مكة المكرمة: الغرفة التجارية تحذر من شركات ومواقع وهمية تمنح شهادات «الأيزو»

أكدت تطبيق معايير الجودة الصناعية مع بداية الشهر المقبل

TT

كشفت الغرفة التجارية الصناعية بالعاصمة المقدسة عن تطبيقها لمعايير الجودة في الشركات والمؤسسات الصناعية مع بداية يوليو (تموز) القادم، وهو إجراء لا يتعارض مع قدسية مكة وتوثبها نحو الوصول إلى العالم الأول، محذرة في السياق ذاته من اقتحام شركات صينية تطبق معايير عالمية في الجودة من شأنها أن تسحب البساط من تحت أقدام شركات محلية غيبت عن منهجها البعد الاستراتيجي لمشاريع «بعيدة المدى».

وحذر اقتصاديون في ندوة «إدارة الجودة بين النظرية والتطبيق في القطاع الصناعي» في غرفة مكة من شركات إلكترونية مزورة تعطي «الأيزو» العالمية وهي تفتقر للمنهاج العالمي التطبيقي للجودة.

ولمح الدكتور هاني العمري أستاذ إدارة الأعمال المشارك في جامعة الملك عبد العزيز أن 60 في المائة من الشركات المحلية يغيب عنها دراسة استهداف المستهلك، فيما تجهل 75 في المائة منها الإجابة عن سؤال أهمية الجودة، وتلجأ في الوقت نفسه إلى امتلاك شهادات الأيزو العالمية من باب سد الذرائع وإسكات جهات عالمية مطالبة.

وأشار العمري إلى أن هناك شركات محلية حصلت على شهادات الأيزو من مواقع إلكترونية مشبوهة ومتهمة بالتزوير، حيث تعاملت تلك الشركات مع الأيزو على أنها رخصة لتسهيل المهام، وليست كثقافة لتحسين الأداء، وأنها تفاجأ بمطالبات أعضاء شركات تطبيق معايير الجودة، بعد حصولها على شهادات الأيزو، وهي بصنيعتها تتلاعب على نفسها، وليس على المستهلك.

وأضاف الدكتور العمري أثناء ندوة إدارة الجودة بين النظرية والتطبيق في القطاع الصناعي تحت شعار «صنع في مكة المكرمة» التي نظمتها غرفة مكة للتجارة والصناعة مساء أول من أمس أن السعودية بعد أكثر من 20 عاما من تطبيق معايير الجودة على المصانع والشركات ما زالت تعاني نقصا كبيرا في تطبيق المعايير العالمية والدولية للجودة، مضيفا أن الجودة وجدت كفكر، وطبقت كمنهجية، ومن ثم تطورت كاستراتيجية.

وأبان الدكتور العمري أن الشركات في السعودية تغيرت عن ثلاثين عاما مضت، والمستهلكين كذلك، مشيرا إلى أن جيلا جديدا قادما يحتاج إلى متطلبات مغايرة تماما لما نحن عليه الآن، وهو ما يتطلب فرض استراتيجية تعنى بالعميل، وثقافته النمطية في التفكير وتعامله مع المنتج.

وقال إن الخلل يكمن في التعامل مع منهجية الجودة وقصور التفكير والاعتماد على النسق الكلاسيكي في طرق البيع والشراء، بعيدا عن مفهوم التطور الاقتصادي الصناعي. وفي الوقت الذي تصب فيه شركات عالمية جل اهتمامها على العميل، تركز شركات محلية جهودها على خطط قصيرة المدى، مبيننا أن من أهم أسباب ضعف الشركات المصنعة غياب النزعة التسويقية، ومدير الإنتاج يقوم بإنتاج البضاعة كيفما اتفق، وتباعد ثقافة المنتج عن استهلاك العميل.

وأكد الدكتور العمري أن الاهتمام بالعميل يحتل الدرجة التاسعة عشرة في الهيكل التنظيمي للمؤسسات والشركات المحلية، بينما يتصدر العميل الدرجة الأولى من اهتمامات الشركات العالمية، والصينية على وجه الخصوص.

وأضاف «لا يوجد ابتكار في صناعة القرارات الاستراتيجية في ظل غياب النظرة بعيدة المدى حول جودة المنتج وأهميته وأن من أهم الأسباب في هذا التدني هو الاستعجال في إصدار دراسات الجدوى والجودة».

وكشف عن وجود هجمة من الشركات الصينية، المقتحمة للسوق السعودية، والتي ستغير من ملامح الأنظمة الاقتصادية في السوق المحلية، بسبب دراساتها المستفيضة لاحتياجات الشارع السعودي، على وجه الخصوص والعربي بشكل عام، بحكم أنها تنتهج نظرية رفع الأداء الصناعي، وبتكلفة أقل، وينبغي سن نظرية المقارنة مع تلك الشركات التي أثبتت علو كعبها في الاقتصاد العالمي.

وأوضح الدكتور العمري أن التخطيط يعتمد على شي مهم جدا هو تحقيق الأهداف، وأن بعض أنواع الخوف مطلوبة جدا، خاصة إذا حملت عنصر التنبؤ ودفعت نحو التطوير، وينبغي عدم الخوف من التغيير، وأن من أهم أهداف الهيكل التنظيمي هو تحديد المسؤوليات، وينبغي لكل عناصر هذا الهيكل أن تعمل بشكل تواؤمي ومنظم يحفز عمل روح الفريق الواحد، وأن من أهم ما يعوق عمل الهيكل التنظيمي هو وجود عناصر به غير فاعلة، وتفسير بعض الإجراءات الإدارية لتكون معوقا في العمل المؤسسي.

من جانبه، كشف طلال مرزا رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة عن نية الغرفة تطبيق معايير الجودة على جميع الشركات والمؤسسات الصناعية التي تنطوي تحت مظلتها، وهو ما من شأنه تطوير أداء الغرفة تطويرا شاملا من حيث التنسيق والإنتاج وفق عمل ممنهج ومدروس، حسب دراسات مستفيضة، ونحن على بوادر الخطوات الأولى من تنفيذ معايير الجودة، خاصة فيما يتعلق بالأداء، وقد بدأنا فعليا في تطبيق «الآي تي»، وأن العمل ضمن هيكلة التطوير سيبدأ مع الشهر القادم.

وأشار إلى أن تطبيق معايير الجودة على الشركات المصنعة لا يتضاد مطلقا مع قدسية المكان، وجغرافيته، حيث إن الدين الإسلامي يتسق فعليا وضمنيا مع معايير الجودة وإتقان المنتج من الألف إلى الياء، ومسألة توجيهات أمير منطقة مكة المكرمة للتوثب نحو العالم الأول تضع على عاتق كل الشرائح المجتمعية مسؤولية فعالة ومباشرة، في تقنين معايير النجاح المجسرة لمصاف الدول الصناعية المتقدمة.