الجداويون يبحثون عن «حدائق ذات بهجة».. والأمانة تعترف بأن 30 حديقة فقط زرعت في الأعوام الـ20 الماضية

الأمانة لـ «الشرق الأوسط»: مشروع لتنفيذ 80 حديقة في عام واحد.. والانتهاء من 14 منها

توجه نحو التشجير وزراعة الحدائق في جدة (تصوير: عبد الله بازهير)
TT

يبحث الجداويون منذ عقود عن «حدائق ذات بهجة». فأشياء كثيرة في هذه المدينة لم تعد تبهج. منها أن المتنزهات والحدائق والمسطحات الخضراء فقدت وما وجدت إلا نادرا مختنقة وسط غابات الإسمنت. أصابع الاتهام دائما تتجه إلى الجهة المسؤولة «أمانة جدة»، وهذه الجهة تقر بالواقع وتعد بالتغيير، بإطلاقها حراكا حدائقيا يشمل جميع أرجاء جدة خلال فترة وجيزة.

دراسة أولية أعدتها أمانة جدة في عام 2007، قيمت مدى توافر الساحات العامة في البلديات الـ13 التابعة للمحافظة، وأشارت إلى أن توافر تلك الساحات محدود جدا، إذ إن معظم البلديات تعاني من نقص عدد الساحات العامة، أو أن مزيج أنواع الساحات فيها غير متوازن.

وكشفت الدراسة أن الساحات العامة المتوافرة في معظم أجزاء جدة أقل من المعدل الذي حددته منظمة الصحة العالمية وهو 8 أمتار مربعة للفرد الواحد، ويتضح النقص أكثر في المناطق المبنية بكثافة في المدينة، مثل بلديتي الجامعة وبريمان، حيث تبلغ نسبة الساحات العامة لكل منها أقل من 0.2 متر مربع لكل فرد، وفي بلدية البلد 0.4 متر مربع لكل فرد، وفي بلدية قصر خزام 0.5 متر مربع لكل فرد.

وقالت الدراسة «في حين يكمن التحدي في المناطق خارج المدينة في توفير المزيد من الساحات العامة مع تزايد السكان، فإن التحدي الأكبر يتمثل في توفير مزيد من الساحات العامة للفرد الواحد ضمن المناطق المبنية بكثافة بأسرع ما يمكن».

وللخروج من هذا الواقع تحركت أمانة جدة لتنفيذ الكثير من المبادرات لإعادة الاعتبار للحديقة كعنصر أصيل من عناصر التخطيط العمراني للمدينة الحديثة، ومتنفس ضروري الوجود في حياة سكانها، يلجأون إليه كلما شعروا بالحاجة إلى الترفيه عن أنفسهم في أوقات الفراغ.

وحول توجه الأمانة لافتتاح حدائق جديدة في محافظة جدة، أكد الدكتور بهجت بن طلعت حموه، مدير عام الإدارة العامة للحدائق والتشجير، أن العمل جار لافتتاح 80 حديقة عامة جديدة موزعة على أحياء المحافظة، خلال العام الحالي، مشيرا إلى أنه تم الانتهاء من تجهيز 14 حديقة منها، وجار العمل في 16 حديقة أخرى، فضلا عن تجهيز 23 موقعا كساحات بلدية، إلى جانب 27 موقعا أخرى دخلت المراحل الابتدائية لتنفيذ مشاريع ساحات بلدية عليها. يأتي ذلك ضمن مشروع تعمل عليه أمانة جدة لإطلاق 100 حديقة في 100 أسبوع في مدينة جدة.

وأوضح الدكتور حموه أن الحدائق في جدة لم تحظ خلال السنوات الـ20 الماضية بما حظيت به خلال العامين الماضيين، حيث ظل عدد الحدائق ثابتا من دون أي زيادة، فضلا عن خلوها من أي مقومات للحديقة.

وأضاف «بدأت الأمانة خلال السنوات الماضية خطوات جادة لإضافة حدائق جديدة ومسطحات خضراء في كل الأحياء، ويعادل عدد الحدائق التي أنشئت وزرعت خلال العامين الماضيين وتلك التي تجري زراعتها في هذا العام ثلاثة أضعاف ما تمت زراعته في الـ20 عاما الماضية، والتي لم تزرع فيها سوى 30 حديقة فقط».

وهنا يتحدث مسفر الزهراني، أحد سكان جنوب جدة، ليؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «منطقة جنوب جدة تكاد تكون خالية من الحدائق، وحتى تلك الموجودة تكاد تكون غير مهيأة للجلوس سواء بالعناية أو بالإمكانات». ويضيف «أقامت البلدية حديقة صغيرة تكاد تختنق من زحام الناس، وهذا يدل على أنه يجب إقامة حدائق أكثر نظرا للإقبال عليها».

ويؤكد ما سبق مواطن آخر هو أحمد مصلح، بقوله «تفتقد جدة لوجود حدائق مناسبة ومهيأة للتنزه والجلوس، صحيح أنه في الفترة الأخيرة بدأ التوجه نحو ذلك، لكن في السنوات الماضية لم يكن ذلك محل اهتمام وهو ما زاد حجم المشكلة». ويضيف «نحن بحاجة إلى وجود حدائق، حتى لو كان الدخول لها بأسعار رمزيه أعتقد أن أحدا لن يعترض فيما لو كانت مجهزة بشكل جيد».

وهنا يفيد مدير عام الإدارة العامة للحدائق والتشجير بأن الأمانة تطور حاليا عددا كبيرا من الحدائق القائمة، حيث أطلقت أعمال تطوير أكثر من 40 حديقة جديدة، وكذلك تطوير في حدائق بمختلف أنحاء مدينة جدة، منها 35 حديقة في شمالها، و25 حديقة في وسطها، و18 حديقة بشرقها، و11 حديقة في جنوبها، وهذا العدد يفوق ما تم تطويره في حدائق مدينة جدة خلال السوات الـ10 الماضية.

