سعودي يحارب إعاقة النساء والأطفال بتجربة تشيكية

نقل خبرات دولية في التأهيل من خلال الطاقم

الدعجاني محاطا بالفريق الطبي التشيكي الذي أشرف على علاجه
TT

كسب شاب سعودي التحدي مع الإعاقة، بعد أن جعل من فترة علاجه التي دامت لنحو عامين في دولة التشيك، نقطة تحول جديدة قادته لأن يفتتح مركزا للتأهيل والعلاج الطبيعي في السعودية بعد عودته، وبطاقم المتخصصين نفسه الذي قام بعلاجه في التشيك.

فبعد حادث مروري مروع تعرض له سلمان الدعجاني قبل 8 سنوات أصيب بشلل رباعي، أقعده جسديا، إلا أنه لم يقعده فكريا وروحيا ونفسيا، وقرر الدعجاني أن يرد الدين لكل أفراد الطاقم، وأن ينقل الطاقم الذي سهر على راحته بدولة التشيك إلى السعودية، ويفتتح مركزا للعلاج الطبيعي، ناقلا بخطوته هذه خبرات دولية في العلاج الطبيعي والتأهيل إلى السعودية، ليكون أول مركز تشيكي للتأهيل والعلاج الطبيعي في الشرق الأوسط.

وكان الدعجاني قد ذهب في رحلة علاجية منتصف عام 2001، إلى ألمانيا، وهناك أخبروه بأنه خلال 6 أسابيع سيستطيع أن يمارس حياته بشكل طبيعي، حينها أخبره طبيب من خارج المستشفى بأنه لا يمكن أن يمشي، وهذا هو الشخص الوحيد على حد قول «الدعجاني» الذي ساعده بقول الحقيقة.

هنا جلس سلمان وحيدا يفكر ماذا يعمل بعدما كان ضابطا ورياضيا، فما كان منه إلا أن واصل علاجه الطبيعي، حينها كان رأسه فقط هو الوحيد الذي يتحرك.

ولعل القدر وأحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) كانت تخبئ لسلمان تغيرات جعلت الشك يحوم حول مستقبله، مما جعله يغير الوجهة المقررة له من أميركا إلى التشيك.

وفعلا غير الدعجاني وجهته للعلاج في التشيك لمدة سنتين، وأشغل وقته بتعلم اللغة التشيكية وسكن هناك، وكانت مخاطرة أن يمكث وحده، هنا بدأت ملامح أمل بعد عناء وذلك بتحريك أطراف جسمه، وتعلم كيفية ممارسة احتياجاته اليومية، مرجعا الفضل في ذلك إلى إحدى الممرضات التي مكثت معه لمدة 5 سنوات، واعتنقت الدين الإسلامي، وأسلم على يديها عشرة تشيكيين.

ولأجل الحياة الصعبة التي عاشها الدعجاني، والأمل الذي حصل عليه من هذا الطاقم، قرر أن يرد الدين لكل أفراد الطاقم، وأن ينقل الطاقم الذي سهر على راحته بالتشيك، ومن هنا أتت فكرة افتتاح مركز متخصص يعنى بجانب التأهيل والعلاج الطبيعي، من خلال إنشاء أول مركز تشيكي للتأهيل والعلاج الطبيعي، هو الوحيد من نوعه في منطقة الشرق الأوسط لعلاج وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة.

الدعجاني قال إن الهدف لم يكن ربحيا من انطلاق المركز، حيث يرى أن العلاج بالداخل يوفر للمملكة الكثير من العملات التي يمكن أن تصرف في الخارج، إلى جانب إرهاق السفر والوحدة.

ولم يقارن سلمان أسعاره بالأسعار الموجودة بالتشيك، بل قرر وضع نصف السعر بالعلاج، كما وُضعت مقاعد مجانية باسم الأمير فهد بن عبد الله آل سعود، وهو الداعم له طوال حياته، وذلك بواقع 12 مريضا باسمه، في حين استقبل المركز 40 حالة خلال سنة تمت معالجتها مجانا.

وأوضح الدعجاني أن المركز بنى خلال 6 أشهر سمعة في دول الخليج وكل الدول العربية، مؤكدا أن هذا النجاح أتى من خلال عمل متقن متخصص.

وذكر سلمان أنه يحتفظ بعلبة حلوى فارغة تمثل له الشيء الكثير، حيث قدمت أم طفلة حلوى للعاملين، حيث كانت لا تستطيع الحركة، لكنها بعد شهرين استطاعت أن تجلس وتحرك أصابع يديها.

وعن الصعوبات التي واجهت الدعجاني قال «المركز يعمل فوق طاقته الاستيعابية، والاهتمام الأكبر هو المعالجة الصحيحة والجودة المتخصصة».

وأضاف أن مكتب العمل لا تتم معاملته بالشكل المطلوب في مسألة تأخر التأشيرات، على الرغم من وجود تأييد من وزارة الصحة، على اعتبار أن مدة التأشيرات سنة واحدة، إذ لا بد من توفير الآلية البديلة.

وكشف الدعجاني أن مركزه يطبق برنامجا هو الوحيد في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بتقرير أسبوعي عن الحالة وتقييمها، ومعرفة جوانب تطور الحالة.

وعن عدم افتتاح قسم للرجال، أبان أن أكثر من يجد عناء في السفر إلى دولة التشيك هم النساء والأطفال، لذا كان الاهتمام بجانب النساء والأطفال في البداية، مؤكدا أن القسم الرجالي سيكون جاهزا خلال العام المقبل.

وأوضح الدعجاني أن المركز التشيكي للعلاج الطبيعي والتأهيل لا يقتصر على التأهيل والعلاج، بل يقوم بالعلاج النفسي وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، مشيرا إلى أن 70 في المائة من العلاج يقوم على الجانب النفسي.

وكشف سلمان عن حلم جديد له ببناء مركز يستوعب 500 مريض، يكون مصمما خصيصا للمنافسة العالمية، إلى جانب افتتاح مركز جديد في جدة.

وقال الدعجاني إن لدى السعودية 170 ألف معاق، بالإضافة إلى 10 آلاف إصابة سنوية، وعدد الأسرة إن وجدت بالتأهيل لا تتجاوز 2000، مبينا أن كل هذه الأرقام تشير إلى وجود عجز كبير في مستشفيات البلاد.

وعن تأهيل الكوادر السعودية، كشف عن عدم جدية الطاقم النسائي، وأن المركز درب عددا كبيرا من الاختصاصيات، لكن لم يبق منهن سوى اختصاصية سعودية واحدة ضمن برنامج قام به المركز لاستقطاب الكوادر النسائية السعودية.

يذكر أن لدى التشيك 350 مركزا للتأهيل، رغم أن عدد سكانها يقدر بنحو 10 ملايين نسمة.