السماري: عناية خادم الحرمين الشريفين بالسيف الأجرب تأتي انعكاسا لاهتمامه بالتاريخ ومصادره

قدم معلومات تاريخية عن السيف الأثري

TT

قدم الدكتور فهد بن عبد الله السماري، أمين عام دارة الملك عبد العزيز، معلومات تاريخية جديدة عن السيف الأثري «الأجرب» الذي تسلمه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، خلال زيارته الأخيرة للبحرين من الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين.

وعد السماري تسلم الملك عبد الله لهذا السيف، امتدادا لاهتمام خادم الحرمين الشريفين بتاريخ المملكة العربية السعودية، وانعكاسا جليا لرعايته للعلاقات الأخوية والشقيقة التي تربط المملكة العربية السعودية بمملكة البحرين، وهذه المناسبة التاريخية تأتي انعكاسا للعناية بالتاريخ ومصادره ورموزه، وحرصه على العناية بالمقتنيات التاريخية ذات الدلالة المهمة للعراقة والتراث والأصالة والوفاء لهذا الشعب وقياداته عبر التاريخ.

وأوضح الدكتور السماري لـ«وكالة الأنباء السعودية» أن الدارة تود إيضاح المعلومات التاريخية المتعلقة بالسيف الأجرب وفقا لمصادرها المدونة، نظرا لما نشر من معلومات مختلفة عن أحداث انتقال السيف إلى البحرين والقصائد التي قيلت فيه، مبينا أن السيف الأجرب يعد من السيوف المهمة التي استخدمت في تاريخ الدولة السعودية، وهو يعود للإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الثانية - توفي 1249هـ - ولقب السيف بـ«الأجرب» على ما يبدو نظرا لوجود صدأ بائن عليه.

وأورد ما قاله المؤرخ عثمان بن بشر، واصفا الأوضاع في الدولة السعودية بعد سقوط الدرعية عام 1233هـ، وقوله: «قلت وانحل فيها نظام الجماعة والسمع والطاعة، وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى لا يستطيع أحد أن ينهي عن منكر أو يأمر بطاعة، وصار الرجل في بيته لا ينام، وتعذرت الأسفار بين البلدان، وتطاير شرر الفتن في الأوطان، وظهرت دعوى الجاهلية بين العباد... فلم تزل هذه المحن على الناس متتابعة وأجنحة ظلامها بينهم خاضعة حتى أتاح الله لها نورا ساطعا وسيفا لمن أثار الفتن قاطعا فسطع به من كشف الله بسببه المحن وشهره من غمد في رؤوس أهل الفتن، الوافي بالعقود تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود أسكنه الله تعالى إلى أعلى الجنان وتغمده بالمغفرة والرضوان».

وأشار أمين الدارة إلى أن الإمام تركي تمكن من إعادة تأسيس الدولة السعودية الثانية وعاصمتها الرياض، مدللا بذلك على عمق جذور أسرة آل سعود المالكة في المنطقة ونجاح الدولة السعودية في البقاء رغم الظروف، وما قام به الإمام تركي في غضون سنوات لم تتجاوز الأربع أو الخمس من سقوط الدولة السعودية الأولى هو دليل على صحة ما توقعه المؤرخ الفرنسي «فيلكس مانجان» في كتابه الذي نشر بعد سقوط الدرعية، من أن الدولة السعودية ستعود إلى الظهور مرة أخرى بسبب عمق أسرتها الحاكمة التاريخي ومبادئها الإسلامية التي تقوم عليها وما تركته من آثار عظيمة في المنطقة من نشر الأمن والاستقرار وإنشاء دولة قوية مترامية الأطراف في الجزيرة العربية التي لم تشهد مثيلا لها منذ الدولة الإسلامية الأولى في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين.

وينسب للإمام تركي بن عبد الله قصيدة أوضح فيها الكثير من الأعمال التي قام بها لإعادة تأسيس الدولة والأوضاع التي سادت مجددا بعد تحقيق ذلك. وتضمنت القصيدة الإشارة إلى السيف الأجرب الذي ذكره الإمام تركي بأنه هو الخوي، أي الصاحب الذي كان معه عند تحقيقه لتلك البطولات التاريخية بتوفيق الله عز وجل، ولقد وردت تلك القصيدة بعدة صيغ غير دقيقة، والصيغة الأقرب اعتمادا على ورودها في مجموع نبطي قديم:

طار الكرا عن مقلة العين فرى فزيت من نومي طرا لي طواري وأبديت من جاش الحشا ما تذرا واسهرت من حولي بكثر الهذاري خطٍ لفاني زاد قلبي بحرى من شاكي ظيم النيا والعزاري سر يا قلم واكتب على ما تورى واكتب جوابٍ لابن عمي مشاري شيخ ٍ على طرق الشجاعة مظرى من لابة ٍ يوم الملاقى ظواري ياما سهرنا حاكم ٍ ما يطرى واليوم دنيا ضاع فيها افتكاري تشكي لمن يبكي له الجود طرى ظراب هامات العدا ما يداري إلى أن قال:

