لصوص الآثار في السعودية يستعينون بـ«العرافين» سعيا وراء ثراء فاحش

هيئة السياحة تنظم معرضا للآثار المستعادة قبل نهاية العام

مواقع أثرية في حائل تعرضت للعبث من قبل أناس يبحثون عن الثراء («الشرق الأوسط»)
TT

أحصى مسؤول محلي في منطقة حائل، «شمال السعودية»، عمليات السرقة التي طالت مواقع تاريخية بالمنطقة، بقرابة 14 حالة سرقة منذ بداية هذا العام، قيد مُعظمها ضد مجهول، فيما لا يزال بعض منها محل تحقيق الجهات الأمنية بالمنطقة، للوصول لمرتكب السرقة، وتقديمه للعدالة لنيل جزائه.

لكن المسؤول السعودي الذي يعمل في جهاز التنمية السياحية في حائل، كشف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن لجوء بعض من سماهم بـ«العابثين» لسحرة وكهنة ودجالين خارج البلاد، ومن يدعون علمهم بمواقع كنوز تكتنزها بعض من المواقع التاريخية والأثرية التي تحويها المنطقة.

وأكد عبد الرحمن الرشيدي، نائب مدير قطاع الآثار في جهاز السياحة بحائل، سعي من سماهم بـ«ضعاف النفوس» وراء خيوط قد تقود للثراء السريع، يستندون إليها طبقا لتوجيهات يتم استقاؤها من كهنة في الخارج، وينتهي المطاف بنبش بعض من المواقع التاريخية والأثرية، وهو ما شهده أحد المواقع في حائل من عمليات نبش وحفر في أوقات سابقة.

وطالت عمليات الحفر والنبش بعضا من المواقع الأثرية في حائل، كموقعي «راط» و«المنجور» اللذين يبعدان عن حائل قرابة 240 باتجاه الجنوب، بعد أن طالتهما يد العبث العام الماضي، وتم كشف عمليات حفر وتنقيب، يقوم بها مجهولون استندوا في معلوماتهم الخاصة بالموقع إلى كهنة ودجالين خارج السعودية.

وتحوي منطقة حائل بدورها قرابة 100 موقع أثري، تعول عليها أجندة السياحة بالمنطقة أن تصبح ضمن محركات الدخل الوطني، التي ستعود على المنطقة بالفائدة بوجه الخصوص، وعلى الدولة بشكل عام.

وأصبح البحث عن الثراء السريع الفاحش ذريعة يستند إليها بعض ضعاف النفوس، الذين لم يجدوا وسيلة لتحقيق ذلك، عدا البحث والتنقيب ونبش القبور التي تحويها مواقع أثرية بالمنطقة.

ورُصدت في حائل مؤخرا كتب يتم ترويجها في الأسواق المحلية، يُدعى أنها تعمل على تفسير النقوش التاريخية التي تحويها تلك المواقع، بالإضافة إلى أجهزة يتم جلبها من الخارج، تعمل على كشف المعادن الجيوفيزيائية، يُزعم أنها تستطيع أن تكشف شيئا مما تخفيه المواقع التاريخية تلك، وبالتالي يتسنى بيعها ربما بملايين الريالات.

وبالعودة للرشيدي، استدل بواقعة شهدها موقع يُسمى «الجيب بالشويمس» خلال الفترة الماضية، عندما قام بعض من اللصوص باقتلاع لوحة فنية منحوتة، يبلغ ارتفاعها متر على أحد سفوح الجبال، يُروى أن عمرها يتجاوز 7 آلاف سنة.

وتعمل الهيئة العامة بالسياحة والآثار بأذرعها في جميع مناطق البلاد على تبني ربط المواقع التاريخية والآثار الخاصة بالمملكة بالهوية الوطنية، سعيا وراء المحافظة على تلك المواقع، التي من الممكن أن تعود على البلاد بالمنفعة، فيما لو تم استغلالها بالشكل الأمثل.

وكان موقع «طابه الأثري» في حائل آخر المواقع التاريخية بالمنطقة التي طالتها يد العبث، بعد أن اكتشفت الجهات الأمنية بالمنطقة عمليات سرقة تعرض لها الموقع، بعد اقتلاع أسوار تحيط بالموقع بهدف الدخول له، وبالتالي سرقة ما يتم إخراجه من قطع أثرية تاريخية تحت الأرض.

ومنطقة حائل ليست الوحيدة التي تم فيها اكتشاف عمليات سرقة للآثار، حيث عمد البعض في أكثر من منطقة من مناطق البلاد لطرق جديدة للحصول على الثراء السريع في السعودية في بحثهم وتنقيبهم للحصول على الكنوز الأثرية، منها قراءة كتب تفسر النقوش الأثرية، والاستعانة بأجهزة تصنع خارجيا متعددة جيوفزيائية وذات تصوير ثلاثي الأبعاد.

وقد أعلنت الهيئة العامة للسياحة والآثار في السعودية العام المنصرم عن رصد مجموعات تحترف السرقة المنظمة للآثار، في ورقة عمل قدمتها بهذا الخصوص، سبق أن استعانوا بمشعوذين لاستخراج كنوز وصفتها بـ«المزعومة» من باطن الأرض، كما استعانوا بأجهزة كشف المعادن والمعدات الثقيلة، مما ألحق ضررا كبيرا بالمواقع التي تعرضت لتلك التعديات.

ومن أبرز المواقع التي تعرضت للتعديات في السعودية بحسب ورقة هيئة السياحة والآثار في السعودية القلعة الإسلامية والمنطقة الملاصقة لمباني سكة الحديد، وكلا الموقعين في الحجر بالعلا، والقصور الأموية بالمندسة شمال المدينة المنورة، ومباني سكة حديد الحجاز، ومعبد روافة شمال غربي تبوك، وقلعة المعظم، والمقابر النبطية، وهذه الأخيرة تمت سرقة محتويات نحو 30 مقبرة فردية.

وتعرضت السعودية، قبل فترة، طبقا للورقة التي قدمتها الهيئة العامة للسياحة والآثار ضمن أعمال المؤتمر الـ19 للآثار والتراث الحضاري،، لسرقة كنز بحري من منطقة «الشعيبة»، حيث تم تهريبه خارج البلاد، وتمكنت الرياض من استعادته عن طريق الإنتربول والطرق الدبلوماسية، طبقا لأحد كبار المسؤولين في الهيئة السعودية.

وتجتذب مناطق شمال وغرب السعودية سارقي الآثار لاحتضانها مواقع أثرية كثيرة في البلاد ولحقب زمنية متفاوتة.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» مسؤول بالهيئة العامة للسياحة والآثار أن الهيئة بصدد إقامة معرض لعدد من المقتنيات الأثرية المستعادة، ورجح أن يكون قبل نهاية العام الحالي.