فنادق مكة تتجاوز أزمة «إنفلونزا الخنازير».. وفنادق المدينة تواجه خسائر «الانحسار الجوي»

نحو 100 مليون دولار خسائر المدينة.. وإشغال 100% لفنادق مكة في العشر الأواخر

المدينتان المقدستان تمتلكان أكبر عدد غرف فندقية في العالم الإسلامي («الشرق الأوسط»)
TT

ما أن انقشعت «فوبيا» إنفلونزا الخنازير في المدينة المنورة، حتى تجلت أزمة انقطاع الإمداد الجوي السعودي والمصري للمعتمرين من وإلى المدينة المنورة لتخلف خسائر اقتصادية ربت على المائة مليون دولار، لمائة وثمانين يوما، كانت العمر الحقيقي لانحسار الجسر الجوي الذي اعتاد أن يحتضن أربع عشرة طائرة يوميا، لتأتي «الدوامة» الجديدة مفقدة نحو 450 فندقا «التوازن»، ومبعثرة نسب الإشغال الفندقي التي ما برحت تترنح بين 40 في المائة إلى 60 في مدينة تمتلك أكبر عدد غرف فندقية في العالم الإسلامي.

وإن كان المشهد في مكة المكرمة يبدو أكثر تعافيا جراء ما وصفته جهات رقابية بـ«المرونة» التي تحلت بها وزارة الحج نظير سماحها في بداية شعبان (يوليو/ تموز) بنسبة زيادة قدرت بـ16 في المائة، فإنه لم يغلق باب الحجوزات مبكرا عدا في بعض الفنادق المتاخمة للحرم المكي، يأتي ذلك في وقت ما فتئت الهيئة العليا للسياحة، تجري جولات «إحماء» نحو محاسبة «النجوم» التي نيشت بها فنادق غير مؤهلة لتصنيفاتها.

وذكر وليد أبو سبعة، رئيس لجنة الفنادق بالغرفة التجارية الصناعية في العاصمة المقدسة لـ«الشرق الأوسط»، أن موسم رمضان لهذا العام يختلف كلية عن موسم رمضان في العام الماضي، نظرا إلى انقشاع غمة إنفلونزا الخنازير، وكان تعطش كبير سواء في السوق الداخلية أو في سوق الخليج، وهو ما حدا إلى ارتفاع نسبة الإشغال، مفيدا بأن وزارة الحج كان لها الأثر الأكبر في زيادة أعداد القادمين في آخر موسم شعبان وهو ما دفع إلى الارتفاع المتزايد على جميع فنادق العاصمة المقدسة من دون استثناء، خاصة ما قرب من الحرم.

وقدر رئيس لجنة الفنادق نسبة الإشغال منذ الأول من رمضان وحتى العشرين منه بنحو 80 في المائة وهي نسبة كبيرة إذا قورنت بالعام الماضي وحتى العام قبل الماضي، وزاد بالقول «كان للمرونة الكبيرة من قبل وزارة الحج الأثر الكبير في حجم التشغيل، نظرا إلى تفهمها لأهمية الصناعة الفندقية في مدينة تعتبر من أهم البلدان المضطلعة بالأعمال الفندقية، فكانت وزارة الحج بمثابة الأذن التي استمعت جيدا إلى نداءات المستثمرين».

وأضاف أبو سبعة أن «المتضررين بدأوا في التشكي منذ غرة شهر شعبان، حين نزلت الأعداد الأولية للدول وهو ما أسهب في فتح باب التأشيرات من قبل وزارة الحج، وأتت الزيادة بنسبة 16 في المائة لأعداد المعتمرين الذين قدموا في رمضان لعدد مقدر بـ920 ألف معتمر لمن صدرت لهم تأشيرات وهو ما عكس أداء ممتازا لنسبة الإشغال في السوق، مشيرا إلى أن نسبة الإشغال في الفترة الماضية بلغت 80 في المائة إلى 90 في المائة، متوقعا نشبة إشغال كاملة في العشر الأواخر.

وساق رئيس لجنة الفنادق مثلا لقوة الاستثمار الفندقي، بأنه يتمركز في مكة المكرمة من بين جميع مدن العالم، وهو عائد ممتاز لأي مستثمر يرغب في الاستثمار الفندقي، بحكم الاستمرارية والطلب المستمر على العمرة والحج من جميع مسلمي العالم، وهي قضية لا تحتاج إلى تسويق بحسب رأي أبو سبعة، بحكم أنها صناعة ثابتة بمنأى عن التوقعات، والعوامل الجوية وما إلى ذلك، فهي صناعة ثابتة إلى أمد بعيد وهي دائما في تزايد من ناحية عدد الفنادق ومن حيث قيمة العقارات والمستثمرون في مكة المكرمة وبزيادة ملحوظة دائما.

وكشف أبو سبعة عن أن أعداد الفنادق في مكة المكرمة قبل الهدد (أعمال الإزالة التي طالت مواقع الشامية قرب الحرم)، كان يتجاوز 660 فندقا، وبعد تدخل الهيئة العامة للسياحة بمعية أعمال الإزالة وصل معدل الغرف إلى 110 آلاف غرفة فندقية متوافرة الآن، مرجعا السبب في ذلك إلى أنه حين عمل مقارنة منذ افتتاح نظام العمرة، آليا منذ عشر سنوات، كان عدد المعتمرين في أول سنة مليونا وثماني مائة، الذين يدخلون الأراضي السعودية، ليصل عدد المعتمرين في هذا العام إلى أربعة ملايين معتمر، ليتحكم عنصر الطلب في إثراء تلك الصناعة وإنعاشها وارتفاع أسعار العقارات، وكثير من المستثمرين الجدد يدخلون السوق.

