جهود لإذابة الجليد بين معلمات «وزارة التربية» ويتيمات «الشؤون الاجتماعية»

وسط تأكيد على أهمية التعامل الإيجابي مع الطالبات اليتيمات.. وزيادة حضورهن في المشاريع المجتمعية

جانب من مشاركة الأيتام الصغار في فعاليات الحفل الذي أقيم مساء الخميس الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

«زينة» فتاة يتيمة من دار الحضانة الاجتماعية في المنطقة الشرقية، أبكت الحضور يوم الخميس الماضي عبر عرض مسرحي قدمته مع نظيراتها، منتقدة تعامل إحدى المعلمات في تقديم الهدايا لها أمام زميلاتها الطالبات، قائلة «أحسستني بأني مسكينة وبحاجة للشفقة». واختارت زينة ونظيراتها فئة المعلمات لتوجيه الخطاب لهن ضمن ما وصفنه بـ«رسالة إلى مجتمعي الواعي»، وذلك خلال حفل نسوي أقيم بمناسبة اليوم العربي لليتيم، حيث قالت «نحن لا نريد الشفقة، بل نحتاج من يفهمنا».

من جهتها، أفادت مديرة دار الحضانة الاجتماعية بالدمام نوال العبد الهادي، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، بوجود صعوبات تواجه اليتيمات ذوات الظروف الخاصة في التواصل مع المجتمع ابتداء من المدارس، التي تبدأ فيها مرحلة احتساب الفروقات بين الفتيات، قائلة «هناك معلمات لا يعرفن كيفية التعامل معهن.. بعض المعلمات يبالغن في العطف عليهن، والبعض على العكس من ذلك يبتعدن عنهن».

وبسؤال العبد الهادي عن سبل تقليص هذه الفجوة ومدى ضرورة التعاون بين وزارتي الشؤون الاجتماعية والتربية والتعليم بهذا الخصوص، قالت «نحن لدينا برنامج الملتقى التربوي الذي نقيمه سنويا لمدارس البنات». ووصفت جدواه بـ«الرائعة، وخففت المشكلات كثيرا». إلا أنها تؤكد أن ذلك لا يزال يستلزم الكثير من الجهود وزيادة الوعي بضرورة التعامل الإيجابي مع الطالبات اليتيمات.

واسترسلت العبد الهادي في شرح فكرة الملتقى، بالقول «نجمع المديرات والمعلمات والمشرفات التربويات وكل من لهن صلة بالبنات اليتيمات»، موضحة أنه يتم تقديم المحاضرات الدينية والتوعوية والنفسية وتوضيح طبيعة الأطفال ذوي الظروف الخاصة والعوامل المؤثرة في سلوكياتهم وطرق التعامل معهم، بالإضافة إلى عرض تجارب بعض المدارس التي نجحت في التعامل مع اليتيمات، وتكريم المديرة المتميزة والمعلمة المتميزة، وهو ما أكدت على الفائدة الكبيرة التي تحققت من وراءه بين الأوساط التعليمية.

أما ابتسام بوبشيت، وهي من منسوبات الإشراف الاجتماعي بالمنطقة الشرقية، فقد أكدت في كلمة ألقتها خلال الحفل الذي نظمه نادي «سماي» للفتيات ورعاه قسم خدمة المجتمع في شركة «أرامكو»، على الرعاية الشاملة المقدمة لليتيمات من النواحي التعليمية والصحية والاجتماعية والنفسية، إلا أنها استدركت بالقول «لكن لا تغني هذه الخدمات عن حاجة هؤلاء الأبناء للتواصل مع المجتمع، ليس فقط في اليوم العربي لليتيم، ولكن في الكثير من المناسبات لدعم وإسناد هذه الفئة».

وعلى هامش الحفل، أوضحت بعض منسوبات مكتب الإشراف الاجتماعي في حديثهن لـ«الشرق الأوسط»، أن التعامل مع اليتيمات في المدارس مسألة تحتاج إلى زيادة في المهارات المكتسبة لدى المعلمات، عبر تقديم البرامج والدورات التوعوية بهذا الجانب، كي تبتعد المعلمة عن إشكالات التهميش أو المبالغة في الاحتفاء بالطالبة اليتيمة، وهو الأمر الذي أوضحن أن له انعكاسات نفسية كبيرة على نظرة الفتيات اليتيمات لأنفسهن ولزميلاتهن الطالبات.

في حين أكدت لـ«الشرق الأوسط» بعض اليتيمات الجامعيات المنتسبات إلى نادي «سماي» أن التواصل مع المجتمع مسألة ليست صعبة، لكنها قد تصعب على الصغار وطلاب المدارس مقارنة بالكبار، مطالبات بضرورة فتح المجال لفتيات المجتمع العام في الانتساب إلى عضوية النادي الأول من نوعه والذي يسهم في تطوير شخصية الفتيات وصقل مهاراتهن، وهو ما رأين أهميته في تحقيق أهداف النادي، بينما أكدت المديرة التنفيذية لنادي «سماي» آمال الفايز على الرغبة في تحقيق ذلك مستقبلا متى توافر للنادي مقر أكبر، وبما يساعد على زيادة الطاقة الاستيعابية.

وبالعودة للحفل الذي حضره جمع غفير من الفتيات ومنسوبات دور الشؤون الاجتماعية في كل من الدمام والأحساء، فقد ضم إلى جانب العروض المسرحية أركانا متنوعة للصغار، وركن الفنون، وركن التصوير، وركن الحكايات والقصص، وركن الشتلات والنبات، وركن التوعية بالتحرش الجنسي، إلى جانب أركان الأغذية والمأكولات المختلفة، فيما اشتمل كذلك على ورشة عمل «لغة الجسد وأثرها في الاتصال بالآخرين»، وورشة عمل «كيف أسوق ذاتي بثقة؟»، وركن تحليل الشخصية، والركن الشعبي «قصص شعبية، نقش الحناء، مأكولات شعبية، هدايا شعبية».

وقد قدم أطفال دار الحضانة الاجتماعية استعراضا فلكلوريا عن حب الوطن، بينما تزينت قاعة الحفل برسومات الأيتام الصغار، التي قامت فكرتها على رسم لوحات تعكس أحلامهم ونظرتهم في المستقبل، حيث صورت معظم الرسومات المهن التي يرغب الأيتام في العمل بها، ورافقت ذلك فقرة بعنوان «حلمي يتحقق»، تضمنت الاختيار العشوائي لبعض الأيتام واليتيمات للتحدث عن أهدافهم في المستقبل، فيما اختتمت فعاليات الحفل بتقديم المسابقات المتنوعة للحضور.