مسؤولة في السجون: أموال «سوداء» تتلقف أسر السجناء لتشغيلهم في الدعارة والمخدرات

دعت سيدات الأعمال للاستثمار في السجون.. في لقاء نظمته غرفة الشرقية

TT

كشفت مسؤولة في السجون السعودية عن ترصد جهات مشبوهة سمتها «صاحبة الأموال السوداء»، تعمل على تلقف أسر السجناء لتشغيلهم في شبكات الدعارة والمخدرات، فور دخول عائل الأسرة إلى السجن، وذلك خلال استضافتها في الغرفة التجارية في المنطقة الشرقية مساء أول من أمس، في لقاء ضم مجموعة من مسؤولات بعض الجهات الخيرية وسيدات الأعمال، إلى جانب منسوبات من أسر السجناء اللائي حكين بعض تجاربهن بهذا الشأن.

وجاء حديث خلود الراشد، وهي مسؤولة القسم النسائي في إدارة السجون بفرع الخبر، في إطار دعوتها لسيدات الأعمال لقطع الطريق على هذه الجهات والاستثمار في السجناء أو ذويهم، قائلة: «هناك رؤوس أموال سيئة من الممكن أن تجذب أسر السجناء لأعمال خاطئة، لأن الأسرة بمجرد أن يدخل عائلها السجن تضيع نوعا ما، وتحتاج من يتلقفها، فإذا لم نأخذها كرؤوس أموال خيرة، هناك رؤوس الأموال السيئة أو السوداء التي تأخذهم إلى شبكات الدعارة والمخدرات والتهريب».

وتناولت الراشد مزايا تشغيل رؤوس الأموال في السجون (سواء داخليا مع السجناء أو خارجيا مع أسر السجناء)، إذ أوضحت أن هناك عدة مقومات تخدم مثل هذه المشاريع، أولها الدعم والتسهيلات التي تقدمها إدارة السجون، وثانيها الدعاية، التي وصفتها بالقول: «بمجرد التفكير في إنشاء مصنع مصغر أو مشغل داخل السجن ستأتي الدعاية عن طريق الصحافة، وهي دعاية مجانية»، وأخيرا، تقبل المجتمع، إذ تقول الراشد «المجتمع متقبل هذه الفكرة بشكل كبير».

من جهتها، طالبت شريفة الشملان، مشرفة الفرع النسوي لهيئة حقوق الإنسان في المنطقة الشرقية، والتي أدارت اللقاء، بتكوين مبادرات أهلية تهتم بذوي السجناء، قائلة: «نحن نفتقد لجمعيات متخصصة لرعاية أسر السجناء»، إلا أنها لم تغفل الدور الذي تقوم به لجنة «تراحم» لرعاية السجناء في منطقة الرياض، مضيفة: «أعتقد أننا بحاجة إلى جمعيات أهلية تساندهم».

وكشفت خلود الراشد في تعليقها على مداخلة الشملان أن إدارة السجون في المنطقة الشرقية تعتزم إطلاق لجنة متخصصة لرعاية أسر السجناء في الفترة المقبلة. أمام ذلك، عرضت كل من جمعية البر بالشرقية وجمعية جود النسائية الخيرية بالدمام جانبا من جهودهما في رعاية أسر السجناء.

وفي المحور ذاته، تناولت منى الطعيمي، مديرة القسم النسائي لبرنامج الأمير محمد بن فهد لتنمية الشباب، تجربة البرنامج في تقديم الدورات لأسر السجناء وإحجام فئة الذكور منهم عن الالتحاق بها، قائلة: «أسر السجناء والسجناء المفرج عنهم ينقصهم الاهتمام بالتعليم، ومن ضمن شروطنا كان الحصول على الثانوية العامة، لكن واجهتنا صعوبة إيجاد أحد من أبنائهم حاصل على الثانوية العامة».

وأوضحت الطعيمي أن البرنامج أكمل مشروع إنشاء قاعدة بيانات أسر السجناء التي تخدم إدارة السجون، مفيدة بأنه بإمكان الباحثات والراغبات في دراسة أوضاع أسر السجناء التوجه للمركز للاستعانة بقاعدة البيانات الإلكترونية، والتعرف على البيانات الديموغرافية لهذه الشريحة، مضيفة: «لم نجد أحدا منهم مستواه التعليمي جامعي»، مؤكدة أن هذه القاعدة خاضعة للتحديث السنوي.

في حين تحدثت زوجة سجين عن تجربتها بهذا الخصوص، قائلة: «يقولون أسر السجناء أكثرهم لم يتجاوزوا الثانوية، بالعكس!، بالنسبة لي هذه ليست المرة الأولى التي يسجن زوجي فيها، لكن لدي ابنة جامعية وابن يدرس في معهد، ففشل الأب لا يعني فشل الأبناء»، وشرحت الظروف الصعبة التي مرت بها حتى ساعدتها جمعية خيرية في إيجاد وظيفة لها في شؤون الضيافة.

وحكت ابنة سجين آخر تجربتها قائلة: «اثنان من إخواني خرجوا مؤخرا من السجن، وأبي ما زال مسجونا، أوضاعنا مستورة، لكن لم تتوفر وظائف لإخواني، فقبل السجن كانوا في وظائفهم لكن بعد خروجهم من السجن لم يجدوا أي وظيفة» وتابعت قائلة: «لدي 11 أخا لم يتوظف أي أحد منهم حتى الآن، ونعيش على راتب تقاعدي لا يتجاوز الـ3000 ريال».

بينما عادت مسؤولة القسم النسائي في إدارة السجون بفرع الخبر لتقول: «احتواء الفتاة أمر ممكن، لكن الشاب بمجرد دخول والده إلى السجن يتلقفه الشارع، وهذه هي رؤوس الأموال السوداء التي قصدتها، فيأخذه البعض ويسأله: ماذا تريد بالدراسة؟ غيرك درس ولم يجد وظيفة!». ثم شرحت كيفية إغراء الشاب بالمال بهدف قيامه بتهريب المخدرات وأعمال أخرى غير مشروعة، مضيفة: «الحل هو إيجاد منشأة مصغرة، تخدم أسر السجناء وتشغلهم وتعطيهم فرصا وظيفية».

وتطرقت الراشد، التي تعمل منذ خمس سنوات كمسؤولة للقسم النسائي بفرع الخبر، إلى جهود إدارة السجون في مواجهة ما وصفته بـ«نظرة المجتمع الصعبة» لذوي السجناء، من خلال تطوير مصطلحات السجن، واستبدال لفظ «النزيلة» بـ«السجينة»، و«الإصلاحية» بـ«السجن»، وهو ما شمل أيضا الموظفات اللائي كان يطلق عليهن سابقا مسمى «سجانة» وتغير الآن إلى ملاحظة ومشرفة.