منطقة عسير تطبق فكرة «الطائرة السياحية» مقابل 250 ريالا للراكب

في رحلة على متن «هليكوبتر» تستغرق نحو 20 دقيقة.. وتحت شعار «اكتشف عسير من الجو» * مسؤول لـ «الشرق الأوسط»: التوسع في تطبيق الفكرة في الأعوام المقبلة بعد نجاحها هذا العام

المروحية السياحية تقل سياحا خلال إقلاعها من وسط أبها (تصوير: فاتن الشهري)
TT

طبقت منطقة عسير، جنوب السعودية، فكرة سياحة فريدة، تعد الأولى من نوعها، على مستوى البلاد، وهي فكرة السياحة الجوية، وذلك بتوفير طائرة هليكوبتر تقل السياح في رحلة جوية يومية، وتتجول بهم على المنطقة بأكملها.

وتعد هذه التجربة الأولى من نوعها على مستوى السعودية، حيث تؤكد الجهات المسؤولة في منطقة عسير أنها ستستمر في الأعوام المقبلة في تطبيق هذه الفكرة، ولكن بتوسع أكبر، مشيرة إلى أنها تتقاضى عن كل راكب 250 ريالا، مقابل هذه الرحلة السياحية.

من جانبه، أكد لـ«الشرق الأوسط» عبد الله إبراهيم مطاعن، المدير التنفيذي لجهاز السياحة في عسير، أمين عام المهرجان أن تجربة السياحة الجوية تثري مدارك السائح، وتوسع نظرته إلى المنطقة السياحية التي تقدم له خيارات متعددة، وبزوايا مختلفة، فهو بهذه السياحة الجوية يتذوق لأول مرة معنى المنظر الجوي الذي يكون بارتفاع منخفض يتيح للمشاهد التقاط صور بصرية.

ويتولى مهمة إدارة هذه الفكرة بين السماء والأرض المستشاران في علوم الطيران، الدكتور محمد آل مسفر، والدكتور أحمد باسنبل، وذلك بدعم من أمير منطقة عسير، الأمير فيصل بن خالد، ويديرها فريق من أفضل الطيارين الذين يتمتعون بالخبرة الواسعة، والقدرة العالية في تحديد المسارات الجوية.

وهنا يقول المستشاران في علوم الطيران، وصاحبا الفكرة، الدكتور محمد آل مسفر، والدكتور أحمد باسنبل لـ«الشرق الأوسط»: «جاءت فكرة السياحة الجوية، كخدمة نقدمها لأهالي منطقة عسير بحكم خبرتنا في الطيران، وعملنا في القوات الجوية فترة طويلة، فهي تعتبر فكرة مميزة وفريدة من نوعها»، وأضافا: «كان لدينا مجموعة من الطيارات الخاصة التي نؤجرها لرجال الأعمال، إلا أننا اقترحنا الاستفادة من وجود الطائرات، فرفعنا إلى أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد اقتراحنا هذا، وتجربة الطيران السياحي في عسير، فرحب بالفكرة ودعمنا».

وعلى ذلك، وبحسب قولهما كانت انطلاقتنا، فوفرنا طائرة من نوع «206 بيل جيت» التي تعد الأكثر استخداما من بين الطائرات بهدف التجول جوا، والتعرف على المناطق السياحية، كما أنها تعتبر فرصة للمصطاف، للتمتع بالمناظر الجميلة والخلابة عن قرب لمدينة أبها.

ويلتقط الدكتور باسنبل أطراف الحديث ليؤكد أن الطيران المدني في مطار أبها قدم لنا التسهيلات، لتنفيذ هذه الفكرة على أرض المطار. مضيفا أنه «بنجاح الفكرة هذا العام سيكون هناك توسع زمني ومكاني في الأعوام المقبلة، كما أنها سوف تعمم في بعض مناطق المملكة، وسنشارك في فصل الشتاء عبر منطقة تهامة في الأماكن الساحلية بنفس الفكرة».

وعن الإقبال قال: «إن الإقبال كبير، سواء من أهالي منطقة عسير، أو المصطافين، ويوميا تبدأ رحلاتنا في الرابعة عصرا، وحتى السابعة مساء. وسط تأكيد من صاحبي الفكرة بأنهما لن يقفا عند هذه الفكرة، بل لديهما أفكار قادمة ومميزة لأهالي منطقة عسير، عبر الطيران في الجو».