إلى ذلك، قدرت أمانة جدة حجم المسطحات الخضراء في جدة بنحو 7.4 مليون متر مربع، موزعة على الحدائق والشوارع والميادين والزوائد التنظيمية.

وأشارت الأمانة إلى أن عدد الحدائق المزروعة داخل الأحياء في نطاق مدينة جدة يقدر بنحو 450 حديقة، مساحتها تزيد على 2.5 مليون متر مربع، إضافة إلى 412 شارعا تغطي مساحات أكثر من مليوني متر مربع، و48 ميدانا تصل المساحات الخضراء بها لما يقرب من 300 مليون متر مربع، و310 زائدة تنظيمية مزروعة بمساحات تتعدى 1.5 مليون متر مربع.

وأوضح الدكتور حموه أن مدينة جدة تحتاج إلى نحو 15 مليونا و735 ألف متر مربع من المساحات الخضراء لتصل إلى المعيار العالمي لكفاية المسطحات الخضراء في المدينة، مقارنة بعدد السكان.

وأضاف حموه «يشير المعيار العالمي إلى ضرورة توفر 5 أمتار مربعة لكل ساكن، غير أن المعدل الموجود في مدينة جدة، وجهود الأمانة في العمل نحو زيادة الرقعة الخضراء، يعد جيدا مقارنة مع الكثير من المدن المشابهة لوضع مدينة جدة»، مشيرا إلى أن الإحصائيات العالمية تشير إلى أنه مقابل كل سيارة لا بد أن توجد 17 شجرة على الأقل، لمعادلة الضرر البيئي الناتج من عوادم السيارات.

وأبان أن أمانة جدة شرعت أخيرا في إنشاء وتطوير 150 حديقة في أنحاء متفرقة، بهدف إيجاد رئة ومتنفس لسكان جدة وزيادة الرقعة الخضراء، في إطار الجهود التي تبذلها الأمانة لتوفير مساحات خضراء، واستغلال كل مساحة ممكنة داخل المدينة لتشجيرها وزراعتها، فضلا عن إعادة تأهيل الكورنيش، مع توفير مختلف وسائل الخدمات والسلامة، فضلا عن إنشاء 50 ساحة بلدية موزعة على أحياء مدينة جدة.

وأوضح حموه أن الأمانة لديها وحدة تحكم مركزي بمقر إدارة الحدائق، تعتبر أول وحدة تحكم مركزي لشبكات الري تركب في السعودية منذ أكثر من 10 سنوات، وتخدم عددا من الشوارع الرئيسية بمدينة جدة.

وأشار مدير عام الإدارة العامة للحدائق والتشجير إلى أن الجهود المبذولة لتطبيق خطة الأمانة لتطوير المزروعات والحدائق بجدة تضمنت الانتهاء من إنشاء ما يزيد على 150 خزانا خرسانيا موزعة على 128 حديقة و28 شارعا في نطاق 11 بلدية بجدة، وبسعة تتراوح بين 150 و200 متر مكعب.

وأضاف أن «فكرة إنشاء الخزانات تعتمد على ربطها بمحطات المياه المعالجة لري الحدائق والشوارع مستقبلا، للاستغناء عن استخدام الصهاريج وناقلات المياه لهذا الغرض، حيث تم تصميم تلك الخزانات بمواصفات جودة عالية لضمان متانتها، حيث تتكون من صبات خرسانية ومسلحات بدلا من الفيبر والحديد القابل للصدأ».

ونوه بإنشاء عدد من خطوط شبكات الري في 11 شارعا، منها طريق المدينة، وشارع صاري، والاستاد الرياضي، إضافة إلى 13 حديقة، وتعد تلك الشبكات المرحلة الثانية لتجميل الشوارع وتطوير الحدائق بجدة، كما يتم حاليا تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع إنشاء شبكات الري في عدد من المحاور والشوارع الرئيسية، واستكمال شبكات طريق المدينة والكورنيش الجنوبي لأبحر، وعدد من الشوارع في وسط وجنوب وشمال جدة، فضلا عن 125 حديقة موزعة على أنحاء مدينة جدة، حيث تم الانتهاء حاليا من تنفيذ 27 في المائة من إجمالي شبكات الري.

وكانت الأمانة أعدت دراسة أولية في عام 2007، قيمت مدى توافر الساحات العامة في البلديات الـ13 التابعة للمحافظة، وأشارت الدراسة إلى أن توافر تلك الساحات محدود جدا، إذ إن معظم البلديات تعاني من نقص عدد الساحات العامة، أو أن مزيج أنواع الساحات فيها غير متوازن.

وبينت الدراسة أن الساحات المتوافرة في معظم أجزاء جدة أقل من المعدل الذي حددته منظمة الصحة العالمية وهو 8 أمتار مربعة للفرد الواحد، ويتضح النقص أكثر في المناطق المبنية بكثافة في المدينة، مثل بلديتي الجامعة وبريمان، حيث تبلغ نسبة الساحات العامة لكل منهما أقل من 0.2 متر مربع لكل فرد، وفي بلدية البلد 0.4 متر مربع لكل فرد، وفي بلدية قصر خزام 0.5 متر مربع لكل فرد.

وقالت الدراسة «في حين يكمن التحدي في المناطق خارج المدينة في توفير المزيد من الساحات العامة مع تزايد السكان، فإن التحدي الأكبر يتمثل في توفير مزيد من الساحات العامة للفرد الواحد ضمن المناطق المبنية بكثافة بأسرع ما يمكن».