الشؤون الإسلامية تفتح باب التوبة لأئمة وخطباء مفصولين

وضعت آلية للتعامل مع الأمور المخالفة للأنظمة عبر فروعها ومراقبيها ولجانها

TT

وضعت وزارة الشؤون الإسلامية نهجا جديدا في التعاطي مع أئمة وخطباء ومؤذنين كانت طوت قيدهم، وفتحت «باب التوبة والتصحيح والاعتراض» أمام عدد منهم.

وأوضحت وزارة الشؤون الإسلامية على لسان وكيلها الدكتور توفيق السديري في حديثه مع «الشرق الأوسط» أن وزارته اتخذت منذ وقت مبكر آلية في التعاطي مع الأئمة والخطباء الذين بدرت منهم أمور مخالفة للأنظمة، وذلك عبر فروعها ومراقبيها ولجانها.

وعن تلك الآلية قال السديري إنها «تركز وبحسب النظام على التدرج في فرض العقوبة والجزاءات بحق الأئمة والمؤذنين، بداية بتقديم الإنذار، ثم باللوم، لتصل حد الحسم من المكافئة، وتنتهي بالفصل»، مشددا على أن العقوبة لا تتخذ سوى عقب الانتهاء من إجراء تحقيق خطي مع الإمام أو الخطيب.

وأكد السديري أن من يتم إيقافهم من الأئمة والخطباء في المساجد السعودية لا يعودن كونهم بعض عشرات من الأئمة والخطباء، إثر تسجيل مخالفات أو أخطاء شرعية أو قصور العلم الديني، أو النواحي الإدارية، بما في ذلك تكرر وقوع الإشكاليات مع جماعات المسجد.

وكانت وزارة الشؤون الإسلامية قد انتبهت عقب أحداث 11 سبتمبر (أيلول) وحرب العراق، إلى خطورة الخطاب الحماسي والتحريضي لعدد من أئمة وخطباء المساجد السعودية، ودقت أجراس الخطر جراء الحالة الفكرية الصعبة، التي على أثرها اتخذت قرارا بضرورة غربلة الخطاب الديني.

وفي نفس الوقت طالب وزير الشؤون الإسلامية الدكتور صالح آل الشيخ بضرورة تهذيب وإصلاح الخطاب الديني، مؤكدا أنها الرسالة الأبرز لوزارته.

ومنذ ذلك الحين بدأت الوزارة بإخضاع الأئمة والخطباء لمعايير صارمة في سبيل مواكبة العصر وتبني السياسة العقلانية وعدم التهييج وتسييس المساجد، بعد أن حول بعض الخطباء والأئمة منابرهم إلى بيان سياسي للشجب والتأييد، وهو ما دعا الوزارة إلى إنشاء لجان مراقبة طافت المناطق كافة، واتخذت إجراءات مباشرة وصارمة.

وبحسب الدكتور توفيق السديري، فإن خدمة الإمام أو الخطيب تنتهي في حال عدم مباشرة العمل خلال 15 يوما من قرار التعيين، أو الغياب دون عذر للمدة ذاتها، أو في حال افتقاد أحد شروط التعيين، والعجز عن مباشرة العمل نتيجة مرض يزيد عن 15 شهرا، وأخيرا الحكم عليه بالسجن لمدة تزيد عن 6 أشهر.

أما طي قيد الأئمة والخطباء كما قال السديري «بيد اللجان الشرعية الخاصة ببرنامج العناية بالمساجد، التي اعتبرها السديري لجانا ميدانية تعكف على القيام بجولات وزيارات تفتيشية مفاجئة، والتي إن رأت عدم صلاح الإمام والخطيب تقوم بطي قيده بعد رفع تقريرها إلى الوزير، الذي يحيل القضية إلى اللجنة المركزية لاعتماد القرار النهائي».

وقال السديري إن آلية إعادة منسوب المسجد للخدمة، لا تتم سوى عقب مرور عام من تاريخ طي القيد على الأقل، التي لا تكون إلا في حالة عدم صرف نهاية الخدمة له، مشيرا إلى أن الإعادة لا تكون إلا بتعيين جديد ومسوغات جديدة بالإضافة إلى توفر الوظيفة، كما أن يكون لديه الاستعداد لتلافي الملاحظة المسجلة بحقه سابقا.

أما بشأن من تم إيقافه وطي قيده عبر اللجان الشرعية، فذلك لا يتم سوى عقب عرضه على اللجنة بعد مضي عام كامل من تاريخ طي قيده، طبقا للسديري.

ونفى من جهة أخرى الدكتور توفيق السديري اعتماد وزارته سياسة نقل الأئمة والخطباء من مسجد لآخر، مؤكدا أن استقرار الأئمة والخطباء في مساجدهم مطلب رئيسي للوزارة، ما لم يكن هناك مطلب شرعي أو مسوغ نظامي لنقله أو طي قيده.

وتبرز أهمية مراقبة نشاط منسوبي الأئمة والخطباء والمؤذنين مع كثرة عدد المساجد الموجودة في أنحاء المدن السعودية، التي يتجاوز عددها 72 ألف مسجد، منها 13 ألفا تقام فيها صلاة الجمعة، يصل مجموع منسوبيها قرابة 100 ألف ما بين مؤذن وإمام وخطيب، الأمر الذي جعل المهتمين بشؤون المساجد يطالبون بمعالجة أي قصور في الخطاب الوعظي، وأن تكون بدايته من المسجد بوصفه البيئة المنتجة لهذا الخطاب، فمن خلال المناشط والفعاليات التي تقام في المساجد بالسعودية وفي مقدمتها «خطبة الجمعة» والمحاضرات العلمية والكتيبات الوعظية والملصقات الإرشادية، طالب المهتمون بالاستفادة من الفرصة السانحة، كي تستطيع وزارة الشؤون الإسلامية أن تختصر الزمن وأن تحدث التطوير المطلوب في الخطاب الوعظي، وتعالج الفكر التقليدي بحقنه بالتحديث.