هيئة الأمر بالمعروف تتوجه للطالبات السعوديات للتعرف على رأي «المرأة» في عمل الجهاز

بينما أكدت الهيئة أنها بصدد إصدار دليل إرشادي يحدد أفعال وتوصيفات وإجراءات «رجل الهيئة»

تقويم سلوك الطالبات داخل الجامعات («الشرق الأوسط»)
TT

في لقاء عاصف بالمداخلات الساخنة، جاءت مطالب نسائية بإيجاد مراكز لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل الجامعات السعودية، تعمل على تقويم سلوك الطالبات ومواجهة ظاهرة الفتيات «المسترجلات» أو ما يعرف بـ«البويات»، على أن تكون هيئات نسائية تعين صاحباتها برتبة «محتسبات»، وهو ما حظي بتأييد كبير من الحاضرات، خلال لقاء أقامه صباح أمس كرسي الملك عبد الله بن عبد العزيز للحسبة وتطبيقاتها المعاصرة، جمع بعض منسوبي الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بطالبات جامعة الملك سعود في الرياض من الفرعين (الملز وعليشة).

إذ وجهت إحدى الحاضرات سؤالا لكل من مدير عام الإدارة العامة للإعلام والعلاقات العامة في الرئاسة الدكتور عبد المحسن القفاري، ورئيس هيئات الرياض الشيخ بندر المطيري، بقولها: «متى نرى هيئة نسائية داخل جامعة الملك سعود؟»، وأضافت: «نحن ننشد التطور وننشد الريادة العالمية، لكن إذا لم نكن بنفس الإصرار نعالج الأخطاء الأخلاقية ونحاول أن نعالج ما نراه على طالبتنا، خصوصا مظاهر (البويات)، ففي تصوري أننا لن نصل إلى الريادة، لذا نحتاج إلى هيئة نسائية داخل الجامعة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر».

وبينما فضل مدير الجلسة عدم إحالة السؤال إلى منسوبي الهيئة، قائلا: «لعل الجامعة تعالج ذلك من خلال لجان خاصة»، رأى الشيخ بندر المطيري أن الإحساس بالمسؤولية تجاه المنكر يجب أن يمارسه الجميع بدلا من إلقاء المسؤولية على الجهاز الرسمي فقط. إلا أن هذا المقترح تلته مقترحات أخرى تناولت إيجاد مراكز لهيئات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على المنافذ الحدودية والمطارات، إذ قالت إحدى الحاضرات: «باعتباري مقيمة في السعودية فإن معلوماتي عن هيئة الأمر بالمعروف ضئيلة جدا، فأتساءل لماذا لا يكون في المنافذ الحدودية والمطارات منشورات توضح دور الهيئة وسياستها وحدودنا في التعامل داخل السعودية؟».

وعلق الدكتور عبد المحسن القفاري على هذا المطلب بقوله: «هو مطلبنا جميعا، أن تصل الهيئة لإمكانية اطلاع قاصدي المملكة العربية السعودية بالأنظمة المتعلقة باختصاص الهيئة»، موجها السائلة نحو مطبوعات الهيئة الموجودة على الموقع الرسمي لها على شبكة الإنترنت، وأوضح أن عمل الهيئة هو فقط في إطار داخلي، أما مشاركتها في المنافذ فتقتصر على فترة الحج، بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية.

وتناولت إحدى الطالبات في مداخلتها سوء تعامل بعض منسوبي الحسبة، خصوصا عند تفتيش الجوال وفق ما وصفته بـ«التعدي على الحريات الخاصة»، وتساءلت بالقول: «نظام الهيئة الموجود حاليا يخلو من تحديد الاختصاصات، يتحدث فقط عن التنظيم الإداري لجهاز الهيئة.. فلماذا لا تحدد الاختصاصات؟»، وهنا أكد الشيخ بندر المطيري بأن تفتيش الجوال لا يتم إلا في حالات معينة.

