تجار المخدرات يشجعون على إدمانها بإطلاق مسميات مغرية لها

مكافحة المخدرات لـ«الشرق الأوسط»: ضبط 22 مليون حبة كبتاغون خلال الأشهر الـ6 الماضية

إدارة مكافحة المخدرات تعمد إلى تفعيل الجانب الوقائي خلال أيام الاختبارات («الشرق الأوسط»)
TT

كالعادة، ومع حلول موسم الاختبارات في السعودية، بدأت معركة الخير والشر بين مروجي المخدرات بين الطلاب ومكافحة المخدرات في البلاد، وسط تحذيرات أطلقتها المديرية العامة لمكافحة المخدرات، وحملاتها التي تشنها في مختلف المناطق السعودية، في ظل تزايد مخاطر ترويج هذه المخدرات وارتفاع معدلاته خلال فترة الاختبارات.

إلى ذلك، وجهت المديرية العامة لمكافحة المخدرات كل فروعها بالمناطق لتكثيف الجولات وتفعيل الرقابة لحماية الطلاب والطالبات من خطر المخدرات، والقبض على مروجيها، خاصة مع تزايد خطورة هذه الآفة خلال فترات الاختبارات وما يحدث من إغراء للطلاب والطالبات بتعاطيها.

وبدأت جميع فروع المديرية العامة لمكافحة لمخدرات بالمناطق والمحافظات في تفعيل خططها خلال أيام الاختبارات، وتكثيف رقابتها للحد من آفة المخدرات ومنع ترويجها، كما بدأت المديرية في تكثيف تعاونها مع الأجهزة الأمنية لتحقيق النتائج الإيجابية في ضبط قضايا التعاطي والحيازة والترويج.

وتتضمن خطط مكافحة المخدرات خلال أيام الاختبارات تفعيل الجانب الوقائي الذي يهدف إلى توعية الطلاب والطالبات بأخطار المخدرات، وتحذيرهم من مغبة الوقوع فيها، ويأتي ذلك بالتعاون مع عدة جهات حكومية، حيث نفذت المديرية العامة لمكافحة المخدرات خلال الأسابيع الماضية عددا من المناشط والفعاليات التوعوية في هذا الجانب.

وبينما تتواصل معركة الخير ضد الشر، تسجل المخدرات حضورها بين الطلاب وسط تداول أسماء مختلفة لها، واستخدامات متنوعة، حيث اتخذ مروجوها أسماء تسهل من تمريرها بين الطلاب والطالبات، حيث حملت أسماء متعددة بينها «الليموزين، اللكزس، رفيق الطريق». وغيرها.

إلى ذلك، كشف عبد الإله الشريف، مساعد مدير إدارة مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية، في حديث لـ«الشرق الوسط»، أن كمية إنتاج المخدرات خاصة مادة الأمفيتامين (amphetamine) في تزايد مخيف، حيث أثبتت الدراسات والبحوث العلمية أنه منذ عام 2009 حتى الآن ازداد عدد المدمنين من 230 مليونا إلى 250 مليون مدمن، بالإضافة إلى تضخم حجم تجارة المخدرات في العالم حيث تجاوزت 700 مليون دولار في السنة، بجانب ارتفاع عدد المنومين في المصحات والمستشفيات المخصصة لمثل حالات الإدمان إلى أكثر من 5 ملايين شخص.

وفيما يخص السعودية وتأثير هذه السموم على مؤشراتها يقول الشريف «إنه رغم الجهود الحكومية المبذولة في سبيل توعية المجتمع، فإن هناك للأسف استهدافا موجها إلى فئة الشباب الذين يشكلون نصف المجتمع السعودي ويعتبر ممن يسهل التأثير عليهم، وبناء على ذلك تعتبر السعودية أكثر دول العالم ضبطا لمادة الأمفيتامين، حيث بلغت ما نسبته 27 في المائة، أي ثلث كميات العالم».

وأبان الشريف أنه «خلال الأشهر الـ6 الماضية ضبطت مديرية مكافحة المخدرات ما يتجاوز عدده 22 مليون حبة كبتاغون كانت قادمة لاستهداف عقول وصحة شبابنا»، مشيرا إلى أن هذه المؤشرات والمضبوطات تعكس خطورة الترويج والتجارة بالممنوعات المحرمة دوليا وقانونيا وشرعيا. لذا أضاف أنه لا بد من التعاون المشترك للحد من انتشارها وتفاقمها.

من جهة أخرى، أوضح الدكتور عبد العزيز آل حبشان، مدير مركز الطب الشرعي بمنطقة عسير، لـ«الشرق الأوسط»، أن أكثر المخدرات استخداما بين طلاب المداس والجامعات هي الكبتاغون أو الفينثيلين، وهو مركب مثيل للأمفيتامين، حيث يصنف من المواد المنشطة التي تسبب النشاط الزائد وكثرة الحركة وعدم الشعور بالتعب والجوع، مشيرا إلى أن من المسميات الدارجة للكبتاغون «المنظم، أبو داب، الليموزين، رفيق الطريق، اللكزس، أبو قوسين، أبو هلالين».

وأبان آل حبشان أنه قد تتغير هذه التسميات مع أي موضة حديثة تكون لها شعبية بين أواسط الشباب أو بعض المفردات الدارجة ذات المدلول الحسن. ومن المؤسف بحسب قوله أن هذه المواد القاتلة والمحظورة دوليا والمحرمة شرعا بالإجماع «لما لها من تأثير على الصحة والمال» لقيت رواجا في صفوف الطلاب والطالبات، حيث رسخ بمفهومهم وأذهانهم أن تناول هذه الحبوب يقود للإبداع والتميز بأقل جهد وتعب، مع العلم بأن العكس هو الصحيح، فكثير ممن اتجهوا لاستخدام هذه المواد بغرض تحسين المستوى الدراسي استقر بهم الأمر إلى الإدمان والمصحات والسجون.

