كيف هي الحدود بعد معارك الـ100 يوم؟

«الشرق الأوسط» تستطلع المكان: صمت بشري.. وبقايا دمار

جندي سعودي يؤدي مهام عمله في ترصد أي عمليات تسلل محتملة للإرهابيين على قائمة الـ85
TT

* «صرح مصدر مسؤول بأنه تم في صباح يوم الثلاثاء 15/11/1430هـ رصد وجود مسلحين قاموا بالتسلل إلى موقع جبل دخان داخل الأراضي السعودية بالقرب من مركز خلد الحدودي في قطاع الخوبة في منطقة جازان، وقد قام هؤلاء المتسللون بإطلاق النار على دوريات حرس الحدود بأسلحة مختلفة، ونتج عن ذلك استشهاد رجل أمن وإصابة أحد عشر آخرين. ولا يزال الموقف محل المتابعة. والمملكة إذ تعلن عن ذلك لتؤكد أنها سوف تقوم بما يقتضي واجب الحفاظ على أمن الوطن وحماية حدوده وردع هؤلاء المتسللين وأمثالهم من أي جهة كانوا (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)».

لا يزال يتذكر أفراد قوات حرس الحدود، الذين يعملون على تأمين الشريط الحدودي بين السعودية واليمن، هذا البيان جيدا. فالشهيد الذي قضى بنيران الحوثيين، هو زميلهم الجندي أول تركي القحطاني، والمصابون الآخرون هم من زملائهم الذين كانوا يعملون في مركز خلد الذي قامت «الشرق الأوسط» بزيارته خلال جولتها على الحدود السعودية - اليمنية.

أحد المراكز التي قمنا بزيارتها على الحدود مع اليمن كانت تعلق في داخله صورة يد تخرج من الأرض وتمسك بقوة بأحد المتسللين الذين كانوا يقفون خلف أحداث الجنوب، وقد كان يحمل سلاحا متطورا وذخيرة وقنبلة، في إشارة إلى إسهام رجال حرس الحدود نظرا لمعرفتهم بطبيعة المكان، بالكشف عن المناطق كافة التي كان يتحصن ويختبئ خلفها الحوثيون.

بداية المعارك التي استمرت نحو 100 يوم، كانت من جانب مجموعة من العناصر الحوثية حينما حاولت الدخول إلى الأراضي السعودية بالقوة عبر جبلي الدخان والدود جنوب شرقي محافظة الحُرّث، مستخدمين أسلحة محمولة متطورة.

السعودية اعتبرت وقتها أن ما قام به من تسميهم بالمتسللين المسلحين، هو انتهاك لسيادة أراضيها، ويعطيها كامل الحق بالرد على هذا العمل، لتخوض وحدات الجيش في ذلك الوقت معركة تطهير الحدود الجنوبية.

ولكن كيف أصبح المكان بعد تلك المعارك؟ كشفت جولة «الشرق الأوسط» التي قامت بها هناك عودة الهدوء على الشريط الحدودي بين السعودية واليمن.

وبعد انقشاع سحابة الدخان التي كانت تحيط بالمكان، بات في الإمكان مشاهدة حالة الدمار التي لحقت بالمنازل والقرى التي كانت مسرحا للأحداث في ذلك الوقت. ويعكس الدمار الهائل الذي بدا على بعض المنازل الواقعة على الجانب السعودي، قوة وتطور الأسلحة التي استخدمها الحوثيون في تلك الحرب.

لا يمكنك خلال تجولك في المكان أن تشاهد إنسانا في القرى التي تم إخلاؤها. فما يمكنك مشاهدته فقط هو قطعان الأغنام التي ترعى في جنبات المكان.

ومعلوم أن معارك تطهير الحدود الجنوبية السعودية من الوجود الحوثي، أسفرت عن نزوح آلاف العائلات القروية إلى مخيمات خصصت للنازحين من تلك الأحداث، وأمر خادم الحرمين الشريفين ببناء 10 آلاف وحدة سكنية لهم.

ولا تفكر السعودية في إعادة سكان القرى التي تم إخلاؤها إلى مساكنهم السابقة، وذلك للكثير من الأسباب التي تأتي في مقدمتها الرغبة في حماية ساكني تلك القرى، من بقايا تلك المعارك، وخصوصا الألغام الأرضية التي حرص المتسللون الحوثيون على نشرها في القرى السعودية خلال تسللهم إليها وقت الأحداث.

وكما كانت البداية مع حرس الحدود، يجدر بالنهاية أيضا أن تكون كذلك، فقوات حرس الحدود التي زادتها الأحداث الأخيرة إصرارا وتصميما على بذل الغالي والنفيس في سبيل حماية الشريط الحدودي، تتسلم زمام الأمور بشكل كامل في مناطق الأحداث، بعد أن أنهت وحدات الجيش مهمة تطهير الأراضي السعودية.