وتتيح الجهات المنظمة الفرصة للجميع للتجول على متن المروحية بمبلغ مالي محدد وهو ما يشير إليه الدكتور محمد آل مسفر: «إن تذكرة صعود الطائرة لا تقل عن 250 ريالا للشخص الواحد، حيث إن الطائرة تتسع لأربعة أشخاص وهذا سعر الربع ساعة فقط من التجول جوا، حيث يبلغ سعر التذكرة لنصف ساعة 500 ريال والساعة 1000 ريال، للشخص الواحد».

وأضاف أن السعر الحقيقي للشخص الواحد هو 450 ريالا، إلا أن أمين عام المهرجان عبد الله مطاعن خفض من قيمة التذاكر لكسب السياح، وعمل دعاية لفعالية «اكتشف عسير جوا» وخاصة أنها لأول مرة تقام في منطقة عسير، و«هذا عكس الإقبال الشديد على الطيران السياحي الذي تشهده ساحة الإقلاع على أرض المطار».

وحول إمكانية تخفيض أسعار التذاكر السنة المقبلة استبعد الدكتور آل مسفر ذلك، مرجعا السبب إلى المبالغ النقدية التي تصرف على صيانة الطائرة وعلى الإيجار الجوي وإيجار المطار كل ذلك، وبحسب قوله، فهي تكلفة محسوبة، لا بد من أخذها بعين الاعتبار.

ولمح الدكتور محمد في مقارنة بين الطيران السياحي في دبي والطيران السياحي في السعودية فيما يخص الأسعار قائلا: «إن أسعار التذاكر في مدينة دبي لمثل هذه الجولات التي تمر على شواطئ دبي وعلى متن طائرات (فالكون) يبلغ سعر التذكرة للربع ساعة 850 درهما، في حين أن سعر الربع ساعة لمثل هذه الرحلات الجوية في السعودية، وخاصة منطقة عسير هو 250 ريالا فقط».

وعن عدد أيام الفعالية يقول الدكتور محمد: «نحن اتفقنا مع الجهات المسؤولة على 20 ساعة، تقسم على 20 يوما، مشيرا إلى أن استهلاك ساعتين يوميا قلص من عدد أيام الفعالية لتصبح 10 أيام فقط، معللا ذلك بمطالبة السياح والزوار بزيادة عدد الساعات، وبالتالي تحقق لهم ذلك إلا أنه انعكس على عدد الأيام ليتقلص من 20 يوما إلى 10 أيام».

وبالعودة إلى عبد الله مطاعن، المدير التنفيذي لجهاز السياحة في عسير، أمين عام المهرجان الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن فكرة الرحلات الجوية ستطور في المرحلة المقبلة. مبينا أنه بعد النجاح الذي تشهده السياحة الجوية في مراحلها الأولى نخطط للتوسع في المرحلة الثانية «العام المقبل» من خلال توزيع ساحات إقلاع وهبوط في بعض متنزهات منطقة عسير لأخذ جولة من فوق تلك المتنزهات وزيادة عدد الطائرات.

وبين أمين عام مهرجان أبها «أن عدد الرحلات المقرر إقلاعها لهذه الفعالية يقارب الـ80 رحلة، بواقع ربع ساعة لكل رحلة، ويمكن للطائرة أن تستوعب أربعة ركاب في كل رحلة».

من جهته ذكر المهندس عبد الكريم الحنيني، وكيل إمارة منطقة عسير أن فعالية «اكتشف عسير من السماء» تصنف كأهم الفعاليات لهذا العام، والتي تنطلق من عسير كأول منطقة في المملكة، منوها بحرص أمير منطقة عسير، الأمير فيصل بن خالد على هذه الفعالية وجميع فعاليات المهرجان. ومشيرا إلى أن ما تحقق من نجاح لمهرجان أبها حتى الآن يعود إلى متابعة وتوجيهات الأمير فيصل بن خالد، وتنوع الفعاليات وشموليتها، داعيا زوار وأهالي المنطقة إلى الاستمتاع بمشاهدة عسير من السماء في هذه الفعالية الشيقة.

وكيل إمارة عسير، الذي حلق برفقة مدير الشرطة في رحلة سياحية على متن المروحية السياحية عاد ليؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الطائرة تقدم رحلات يومية لزوار منطقة عسير في موقع ساحة مطار أبها، بواسطة طائرة من نوع «206 بيل جيت» وهي تعتبر الأكثر استخداما على نطاق واسع من الطائرات وتعد مثالية لعدد من الأدوار، بما في ذلك نقل الركاب والتصوير الجوي والفوتوغرافي ورفع الحمولة، هذا بالإضافة إلى إمكانية الاستفادة منها في التجول جوا، والتعرف على المناطق السياحية، التي تعتبر فرصة للمصطاف للتمتع بالمناظر الطبيعية الجميلة والخلابة عن قرب.