وحول الأعراض الحسية والحركية للمدمن يقول مدير مركز الطب الشرعي «تعتبر بعض المخدرات (قانونيا) منبهة للجهاز العصبي مثل الكبتاغون والقات والكوكايين، فالمتعاطي يبدأ في الإكثار من الكلام مع زيادة الحركة ويشكو من الصداع والغثيان، تصاحب ذلك أهلاس سمعية وبصرية وشمية، كما يفرز العرق ويشحب لون الجلد ويسرع النبض ويضطرب القلب، مع ارتفاع ضغط الدم وعدم انتظام التنفس، كما أن درجة حرارة الجسم ترتفع ثم يظهر تشنج ورعاش، وقد تحصل ذبحة قلبية ثم قصور في عمل جهازي التنفس والدوران، وإغماء ثم الموت».

وفسر الدكتور عبد العزيز، اللغط الحاصل بين الحبوب المسماة بالقشطة وبعض الحبوب المنشطة الأخرى التي تندرج ضمن أصناف مختلفة من المخدرات قائلا «تعتبر (القشطة) أحد مركبات مجموعة الـ(بنزوديازبين)، وهي مهدئات صغرى يتم تصنيعها في الهند، وهي عبارة عن حبوب بيضاء اللون تشبه إلى حد كبير حبة (الكبتاغون) المنشطة، ويتم صرف هذه الحبوب بوصفة طبية؛ لأنها تعتبر من المهدئات البسيطة للمرضى الذين يعانون من حالات عصبية أو نفسية بسيطة، وكذلك في حالات الصرع، وهي من مضادات الاختلال، وعند أخذها كعلاج تؤدي إلى الاسترخاء، والمداومة على استعمالها تؤدي إلى الاعتماد عليها نفسيا وجسديا مما يؤدي إلى الإدمان».

إلا أنه استدرك حديثه، لافتا إلى أن هذا النوع يستحق اسم مخدر أكثر من غيره من المخدرات، مرجعا السبب إلى استخداماته السيئة قائلا «يقدم عقار (القشطة) مذابا في مشروب ساخن، كالشاي والكابتشينو أو ما شابههما من المشروبات، وينتشر توزيعه بين الشباب والطلاب، ويختلط أمره على الطلاب الجهلة، فمنهم من يتناول القشطة ظنا منه أنه كبتاغون، فتتحول رغبته في السهر (الصناعي) للمذاكرة إلى خدر كامل يؤدي لوقوعه ضحية لمرافقيه الخبثاء. كما يتم تقديمه كحبوب لمن يظن أنه (لا شيء لديه يخسره) للخروج من همومه بالتحول لقشطة ذائبة، ليكتشف خسارة المزيد».

وحول الأعراض السريرية التي تساعد على اكتشاف المدمن أفاد آل حبشان بأن «هناك ملامح معينة قد تكون مؤشرات مفيدة يذكر منها وجود آثار حقن، خاصة عندما تكون حديثة فتبدو تماما مثل أثر الوخز لأي إبرة قد تعطى بشكل عادي كإجراء علاجي أو تشخيصي. وهي شائعة على الذارع، إما في الموضع المعتاد في الحفرة المرفقية على الوجه الأمامي للمرفق، أو على الأوردة الظاهرة للذراع أو لظهر اليد. والطرف الأيسر هو المفضل حيث إن معظم الناس يتيامنون في قضاء حاجاتهم (التيامن هو استعمال اليد اليمنى) لكن تصلب الأوردة عند المتعاطين المدمنين ربما يقودهم إلى استخدام الذراعين بالتناوب. وقد تستخدم أوردة ظهر القدم عندما تصبح اليدان والذراعان غير قابلة للاستخدام بسبب الخثار والندبات. ومن الأماكن الأقل شيوعا نذكر الفخذين، وهنا يكون الحقن، كما في جدار البطن، تحت الجلد أكثر منه في الوريد».

وبحكم عمل آل حبشان في الطب الشرعي يتحدث عن إمكانية تحديد الصنف المتعاطى من قبل المدمن المتوفى، ويقول الدكتور عبد العزيز «إن ذلك يتم ذلك عن طريق التحليل المختبري السمي من خلال أخذ عينات من الضحية (عينة دم وبول) وعينات من الأحشاء الداخلية (الكبد، القلب، الدماغ ، الرئتين، المثانة، عصارة المرارة) للكشف عن المواد المخدرة القاتلة.

ويستطرد أن «التحليل ليس هو الحكم النهائي في سبب الوفاة، على الرغم من أنه عنصر عالي الأهمية في المجال الكلي للاستقصاءات. ويقع على الطبيب الشرعي واجب تصحيح وتفسير كل الحقائق المعلومة، وعليه أن ينسق بين الظروف المحيطية ووجود المرض الطبيعي والمواد الأخرى السامة، والموجودات المخبرية، حتى يصل إلى السبب الأكثر معقولية للوفاة».

وفي سياق آخر، يعد القات أكثر أصناف المخدرات رواجا في منطقة عسير وفي مناطق أخرى خاصة بعض المناطق الجنوبية، ويعود ذلك إلى سهولة زراعته في مناطق وبيئة مناخية معينة تساعد على نموه والإكثار منه، فالمواد التي تدخل في تركيبه أدرجته ضمن أصناف المخدرات المحاربة قانونيا وشرعيا.