جدة: مطالبات بضرورة تبني مشاريع خدمية لذوي الإعاقات البصرية

بلغ عددهم 500 ألف شخص على مستوى السعودية

توفير نحو 15 ألف جهاز «معلم برايل» لأصحاب الإعاقات كمرحلة أولى ضمن حملة محو أمية الكفيف («الشرق الأوسط»)
TT

طالبت مجموعة من رجال الأعمال والمهتمين بأصحاب الإعاقات البصرية أول من أمس خلال تدشين حملة إبصار لدعم تعليم وتأهيل 15 ألف معاق بصريا في السعودية التي أطلقتها جمعية إبصار الخيرية، بضرورة تبني الشركات والمنشآت الكبرى لمشاريع خدمة تستهدف أصحاب الإعاقات البصرية في ظل بلوغ عددهم حتى الآن ما يقارب الـ500 ألف شخص في السعودية.

وجاءت تلك الحملة التي يرعاها الأمير طلال بن عبد العزيز كبداية لمحو أمية المكفوفين في السعودية ممن لم يتلقوا تعليمهم، إلى جانب التشديد على ضرورة تهيئة البيئة المناسبة لهم وتفعيل آليات توظيفهم في القطاعات الخاصة.

مساعد السحيمي أحد رجال الأعمال والمهتمين بأصحاب الإعاقات البصرية أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الجمعيات الخيرية الموجودة لتلك الفئة تعد غير كافية في ظل الحاجة إلى دمج تلك الجمعيات ومساعدة كل مهتم بالعمل الخيري.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نحن بحاجة إلى تغطية احتياجات جميع مدن السعودية بما فيها القرى والهجر النائية، حيث من الضروري الالتفات إلى أصحاب الإعاقات في هذه المناطق، لا سيما أن معظم الخدمات غائبة عنهم».

وطالب بضرورة إنشاء فروع للجمعيات الخيرية في تلك المناطق أو ترتيب جدول معين لزيارتها بهدف حصر احتياجات المعاقين بها ومساعدتهم في قراهم ومحافظاتهم النائية.

وانتقد السحيمي عدم تهيئة المنشآت الخاصة والمرافق العامة بيئة صالحة لذوي الإعاقات البصرية في ظل غياب ذلك عن المجمعات التجارية والأسواق الكبرى، مشيرا إلى وجود بعض المصاعد التي قد تكون أرقامها مكتوبة بلغة «برايل».

وأضاف «لم تستغل المنشآت والشركات الخاصة المكفوفين بشكل جيد في التوظيف، لا سيما أنها حصرت أدوارهم على شغل وظائف مشغلي سنترال والرد على المكالمات، غير أن هذه الفئة تملك إبداعا من شأنه أن يبرز إذا ما تمت تهيئة مجالات أخرى لهم».

وشدد على ضرورة تقديم الشركات الكبرى خدمات تفيد المجتمع وعدم الاكتفاء بالتبرعات المالية فقط، إلى جانب أهمية تبني مشروع يدعم أصحاب الإعاقات بشكل عام.

واستطرد في القول «تعتبر البنوك أولى من رجال الأعمال والشركات الأخرى من ناحية تقديم خدمات للمجتمع، لكونها تستفيد من أموال طائلة عن طريق المودعين الذين بدورهم لا يستفيدون شيئا من تشغيل أموالهم»، مبينا أن تلك البنوك تكسب المليارات دون أن تقدم عملا خيريا سواء كبنية تحتية أو خدمة للمجتمع.

وشهد حفل تدشين حملة إبصار لدعم تعليم وتأهيل 15 ألف معاق بصريا في السعودية أول من أمس الإعلان عن جهاز «معلم برايل» اليدوي، الذي يتيح لأصحاب الإعاقات البصرية تعلم القراءة والكتابة.

وفي هذا الصدد، كشف لـ«الشرق الأوسط» اللواء الدكتور محمد الجهني رئيس مجلس إدارة شركة «إم إم جي» عن بلوغ إجمالي عدد أصحاب الإعاقات البصرية في السعودية نحو 500 ألف شخص، لكنه استدرك قائلا «من خلال الأجهزة الموجودة يستطيع الكفيف الاندماج في المجتمع والتغلب على إعاقته ما لم يكن من ذوي الإعاقات المزدوجة».

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «سيتم توفير نحو 15 ألف جهاز (معلم برايل) لأصحاب الإعاقات البصرية في السعودية كمرحلة أولى ضمن حملة محو أمية الكفيف، غير أننا نعمل على توزيع ذلك الجهاز لكافة المكفوفين»، لافتا إلى أن تلك الخطوة تختص بمن لم يتلقوا تعليمهم.

