«الشؤون الإسلامية» تجدد التحذير من جمع أموال عبر مشروع «إفطار صائم»

وكيل الوزارة لـ «الشرق الأوسط» : لا نشكك في أحد.. لكننا حريصون على الضوابط الصحيحة

جمع التبرعات لأي غرض من الأغراض في المساجد، ومنها تفطير الصائم، غير جائز («الشرق الأوسط»)
TT

حذرت «الشؤون الإسلامية والأوقاف» أئمة المساجد في السعودية من جمع تبرعات لـ«مشروع صائم»، مانعة أي محاولة للاجتهادات الفردية لجمع مبالغ مالية في مشروعات خيرية ترتبط برمضان وغيره من الشهور، دون أن تمر عبر القنوات الرسمية وتحت غطاء حكومي.

وقال الدكتور توفيق السديري، وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف لـ«الشرق الأوسط» إن جمع التبرعات لأي غرض من الأغراض في المساجد، ومنها تفطير الصائم، غير جائز ويحاسب القائمون بجمع التبرعات عليه، سواء كان إمام المسجد أو غيره، وزاد «يتم التأكيد الدوري على أئمة المساجد وتحديد مسؤوليتهم في ذلك، وأي حالة يثبت فيها جمع تبرعات يتم التحقيق فيها ومسائلة الإمام ومعرفة المبالغ التي جمعت وأين ذهبت ولماذا جمعت».

وأفاد الدكتور السديري بأن من يقوم بجمع الأموال فعمله غير مقبول تماما، وهذا لا يعني أن الوزارة ضد برامج التفطير لكنها يجب أن تمر وفق الضوابط التي فرضتها الجهات الرسمية، والأخيرة لديها برامجها الخاصة في استضافة طالبي الخير وباحثي الأجر وفق عمل منظم وممنهج بين وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف وإمارات المناطق المختلفة.

وأضاف «الإفطار العيني الذي يأتي به سكان الحي والمناطق المجاورة للمسجد مرحب به في حالة واحدة فقط، وهي أن يكون مجتازا للشروط والمعايير الصحية، حيث يجب أن يتم تنظيمه موافقا للاشتراطات الصحية، وينبغي ألا يسبب اتساخا للمساجد وانبعاثا للروائح الكريهة التي جعلها الله أماكن للعبادة والصلوات».

وحول إمكانية أن يتسلل أحد ممولي العمليات الإرهابية عن طريق الجمعيات الخيرية، استبعد وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف ذلك، مؤكدا أن الجمعيات الخيرية مربوطة بحسابات بنكية ومراقبة، وهو ما تحرص عليه الجهات المسؤولة حيث ضمان أن تكون المساعدات المالية لفقراء المسلمين قد وصلت إلى مستحقيها تحت غطاء رسمي، وقال «مشكلتنا في الأفراد الذين يستقبلون التبرعات والذين لا يجب تسليمهم أي مبالغ مالية أيا تكن أسماؤهم وسمعتهم ومقامهم، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف لا تشكك في أحد، لكنها في السياق نفسه حريصة على أن يمر العمل الخيري وفق ضوابطه الصحيحة».

وعن العقوبة التي ستسنها وزارته في حالة ثبوت تورط أحد الأئمة في جمع تبرعات مالية، علق السديري بأنه سيتم حسابه مباشرة بالتحقيق معه، ومصادرة الأموال وإيداعها لدى الجهات المعنية المختصة، ومعرفة الأشخاص الذين تبرعوا بالأموال، ومعرفة أين ذهبت الأموال وكيف صرفت، وبالتالي حسب ما يتضح في التحقيق سيتم عقاب من قام بذلك.

من جانبه، علق الدكتور علي بن مرزوق، أستاذ الفقه الإسلامي في جامعة أم القرى لـ«الشرق الأوسط»، بأن اتخاذ وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف قرارات مثل هذه نابع عن دراسات معمقة، وهذه التنظيمات تصب في المصلحة النظامية والشرعية، وقد تقتضي السياسة الشرعية ذلك، وكل التنظيمات التي تصدر من المؤسسات الحكومية هي صادرة في أصلها عن ولي الأمر، والأئمة والمواطنون في هذا الجانب يجب عليهم اتباعها، امتدادا لطاعة الله سبحانه وتعالى في طاعة ولي الأمر، لا سيما أن هذه الأمور مبنية على المصالح والمفاسد، وإذا كان ولي الأمر رأى أن هذه المصلحة تقتضي هذه الوسيلة وهذه الطريقة فاتباعها واجب.

وأضاف الدكتور علي، أن مصلحة هذه القرارات هي ظاهرة سواء للمتبرعين أو المستفيدين من المسلمين، لأنها حين تمر بقنوات معينة ومحددة، فهذا يعني ثقة المتبرع بأن ماله وصل إلى الجهة المراد التبرع لها، عبر الجهات الرسمية التي تعلم ضمنا الجهات المحددة الواجب إيصال التبرعات إليها، وعدم حدوث ذلك سيؤدي بدوره إلى عدم إيصال تلك الأموال إلى أيد غير أمينة، وهو ما لاحظناه عن كثب من خلال وسائل الإعلام عن أولئك الذين مرروا مبالغ مالية إلى جهات خارجية عن طريق شبكات متعددة، ناهيك عن الذين استخدموا تلك الأموال لصالحهم.

وأبان أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة أم القرى، أن تسرب تلك الأموال كارثة تهدد الأمن الاقتصادي والفكري على حد سواء، ووزارة الشؤون الإسلامية تعرف الجوانب الشرعية اللازمة جراء تشديدها على مرور عمليات الأموال عبر القنوات الرسمية والمواطن المعتبرة، وهذا مجرد تقنين لا تضييق في وجه العمل الخيري بطريقة ظاهرة وبينة، تضمن وصول الأموال إلى مستحقيها.

وقال الدكتور علي، إن آخذي الأموال بطريقة غير شرعية ستصادفهم عقوبات شرعية تعزيرية ضد من قام باختلاس أموال معينة وصرفها في غير أهلها، وكون الحاكم يقنن عقوبة تعزيرية معينة فهذا حق له حسب الضوابط الشرعية، بخصوص العقوبات التغريمية أو السجن التعزيري، وقد تقتضي عقوبة الفصل إذا لزم ذلك.