الألعاب الإلكترونية الحركية.. من وسيلة ترفيهية إلى طريقة علاجية للمعاقين

تمثل جانبا من «العلاج الوظيفي» وتعلمهم كيفية الاعتماد على النفس

الألعاب الإلكترونية تسهم في تعليم الأطفال المعاقين التوازن والحركة السليمة («الشرق الأوسط»)
TT

تحولت الألعاب الإلكترونية الحركية التي تملأ مدن الملاهي من وسيلة ترفيهية للأطفال الأسوياء إلى طريقة علاجية لأصحاب الإعاقات، كونها تساعد في تحريكهم لأطرافهم بأسلوب ممتع يتفاعلون معه من دون شعور بالملل أو التعب.

تلك الألعاب التي تساعد في تقوية العضلات وتجديد النشاط لدى الأطفال تعد جزءا من العلاج الوظيفي المكمّل للعلاج الطبيعي الذي يخضع له أصحاب الإعاقات بمختلف أنواعها في جمعية الأطفال المعاقين، وقد لاقت استحسانا كبيرا من قبل هذه الفئة باعتبارها نوعا من أنواع العلاج بالترفيه.

وأكدت لـ«الشرق الأوسط» تهاني نعمان، اختصاصية العلاج الطبيعي في جمعية الأطفال المعاقين بجدة، على فاعلية الألعاب الإلكترونية الحركية في علاج الأطفال المعاقين، كون معظمها يعلمهم التوازن والحركة السليمة.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «من خلال مثل تلك الألعاب يتعلم الأطفال المشي وصعود السلالم والتوازن في الحركة، لا سيما أنها تستخدم في أكثر من وضعية».

وأفادت بوجود ألعاب إلكترونية يقوم الأطفال بتقليد الحركات الموجودة بها من جلوس أو وقوف أو تحريك للأطراف، مبينة أن هذه الألعاب شبيهة بالموجودة في المراكز والمجمعات التجارية ومدن الملاهي.

وتتعدد طرق اللعب في تلك الألعاب بحسب نوعها، حيث إن بعضها مكون من قطعة شبيهة بالسجاد ومتصلة بشاشة تحوي شخصيات ثلاثية الأبعاد، لا تتحرك إلا إذا وقف الطفل على السجادة وبدأ في تحريك أطرافه، ليلاحظ حينها أن الشخص الموجود في الشاشة يقوم بالحركة نفسها الصادرة منه.

فيما تتمثل ألعاب أخرى في الوقوف على لوحة مكونة من خانة دائرية تعد نقطة البداية، وتحيط بها أربع دوائر تحتوي على أسهم ملونة، ليبدأ اللاعب في وضع قدمه عليها بحسب ألوان الأسهم الظاهرة على الشاشة أمامه، والتي تعد توجيهات إلكترونية تعلمه طريقة خطوات معينة، شريطة أن يحافظ على عدم خروج قدمه من حدود أي خانة يدوسها، إلى جانب تحريك يديه تلقائيا أثناء اللعبة.

وكان مختص في مجال الألعاب الإلكترونية قد صرح في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» بأن هذه الألعاب من شأنها أن تسهم في استغلال الطفل لطاقته بالشكل السليم، لا سيما أنها تعمل على تقوية عضلاته وأعصابه كونها تعتمد على الحركة.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الألعاب الحركية تساعد الأطفال على تفريغ شحناتهم وطاقاتهم، مما يجعلهم يسعون إلى كسر روتينهم المعتاد.

وأضاف أن ثمة ألعابا حركية أخرى مختلفة من ضمنها لعبة القفز القائمة على أساس المنافسة بين لاعبين لتسجيل أكبر عدد من القفزات في زمن قياسي وسط أنواع مختلفة من الموسيقى، مؤكدا أن هذه اللعبة تعود الطفل على سرعة الحركة والمرونة في أوقات قصيرة.

وذكر أن هناك لعبة أخرى مشابهة، وهي عبارة عن مساحة مستطيلة إلكترونية تحتوي على أشكال حيوانات مختلفة يحاول الأطفال قتل أكبر عدد ممكن منها بأرجلهم، إذ تساعد على تحريك الأقدام وتقوية عضلاتها، لا سيما أن سرعة خروج الحيوانات تزداد تدريجيا، مما يجبر الطفل على زيادة سرعة حركته.

من جهته، أوضح لـ«الشرق الأوسط» خالد الشهري، مدير قسم العلاج الوظيفي في جمعية الأطفال المعاقين، أن أكثر الناس لا يملكون معلومات حول برامج العلاج الوظيفي، لا سيما أن معلوماتهم مقتصرة على العلاج الطبيعي فقط ومساعدته في معالجة الإعاقات.

وقال «يعمل العلاج الوظيفي على تنمية الاهتمامات الحسية وتعليم المعاقين كيفية الاعتماد على النفس أثناء حياتهم اليومية والمهارات المختلفة مثل الكتابة وغيرها»، لافتا إلى أن العلاج الوظيفي يسهم في تهيئة المعاق للتكيف مع البيئة المحيطة به.

وأشار الشهري إلى ضرورة توعية الأهالي بذلك النوع من العلاج في ظل وجود برامج منزلية ينبغي الالتزام بها، خاصة أنها تعد أكثر أهمية من جلسات العلاج نفسها التي تقتصر على ساعة إلى ساعتين أسبوعيا، غير أن المتابعة المستمرة في المنزل من شأنها أن تسهل العلاج ضمن خطوات معينة لتحسين الطفل المعاق.

وأضاف «يعتمد العلاج الوظيفي على إيصال المعاق إلى أعلى مرحلة للاعتماد على النفس، إلى جانب تكييف كل فرد بحسب إعاقته ووضعه للتعايش مع ذلك في المجتمع».

وذكر أن المعاقين عادة ما يفتقدون الإحساس الإدراكي، الذي يعمل برنامج العلاج الوظيفي على تنميته خاصة لدى أصحاب الشلل الدماغي باعتباره يحسن قدراتهم ويساعدهم في الإحساس بالأشياء من حوله، الأمر الذي يؤثر إيجابيا على عضلاتهم وبالتالي يحسن من إعاقتهم تدريجيا.

يشار إلى أن مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز لرعاية الأطفال المعاقين نظم الثلاثاء الماضي بمقره خمس فعاليات متنوعة أقيمت في يوم العلاج الوظيفي، تضمنت الألعاب الإلكترونية والمهارات اليومية والكثير من الأنشطة لتنمية الاستجابات الحسية ومهارات التركيز البصري الحسي، إلى جانب عروض لأدوات ومعدات مساعدة للأنشطة اليومية.

واستهدف ذلك النشاط أطفال المركز، إضافة إلى مراكز أخرى للمعاقين، في ظل تركيز فعاليات يوم العلاج الوظيفي على تحفيز الأطفال وتشجيعهم للاعتماد على أنفسهم من ناحية القيام بمتطلباتهم واحتياجاتهم اليومية من دون مساعدة من ذويهم.