دراسة حكومية لإلزام السعوديين المسافرين للخارج بـ«التأمين الصحي»

خبير لـ الشرق الأوسط»: يستهدف السياح بشكل أساسي.. ونتمنى ألا يفتح الباب أمام الوثائق التأمينية المزورة

قرار وزاري استهدف تغطية تأمينية للمواطنين المسافرين للخارج لأغراض السياحة («الشرق الأوسط»)
TT

تعمل لجان حكومية في السعودية على وضع البصمات الأخيرة على مسودة تأمين، تُخول المواطنين السعوديين من الاستفادة من خدمات التأمين الصحي المقدمة لهم في بلادهم حال سفرهم خارج البلاد.

وتقضي مسودة تدرسها لجان خاصة في مجلس الضمان الصحي السعودي، بحصول المواطنين السعوديين على الخدمات الصحية التي توفرها شركات التأمين العاملة في المملكة حال سفرهم للخارج، عبر آلية سيتم الإفصاح عنها عقب الفراغ من دراستها.

وتأتي هذه الدراسة، تنفيذا لقرار مجلس الوزراء السعودي، الذي طالب بدراسة التأمين الصحي على السعوديين المسافرين للخارج. ويؤكد أمام ذلك، الدكتور فهد العنزي عضو مجلس الشورى السعودي، وخبير في التأمين، أن قرار مجلس الوزراء الذي صدر قبل نحو شهرين، يستهدف وجود تغطية تأمينية للمسافرين للخارج لأغراض السياحة، بشكل أساسي، مؤكدا أن القرار لا يستهدف قاصدي العلاج فقط.

ويوضح العنزي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن القرار هدف لتخفيف العبء عن ممثليات خادم الحرمين الشريفين الدبلوماسية في الخارج، كي لا يكون هناك إرباك عليها نتيجة وجود مستحقين للعلاج بسبب الظروف الصحية الطارئة التي قد يتعرضون لها.

ويستوجب تنفيذ مسودة حصول السعوديين على خدمات التأمين الصحي خارج بلادهم، موافقة مجلس الوزراء السعودي، الذي سيُخضع المسودة التي ستحوي آلية التنفيذ، لدراسة مُستفيضة في هيئة الخبراء وهي الذراع التشريعية لمجلس الوزراء السعودي فيما يتعلق بدراسة المشاريع والقرارات، قبل عرضها على مجلس الوزراء، لأخذ الموافقة التي ستُخول المسودة أن تدخل حيز التنفيذ.

وطبقا لمعلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإنه من المتوقع أن تفرغ اللجنة التابعة لمجلس الضمان الصحي، التي تدرس بنود المسودة وشروط تطبيقها خلال 3 أشهر مقبلة.

ومن المنتظر أن يتم عرض تطبيق استفادة السعوديين من التأمين الصحي في الخارج على عدد من شركات التأمين العاملة في البلاد، ليتسنى بعد ذلك إعلانها بشكل رسمي، بعد إيجاد ضوابط وآلية التنفيذ.

وستكون البعثات الدبلوماسية السعودية في الخارج، ملزمة، طبقا لقرار مجلس الوزراء الخاص بالتأمين الصحي على السعوديين في الخارج، بمتابعة وضع مواطنيها، وجودة الخدمات الصحية المقدمة لهم، وإرشادهم لأفضل الجهات المقدمة للخدمة الطبية.

وأمام إلزامية التأمين الصحي التي من الممكن أن تفرض على المواطنين السعوديين الراغبين في السفر في الخارج، تخوف الدكتور فهد العنزي الخبير التأميني، من مغبة أن يفتح هذا الأمر الباب أمام ظهور وثائق تأمينية مزورة قد يلجأ إليها السعوديون فقط لإكمال متطلبات سفرهم.

لكن العنزي، أكد أن القرار سيمثل فرصة لشركات التأمين الجادة والراغبة في توسيع نشاطاتها التأمينية، عبر عقد الاتفاقيات مع جهات علاجية بالخارج، أو التنسيق مع وسطاء لترتيب وتنظيم الخدمات التي تتحملها شركات التأمين.

