مكة المكرمة: أزمة السكن تتصدر أجندة اجتماع مراكز الأحياء

ورشة عمل مصغرة تتحول لمناظرة قوية بين مسؤولين كبار في العاصمة المقدسة

استراتيجية منطقة مكة المكرمة انطلقت من بناء الإنسان وتنمية المكان.
TT

تحولت ورشة عمل مصغرة لمراكز الأحياء في العاصمة المقدسة أول من أمس إلى مناظرة قوية بين الدكتور عبد العزيز الخضيري وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة، والدكتور إحسان بن صالح طيب، مدير الشؤون الاجتماعية للمنطقة سابقا، بعد أن أكد الأخير أن المواطن في مكة أصابه الإحباط جراء ما وصفه بـ«غياب الإدراك التنبئي الكبير».

وأوضح الدكتور سامي إحسان طيب أن التنمية عمل إرادي مقصود، يهدف إلى التغيير الاجتماعي والاقتصادي نحو الأفضل، خاصة أن التنمية وسيلتها وغايتها الإنسان، لكن المواطن في منطقة مكة المكرمة محبط، من جراء بعض عمليات التنمية التي تتم من دون تنبؤ دقيق لما سيحدث، ضاربا مثلا بجملة التوسعات التي شهدتها العاصمة المقدسة، والتي خلفت مشكلات إسكانية ورفعت من سعر الأراضي، معزيا السبب إلى غياب الإدراك التنبئي الكبير لما سيحيط لاحقا.

واستمر في القول على الرغم من محاولة المقدم إيقافه «جميعنا يعلم أن المشاريع التنموية تحتاج إلى تضحيات وجهد لكن كان بالإمكان أن تكون بأقل التكاليف، حيث إن بعض المباني تمت إزالتها مؤخرا ضمن الإزالات، وهي لم يمض على بنائها سوى وقت قصير وهو ما رأيناه في كثير من المناطق لكثير من المشاريع وهو يدل على ضعف الرؤية والتنبؤ بالنسبة للقائمين على العملية لتخطيطية»، مشددا على «ضرورة التنسيق في عمليات التنمية، ونحن نشهد صراعا للدوائر الحكومية على التخصصات، فبرنامج الأمان الأسري في جانب والحماية الأسرية في جانب والتربية والتعليم في جانب، وكل يريد أن يبرز في الساحة على أنه الملاذ الآمن للمواطن، خاصة في ظل وجود وكيل للإمارة للتنمية الاجتماعية».

ودفعت هذه المداخلة بالخضيري للرد بأن الإمارة جادة وتعمل جاهدة في هذا الإطار، واستراتيجيتنا واضحة في تنمية الإنسان وبناء المكان، والمشكلة تكمن دائما في الإدارة الرأسية وضرورة القضاء عليها، وأن محور التنمية هو الإنسان، ولا بد أن يكون صالحا لكي نضمن سلامة العمل المؤسسي ومعاضدة الجميع.

وبدأ وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة محاضرته التي نظمتها جمعية مراكز الأحياء بمكة المكرمة التي كان محورها «مستقبل التنمية الاجتماعية في ضوء استراتيجية منطقة مكة المكرمة» بأن استراتيجية منطقة مكة المكرمة انطلقت من بناء الإنسان وتنمية المكان.

وأوضح «أن الاستراتيجية في مكة بدأت بالإنسان قبل أي شيء آخر، وذلك لأنها انطلقت من قناعة أن الإنسان إذا لم يرتق بذاته وثقافته إلى المستوى المأمول فلن تكون هناك استطاعة للتحرك نحو الأمام خطوة». لافتا إلى أنه في حال الاستشهاد، فيجب أخذ معدل حوادث السيارات كنموذج لإظهار مدى نسبة السلوك الحضاري للإنسان، وهو ما يخالف الحاصل في المملكة التي تأتي في أعلى القائمة لارتكاب قاطنيها لحوادث السيارات بنسب تصل في معدلاتها إلى نحو أربعة آلاف حالة وفاة سنويا، ونحو 32 ألف إصابة معيقة عن العمل.

وتابع الخضيري «عندما طرحت الاستراتيجية ركزت على محور بناء الإنسان من خلال اختيار القضايا التي تلامس المسؤولية الاجتماعية، وهي الجانب الذي لم نستطع حتى الآن، على الرغم مما فعل لأجلها أن نفعلها في ذاتنا، وأن نوصلها إلى الجيل في المجتمع كالأطفال والشباب والرجال والنساء»، وتساءل عن مدى تحقيق التنمية الاجتماعية في مكة المكرمة، خاصة بعد أن أورد قصتين لإحباط المخدرات، إحداهما حمولة قدر حجم محتواها بنحو مليوني حبة مخدرة قدمت من الأردن لتصل إلى ورشة حدادة لا تبعد عن الحرم المكي سوى 500 متر، ولم يكتشفها ويبلغ عنها إلا قائد المركبة القادمة بأعمدة الإنارة التي كانت محشوة بالكبتاجون واكتشف محتوياتها صدفة، ليسارع بالإبلاغ عنها خوفا من العقوبة الإلهية، وليجيب على تساؤله بأن نسبة النجاح في تأصيل التنمية الاجتماعية لا تمت إلى موقع مكة المكرمة ومكانتها الإسلامية.

وأشار الخضيري إلى أن من المشاريع التي تدعم تنمية الإنسان، مشروع تعظيم البلد الحرام، وهو المشروع الذي تنطلق رسالته من بناء الإنسان وتوضيح القيم الإسلامية الاجتماعية التي يستطاع أن تتبنى لخدمة التنمية الاجتماعية وأن يعزز من خلالها الانتماء والولاء والعطاء، وهو ما يسهم في تقديم النموذج الصالح لكل زمان ومكان تحت قاعدة أن الدين الإسلامي صالح لكل مكان وزمان.

إلى ذلك قال الدكتور بكر بصفر، مدير عام التربية والتعليم في منطقة مكة المكرمة لـ«الشرق الأوسط» إن ورشة العمل هي نافذة لأنشطة مراكز الأحياء، وهي لصناعة خطة عمل لتحقيق الهدف للأنشطة المشتركة من خلال خدمة الجهات الحكومية ومراكز الأحياء على حد سواء من النواحي الثقافية والاجتماعية والتنموية، وهي مثال حي وناجح لما تقدمه المؤسسات الأهلية غير النفعية لخدمة أهداف الوطن والدولة والشعب، وهي اليوم ملء السمع والبصر.\