النخاع أو العلاج الجيني لبعض الأمراض الوراثية، أو تلك الجراحات الخاصة بالعمود الفقري، وجراحات المخ والأعصاب، وزراعة الأعضاء من المتوفين كالكبد أو الرئة أو الأمعاء.

ولافتقار الرياض إلى بعض التخصصات الصحية الدقيقة، فهي تلجأ سنويا إلى إرسال الآلاف من مواطنيها للعلاج في الخارج.

وكشف مجلس الوزراء خلال جلسته الاثنين المقبل عن نتائج محضر اللجنة المشكلة في شأن موضوع سفر المواطنين للعلاج في الخارج، والأسباب التي تدعوهم إلى طلب العلاج في دول غير مؤهلة طبيا واقتراح الحلول المناسبة لذلك.

وكان من بين ما أقره مجلس الوزراء «استمرار التوسع في الخدمات الطبية التخصصية في مستشفيات وزارة الصحة والقطاعات الصحية الحكومية الأخرى، وعدم تركيزها في المدن الرئيسية». وهنا، أكد مدير المكاتب الصحية في الخارج في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن من شأن التوسع في الخدمات الصحية التقليل من الاعتماد على الخارج في مسألة علاج المواطنين.

لكن الدكتور خالد الحسين استبعد الوصول إلى مرحلة الاستغناء عن إرسال المواطنين للعلاج في بعض الدول الغربية والآسيوية. وقال: «حتى لو تم التوسع في الخدمات التخصصية، سنضطر إلى إرسال بعض الحالات، وخصوصا تلك التي تتطلب لشفائها العلاج الجيني، إضافة إلى أن المراكز التي تعالج الأمراض الوراثية قليلة جدا، وعدد الموجود منها في العالم يعد على أصابع اليد الواحدة».

وكانت السعودية قد بدأت تنظيم موضوع علاج مواطنيها خارج البلاد منذ 28 عاما، حيث أنشأت إدارة خاصة، لتكون مركزا رئيسيا لضمان قبول المريض في أي مكان سواء في الداخل أو الخارج.

ويشرح الدكتور الحسين قليلا حول هذه الإدارة، حيث يقول إنه «يلتحق بها 18 هيئة طبية عامة، تقوم بدراسة جميع حالات المرضى وتحيلهم من مستشفى ثانوي إلى مستشفى ثلاثي تابع لمستشفيات وزارة الصحة، أو منها للقطاعات الصحية الأخرى، أو من القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص».

وقال الحسين إن تلك الإدارة «يرتبط بها 5 مكاتب صحية بأميركا وكندا وبريطانيا والملحق الصحي في ألمانيا وأوروبا، ومكتب تنسيقي يتبع مكتب ألمانيا وفرنسا، إضافة إلى مكتب توظيف صحي في الهند والفيليبين». ويؤكد مدير عام المكاتب الصحية أن الهدف من وراء إنشاء تلك المكاتب هو توجيه المواطن التوجيه الصحيح، وأن لا يكون «لقمة سائغة» لمراكز طبية غير مؤهلة، أو لممارسات غير مهنية أو غير مقرة علميا. وطلب مجلس الوزراء في جلسة الاثنين الماضي «قيام مجلس الضمان الصحي التعاوني بدراسة إلزام المواطنين المسافرين للخارج بضرورة الحصول على تأمين صحي قابل للتنفيذ في البلد المقصود، ورفع ما يتم التوصل إليه بحسب الإجراءات النظامية».

وهنا، أكد الدكتور خالد الحسين أن الهدف من وراء التأمين على المسافرين إلى الخارج هو التغطية المالية اللازمة لأي ظرف صحي قد يطرأ على أي من مواطنيه المسافرين إلى الخارج، وذلك لتغطية التكاليف الصحية باهظة الثمن للعلاج في كثير من الدول الغربية.