جدل حول اشتراط نوادٍ صحية «موافقة ولي الأمر» للنساء

بعضها تطلبه بصورة خطية قبل تسجيل العضوية.. وحقوقية تصف ذلك بـ«الاستهانة بالمرأة»

TT

في بادرة غريبة من نوعها، توجهت بعض الأندية الصحية النسائية في السعودية إلى اشتراط موافقة خطية من ولي الأمر (ممثلا بالأب أو الزوج ومن ينوب مكانه) قبل تسجيل عضوية أي سيدة، سواء كانت في العشرين أو الخمسين من عمرها، وبغض النظر عن حالتها الاجتماعي (متزوجة أو غير متزوجة)، الأمر الذي أصبح مثار الجدل داخل الأوساط النسائية، في ظل إقبال كثير من السيدات على التسجيل بهذه الأندية خلال الإجازة الصيفية.

ولم يقتصر ذلك على الأندية الصحية العادية، بل شمل أيضا أندية «الخمس نجوم» المهتمة بفئة الـVIP، حيث توضح نائبة المشرفة على النادي الصحي النسائي بفندق «شيراتون» بالدمام، هدى البشير، أن العضوية لها «شروط كثيرة، من ضمنها موافقة ولي الأمر»، وهو ما أكدت أنه يأتي منذ بداية تسجيل السيدة وتعبئة كامل الأوراق المطلوبة.

وتابعت البشير حديثها لـ«الشرق الأوسط»، مبينة أن هذا الإجراء لا يرتبط بعمر معين، حيث أوضحت أن التسجيل متاح لمن هن فوق الـ17 عاما، وبسؤالها إن كانت موافقة ولي الأمر تشمل حتى السيدات الكبيرات في العمر، أكدت أنها مطلوبة بأي عمر كان، إلا أنها تحفظت عن ذكر الحكمة من هذا الإجراء وسببه، وعما إذا كانت هناك مشكلات سابقة استدعت ذلك، تقول: «هو معمول به من البداية، ولم تكن هناك أي مشكلات».

ولا تخلو هذه الإجراءات من بعض المواقف المحرجة، حيث توضح موظفة في نادٍ صحيّ آخر (فضلت عدم ذكر هويتها) أن اشتراط الموافقة الخطية من ولي الأمر كثيرا ما أوقعها في حرج مع العميلات اللاتي يبدين تعجبهن من ذلك وسخطهن أحيانا، قائلة: «هنا أوضح لهن بهدوء أنه إجراء إداري يرتبط بنظام المكان، فإن أرادت التسجيل أو الانصراف إلى مكان آخر».

أما رولا الكيلاني، المسؤولة عن النادي الصحي التابع لمستشفى «تداوي» بالدمام، فأوضحت هاتفيا لـ«الشرق الأوسط» أن النادي لا يشترط موافقة ولي الأمر، وتضيف: «لكن أحيانا تأتينا بنات يضعهن الأهل أو يسجلونهن، بعضهن يدخل على أساس التدريب، لكنهن يخرجن من المركز ويستغللن المكان لأمور أخرى».

وتفيد الكيلاني أنها كمدربة تفوق خبرتها 11 عاما ومسؤولة عن النادي، تستطيع اكتشاف مثل هذه الحالات والإحساس بالارتياب نحوها، مؤكدة أنها لإخلاء المسؤولية تستدعي والدة الفتاة مثلا، وتطلب منها أن تكتب ورقة «لا أمانع كذا وكذا»، وإذا لم تأتِ البنت إلى الجلسة تتصل بأهلها، وأشارت إلى أنه كثيرا ما تحصل أمور مخيفة بالنوادي الصحية عموما، مما تراه يستلزم أخذ الحيطة.

وينبغي الإشارة هنا إلى أن بعض الأندية الصحية التي حاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بها، تعذرت أو تحفظت عن التصريح بأي مداخلة في إطار أخذ موافقة ولي الأمر، مرجعين ذلك إلى حساسية الموضوع - حسب قولهم - في حين وعدت أندية أخرى بالرد على استفسارات «الشرق الأوسط» قبل أيام، ولم ترد حتى الآن.

من جهتها عبرت الناشطة الحقوقية فوزية العيوني عن مفاجأتها الشديدة من هذا الإجراء، مع اعتقادها أن «الشرق الأوسط» أول وسيلة إعلامية تفصح عنه، وتضيف: «أرجو من كل امرأة يطلب من هذا الطلب أن ترفض، وتذهب إلى نادٍ آخر لا يطلب مثل هذه الطلبات»، واعتبرت العيوني ذلك «استهانة بشخصية المرأة وحقها في أبسط شؤون حياتها».

وتابعت العيوني حديثها لـ«الشرق الأوسط»، قائلة: «أنا لا أعتقد أن هنالك جهات رسمية قد طلبت ذلك، وإنما هي اجتهادات فردية»، وأشارت إلى أن الكرة في ملعب المرأة، في رضاها أو قبولها، في حين أبدت تعجبها من أن تأتي مثل هذه الاشتراطات بعد قرار السماح للمرأة بالإقامة بالفنادق دون ولي أمر، وهو ما اعتبرته نوعا من التناقض.

في المقابل، لا ترى بعض السيدات بأسا من هذا الإجراء، حيث تعتقد سمر المحيميد، وهي ربة منزل، أنه شرط لم يأتِ إلا نتيجة لمشكلات أو قصص سابقة، ولا داعي للمبالغة والامتعاض منه - بحسب قولها - معتقدة أن قبول الزوج أو الأب قد يأتي في إطار الحفاظ على الفتيات، إلا أنها تمنت لو يقتصر ذلك على من هن تحت سن الـ30 عاما فقط.

وفي محور آخر، تعود المسؤولة عن النادي الصحي في مستشفى «تداوي» لتؤكد أن فترة الإجازة الصيفية تشهد تنافسا كبيرا بين الأندية، وعن عوامل جذب النساء كشفت أن «عدم استخدام الموسيقى» يأتي على رأسها، وهو ما أرجعته لكون المرأة السعودية محافظة وملتزمة - بحسب رأيها - حيث تؤكد أن غياب الموسيقى والاكتفاء بصوت المدربة ينعكس بالراحة النفسية على زبونات النادي، وتضيف لذلك مدى سمعة المدربة وشهرتها.

وبسؤالها عن اشتراط عدم حمل المرأة لجوال مزود بكاميرا داخل النادي الصحي، وهو شرط تشترطه بعض الأندية، تقول الكيلاني: «نحن لا نطبقه لأن عميلاتنا ملتزمات، ولا بد أن أراعي نفسية الزبونة، فمن الممكن أن تنتظر سائقها ويكون الجوال معها»، موضحة أنها تكلف موظفة الاستقبال بمتابعة المشتركات منعا لأي مشكلات قد تحدث. بينما تعود هدى البشير من نادي «شاين سبا» لتقول: «غالبية الزبونات يأتين إلينا بغرض العلاج»، مضيفة: «نحن نادٍ صحي لدينا رياضة ومساجات علاجية، ولدينا 4 أنواع من العضوية، كل عضوية لها خصائص معينة، وبالنسبة للعلاجات لدينا علاجات للجسم وعلاجات للوجه وعلاجات للشعر»، موضحة أن الأسعار تختلف، لكنها تبدأ من 6500 ريال.