جدة: مشروع لتحويل موقعين تاريخيين إلى منطقتين استثماريتين

تقرر أن تشمل أعمال التطوير 40 مبنى في جدة التاريخية بنحو 80 مليون ريال

TT

كشف لـ«الشرق الأوسط» المهندس الدكتور عدنان عباس عدس مدير إدارة تطوير العمران في جدة التاريخية، أن أمانة محافظة جدة وقعت عقدا مع أحد المطورين من القطاع لخاص لتطوير مباني المنطقة التاريخية في حارة المظلوم، ومحور أبو عنبة، لتحويلهما إلى منطقتين استثماريتين.

وأوضح الدكتور عدس أن الأمانة حددت 40 مبنى لتشملها أعمال التطوير، مقدرا الكلفة الإجمالية لتنفيذ المشروع بنحو 80 مليون ريال، وذلك من خلال شراء المنازل من ملاكها، أو تأجيرها منهم استثماريا.

إلى ذلك، ونيابة عن الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة، يفتتح أمين محافظة جدة مساء غد الاثنين فعاليات معرض التراث العمراني في جدة التاريخية ببرحة بيت نصيف، والذي تستمر أعماله من 24 إلى 28 من مايو (أيار) الجاري، وتنظمه أمانة جدة بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار.

ونوه مدير إدارة تطوير العمران بجدة التاريخية، بأن اختيار موعد المعرض يجب وفقا للتوجيهات الرسمية الصادرة بتنظيم معارض للتراث العمراني في مختلف مناطق المملكة، بالتزامن مع المؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني الإسلامي، والذي يفتتح في الرياض اليوم الأحد تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وعن مواعيد فعاليات المعرض ومواقعها، أشار الدكتور عدس إلى أن فعالياته ستنطلق غدا، وتستمر تلك الفعاليات ابتداء من الساعة الخامسة عصرا إلى الساعة العاشرة من مساء كل يوم، وذلك في المباني الأثرية بمنطقة جدة التاريخية، والتي تم الانتهاء أخيرا من ترميمها، من خلال مشروع رائد لإبراز التراث العمراني المحلي.

وأضاف مدير إدارة تطوير العمران بجدة التاريخية أن «المعرض يتضمن 9 أنشطة، من بينها معرض للصور الفوتوغرافية، وآخر للرسوم، ومعرض إضافي للأسر المنتجة والتحف والآثار، إضافة إلى برامج تفاعلية، مثل صناعة الرواشين».

وحول أهما ما يميز معرض التراث العمراني في جدة عن غيره، قال الدكتور عدس: «إن أهم ما يميز هذا المعرض أنه يقام في مبان تراثية أعيد ترميمها وفق أحدث أنظمة الترميم المتبعة في المناطق التاريخية على مستوى العالم، لتأكيد أهمية دور هذه المباني، وأنه يمكن استخدامها والاستفادة منها متى ما تم ترميمها بشكل صحيح».

ولفت إلى أن المباني التاريخية تعد أهم الموارد الاقتصادية المغمورة، ويمكن الاستفادة منها كمورد اقتصادي مهم، موضحا أن المنطقة التاريخية في جدة تضم نحو 400 مبنى تاريخي يمكن إعادة ترميمها والاستفادة منها في العديد من الأنشطة.

وتضم المباني المرممة بيت أبو دحيلس التاريخي «البسيوني»، ووقف الفلاح، وبيت أبو صفية و«الحوش» الرابط بين الوقف والحوش، وانتهت أعمال ترميم تلك المباني بعد أن استمرت قرابة عامين، بتكلفة وصلت إلى 9 ملايين ريال.

وأكد مدير إدارة تطوير التراث العمراني أن مشروع ترميم بيت أبو دحيلس يعد أكبر مشاريع ترميم وتأهيل المباني التاريخية، كاشفا أنه سيتم إعادة استخدام المبنى كمقر لبلدية جدة التاريخية، وسيستخدم جزء منه لكلية الأمير سلطان للسياحة، وكمكتب للهيئة العامة للسياحة والآثار.

وشدد الدكتور عدس في التأكيد على أن المبنى رمم وفق أفضل المواصفات وأساليب الترميم، مؤكدا أن أعمال ترميمه نفذت باستخدام الأحجار القديمة والمواد التقليدية نفسه المستخدمة في البناء الأصلي، مع تقويته بما يحافظ على مظهره التاريخي، بتنفيذ أعمال حقن الأساسات باستخدام مادة كيماوية قوية تنفذ في الفراغات الموجودة بين الجدران لتدعيم تماسك المبنى.

