مهرجان جدة يقود مبادرة لتحسين صورة المدينة بعد أحداث السيول

مصدر أكد لـ«الشرق الأوسط» نقل معظم فعالياته داخل أماكن مغلقة بسبب ارتفاع الحرارة

يأخذ المهرجان في عامه الحالي طابع تحسين الصورة وإدخال البهجة والفرح على أهالي جدة بعد الأزمة التي مرت بها المنطقة («الشرق الأوسط»)
TT

يقود مهرجان صيف جدة هذا العام، مبادرة، لتحسين صورة المدينة المنكوبة، بعد أحداث السيول التي اجتاحتها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في وقت قرر القائمون على أمر المهرجان، نقل معظم فعالياته داخل أماكن مغلقة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة.

وكشفت لـ«الشرق الأوسط» إدارة تنسيق مهرجان صيف جدة 2010 عن احتياج المهرجان لما لا يقل عن 20 مليون ريال كي يخرج بفعاليات عالمية مميزة من شأنها أن تشكل مصدر جذب كبير للجمهور.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» محمد قاري منسق مهرجان صيف جدة 2010 أن الأرقام التي تم تحقيقها لتجهيز وتنظيم فعاليات المهرجان تعد ضعيفة، غير أن ما يحتاجه التنشيط السياحي في جدة لا يقل عن 20 مليون ريال، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود دعم من قبل الرعاة إلا أنه ما زال بحاجة لأكثر من ذلك.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكننا تحديد الإيرادات التي قد يتم تحقيقها من خلال مهرجان جدة، لا سيما أنه يشهد مشاركة جهات كثيرة ومختلفة على مستوى المتنزهات والمراكز التجارية وغيرها، التي يضع كل منها خطته الخاصة به»، مؤكدا أن الأرباح لن تحدد إلا بعد القيام بإحصائية لجميع تلك الجهات المشاركة.

وأشار إلى أن هذه الإحصائيات قد يتم القيام بها عن طريق تشكيل لجنة لجمع كافة المرافق المشاركة في المهرجان، التي قد تكون من قبل الهيئة العليا للسياحة والآثار أو الغرفة التجارية الصناعية في جدة.

وأضاف «أن تفعيل السياحة مرتبط بالدعم، حيث إن تطبيق استراتيجية التنمية السياحية في كافة مناطق السعودية بمشاركة القطاعين العام والخاص من شأنه أن يسهم في إيجاد دعم أكبر وتأثير أقوى على تفعيل السياحة».

ولكنه استدرك قائلا: «تعد جدة مدينة سياحية في حد ذاتها لما تحتوي عليه من مرافق ومتنزهات تسهم في تنشيط السياحة الداخلية، إلا أن مثل تلك الفعاليات في المهرجان سيكون لها دور كبير في رفع مستوى الخدمات وتشغيل جميع القطاعات، إضافة إلى الحد من الإنفاق الخارجي وزيادة الداخلي منه، وتشجيع السياحة الداخلية، وتوظيف العمالة السعودية».

وكان عام 2009 قد شهد زيادة في عدد العاملين بوظائف مباشرة في قطاع السياحة، بلغت نحو 267 ألفا، حيث توفر الفعاليات والمهرجانات الكثير من فرص العمل المؤقتة للسيدات والشباب في جميع مناطق السعودية، وهو ما أكدته الهيئة العامة للسياحة والآثار في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط».

وأشارت الهيئة في ذلك الوقت إلى أن المهرجانات توفر فرص عمل للكثير من الشباب وطلاب المدارس الذين يستفيدون من تلك الفعاليات باكتساب مهارات الاتصال والإدارة، فضلا عن قيام الشركات المتخصصة بتنظيم الفعاليات ودعم هؤلاء الشباب من ناحية تدريبهم على التسويق والإعلام، لافتة إلى أنها توفر الدعم المادي لتلك الشركات.

إلى ذلك، لفت منسق مهرجان «صيف جدة غير 2010» إلى أن مثل تلك الفعاليات على مستوى السعودية تسعى لإبراز دور المملكة الثقافي والتراثي من خلال المهرجانات الصيفية، مبينا أن الفعاليات العائلية التي عادة ما تعقد في الأماكن المغلقة والمكيفة تعد من أكثر الفعاليات إقبالا في مثل هذه المهرجانات.

