أمطار الرياض تثير جدلا بين خبراء الأرصاد حول «التطرف المناخي»

توقعات باستمرار وتيرة السحب الممطرة حتى الأحد.. ودرجات الحرارة ترتفع إلى 38

مياه الأمطار تحتجز بعض الأشخاص في الرياض (واس)
TT

أثار استخدام مصطلح «التطرف المناخي» جدلا بين خبراء الأرصاد الجوية في السعودية، بعد ربط المصطلح بالتغيرات المناخية التي تشهدها البلاد، لا سيما الأمطار الغزيرة التي هطلت على العاصمة الرياض، التي وصفها البعض بتداعيات ظاهرة التطرف المناخي.

يأتي ذلك على خلفية ما يتضمنه موقع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في صفحته الرئيسية على شبكة الإنترنت من إشارة إلى وجود تطرف مناخي في السعودية، إلى جانب ما تطرق له مسؤول في الأرصاد خلال حديثه لإحدى وسائل الإعلام من ربط أمطار الرياض المفاجئة بتداعيات التطرف المناخي.

الدكتور سعد المحلفي وكيل الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة لشؤون الأرصاد، بين لـ«الشرق الأوسط» أن ما تشهده أجواء بلاده من تغيرات مناخية تأتي ضمن ظاهرة التغير المناخي العالمية الناتجة عن الاحتباس الحراري ولا تصل لدرجة التطرف المناخي، مشيرا إلى أن استخدام مصطلح «تطرف» أطلق على تطرف الظواهر الجوية الناتجة عن التغير المناخي بشكل عام. وقال المحلفي إن موجات الجفاف التي لحقت بالسعودية خلال الأعوام الماضية وهطول الأمطار بشكل مفاجئ من شأنه إحداث تغيير في النمط المناخي، حيث إن هطول الأمطار يأخذ طابع الشدة بعد ذلك، إلى جانب تحولات جوية، وتغيرات مناخية، مبينا أن إيراد مصطلح «التطرف المناخي» على الموقع الإلكتروني لرئاسة الأرصاد، يقصد به التغير المناخي.

أمام ذلك، أكد أكاديمي سعودي لـ«الشرق الأوسط» أنه من الخطأ علميا ربط الظواهر الجوية بما يطلق عليه «تطرف مناخي» من دون دليل علمي مبني على تسلسل حدوثها وتكراره بشكل ملاحظ ويمكن التنبؤ به ويسبب تغيرا في المناخ بشكل علمي مثبت. وأظهر الدكتور ناصر سرحان أستاذ الأرصاد الجوية المساعد في كلية الملك فيصل الجوية، ومدير وحدة العلوم الجوية، لـ«الشرق الأوسط» استهجانه من ربط رئاسة الأرصاد الجوية التغيرات المناخية في السعودية بـ«التطرف المناخي»، مبينا أن هذا المصطلح العلمي يطلق على الظواهر العلمية الكبيرة مثل ذوبان الجليد في القطب الشمالي وغرق بعض الجزر في المحيط الهادي، واختفاء بعض المدن الساحلية.

أمام ذلك، أوضح سرحان خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن الظواهر والمتغيرات الجوية التي سببت كوارث على بعض المدن تصنف على أنها ظواهر طبيعية فجائية يصعب التنبؤ بها وبمؤثراتها.

وأضاف أستاذ الأرصاد الجوية أن تأثيرات العواصف الرعدية الممطرة على مدينة جدة وعلى منطقة الرياض وأمطار الجنوب تسببت في حالات إغلاق للطرق وسيول عبر مناطق سكنية، جاءت نتيجة الخطأ الشائع في تخطيط المدن وإنشاء مرافق سكنية وطرق في مناطق أصلا كانت في السابق مجرى للسيول وأودية غير مأهولة عوضا عن الإهمال الشديد في تنفيذ البنية التحتية، خاصة شبكة تصريف مياه الأمطار.

وأفاد سرحان بأنه لا توجد مؤشرات لتطرف مناخي في منطقة الشرق الأوسط، فبحسب التصنيف المناخي للسعودية، فإن مناخها صحراوي جاف شديد الحرارة صيفا، بارد على أغلب المناطق شتاء، وبالنسبة للأمطار فإنها تكون موسمية على المناطق الجنوبية الغربية وشتوية على المناطق الغربية والشمالية، والشمالية الغربية وتكون ربيعية على مناطق وسط البلاد متفاوتة الكمية بالنسبة للهطول.

وفي ما يتعلق بالعواصف الرملية وسحب الغبار، أوضح أنها موجودة في مناخ السعودية الصحراوي، وإنما تتفاوت في شدتها وفقا لكمية الأمطار، فتعرض السعودية للنقص في عمليات الهطول له دور في زيادة كثافة سحب الغبار. وقال الدكتور ناصر سرحان إن «ما تشهده مدينة الرياض من أمطار ليست إلا أمطارا ربيعية هطل ما هو أقوى منها قبل أكثر من 8 سنوات»، وتوقع أستاذ الأرصاد الجوية، أن تستمر وتيرة تكون خلايا السحب الرعدية الممطرة حتى يوم الأحد المقبل على منطقة الرياض وأجزاء من المنطقة الشرقية، ولكن بشكل أخف من اليومين الماضيين، حيث توقع أن تشهد منطقة الرياض اليوم أمطارا خفيفة وأن تتكون بعض السحب الرعدية الممطرة خلال المساء، مشيرا إلى أن اليومين المقبلين سيشهدان أجواء معتدلة ملبدة بالغيوم التي تتهيأ من خلالها فرص لهطول الأمطار.

وزاد الدكتور سرحان، أن الرياح الجنوبية الغربية يصاحبها حزام سحابي مع ارتفاع درجات الحرارة إلى ما فوق 35 درجة نهارا، الأمر الذي يحدث حالات الحمل الحراري التي تسبب سحبا ركامية رعدية ممطرة، مبينا أنه عادة ما تصاحب حركة تكون خلايا السحب الركامية الممطرة رياح هابطة ورياح صاعدة. فالرياح الصاعدة، بحسب أستاذ الأرصاد الجوية، تسبب الحمل الحراري، بينما تثير الرياح الهابطة التربة، وهو ما يفسر ظهور عواصف رملية تنخفض فيها الرؤية الأفقية قبل هطول الأمطار، حيث تتسبب الرياح الهابطة بقوتها في إثارة الأتربة والغبار في مقدمة حركة النظام السحابي، ويعتمد مدى الرؤية الأفقية في ذلك على قوة الهواء الهابط وحجم النظام السحابي.