دراسة: إدمان الصور الجنسية يولد نشوة كنشوة المخدرات

الباحث الذي يعمل في هيئة الاتصالات يقول إنهم يستقبلون نحو 1200 طلب يوميا لحجب المواقع غير الأخلاقية

TT

صورة إباحية عابرة، أو مقطع جنسي قصير، ربما يكون أول الطريق لإدمان مشاهدة الأفلام والصور الإباحية.. هكذا يقرأ باحثون علاقة الدماغ بالإدمان الجنسي، بعد أن أثبتت الدراسات أن اللقطات الجنسية تولد نشوة مشابهة تماما لنشوة تعاطي الكوكايين أو الهيروين المخدر والمسكرات، تقود إلى المستوى نفسه من الإدمان الحقيقي.

دراسة غير رسمية من أحد المهتمين السعوديين في مجال المحتوى وتقنية المعلومات، أثبتت أن مشاهدة المواد الإباحية والمقاطع الجنسية تولد نشوة مشابهة لنشوة الكوكايين أو الهيروين المخدر والمسكرات، كما أن هناك اتفاقا عالميا بين مهتمين وعلماء أقروا بأنها إدمان حقيقي بمعنى الكلمة، وذلك وفق الدراسات التي أثبتت ذلك.

وأكد الدكتور مشعل القدهي، مدير عام الإدارة العامة لخدمات تقنية المعلومات في هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بالسعودية، من خلال دراسة شخصية قام بإعدادها على مدى 10 سنوات، أن مشاهدة الصور الجنسية والوسائل الإباحية تقود لإدمان حقيقي بمعنى الكلمة كإدمان الهيروين والمسكرات، وهو ما اتفق عليه العلماء اليوم.

وأضاف القدهي أن الباحثين استطاعوا رصد العمليات الكيميائية في الدماغ البشري جراء عملية الإدمان، وقد وجد أن المشاهدات الجنسية تولد نشوة مشابهة لنشوة الكوكايين أو الهيروين، وهم مجموعة من العلماء اتفقوا على أن مشاهدة الصور الجنسية والإباحية على الإنترنت وغيره من وسائل الإعلام هي إدمان حقيقي بمعنى الإدمان.

وأوضح الدكتور مشعل أنه في أميركا وحدها يتعرض 1 من كل 5 أطفال لمحاولة استدراج للأعمال الإباحية، و1 من كل 7 أطفال يتم تهريبهم والتحرش بهم، وفي جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأميركي سنة 2004 قالت الدكتورة ميري آند ريغن، وهي إخصائية مشاركة في برنامج الاصطدامات الجنسية وعلم الأمراض النفسية «لا أعرف شيئا من الأمراض النفسية المعاصرة أكثر فتكا وخطورة من مرض الإباحية، الذي سيولد لدينا جيلا كاملا من الشباب المدمنين الذين لن يستطيعوا إخراج هذه الصور من عقولهم».

وفي جلسة مجلس الشيوخ الأميركي نفسها، استطردت الدكتورة ميري تقول «ثبتت احتمالية اقتراف الجرائم لدى مرتادي المواقع الإباحية، وهذا من خلال تجربتي العيادية التي تؤيد نتائج الأبحاث العلمية التي مفادها أن متداولي ومرتادي المواقع الإباحية أكثر احتمالية لزيارة المومسات وممارسة العنف المنزلي واغتصاب الغرباء وحتى الأصدقاء، وأيضا اغتصاب المحارم، وهذه من التبعات.

وقال الدكتور مشعل إن أفضل من تحدثوا عن مراحل الإدمان في مشاهدة الصور والمقاطع الإباحية الدكتور بيكشر براين، الذي فصلها إلى 4 مراحل، تبدأ بالإدمان، وبعد فترة من الزمن يتعود المشاهد لهذه المواد والصور حتى يجدها لا تؤثر فيه كما كانت في السابق، وبذلك ينتقل إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة التصعيد، حيث يبحث عن صور العدوان الجنسي الذي يحتوي على اغتصاب واعتداء على الأطفال والنساء وأنواع من الشذوذ الجنسي وهكذا.

وزاد الدكتور أن المرحلة الثالثة تأتي بعد بضع سنوات وهي مرحلة التبلد، حيث يجد هذا المبتلى أنه لا يجد شيئا من هذه الصور والمقاطع الإباحية ولا تؤثر فيه كما في السابق، فينتقل إلى المرحلة الرابعة وهي مرحلة التطبيق العملي، حيث يخرج ويواجه النساء والأطفال فيغتصبهم ويعتدي عليهم.