وتتزامن تلك التصريحات مع إعلان الهيئة العامة للسياحة والآثار عن توقعاتها بنمو عدد الرحلات السياحية المحلية خلال الفترة من بداية يوليو (تموز) حتى نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل بنسبة 2 في المائة مقارنة بالفترة نفسها للعام الماضي، وذلك بإنفاق يصل إلى 13.2 مليار ريال بعد أن وصل عام 2009 إلى 12.7 مليار ريال، أي بمعدل نمو 4 في المائة.

وأشار التقرير الإحصائي للحركة السياحية المتوقعة خلال فترة صيف العام الحالي والصادر من مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس) إلى أن عدد الرحلات السياحية المحلية داخل السعودية سيصل إلى 10.9 مليون رحلة مقابل 10.7 مليون رحلة سياحية متحققة لنفس الفترة من العام الماضي، وذلك بنسبة نمو تبلغ 2 في المائة.

وفيما يخص عدد ليالي الإقامة للسياح المحليين، توقع التقرير أن يصل إجمالي عدد ليالي الإقامة خلال صيف 2010 إلى 79.5 مليون ليلة، مقابل 75 مليون ليلة للفترة نفسها من عام 2009 وبمعدل نمو يبلغ 5 في المائة، وبمتوسط معدل إقامة 7.3 ليلة، في حين يصل متوسط إنفاق السائح في الليلة الواحدة 169 ريالا.

وبحسب التقرير، فإن أهم الوجهات السياحية المحلية تتصدرها منطقة مكة المكرمة بنسبة 47 في المائة، والمنطقة الشرقية بنسبة 13 في المائة، وعسير بنسبة 21 في المائة، والرياض بنسبة 11 في المائة، ومنطقتا المدينة المنورة وحائل بنسبة 5 في المائة لكل منهما.

من جهته، أرجع عبد الله الجهني نائب الرئيس للتسويق والإعلام في الهيئة العامة للسياحة والآثار سبب الزيادة المتوقعة في عدد الرحلات السياحية المحلية إلى عاملين رئيسيين يتضمنان ارتفاع مستوى السياحة المحلية وازدياد فعالياتها وأنشطتها السياحية، إلى جانب ارتفاع الوعي لدى المواطنين بأهمية النشاط السياحي وما يتوفر في السعودية من مقومات سياحية جاذبة.

وأشار إلى أن تنفيذ أكثر من 19 مهرجانا رئيسيا خلال فترة الصيف لهذا العام ودخول شهر رمضان وإجازة عيد الفطر ضمن موسم الصيف من شأنه أن يسهم في تنشيط السياحة المحلية، لافتا إلى أن ذلك يعد من العوامل المشجعة لحركتها خلال هذا الموسم، فضلا عن كونها ستنطلق بهوية جديدة تحت شعار «السياحة السعودية.. غنية بتنوعها».

وما يميز مهرجان «جدة غير 2010» هذا العام هو تركيزه على فعاليات الأسرة والطفل ومحاولة تحسين صورة عروس البحر الأحمر التي ربما تكون قد اختلفت نتيجة مرورها مؤخرا بأزمة السيول والأمطار، وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» محمد الصفح مدير إدارة صندوق الفعاليات في الغرفة التجارية الصناعية بجدة.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «سيأخذ المهرجان في عامه الحالي طابع تحسين الصورة وإدخال البهجة والفرح على أهالي جدة بعد الأزمة التي مرت بها المنطقة، فضلا عن عكس انطباع إيجابي وجيد لدى القادمين من مناطق مختلفة للارتياد السياحي بعد ما رأوه أثناء الكارثة»، مبينا أن مهرجان جدة يعد من أكبر المهرجانات على مستوى السعودية باعتبار أن جدة تعد بوابة الحرمين.

ويعود محمد قاري ليؤكد قائلا: «يشهد مهرجان جدة لهذا العام تقديم عروض للألعاب النارية التي سيتم إطلاقها من على متن 3 بارجات بحرية، وتمتد مدتها إلى 15 دقيقة، فضلا عن أنها مبرمجة لتتراقص على أنغام الموسيقى».

ومما لا شك فيه أن ارتفاع درجات الحرارة خلال موسم الصيف الحالي دفع بمنظمي المهرجان إلى تغيير خططهم المتعلقة بالفعاليات، وذلك من خلال نقل معظمها إلى الأماكن المغلقة والمراكز التجارية، بعد أن كان يشهد مهرجان جدة تنوعا في فعالياته ما بين المفتوح منها والمغلق في السنوات الماضية.

