جدة: الحدائق الخاصة.. مشروع أرباحه قد لا تكفي مصاريفه

رغم اعتقاد البعض أنها تعود على أصحابها بمكاسب كبيرة

TT

تتبادر إلى أذهان الكثير من الناس فكرة حجم الأرباح التي قد يحصل عليها صاحب أي حديقة خاصة مخصص لها رسوم معينة للدخول، وإن كانت رمزية، متجاهلين ما يمكن أن يدفعه المالك مقابل تحسين أوضاعها وما يتعلق بها من مرافق أخرى، والتي قد تضطره إلى إنفاق أضعاف ما يجده من مردود مادي للقيام بذلك.

وسمي الوسمي، مالك حديقة الأنعام الجميلة التي تكاد تكون حديقة الحيوان الوحيدة في مدينة جدة، أكد خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن مثل تلك المشاريع لا يمكن أن تعد منشآت تجارية ربحية، لا سيما أن رسومها تعتبر رمزية جدا.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم يكن الهدف من المشروع الذي تم إنشاؤه منذ نحو 27 عاما الكسب المادي، وإنما يعد خدمة للمجتمع كونه تعليميا ترفيهيا، غير أن بعض الجهات لا تدرك ذلك، الأمر الذي يجعلها تحارب مثل تلك المشاريع».

وأشار إلى أن أي حديقة حيوان أو غيرها تحتاج إلى الدعم المادي، لا سيما أن ما يأتي منها من مردود بالكاد يسدد فواتيرها، خصوصا أنها غير مجدية من الناحية الاستثمارية - على حد قوله.

وأضاف «عرضت علي إحدى الحدائق الموجودة في قويزة، إلا أنني لم أقبل بها كون موقعها غير مناسب، بخلاف ما تحتاج إليه من مبالغ كبيرة قد تتجاوز عشرات الملايين ريال لتطويرها».

وبيّن أن أي رجل أعمال يفكر في إنشاء حديقة عامة يعي تماما أنها لن تحقق له مردودا ماديا جيدا، حتى وإن شهدت إقبالا كبيرا من الناس، لا سيما أن رسم الدخول إليها سيكون رمزيا جدا يجعلها تكاد تكون مجانية. ولفت إلى أن ثقافة المجتمع جعلته يحصر نظرته حيال تلك الحدائق على أنها مكان لذوي الدخل المحدود فقط وغير القادرين على زيارة الأماكن الترفيهية الحديثة، غير أن الحدائق العامة تعد أكثر أمانا للأطفال من غيرها، إلى جانب ما تكسبه للطفل من إيجابيات ومعلومات تفوق ما يستفيده من قصده لمدن الملاهي.

واستطرد بالقول «من غير المعقول أن يستأجر الفرد موقعا لإنشاء حديقة عامة عليه برسوم رمزية، باعتبارها غير مجدية من الناحية الاقتصادية، عدا عن احتياجها للدعم المادي والمعنوي من قبل أجهزة الدولة المسؤولة عنها»، موضحا أن ما يجعلها ذات ربح ضئيل هو قاعدتها الاستهلاكية التي وصفها بـ«الكبيرة» جدا.

ووصف من يتحاملون على مثل تلك الحدائق الخاصة عن طريق اعتقادهم بأنها تمطر على أصحابها ذهبا بـ«الجهلة»، خصوصا أنها ليست ربحية أبدا بقدر ما هي مصدر من مصادر خدمة المجتمع فقط - بحسب قوله.

وليست حديقة الأنعام الجميلة الوحيدة التي تدخل ضمن الحدائق الخاصة «غير المجانية»، وإنما ثمة حدائق أخرى من بينها «غابة سيتي» التي كانت رسومها لا تتجاوز 5 ريالات، غير أنه تم إلغاؤها لتصبح مجانية، إلى جانب حديقة الأمير ماجد الواقعة شمال مدينة جدة. وبالعودة إلى صاحب حديقة الأنعام الجميلة أفاد بأنه يفكر في تغيير نشاط حديقته إلى مشروع تجاري، لا سيما أن النظام يسمح بإنشاء أبراج يصل ارتفاعها إلى 20 طابقا في تلك المنطقة.

وزاد «تعود ملكية الموقع الذي تبلغ مساحته نحو 20 ألف متر مربع لي، فيما عدا 3 آلاف متر مربع منه تعد ملكا لأمانة محافظة جدة، غير أنه من حقي استثمار أملاكي تجاريا كونها لا تعود علي بربح مادي مجد حاليا»، لافتا إلى أنه طلب إنشاء مشروع سفاري للحيوانات، إلا أنه عدل عن ذلك بعد وقوف الجهاز المسؤول عن تلك المشاريع ضده - بحسب قوله. لكنه استدرك بالقول «تشتمل حديقة الأنعام الجميلة على متحف يحوي قطعا أثرية، من بينها مقتنيات وأوان منزلية قديمة تعود إلى ما قبل البترول في السعودية، عدا عن الحرف القديمة والأدوات المستخدمة بها»، مشيرا إلى أنه يحصل عليها من أطراف السعودية باعتباره هاويا لجمع مثل تلك القطع. وحول سبب إنشاء حديقة حيوان رغم أنها لا تعود عليه بالربح المجدي، أفاد وسمي الوسمي بأن ذلك نبع من هوايته التي يفضل من خلالها جمع الحيوانات، إلى جانب أنها تعد نموذجا لحدائق الحيوان وإمكانية تنفيذها في القصور الخاصة وغيرها.

وذكر أن رسوم الدخول إليها تصل إلى 10 ريالات للطفل، إلا أنه يتم منح تخفيض 50 في المائة لأطفال المدارس ممن يزورونها ضمن رحلاتهم المدرسية، فيما تبلغ رسوم الكبار 15 ريالا للفرد الواحد، في حين يتم إدخال الأطفال دون سن الثالثة مجانا.