وأشار إلى الانتهاء من إعداد الدليل الفني لترميم المباني التاريخية، وتجري طباعته تمهيدا لتوفيره مجانا لجميع المهتمين من مهندسين وعلماء آثار ومشاركين وطلبة جامعات بثلاث لغات هي العربية، والإنجليزية، والفرنسية، كما أن لهذا الدليل الآن صفحة على موقع أمانة جدة الإلكتروني.

ولفت الدكتور عدس إلى أن مشروع ترميم مجمع البسيوني يعد باكورة أعمال الترميم الاحترافي والمهني بأفضل المواصفات، مشيرا إلى أن بعض الفراغات الخارجية في المجمع ستستخدم كقاعتين للاجتماعات للمناسبات، إحداهما للاجتماعات تتسع لنحو 20 شخصا، وسيتم تزويدها بأجهزة عرض مرئي، فيما ستستخدم الأخرى كقاعة مناسبات تستوعب نحو 50 شخصا، وتزيد مساحتها على 200 متر مربع.

وأكد مدير إدارة تطوير العمران بجدة التاريخية أن أعمال تأهيل المباني الموجودة بالمجمع نفذت بحساسية شديدة، وبحرص كبير، وخصوصا خلال إدخال نظم جديدة إلى المبنى، كالتكييف، والإضاءة، والعزل، من دون إلحاق أي ضرر به. وأضاف: «واكب ترميم المباني تطبيق شامل للطرق الفنية الموضوعة في دليل الترميم، إضافة إلى تدريب عملي للمهندسين والعمال على طرق وأساليب الترميم في المباني التاريخية، كحقن الحوائط والأساسات بمادة تتكون من النورة البلدي والأسمنت الأبيض وبعض الإضافات الكيمائية لتعزيز متانة المبنى، وجعله أكثر قدرة على الاستمرار لـ200 عام قادمة في حال خضوعه للصيانة اللازمة، إضافة إلى ربط الأركان وربط الأسقف بالحوائط بطرق فنية بسيطة وغير مكلفة».

ونوه بأن هذه التجربة ستستخدم كمثال حي في إعداد خطط ترميم المباني الخاصة، بطريقة تضمن أن تكون تكلفة الترميم عقلانية، وذات جودة عالية، مشيرا إلى أن إدارة تأهيل العمران ستقدم النصائح والإرشادات المطلوبة لجميع أهالي المنطقة التاريخية الراغبين في صيانة وتأهيل منازلهم، خلال مراحل التشغيل، وإعداد خطط الترميم، والإشراف.

وشدد الدكتور عدس على أن الحفاظ على جدة التاريخية وإعادة إحيائها ليس هدفه فقط الحفاظ على التراث العمراني، بل التأكيد على الهوية والأصالة، وأن تسجل هذه المنطقة حضورها على المسرح العالمي، مضيفا: «إن كل دول العالم تحتفي بتراثها العمراني وتجعل منه المقصد السياحي الأول، لأهمية وجود الرابط المكاني بين الإنسان وماضيه الذي يحن إليه، وهو ما يجعل للمباني التاريخية والتراثية أهمية كبرى».

وبالعودة إلى معرض التراث العمراني في جدة، أفاد الدكتور عدس بأن المعرض يهدف إلى إبراز هذا الدور المهم للتراث العمراني التاريخي، وأهمية جدة التاريخية، من خلال عرض هذا التراث على فئات كثيرة من الجمهور، وعبر المحاضرات التي تبرز مكونات التراث العمراني، إلى جانب ما يعرض في المعرض من حرف يدوية ومأكولات شعبية. مؤكدا أن الدعوة لحضور المعرض عامة للجميع.

وأشار مدير إدارة التراث العمراني إلى أن المعرض الذي تستمر فعالياته لخمسة أيام، ويحتضنه بيت أبو صفية، وبيت البسيوني، يضم أجنحة للفنون المرئية الفوتوغرافية والتشكيلية، والحرف والصناعات اليدوية للتراث العمراني، والبناء والزخرفة بالأساليب والطرق التراثية، والأسر المنتجة، والقطع التراثية والأثرية، وساحة عروض للفنون الشعبية، وجناح عروض الأزياء التراثي، وجناح مقتنيات التراث العمراني.