وقدر الخبير التأميني، الذي يعمل كعضو في مجلس الشورى، أسعار البوليصات التأمينية التي يمكن أن تفرض على السعوديين الراغبين في السفر إلى الخارج، بأنها ستكون ما بين 100 إلى 200 ريال، وذلك بحسب المدد المتوقع أن يستغرقها السائح في البلد الذي يقصد زيارته. وأكد الخبير التأميني، ضرورة دراسة إمكانية الدول التي يقصدها السياح السعوديون في الخارج، وذلك تحوطا من الوقوع في مشكلات قد تصيب المواطنين السعوديين، وخصوصا إذا كانت التغطية التأمينية «وهمية»، ما قد يمثل خسارة على المواطن، دون تقديم خدمات حقيقية له.

في المقابل، أبرز فهد العنزي، احتمالية تعرض شركات التأمين للتلاعب والاحتيال، منبها إلى أهمية عدم إلزام المواطنين بدفع بوليصة إلا في الدول التي تقدم خدمات علاجية معترفا بها، وذلك لعدم تعرضها للنصب من قبل بعض الجهات الصحية التي قد تلجأ لرفع أسعار خدمات علاجية وهمية من أجل تعويض المواطن بأكبر قدر ممكن من المال.

ويوجد في السوق التأمينية السعودية، ما يسمى بـ«وثيقة تأمين السفر»، التي لا تختص بالتأمين الصحي، بل تسعى لتعويض السائح عن أي ضرر قد يطاله في حال سرقته، أو تضرره. وهنا أكد العنزي عضو الشورى، أهمية أن تدرس كل أشكال تعويض المواطنين خلال وجودهم في الخارج، ضمن الدراسة التي تجري حاليا، وألا تحذف أشكال التعويض المختلفة من الوثيقة الحالية.

وتعمل في السوق السعودية 31 شركة تأمين، رُخص لها من قبل وزارة التجارة والصناعة السعودية للدخول في سوق الأسهم السعودية.

وتُزاول شركات التأمين العاملة في السوق السعودية أعمال التأمين التعاوني وكل ما يتعلق بالأعمال التي تشتمل على إعادة تأمين أو توكيل، في حين يندرج التأمين الصحي ضمن حزمة الأنشطة التي تقدمها تلك الشركات العاملة في سوق التأمين السعودي.

وبلغ عدد المشمولين في خدمات التأمين عبر تلك الشركات في المملكة أكثر من 7 ملايين شخص، توزعوا ما بين مواطن ومقيم على الأراضي السعودية.

وأسست السعودية جهازا خاصا يعمل على تنسيق عمل تلك الشركات العاملة في السوق السعودية، بعد منحها تراخيص مزاولة العمل التأميني من وزارة التجارة والصناعة.

ويتولى مجلس الضمان الصحي الإشراف على تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني، ويعمل على إعداد مشروع اللائحة التنفيذية لهذا النظام، وإصدار القرارات اللازمة لتنظيم الأمور المتغيرة بشأن تطبيق أحكام النظام، بالإضافة إلى تأهيل شركات التأمين التعاوني، للعمل في مجال الضمان الصحي التعاوني.

ويحق لمجلس الضمان الصحي في السعودية اعتماد المرافق الصحية التي تقدم خدمات الضمان الصحي التعاوني، بالإضافة إلى تأهيل شركات التأمين التعاوني للعمل في حقل التأمين بكافة أنواعه، ويحق له في ذات الوقت إبداء أي ملاحظات على شركات التأمين أو القطاعات التي تعمل معها الشركات بشكل مشترك، كشركات تتولى مهمة المطالبات، وقد تصل تلك الملاحظات إلى الإيقاف في بعض الأحيان.

ويشهد قطاع التأمين الصحي في السعودية حراكا واسعا، يعكس مدى أهمية النشاط ومستقبله، في ظل منظومة صحية، تُلبي زيادة الطلب على الخدمات والرعاية الصحية، ليستفيد منها مواطنو المملكة، والمقيمون على أراضيها من غير السعوديين.

وأوقف مجلس الضمان الصحي في المملكة العام الماضي 4 شركات تأمين، على خلفية ثبوت مخالفاتها، عقب إصدارها وثائق تأمين جديدة وهمية، عبر رفع أسماء عمالة أجنبية للشبكة الوطنية للضمان الصحي التابعة للمجلس، من أجل تجديد رخص الإقامة الخاصة بتلك العمالة، وفي الواقع لا يوجد لديها تأمين صحي.