وبين الدكتور مشعل أن هناك نماذج من التبعات، فمن خلال الإحصاءات الدولية من عام 1996 إلى 2005 فإن النمو في عمليات الاغتصاب الجنسي للأطفال تجاوزت نسبته ألفين في المائة عالميا، وفي فرنسا قال وزير شؤون الأسرة الفرنسي إن التلفزيون يبث حاليا 950 فيلما عنيفا وإباحيا، ويجب أن نوقف هذه المشكلة، وقد عزا ذلك بسبب الانفجار الذي وجدوه في شوارع فرنسا من الاغتصاب الجماعي للنساء إلى انتشار هذه المواد الإباحية المنتشرة في بلادهم.

وقال الدكتور مشعل إن المشكلة تكمن في الجذر وهو جذر الصور الإباحية، والتي بدورها تنتشر إلى نتائج أخرى مثل اغتصاب النساء والعدوان على الأطفال وانتشار خطفهم، والعقد النفسية المستديمة لدى الضحايا، بالإضافة إلى انتقال الضحية إلى مدمن وإلى معتد آخر وهكذا، وهذا كله ناتج من الجذر وهو مشاهدة تلك الصور، وبالتالي فإن الصور ستنتج الكثير من المشكلات الاجتماعية التابعة التي تحاول الكثير من المجتمعات معالجتها.

وقال الدكتور مشعل إن انتشار هذه الظاهرة دولي، ولا يقتصر على دولة أو مجتمع معين، وجميع هذه الدول تقيم حملات تلو الحملات، لمحاولة معالجة هذا الانفجار العالمي للعدوان الجنسي على الأطفال والذي يعتبر من المرحلة الثالثة حسب تعبيره، وهذا كله نابع من الأصل، وللأسف فإن المجتمعات تحاول معالجة الفرع ولا تعالج الأصل، أي تعالج العدوان على الأطفال والنساء ولا تعالج الأصل وهو الشيء الذي أودى بهذا الشخص إلى الإدمان، حيث إن الأمر تطور من إدمان إلى عدوان وهذا هو الحاصل.

وقال الدكتور مشعل «لقد استجابت السعودية لهذا الأمر، وقامت من أول يوم لإنشاء خدمة الإنترنت في البلاد بإعداد خدمة الحجب أو الترشيح لتلك المواقع، وتم تطوير نظام الحجب منذ ذلك الوقت إلى اليوم حتى أصبحنا الآن نشاهد النظام يعمل بشكل آلي ويستطيع أن يقوم بأفراد محدودين بمعالجة آلاف الحالات يوميا، حيث إن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات تستقبل ما يقارب 1200 طلب جديد يوميا للحجب، ويتم التعامل مع جميع هذه الطلبات يوميا، ونحو 400 حالة طلب فتح للمواقع المختلفة، وهذه آخر الإحصائيات الصادرة عن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية.

وأضاف الدكتور مشعل القدهي أن دول العالم الآن بدأت تلتفت إلى شدة أهمية ترشيح الإنترنت، حيث نجد أن هناك دراسة من أكبر الجامعات في أميركا وكندا وبريطانيا، أنهم يجدون دول العالم الآن تتسابق إلى ترشيح الإنترنت وحجب المواقع الإباحية، الأمر الذي سبق للسعودية العمل به.

وأضاف «وقال ممثلون عن تلك الجهات في تصريح لهم في مؤتمر (مبادرة الشبكة المفتوحة)، إنه في أقل من عقد من الزمان تحولت شبكة الإنترنت في الاتحاد الأوروبي من بيئة مفتوحة بصفة شبه كلية إلى بيئة أصبحت فيها ظاهرة حجب وترشيح مواقع إنترنت هي (قاعدة وليست استثناء)، وأيضا أشادوا بالتجربة السعودية في مجال الحجب، حيث إن هذا النظام في السعودية يحجب بشكل أساسي مواقع الإباحية والمخدرات والميسر، وأشادوا بالنتائج التي وجدوها من خلال هذه الدراسات».

وذكر الدكتور كاين كاستين، أستاذ القانون في جامعة شيكاغو، أنه بعد دراسة شملت جميع الولايات الأميركية وجد أن الولايات التي تكثر فيها وسائل الدعارة والإباحية ترتفع فيها نسبة جرائم الاغتصاب والعكس صحيح، ووجد أن الولايات التي فيها أكبر نسبة من المواد الإباحية 5 أضعاف الولايات الأخرى ترافقها أكبر نسبة من جرائم الاغتصاب بـ8 أضعاف الولايات الأخرى أيضا، وهذه ظواهر يرتبط بعضها ببعض.