وأشار إلى أن جهاز «معلم برايل» اليدوي يعد سهل الاستخدام ويتيح المجال للمكفوفين من أجل تعلم القراءة والكتابة بـ18 لغة مختلفة، بالإضافة إلى كونه يسهل تعلم لغة «برايل» خلال 3 أيام، حسب قوله.

وأضاف: «وفرت مجموعة (إم إم جي) الموزع الحصري والمسوقة للجهاز ما يقارب 3 آلاف جهاز (معلم برايل) كهدية مجانية لبعض الدول من ضمنها موريتانيا واليمن وفلسطين، وذلك بتكلفة نصف مليون ريال».

وفيما يتعلق بتوظيف أصحاب الإعاقات البصرية، أفاد الدكتور محمد الجهني بأن الكفيف يلقى صعوبة ومشكلات نتيجة عدم اقتناع بعض رجال الأعمال به، على الرغم من أنه قادر على استخدام حواسه الأخرى بشكل جيد، موضحا أن إدخال وسيلة التعليم الهندسية من شأنه أن يسهم في تخريج مصممين ومهندسين من المكفوفين، لكون هذه الوسيلة لم تكن موجودة لدى تعليم تلك الفئة من قبل.

واستطرد في القول «من الضروري أن تشكّل المسؤولية الاجتماعية دورا هاما لدى المؤسسات والشركات، خاصة أن هناك رجال أعمال يشاركون بشكل كبير في دعم هذه الفئة، غير أن ثمة قصورا في الوصول إليهم وإقناعهم بمدى أهمية دعمهم».

وبالعودة إلى مساعد السحيمي الذي أوضح أن المكفوفين بحاجة إلى تفهم نوعية إعاقتهم من قبل المجتمع، وكسر الحاجز النفسي بينهم وبين الأسوياء من أقرانهم، بالإضافة إلى احتياجهم إلى نوع معين في التعامل.

وزاد: «ينبغي على الجمعيات الخيرية والجهات المعنية النظر إلى الأسر ذات الدخل المحدود ممن لا تستطيع توفير مستلزمات أبنائها المعاقين بصريا، إضافة إلى أهمية دعم رجال الأعمال للجمعيات الخيرية في هذا المجال».

من جهته أعلن الدكتور أحمد محمد علي رئيس مجلس إدارة جمعية إبصار الخيرية، عن إطلاق خطة عمل بدأت منذ العام الماضي، وذلك باتخاذ عدد من الإجراءات لتنويع الأنشطة التدريبية والتوعوية للمعاقين بصريا، من خلال العمل مع المستشفيات والمتخصصين الأكاديميين في مجالات مختلفة.

وقال خلال كلمة ألقاها في الحفل: «أدت تلك الخطة إلى زيادة إيرادات الجمعية بنسبة 12 في المائة عن المتوقع، وتنويع المساعدات الإنسانية للمستفيدين والمستفيدات بنسبة 14 في المائة عن عام 2008، وذلك بمبلغ 248 ألفا و337 ريالا، إلى جانب تنويع الأنشطة التوعوية وتكثيف دورها في العمل على محو أمية المعاقين بصريا وتوفير الأجهزة المساندة لهم».

فيما توقع المهندس عبد العزيز حنفي عضو مجلس إدارة جمعية إبصار الخيرية وأمين الصندوق أن تبلغ الموازنة التقديرية للجمعية خلال العام الحالي 6 ملايين و850 ألفا و409 ريالات، وذلك بزيادة تصل إلى 22 في المائة مقارنة بالعام الماضي.

وأرجع سبب ذلك الفارق إلى رفع بند المساعدات الممنوحة للمستفيدين بنسبة 38 في المائة، إضافة إلى زيادة بند مصروفات الأنشطة التوعوية بنسبة 17 في المائة التي من أهمها حملة إبصار لدعم تعليم وتأهيل المعوقين بصريا في السعودية.

وأضاف: «تهدف الحملة أيضا إلى توعية أسر أصحاب الإعاقات البصرية من خلال تنفيذ حملة تبرعات لشراء 1500 برنامج قارئ شاشة و15 ألف وسيلة تعليمية بطريقة برايل و3 آلاف عصا حركة وتنقل وتوزيعها مجانا».

وأبان أنه تم إطلاق برنامج إبصار واللايت هاوس للتعليم الإلكتروني عن بعد عبر شبكة الإنترنت، الذي يهدف إلى تأهيل مختصين من المعوقين بصريا للعمل في مجال إعادة تأهيل المعاقين بصريا بتكلفة بلغت 100 ألف دولار أميركي، لافتا إلى أن ذلك البرنامج تم تمويله من قبل مجموعتي البنك الإسلامي للتنمية و«العليان».