يأتي ذلك في وقت توقع فيه مسؤول في الهيئة العامة للسياحة والآثار خلال حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» أن يكون لتنوع المناخ في المناطق السعودية بالإضافة إلى تزامن الإجازة الصيفية مع شهر رمضان ووجود نحو 15 مهرجانا في مختلف المدن أثر كبير في زيادة أعداد السياح بالسعودية عن العام الماضي وبعوائد اقتصادية تفوق العام الماضي أيضا بنحو 10 في المائة.

وأكد حمد آل شيخ مدير عام البرامج والمنتجات السياحية في الهيئة العامة للسياحة والآثار آنذاك أن «السعودية على الرغم من سوء أحوالها الجوية، فإنها تشهد زيادة في عدد السياح، حيث تتوفر لكل منطقة عوامل الجذب الخاصة بها»، موضحا أن السعودية تعتبر منطقة جاذبة لدول الخليج المجاورة بسبب انخفاض تكلفة السفر، مما جعل المنطقة تشهد نسبة كبيرة من زوار دول الخليج خلال فصل الصيف.

وبالعودة إلى مدير إدارة صندوق الفعاليات في الغرفة التجارية الصناعية بجدة، أفاد بأن فعاليات مهرجان «جدة غير 2010» ستتركز داخل المراكز والمجمعات التجارية، وذلك مراعاة لأجواء الصيف شديدة الحرارة، مشيرا في الوقت نفسه إلى مشاركة معظم المولات الرئيسية في جدة.

واستطرد قائلا: «كانت فعاليات مهرجان صيف جدة خلال السنوات الماضية تتسم بالتنوع، كون بعض منها يتم تنظيمه في أماكن مفتوحة، غير أن ذلك الوضع اختلف هذا العام»، لافتا إلى أنه تمت مراعاة الجودة العالية في الفعاليات لتليق بمقام جدة، على حد قوله.

وهنا علق منسق مهرجان «جدة غير 2010» قائلا: «يشهد المهرجان أكثر من 60 فعالية رئيسية معظمها داخل الأماكن المغلقة، فضلا عن وجود فعاليات أخرى تنظمها مجموعة من الجهات والمراكز التي تصل إلى ما يقارب 20 فعالية في المركز الواحد».

وفيما يتعلق بمدى تأثر المهرجان بتزامن شهر رمضان المبارك مع موسم الإجازة الصيفية، أبان محمد قاري أن ذلك سيسهم في زيادة أعداد المرتادين من المعتمرين بحكم قرب جدة من مكة المكرمة، مشيرا إلى أن فعاليات مهرجان «جدة غير 2010» تستهدف شرائح مختلفة من ضمنها الثقافية والرياضية والفنية والترفيهية والخيرية والدينية.

وزاد: «على الرغم من التركيز على العائلة والطفل من خلال فعاليات المهرجان، فإن هناك فعاليات أخرى تتعلق بالشباب والمتمثلة في الأندية والمقاهي والحفلات الغنائية والدورات التدريبية والمحاضرات والندوات والأمسيات الشعرية والثقافية»، موضحا أن افتتاح المهرجان سيشهد انطلاق أوبريت وطني يؤديه مجموعة من الفنانين من ضمنهم طلال سلامة ومحمد الزيلعي وأنس خالد وعيدروس العيدروس.

وفي السياق ذاته، يشارك أكثر من 30 طفلا من المعاقين بصريا من منتسبي جمعية «إبصار» وأسرهم ضمن برنامج «إبصار» الصيفي لشركة «أرامكو» السعودية في برنامجها التوعوي التثقيفي العاشر ضمن فعاليات صيف جدة الحالي برعاية الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة في مجمع العرب بجدة عصر يوم غد السبت.

وأوضح أحمد سعيد أبو حسان المستشار الإعلامي للجمعية أن برنامج «إبصار» الصيفي يأتي ضمن حملة «إبصار» لدعم وتأهيل المعاقين بصريا، الذي استهدف نشر الحملة في المستشفيات والمراكز التجارية، لافتا إلى أن البرنامج سيشهد معرضا مصاحبا يحكي تاريخ صناعة الزيت في السعودية، إلى جانب معرض للصور يبرز مسيرة مدينة جدة عبر التاريخ بمشاركة عدد من الفنانين التشكيليين والفوتوغرافيين إضافة إلى نخبة من فناني الدراما السعودية.

يشار إلى أن مهرجان «جدة غير 2010» سيشهد للمرة الأولى مشاركة «بيت الفنانين التشكيليين»، والتركيز على الأمور الحرفية والمهنية ضمن فعاليات داخلية وأركان معينة في المراكز والمجمعات التجارية.