يوم أن كلٍ من عميله تبرى ونجدٍ غدت باب بليا سواري رميت عني برقع الذل برى ولا خير في من لا يدوس المحاري نزلتها غصبٍ بخير وشرى وجمعت شمل بالقرايا وقاري واجهدت في طلب العلا لين قرى وطاب الكرا مع لابسات الخزاري ومن غاص غبات البحر جاب درى وحمد مصابيح السرا كل ساري أنا أحمد اللي جابها ما تحرى واذهب غبار الذل عني وطاري واحصنت نجدٍ عقب ما هي تطرى مصيونة عن حر لفح المذاري والشرع فيها قد مشى واستمرى يقرا بنا درس الضحى كل قاري وزال الهوى والغبن عنها وفرى ويقضي بنا القاضي بليا مصاري ولا سلت عن من قال لي لا تزرى حطيت الأجرب لي خوي مباري نعم الصديق ليا صطا هم جرى يودع مناعير النشاما حباري يشير مضمون الأبيات إلى أن هذه القصيدة قيلت في عام 1240هـ بعد أن تمكن الإمام تركي بن عبد الله من طرد الحاميات العثمانية من نجد وقبل قدوم ابن عمه الأمير مشاري بن عبد الرحمن من مصر حيث حثه فيها على الهرب والعودة بعد استقرار الأمور، وتشير القصيدة إلى أن الإمام تركي خاطب ابن عمه بهذه الأبيات نتيجة لورود رسالة من الأمير مشاري بن عبد الرحمن مشتكيا من معاناته في مصر.

كما جاء عند منديل الفهيد أبيات تنسب للإمام تركي تضمنت أيضا إشارة للسيف «الأجرب» وينعته بالخوي «الصاحب» ويحدد الموقع الذي كان يختبئ فيه وحيدا إلا من سيفه ويشن منه غاراته وهو غار في جبل عليه غرب الخرج:

جلست في غار على الطرق كشاف على طريقٍ نايفٍ في عليه وطويق غرب وكاشفٍ كل الأطراف وخذيت به وقتٍ وله قابليه مع الخوي «الأجرب» على كل حواف في يد شجاعٍ ما تهبي ضويه قطاع بتاعٍ ولاني بخواف وبدبرة الله مانهاب المنيه ولا من ضربت الدرب بالفعل ننشاف ونقايس الدنيا وبقعا صبيه ولأهمية هذا السيف باعتباره سيف مؤسس الدولة السعودية الثانية وارتباطه ببطولات صاحبه الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود فإن الأسرة المالكة اعتنت به عناية خاصة. ولقد وردت روايات كثيرة في انتقال السيف «الأجرب» إلى البحرين، حيث ذكر البعض أن الذي نقله هو الملك عبد العزيز، وذكر البعض أنه الإمام سعود بن فيصل بن تركي، وذكر البعض أنه الأمير محمد بن سعود بن فيصل، دون الإشارة إلى مصدر لتلك الروايات، ولكن أشار عبد الله فيلبي في كتابه «الذكرى العربية الذهبية» إلى أن الملك عبد العزيز تحدث عن سيوف حكام الدولة السعودية وذكر أن السيف (الأجرب) من تلك السيوف وأن الإمام عبد الله بن فيصل أهداه إلى أسرة آل خليفة في البحرين.

ومن المشهور في المصادر القديمة بأن اليمامة كانت مصدرا مشهورا لصناعة السيوف فعرف عند العرب السيوف الحنيفية التي يرجح نسبتها إلى قبيلة بني حنيفة والسيوف القساسية نسبة إلى جبل قساس في عالية نجد. لذلك اشتهرت السيوف المحلية والعناية بها لدى القادة والفرسان.

وورد في صحيفة «أم القرى» بتاريخ 4/5/1349هـ بحثا عن سيوف آل سعود ورد ضمنها سيف الأجرب إضافة إلى السيوف الأخرى المحفوظة والمتوارثة عند آل سعود، وأشير إلى عدد من السيوف التي انتقلت إلى الدولة السعودية ولها تاريخ عريق ولكن لم يشر البحث المنشور إلى مصدر السيف الأجرب الذي يبدو أنه كان من السيوف المحلية.

واختتم أمين عام دارة الملك عبد العزيز تصريحه، قائلا إن دارة الملك عبد العزيز بإشراف مباشر من رئيس مجلس إدارتها الأمير سلمان بن عبد العزيز على جميع أعمالها تبذل ما في وسعها مع المواطنين والمهتمين والمتخصصين للمحافظة على مصادر تاريخ المملكة العربية السعودية العريق.