مخاوف من «اختلاط الأنساب» تجهض مشروع «القرابة بالرضاع» شرق السعودية

تفاعلا مع ما نشرته «الشرق الأوسط» في أكتوبر الماضي.. ووزارة الشؤون الاجتماعية تبحث الأسباب

TT

جددت وزارة الشؤون الاجتماعية النظر في مشروع إرضاع الأيتام المعروف باسم «التآخي بالرضاعة»، بعد فشله في المنطقة الشرقية مقابل نجاحه في منطقة مكة المكرمة، وذلك تفاعلا مع ما نشرته «الشرق الأوسط» شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حول أسباب فشل البرنامج، إذ بادرت الوزارة بمتابعة الموضوع مع مكتب الإشراف الاجتماعي النسائي في الشرقية، استنادا إلى صورة التقرير الصحافي السابق نشره، ومن خلال استمارة لدراسة الحالة والمعوقات التي واجهت المكتب بهذا الخصوص.

وأفادت لطيفة التميمي، مديرة مكتب الإشراف الاجتماعي النسائي بالمنطقة الشرقية، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، قائلة «من دواعي سرورنا أن نجد صحيفة تهتم بالبرامج المقدمة للأيتام من ذوي الظروف الخاصة». وأوضحت أنه بناء على ما تم نشره حول برنامج القرابة في الإرضاع، فقد تم حصر علة فشل المشروع في 3 أسباب، لخصتها التميمي بالقول «أولا: تخوف المجتمع في المنطقة الشرقية من اختلاط الأنساب على المدى البعيد. ثانيا: عدد المتقدمين لمشروع (التآخي بالإرضاع) كان قليلا جدا. ثالثا: رغبة الأسر المتقدمة للاحتضان في أن يتم إرضاع الأطفال من قبل ذويهم ليحل لهم هذا الطفل المحتضن»، موضحة أن هذه المعوقات جاءت على الرغم من الإعلان عن فكرة البرنامج وأهدافه في عدة مناسبات.

وبالسؤال عن الخطط المستقبلية في هذا الصدد، تقول التميمي «هذا يعود إلى مدى تقبل أهالي المنطقة لفكرة البرنامج المقترح»، مشيرة إلى جهودهم السابقة عبر إطلاق حملة توعوية للمجتمع بعد المهرجان الثاني الخيري للأيتام قبل نحو 5 سنوات، وقد شملت الحملة جميع القطاعات الحكومية والأهلية، وجاءت بهدف التعرف على هذه الفئة وواقعها وطريقة تعايشها داخل الدور الاجتماعية وما تم توفيره لها من خدمات إيوائية وتعليم ومتابعة صحية.

وتابعت التميمي حديثها لـ«الشرق الأوسط»، مبينة «ما تحتاجه تلك الفئة هو البرامج المقدمة من الوزارة للمجتمع لخدمتهم، وهي (برنامج الأسر البديلة - الاحتضان)، (برنامج الأسر الصديقة)، (برنامج التآخي بالرضاعة)»، وأفادت بأنه كان من ثمار تلك الحملة «تضاعف أعداد الأسر المتقدمة لطلب الاحتضان من 34 أسرة في عام 1425هـ إلى 64 أسرة عام 1430هـ، وبنسبة 88 في المائة».

فيما أكدت مديرة مكتب الإشراف الاجتماعي النسائي في الشرقية أن الإقبال على برنامج الاحتضان أدى إلى قلة عدد الأطفال في سن الرضاعة داخل الدور الإيوائية الاجتماعية، مضيفة «وقد أغنى تطبيق هذا البرنامج عن برنامج (التآخي في الرضاعة)، فهو يحقق هدف تربية الطفل داخل بيئة أسرية طبيعية توفر له الرعاية الاجتماعية والنفسية والصحية التي تمكنه بإذن الله من أن يصبح فردا صالحا فاعلا يخدم نفسه ومجتمعه».

وبالعودة إلى مشروع إرضاع الأيتام الذي مر نحو 4 سنوات منذ طبقته وزارة الشؤون الاجتماعية، والمعني بالأيتام ذوي الظروف الخاصة، فقد كشفت سندس السيار، رئيسة قسم رعاية الأيتام في مكتب الإشراف الاجتماعي النسائي بالشرقية، سابقا لـ«الشرق الأوسط»، عن فشل البرنامج في الشرقية، مقابل نجاحه الكبير في منطقة مكة المكرمة، حيث تعاني الجهات المختصة في الشرقية من شح في عدد المرضعات، ورفض الكثير من الأسر فكرة إرضاع الأيتام ذوي الظروف الخاصة.

وأفصحت السيار عن وجود صورة مغلوطة اقترنت ببرنامج إرضاع الأيتام في المنطقة الشرقية، وهو ما أرجعته لترويج بعض وسائل الإعلام لكون البرنامج سيتسبب في إضاعة النسب وإفساد الأسر، قائلة «هذا البرنامج له تقريبا 4 سنوات، لكنه لم ينجح، والأسر صارت تتردد وتتخوف منه»، وأوضحت السيار أن الهدف من برنامج الإرضاع هو إيجاد إخوان للأيتام بالرضاعة، فعندما يكبر اليتيم يسهل عليه التواصل معهم، وتتكون أسر جديدة نتيجة الرضاع. وأكدت رئيسة قسم رعاية الأيتام لـ«الشرق الأوسط» على وجود إجراءات مشددة في البرنامج الذي تم عرضه وإجازته من لجنة شرعية، تتضمن تنسيق موعد قدوم المرضعة وتسجيل اسمها وبياناتها وصورة من هويتها، وأخذ موافقة زوج المرضعة، وأضافت قائلة «الناس بحاجة للتوعية بجدوى وأهمية هذا البرنامج، فبعض النساء يترددن كثيرا في هذه المسألة».

وتقوم فكرة برنامج القرابة من الرضاع على إتاحة الفرصة للأسرة السعودية لإرضاع طفل أو أكثر من الأطفال ذوي الظروف الخاصة، كما يفيد ذلك الطفل، ويمكنه من الرضاعة الطبيعية من أكثر من أم بهدف إيجاد جذور أسرية وقرابة شرعية بين الطفل المرضع وأفراد الأسرة المرضعة، وهو ما يدعم انتماء الأبناء لأسر طبيعية يستمدون منها الحب والحنان ويشعرون من خلالها بالرضا والطمأنينة.

يذكر أن إحصائية سابقة لوزارة الشؤون الاجتماعية كانت قد كشفت أن عدد الأيتام ذوي الظروف الخاصة «اللقطاء»، بلغ نحو 280 حالة في مختلف المناطق السعودية قبل نحو عامين، حيث تصدرت منطقة مكة المكرمة المناطق الأخرى بتسجيل 95 حالة، أما بقية المناطق فكانت بمعدل 33.4 في المائة من الحالات المسجلة، وحلت الرياض في المرتبة الثانية بتسجيل 58 حالة، بنسبة 20.5 في المائة، فيما جاءت عسير في المرتبة الثالثة بتسجيل 36 حالة، وبنسبة 2.12 في المائة.