بين سندان الأمانة ومطرقة الكهرباء.. حي في حائل بلا أضواء

الجدل بين الأمانة والشركة يدفع ثمنه الأهالي.. ومخاوف من الانقطاعات الكهربائية تلقي بظلالها على بقية الأحياء

الأهالي في حي النفل بحائل يعيشون حياة بدائية بلا كهرباء («الشرق الأوسط»)
TT

بين سندان أمانة منطقة حائل شمال السعودية، ومطرقة شركة الكهرباء، يبقى قاطنو حي النفل، الرقم الخاسر في معادلة تتجاذبها الجهتان الحكوميتان حول إيصال الخدمة الكهربائية إلى الحي الذي يغرق في الظلام الدامس يوميا بعد مغيب الشمس. ولا يزال الخلاف قائما بين الأمانة وشركة الكهرباء حول الإفراغ للشركة ببناء محولات (محطات توزيع صغيرة) في عدة مواقع.

وحاولت «الشرق الأوسط» الوقوف على ردود فعل كل من أمانة حائل وشركة الكهرباء، حول استمرارية تعثر الطرفين في الوصول إلى اتفاق يضمن وصول الخدمة الكهربائية لحي النفل، لكن الجانبين لم يتجاوبا مع اتصالات الصحيفة.

لكن الوثائق الرسمية، والمخاطبات المتبادلة بين إدارة تنمية الاستثمارات بأمانة حائل، ومدير إدارة كهرباء حائل، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تشير إلى وجود خلاف واضح بين الجانبين، حول إفراغ أراض في ذلك المخطط، وذلك لبناء محولات توزيع ومحطات تحويل.

وطلب عبد العزيز الفايز مدير إدارة كهرباء حائل، في خطاب وجه إلى أمين منطقة حائل، بالإفادة حيال ما تم مسبقا من تحديد احتياجات الشركة السعودية للكهرباء من مواقع ومحطات توزيع أرضية ومحطات تحويل رئيسية، لمخططات المنح الأخيرة الواقعة في حي النفل.

وتضمن الخطاب الموجه لأمين حائل، وتمتلك «الشرق الأوسط» نسخة منه، طلب التعديل على تصميم إحدى المخططات السكنية لتلافي التعارض مع خط مياه محطة توليد الكهرباء والأبراج الكهربائية القائمة.

وعاد مدير إدارة كهرباء حائل، لمخاطبة أمين المنطقة، في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، بطلب إفراغ مواقع المحولات الكهربائية التي وافقت عليها أمانة حائل مسبقا لصالح الشركة السعودية للكهرباء، ليتمكن فرع الشركة في حائل، من رفع المخطط للجهات المختصة، لإدراجه ضمن الميزانيات المخصصة للإيصال.

لكن محمد اللحيدان مدير إدارة تنمية الاستثمارات بأمانة منطقة حائل، قال في خطاب (توجد نسخة منه لدى «الشرق الأوسط»)، إنه لا يوجد لدى الإدارة ما ينص على الإفراغ لشركة الكهرباء، مؤكدا أن الإمكانية القائمة هي تأجير تلك المواقع للشركة السعودية للكهرباء، مستندا على ما طرحه من توجيهات تقتضي الموافقة على عدم بيع الأراضي التي تم اختيارها داخل النطاق العمراني على الشركات، والاكتفاء بتأجيرها مع إبقاء ملكيتها للبلدية، واعتبار ذلك قاعدة عامة.

كما استندت أمانة حائل، في موقفها الرافض لإفراغ الأراضي، على المادة العاشرة من لائحة التصرف في العقارات البلدية، التي تقضي بأن تؤجر الأراضي لشركات الكهرباء بقيمة تقدرها لجنة التقدير. وبين تلك التجاذبات، يبقى سكان حي النفل، الخاسر الأكبر في هذه المعادلة، ومنم سالم فريح الشمري، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» مدى المعاناة التي يتعرض لها قاطنو الحي جراء تأخر وصول خدمات الكهرباء، نتيجة المشكلة القائمة بين أمانة حائل وشركة الكهرباء، حيث ما زال قاطنو حي النفل شمال حائل يعيشون حياة بدائية مستخدمين مولدات كهربائية، ويستمدون بعض طاقتهم من أشعة الشمس، بينما يستعير بعضهم الكهرباء من الأحياء المجاورة.

أمام ذلك أكد مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن شركة الكهرباء لا تزال تنتظر الإفراغ أو التنازل عن المواقع المحددة مسبقا، مع تأكيدها رفع ميزانية الشبكات الأرضية للحي خلال الميزانية القادمة للشركة.

وهنا عاد الشمري ليعكس الحالة التي يعيشها سكان النفل، حيث قال إن أكثر من 60 من سكان الحي ينتظرون وصول الكهرباء، وبعضهم قاموا بتسليم منازلهم السابقة، وانتقلوا لمساكنهم الجديدة في النفل ليصطدموا بعائق الكهرباء، ويضطر كثير منهم لاستئجار وحدات سكنية تصلها الكهرباء، بينما قام البعض بشراء مولدات كهربائية، وآخرون عمدوا، بالاتفاق مع بعض سكان الأحياء المتاخمة، إلى إيصال الكهرباء لمنازلهم من خلال التمديد بواسطة كابلات مكشوفة. وأضاف الشمري: «وبعد أن أثقلت الديون كاهلي واكتويت بنار الإيجارات لعدة عقود، ما هو ذنبي وذنب المواطنين الآخرين الذين استمرت مطالبهم لأكثر من 6 أشهر في خلاف الأمانة مع شركة الكهرباء».

وبعيدا عن حي النفل، ألقت الانقطاعات الكهربائية التي تعرضت لها منطقة حائل منذ دخول موسم الصيف، بظلالها على الكثير من الأحياء، وسط مخاوف من تكرار سيناريو صيف 2008، ورمضان 2009 الماضيين.

الانقطاعات المتكررة التي تتعرض لها أجزاء عدة بمنطقة حائل، أربكت السكان المحليين، خصوصا أن الانقطاعات جاءت تزامنا مع بداية فصل الصيف ودخول مربعانية «القيظ».

ويخشى الأهالي في منطقة حائل من استمرار هذه الانقطاعات في ظل الأجواء الحارة التي بدأت تضرب المنطقة بشكل كبير. وحفزت هذه الانقطاعات الأهالي على إكمال استعداداتهم لمواجهة أي انقطاعات محتملة للتيار الكهربائي؛ فقام البعض بشراء أجهزة الطاقة الشمسية ومولدات الكهرباء، وشراء القرب التي تصنع محليا من جلود الأغنام لحفظ الماء وتبريده.

ويتوقع أن ينعش انقطاع التيار الكهربائي أسواق الأجهزة الكهربائية، إثر تعطل الأجهزة الكهربائية وتلفها، مما اضطر البعض لشراء أجهزة جديدة، مثل (التلفزيونات، المكيفات، وبرادات المياه)، وفي المقابل نشأت في حائل أزمة فنيي أجهزة كهربائية للطلب المتزايد عليهم جراء تعطلها.

وأدى انقطاع التيار الكهربائي لخروج جماعي للأهالي للمتنزهات والحدائق العامة، بحثا عن الهواء البارد في ظل جبهة هوائية حارة.

ويؤكد هنا عيادة خضير الشمري من سكان حائل أن انقطاع التيار الكهربائي أصبح أمرا شبه عادي في حائل، وخصوصا وقت الظهيرة، حيث ترتفع درجة الحرارة في وقت عودة الموظفين، مؤكدا على حصول تلفيات وأعطال في الأجهزة الكهربائية في المنازل.