«الشرق الأوسط» قامت بجولة على متن الطائرة السياحية المروحية وعلى مدار نحو ساعة فوق كل أجزاء منطقة عسير، وسراة، وتهامة، وعلى ارتفاع نحو 10 آلاف قدم، في رحلة فريدة، بين السماء والأرض.

وعلى متن المروحية التي تحوي 3 مقاعد خلفية ومقعدا آخر في الأمام بجوار الطيار، بدأت الجولة بعد عصر يوم أول من أمس، مبتدئة الرحلة بالتجول فوق مدينة أبها، ومنازلها، ومجمعاتها، وحدائقها، مرورا بالتلفريك، وتهامة عسير، والجبل الأخضر، في مشهد هو أقرب للصور السينمائية، إذ كان منظر الضباب وهو يحاول حجب الرؤية عنا خلال الرحلة يدفعنا إلى محاولة التنقل بين النافذتين اليمنى واليسرى، لعله يتكشف لنا منظر آخر لنحدد به وجهتنا وموقعنا.

واللافت هو منظر الناس على سطح الأرض وهم يحدقون بأعينهم ويتابعون مسار الطائرة وهي تحلق من فوقهم، فمنهم من يشير بيده إلى ركاب الطائرة، ومنهم من اكتفى بالنظر، وقد يكون من بينهم من تمنى أن يكون على متن تلك الطائرة السياحية.

وتظل قصة جولة المروحية قصة مشوقة لن يستطيع فك رموزها وفهمها، إلا من يجلس على أحد تلك المقاعد الأربعة، متجولا بين سحب منطقة عسير في رحلة عسير السياحية التي اختير لها اسم «اكتشف عسير من الجو».

كثيرون حظوا بفرصة تجربة تلك الرحلة، فها هو سعيد بن ظاهر اليامي وهو سائح قادم من الرياض يؤكد لـ«الشرق الأوسط» عقب نزوله من المروحية «لقد اختلفت علينا شوارع أبها ومنازلها وناسها، فالتحليق جوا يكسر قانون الجاذبية ويضيف قواعد بصرية جديدة تنسف بالمسافات وتسطح البروز التضاريسي، فالمشهد الجوي للمركبات وهي تتزاحم عند المتنزهات وإشارات المرور والناس وتدافعهم داخل أرض المعارض، كانت مجرد صور استكشافية تخالف واقع المشهد اليومي على سطح الأرض».

في حين تقول نوف السيف، وهي سيدة قادمة من المنطقة الشرقية «إننا لم نكن نفكر في موعد عودتنا إلى نقطة إقلاع الطائرة، ولكننا بعد أن حدقنا في ساعاتنا لنستكشف كم بقي لنا من الوقت، أيقنا بأن نصف الساعة مر، دون أن نشعر بالمسافات والمساحات على سطح الأرض، التي يستغرق قطعها بالمركبة من ثلاث إلى أربع ساعات، دون أن نشعر بالمتعة التي شعرنا بها ونحن نحلق في الجو، ولكن الرحلة الجميلة قد شارفت على الانتهاء، لنعود أدراجنا ونحن نحمل في خلدنا صورا بصرية، التقطتها ذاكرتنا لأجمل المناظر في منطقة عسير». ولا تنسى نوف أن تحلم وتتمنى تطبيق هذه الفكرة في باقي المدن السعودية، مثل هذه الخطوة، التي كسرت حاجز الروتين الصيفي وتكرار الفعاليات، خاصة أن اقتناء مثل هذه الطائرات لن يشكل عبئا كبيرا على الجهات المنظمة والمسؤولة.

وتذهب كل من الأختين أمل وريم البشري، إلى أن ما يقدم للسائح من فعاليات جديدة ومطورة بعكس باقي المواسم السابقة يعطي السائح دافع العودة العام المقبل، واختيار منطقة عسير كوجهة سياحية.

وعن أسعار التذاكر المخصصة لصعود طائرة الهليكوبتر السياحية تقول ذكرى القحطاني، وهي من بنات منطقة عسير: «أتمنى أن تخفض أسعار التذاكر، فقد كلفتنا ألف ريال وهي مجموع 250 عن كل شخص، فالطائرة لا تتسع سوى لأربعة أشخاص».