حكاية رجال التعداد تبدأ بالسؤال وتنتهي أحيانا بـ«حبس انفرادي»

سجلوا قصصا مخيفة وأخرى طريفة.. وحزينة في أحيان كثيرة

TT

منذ أن بدأ نحو 35 ألف شاب وشابة من أبناء السعودية أعمال التعداد التي انطلقت الشهر الماضي، وهم يسجلون المواقف المتباينة بين الخوف والرعب والحزن والألم والضحك أحيانا.

فها هو علي السعدي وخمسة من زملائه العدادين ينسحبون من الأيام الأولى بعد موقف تعرض له أحدهم عندما دخل إلى منزل إحدى الأسر السعودية في جنوب جدة، وبعد غضب عارم لدخوله احتجز لديهم ولم يخرجه إلا تدخل بعض أبناء صاحب المنزل الذين يملكون معرفة عن التعداد السكاني.

يقول السعدي لـ«الشرق الأوسط»: «إن مهمة العد كانت صعبة، خاصة هذا العام، فقد شاركت في التعداد السكاني الأول ولم يكن بهذا الشكل». ويضيف: «كانت أوراق البيانات دقيقة هذه المرة وشاملة كل جوانب حياة السكان وأعتقد أنها ستكون مفيدة لوضع خطط البلاد».

ويحكي قصة انسحابه من العمل قائلا: «تعرض أحد الزملاء إلى موقف، كنا نتعرض إلى مثله أو خلافه بصفة شبه يومية، فقد دخل إلى أحد المنازل التي كان يعتقد أنها عمارة شقق ليفاجأ بنفسه وسط إحدى الفلل في الداخل وأمام صاحبها المسن الذي كاد يفترسه لولا تدخل أبنائه!».

وما بين التفكه العرضي، والبحث الدؤوب في الحصول على المعلومة، يواجه موظف التعداد السكاني في السعودية خليطا يوميا من «المساجلات» و«الصراعات» في صور تتشكل حسب الموقف والبيئة المنوطة بعمله. وإن كان أشدها ضراوة ما يرويه «مشرف تعداد» في العاصمة المقدسة، حينما مكث في منزل أحد المرضى النفسيين لساعات طوال قبيل تدخل الجهات الأمنية لإنقاذه.

نتائج العد وقصص العدادين ستظل راسخة في الأذهان، بحسب فهد الطياش، وهو أحد مسؤولي التعداد في منطقة مكة المكرمة، الذي قال إنه ذهل بوجود عشرين شخصا من عائلة واحدة من البنين والبنات لم يحصلوا على شهادة تعليمية واحدة، وليس لهم أي علاقة بالعالم التقني، يعيشون جل وقتهم في تربية المواشي.

بينما نقل عداد آخر - طلب عدم الكشف عن اسمه - أنه تم احتجازه ساعات في أحد المنازل من قبل صاحب منزل تبين له لاحقا أنه مختل عقليا، ولم ينقذه سوى الاتصال بالجهات الأمنية.

أما فهد اليوسفي، «عداد» في منطقة العزيزية بالعاصمة المقدسة، فيروي قصة أحد المواطنين الذين امتنعوا عن التجاوب معه، بل عمد إلى التلفظ بألفاظ مقيتة وغير حضارية، وهو ما حدا به إلى اللجوء إلى شرطة العزيزية لتثبيت الواقعة وملاحقة المواطن حقوقيا.

وكانت السعودية قد أشركت في عملية التعداد ما يقارب 35 ألف موظف معظمهم من المعلمين، كما سيشارك عدد من المعلمات للاستعانة بهن في المواقع التي لا يمكن حصرها إلا من خلال المرأة، مثل إسكان الممرضات، وإحصاء الأسر التي تكون فيها ربة الأسرة امرأة.

ويتزامن التعداد العام للسكان والمساكن لعام 2010 مع ذكرى مرور 50 عاما على إنشاء مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، كما يشهد تنفيذ أول تعداد متزامن في دول مجلس التعاون الخليجي. وأوضح عبد اللطيف الخميس، أمين اللجنة الإعلامية للتعداد، والمشرف على المركز الإعلامي، أن «اللجنة الإعلامية تواصل تنفيذ خطتها التي أعدتها لتصل بالتوعية والتعاون مع التعداد للسكان والمساكن إلى جميع شرائح وفئات المجتمع من سعوديين ومقيمين، سواء كانوا من سكان المدن أو القرى أو المناطق النائية أو المستقرين في البادية أو الرحل، كما تستهدف المواطنين في الخارج».