السعودية تستقبل يوم الصحة والسلامة بدعوة لإنشاء وحدات لـ«منع الخسائر» البشرية

فيما أشارت إحصائية سعودية «غير محدثة» إلى أن أكثر من 93 ألف عامل تعرضوا لإصابات عمل

إصابات العمل تسجل تزايدا في ظل الأعمال الخطرة التي يقوم بها العمال («الشرق الأوسط»)
TT

في وقت صادف فيه أمس ذكرى اليوم العالمي للسلامة والصحة في العمل، وجه مراقبون ومختصون دعوة للشركات والمؤسسات في السعودية التي تشهد أغلب إصابات العمل إلى إنشاء وحدات لمنع الخسائر البشرية أسوة بشركتي «سابك» و«أرامكو»، وصرف مكافآت ومميزات للأقسام والشركات التي تنجح في ذلك.

وأكد الدكتور سالم باعجاجة، الخبير الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط»، أن الخسائر البشرية تعتبر فادحة ولها آثارها السلبية سواء على المجتمع أو على جهة العمل التي من شانها أن تقلل من جودة العمل وتؤثر نوعيا على عجلة الصناعة، وإن كان تأثيرا وقتيا في ما ينعكس على الاقتصاد السعودي والناتج القومي للمملكة، وأن هناك بعض التوصيات التي لا بد أن تعمل بها لتخطي الأزمات الممكنة.

وبين أن معظم تلك الحوادث تحدث في المنشآت الصغيرة، داعيا إلى ضرورة إنشاء الشركات الصغيرة لديها إدارات لمنع الخسائر، مثل الإدارات التي تعمل بها شركة «أرامكو» السعودية أو «سابك»، وأن تكون هناك محفزات لجميع الإدارات والقطاعات الإنتاجية لمن يحصل أو يطبق نسبة سلامة 100 في المائة، وأن تسعى تلك الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى أن تؤمن على العاملين والمنشآت.

إلى ذلك، تغيب الإحصائيات المحدثة عن حجم الإصابات في السعودية، وسط تأكيد أن آخر إحصائية كانت منذ أعوام بينت أن أكثر من 93 ألف إصابة عمل و285 حالة سجلت في البلاد.

وأكد لـ«الشرق الأوسط» أحمد الدميني، مدير عام التأمينات الاجتماعية في جدة، أن حجم الحالات التي تم الإبلاغ عنها كـ«إصابات عمل» على مستوى المملكة، بحسب آخر إحصائية، بلغ 93 ألفا و285 حالة، وكلها كانت إصابة عمل، وضمت منطقة مكة المكرمة 15 ألفا و97 حالة. وقد تم صرف جميع التعويضات لهم.

واعتاد العمل أن يشعلوا في مثل هذا اليوم في جميع أنحاء العالم الشموع في أماكن عملهم، إحياء لذكرى زملائهم ضحايا حوادث العمل، حيث تقام الكثير من الدورات والورش في هذا اليوم من أجل تعميق مفهوم ضرورة إيجاد بيئة عمل صحية.

وبالعودة إلى الدميني، أوضح أن «التعويضات صرفت على نحو 636 مليونا و904 آلاف و199 ريالا سعوديا، ويخص منطقة مكة المكرمة 49 مليونا و262 ألفا و550 ريالا»، مبينا أن الحالات المبلغ عنها منها حالات انتهت بالشفاء، ومنها حالات عجز وبلغت 15 ألف حالة وفاة، وهناك بعض الحالات ما زالت تحت العلاج حتى الآن.

وأضاف الدميني أن «هذه المصروفات تنوعت من عناية طبية، علاجات، بدلات يومية، تعويضات مقطوعة في حالة الدائم أو المؤقت، مصروف الورثة المتوفى أهلهم، منح زواج مصروفة للبنات المتوفيات، وهذه هي التوزيعات بصفة عامة، وأن هذه المصروفات تصرف لمستحقيها في اليوم نفسه وأحيانا في أقل من يوم».

وتحدث عن الجهة المخولة للإشراف على تقييم حوادث العمل قائلا «إن هناك أكثر من جهة، وهناك إدارة رئيسية، وداخل تلك الإدارات وحدات عن الأخطار المهنية، وتتكون من عدة شعب ووحدات، والوحدات المختصة بحوادث العمل هما وحدتان، وحدة التفتيش الميداني التي تهتم بالتحقق من الإصابات ومواقع الشركة والزيارات الميدانية، ووحدات التأكد من الصحة والسلامة المهنية وتشمل اخصائيين، مهندسين، كيمائيين مهمتهم الاطلاع على مدى صلاحية بيئة العمل بالإضافة إلى إدارة الهيئة الطبية».

وقال «في حالة تراخي رب العمل عن الإبلاغ في مدة أقصاها ثلاثة أيام يكون هو المسؤول عن صرف البدل اليومي فقط، أما مصاريف العلاج والتعويضات فتكون التأمينات هي المسؤولة عنها ما دام ثبتت أنها إصابة عمل».. و زاد أنه «في حالة تراخي صاحب العمل وتقدم العامل المصاب ولديه أدلة ومستندات يتم التحقق منها، وإذا توافرت شروط المادة 27 يتم قبول الحالة».

واستطرد «في حالة وجود إخلال بسلامة وصحة العمال ترتفع الاشتراكات التي نسبتها 2 في المائة إلى أن تصل إلى 4 في المائة متدرجة، وهذا يعتبر عقابا لرب العمل لتوفير البيئة السليمة للعمال»، مشيرا إلى أن مثل هذه الحالات قليلة وقد لا تذكر، وأن تعويضات إصابات العمل تشمل المواطن والمقيم.

وفي السياق نفسه، انطلق أمس تحت شعار «الأخطار الناشئة والأنماط الجديدة للوقاية في عالم متغير للعمل» اليوم العالمي للسلامة والصحة في العمل، والذي يصادف 28 أبريل (نيسان) من كل عام.

وأفاد الدكتور توفيق بن أحمد خوجة، المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون، بأن الهدف الرئيسي للاحتفال بهذا اليوم هو تعزيز العمل الآمن الصحي، وهو يعقد سنويا في الثامن والعشرين من شهر أبريل.

وأضاف «منذ عام 2003 ومنظمة العمل الدولية تحتفي بهذا اليوم، وتركز على الوقاية من الحوادث والأمراض التي تحدث في العمل، وهذا الاحتفاء هو جزء أساسي من الاستراتيجية العالمية للسلامة والصحة المهنية التي أطلقتها منظمة العمل الدولية».

وطالب بجهد أكبر لرفع مستوى الوعي الوقائي لدى أصحاب العمل والعمال فيما يخص مخاطر العمل والوقاية من حوادث العمل والأمراض المهنية، والحرص على توفير خدمات الصحة المهنية بشكل فعال من حيث شمول جميع قطاعات العمل والعمال حتى الأهلية منها أو من حيث المحافظة على صحة العاملين على حد سواء.

يشار إلى أن إحصائيات منظمة العمل الدولية تتحدث عن 2.2 مليون وفاة بسبب إصابات وحوادث العمل والأمراض المهنية، و270 مليونا يعانون من آثار حوادث العمل، و160 مليون حالة بسبب الأمراض المهنية. وهذا ما يعادل 4 في المائة من الناتج القومي في الدول الصناعية، ويصل إلى 10 في المائة في الدول النامية بسبب إصابات العمل فقط، وما يزيد الموضوع أهمية أن هذه الإصابات يمكن الوقاية منها وتجنبها.