البدانة.. هاجس العصر ومحط أنظار مراكز الحمية والنوادي الصحية

أساليب العيش الحديثة تسببت في انتشارها

أنماط العيش الحديثة أدت إلى الإقلال من الجهد العضلي ومن أنواع الحركة والرياضة («الشرق الأوسط»)
TT

أشعلت طبيعة الحياة العصرية ومفرزاتها، لدى الرجال والنساء على حد سواء، هاجس البدانة ومضارها الصحية، مما دفع للسعي وراء أنظمة «الحمية» بأنواعها، والدخول في برامج «التخسيس» التي تجريها الأندية الصحية، بحثا منهم عن الرشاقة واستعادة اللياقة، بعد أن تسببت أساليب العيش الحديثة في قلة الحركة وقلة أداء المجهودات العضلية، بالإضافة إلى انتشار الوجبات السريعة، التي أدت بشكل أو بآخر، إلى عدم انتظام مواعيد الأكل لدى الكثيرين.

أنماط العيش الحديثة وطبيعة الأعمال اليومية، أدت إلى الإقلال من الجهد العضلي ومن أنواع الحركة والرياضة، حتى بات البعض لا يستهلك جميع السعرات التي يتناولها خلال غذائه اليومي، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه، أمام العديد من الحلول التي تم استثمارها، لتنتشر بذلك مراكز الحمية، التي بدأ التنافس يشتد بينها خلال السنوات الماضية.

ديما أحمد اختصاصية تغذية في أحد مراكز الحمية المتخصصة في العاصمة السعودية الرياض، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن أنظمة الحمية التي يتم صرفها لمراجعي المركز، تتفاوت حسب حاجة كل حالة، حيث يتصف بعضها بالصفة العلاجية، فيما يكون البعض الآخر مركزا على تخفيف الوزن من ناحية، أو المحافظة عليه من ناحية أخرى، مبينة في ذات الوقت، أن الحمية الغذائية، نظام غذائي يعمل على معالجة السمنة، وداء السكري، وارتفاع معدل الكولسترول في الدم، بالإضافة إلى ارتفاع ضغط الدم وأمراض خلل التمثيل الغذائي.

وأوضحت اختصاصية التغذية أن أغلب مراجعي المركز الذي تعمل به، من الذين يعانون من السمنة، مفندة في ذات الوقت أسباب السمنة لديهم، التي في الغالب ما تكون ما بين أسباب صحية مثل المشكلات الهرمونية، وكسل الغدد الدرقية، وأخرى تتمثل في قلة الوعي الغذائي، وعدم الدراية بالأساليب الصحية في الغذاء، حيث أكدت أن المركز لم يغفل الجانب التثقيفي لدى المراجعين، عبر توجيههم للسير في برامج تغذية خاصة، تساعدهم على تجاوز ما أسمته بـ«أزمة السمنة».

من جانب آخر وفي سياق ذي صله، أكد الدكتور أحمد سامح اختصاصي باطنية في أحد مستشفيات العاصمة الرياض، على وجود عدد من برامج الحمية الغذائية ذات النتائج السريعة، وذلك عبر عدم صرف مقادير كافية من الطاقة المكتسبة في الجسم، معتبرا تلك البرامج عديمة الفائدة على المدى البعيد، خاصة تلك التي ترتكز على إبقاء الوزن ثابتا حال اتباع نوع ما من برامج الحمية.

ويرى الدكتور أحمد الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» أن التقليل من السعرات الحرارية، ضروري للعودة بالجسم إلى الوزن الطبيعي، مشترطا أن تكون تلك السعرات الحرارية التي يتناولها الفرد تحت إشراف طبي متخصص، مبينا أن تلك الطرق المفعمة بأغذية متوازنة، باتت الأكثر شيوعا في السنوات الأخيرة، ومع انتشار السمنة في الأوساط النسائية والرجالية.

واعتبر فهم المتطلبات الضرورية للجسم، عاملا مساعدا على اختيار الطعام الصحي المناسب للجسم، مشيرا إلى 3 مقومات تعمل على تحرير الجسم للطاقة، تتمثل في معدل السرعة الأساسية لكمية الطاقة التي يحتاجها الجسم، للقيام بالفعاليات الحيوية، وكمية الطاقة المصروفة خلال الفعاليات الرياضية، بالإضافة إلى التأثير الحراري للطعام.

وهنا عادت ديما أحمد لتشير إلى أن أكثر الملتزمين بأنظمة الحمية التي يوجهون للسير وفقها، غالبا ما يكونون من كبار السن ممن يعانون من الأمراض المزمنة، مثل أمراض السكري، وارتفاع ضغط الدم، ليأتي عقبهم من يضعون لأنفسهم هدفا محددا لإنقاص قدر معين من الوزن، والمحافظة على بنية جسمية معينة.

ويقوم اختصاصي التغذية بمحاورة المريض وأسرته في نوعية الأطعمة التي يتناولها، وذلك في إطار علم الأمراض المتعلق بالتغذية، ويتمتع الغالب منهم بالقدرة على تشخيص الحالات المرضية، وهم الأكثر تأهيلا، لوصف الحمية الغذائية، لدرايتهم وخبرتهم بكيفية تقييم الحالة الصحية، والغذائية، ومكونات الأطعمة المتوفرة في الأسواق، وبدائل الأطعمة حسب المجموعات الغذائية الرئيسية.

وتعد البدانة إشكالية رئيسية في العالم بأسره، كونها تؤثر تأثيرا مباشرا، بل وتزيد من معدل الأمراض والوفيات، وتعتبر عامل خطورة لارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب التاجية، ومرض البول (السكري) غير المعتمد على الأنسولين والسرطان.

وبحسب دراسات أجريت، فالبدانة تعتبر مرضا متعدد العوامل، وذا أصول جينية، وبعضها غُدّي وبعضها الآخر بيئي، ينتج عن عدم التوازن بين كمية الطاقة المدخلة إلى الجسم، وكمية الطاقة المستهلكة.