وأضاف: «لا أتصور أن حرمة الجوال أعلى من حرمة المنزل، وفي النظام يجوز تفتيش المنازل في حدود وظروف معينة»، وتابع قائلا: «تفتيش الجوال لا يتم بشكل عبثي أو باجتهاد شخصي، فلا يتم تفتيش الجوال أو السيارة أو المنزل إلا إذا كان له علاقة بجريمة أو أداة لها». في حين كشف الدكتور عبد المحسن القفاري عن توجه الهيئة لتحديد اختصاصات موظفيها، عبر «مشروع إيجاد دليل إرشادي شامل لجميع الأفعال والتوصيفات العملية لرجل الهيئة، سواء في أفعاله أو أقواله أو إجراءاته، وسيُنتهى منه قريبا».

في حين انتقدت متحدثة أخرى تعامل بعض موظفي الهيئة مع الطالبات، مستشهدة بقصة حدثت سابقا لطالبة خرجت من الجامعة دون تغطية وجهها، مما دفع أحد المحتسبين إلى شتمها بأقذع الألفاظ، منها قوله لها «يا حشرة»، مطالبة الهيئة بوضع كاميرات ترصد هذه التجاوزات، وهنا علق الشيخ بندر المطيري بالقول: «قناعتنا أن رجال الهيئة عندهم قدر من الرقابة الذاتية وعندهم استعداد للتغيير والرجوع إلى الحق والصواب إذا كان النقد بشكل متجرد وواضح وصريح».

وحول تعرض إحدى الفتيات للسب والشتم، قال المطيري: «مثل هذه المخالفات وهذه الكلمات نخجل منها ونتمنى أن لا نسمعها من رجل الشارع، فضلا عن سماعها من رجل الهيئة، ولا نقبلها ولا نرضاها»، مؤكدا أن هذه اللقاءات والاجتماع بشريحة النساء لسماع آرائهن من شأنه رفع كفاءة عمل موظفي الهيئات، ووجه الدعوة للحاضرات للاحتساب، قائلا: «يجب أن يكون جميع الأخوات ناصحات، حتى مع رجل الهيئة».

وفي محور مختلف، تساءلت إحدى الطالبات في مداخلتها، قائلة: «لماذا لم يسمح للمرأة حتى الآن بقيادة السيارة؟»، وهو ما حظي بتصفيق كبير من الحاضرات، بينما علق القفاري بالقول: «كما تعلمون نحن في صرح أكاديمي ومن أهم أبجديات العمل الأكاديمي (المتخصص)، فنحن ننادي بالتخصص لرجال الهيئة ولا نسمح لرجل الهيئة بالخروج عن تخصصه مطلقا، ومن ذلك أننا نلزم أنفسنا بهذا المبدأ، وهذا الأمر ليس له علاقة بتخصصنا بل له علاقة بسياسة الدولة».

وبدا أن بعض الانتقادات وعرض الأخطاء قد استفز فئة من الحاضرات، إذ علقت منى السبيعي، وهي طالبة من قسم الدراسات الإسلامية، في مداخلة لها قائلة: «هذه الأخطاء ليست إلا من أعداء الإسلام، الذين يحاولون تشويه الإسلام في الجرائد والقنوات»، متهمة في ذلك «الليبرالية» وأنصارها، وهو ما دفع الدكتور عبد المحسن القفاري إلى القول: «لسنا في مجال التصنيف وإطلاق النعوت، نحن في مجتمع واحد، الجميع فيه متعاونون، ومسؤولية المواطنة تشمل الجميع»، مؤكدا أن الرئاسة تتواصل باستمرار مع الصحف ومختلف وسائل الإعلام.

يشار إلى أنه تم تمديد وقت اللقاء إلى 20 دقيقة أخرى، نتيجة الأسئلة الكبيرة التي طرحتها أكثر من 500 حاضرة قمن بمتابعة اللقاء عبر الشبكة التلفزيونية، وقد خصص الوقت المتبقي في الإجابة عن أسئلة السحر والعين ودور الهيئة في معالجتها، حيث أوضح الشيخ بندر المطيري أن هناك «مركزا معنيا بمتابعة قضايا السحر، وهو مركز هيئة الفاروق بالفيصيلة في الرياض»، مضيفا: «هذا لا يعني أن بقية المراكز لا تستقبل هذه الحالات»، وكشف اللقاء عن عزم كرسي الملك عبد الله للحسبة على إقامة دورة للطلاب للتعرف على علامات السحر والشعوذة، مع إمكانية تقديمها للطالبات حال رؤية حاجتهن لها.