وأشار رئيس الفنادق إلى أن أي قرار جديد يعقبه تغيير فيما يخص التصنيفات الفندقية الأخيرة للهيئة العليا للسياحة، وهي مسألة «رقي» للفنادق الموجودة لأنه تصنيف قدم على أساس متغير يأمل النهوض بالصناعة الفندقية في فئات الثلاثة والأربعة والخمسة نجوم، وهو ما يفضي إلى نتائج جيدة في خدمات تلك الفنادق، من ناحية سلامة المبنى والخدمات الموجودة في المبنى، والاشتراطات الصحية التي تشملها تلك المباني، والهدف الذي يندرج تحت هذا وذاك هو الارتقاء بالخدمة، وتأمين الأماكن المناسبة للسكن، مشيرا إلى أن مسألة الحجوزات لفنادق العاصمة المقدسة باتت صحيحة في بعض المناطق القريبة جدا من الحرم، خاصة في المناطق القريبة من المنطقة المركزية، بحيث لا تجد هناك أماكن منذ بداية الشهر الكريم، متوقعا استمرارية تمام الإشغال لنفس النسبة في رمضان، مبينا أن مسألة الحجوزات ليست صادقة 100 في المائة في شهر رمضان، لكنها تدنو إلى الصواب في بعض المواقع.

وحول نسبة الأسعار ومقارنتها عالميا يرى أبو سبعة أنها مسألة صعبة، ففي بعض الأماكن في العشر الأواخر من رمضان تجد أن سعر الغرفة المزدوجة في بعض الأحيان يتعدى الخمسين ألف ريال مع الطعام، لينزل تباعا وتباينا من فندق إلى آخر ما بين الأربعين والثلاثين والعشرين وحتى الألفي ريال لليلة الواحدة.

وأبان أبو سبعة أن تلك النسب منطقية متى ما وضع في الحسبان سعر المتر العقاري في المنطقة المركزية وهي أسعار «معقولة» متى ما قورنت بقيمة الاستثمار، فحين تشتري موقعا بقيمة مائة مليون ريال تقريبا ولديك فترة زمنية معينة، يجب أن تكون قيمة استثمارك بدخل ما يقارب 5 في المائة، وقيمة جميع الاستثمارات في مكة المكرمة بأكملها لا تتجاوز 5 في المائة، فمنطقيا كعقار تجد نفسك أقل الناس على مستوى العالم، ومعظم الناس يرون أنها أسعار مرتفعة جدا ويجهلون أسعار المتر العقاري في المنطقة المركزية وما حولها، وحتى في الأماكن المحورية في بقية العاصمة المقدسة، واصفا قيمة العقار بالمبالغ فيها، فالعاملون مربوطون ببعض.

إلى ذلك وصف عبد الحق عقبي، الخبير في التراث العمراني ورئيس هيئة تطوير مكة والمدينة والمشاعر سابقا، لـ«الشرق الأوسط» أن مرض إنفلونزا الخنازير كان عارضا ألم بفنادق المدينة المنورة وأن أي استثمار فندقي لا يخلو من نسب المخاطرة المعتادة على الرغم من وجود الإجراءات الاحترازية والاحتياطية، وعلى الرغم من جميع التأكيدات والتقارير الصحية التي واكبتنا طيلة انتشار المرض، مبينا أن مسألة النمو الاقتصادي في جل الدراسات التي قام بالاطلاع عليها إبان توليه رئاسة التطوير هي التي تتوقع انخفاضا بسيطا على مدى السنتين المقبلتين بما يختص بدرجات الأربعة والخمسة نجوم الفندقية بحكم أن فئة الخمسة نجوم تتطلب مواصفات خاصة من الزوار، بحكم قلة الراغبين فيها.

وأضاف أن «أعداد القادمين إلى كل من المدينة المنورة ومكة المكرمة، مرهون بتسهيل الإجراءات الحكومية، في جميع منافذ السعودية عن طريق السفارات والقنصليات والتنسيق المستمر وهو ما من شأنه أن يحفز الزائرين نحو القدوم إلى كل من مكة والمدينة، ومسألة إجراءات وزارة الحج وتصاريح الأجهزة الحكومية وهو ما تطلب في فترة مضت أن تكون تلك التسهيلات على حساب الجودة فيما يتعلق بالمباني الفندقية».

وبين عبد الحق عقبي أن «الاشتراطات والالتزامات التي تفرضها الأجهزة الحكومية باتت أكثر صرامة، وهذا ما سيعكس تذبذبا في السنتين المقبلتين، بمعنى أن الطلب سيكون قليلا ومعدل الإشغال على مستوى العام بالكامل لن يتجاوز 75 في المائة في أحسن الحالات، وبعد سنتين أو ثلاث سوف يبدأ الارتفاع المنطقي المتوازي مع زيادة حجم المعروض، وهناك فنادق تتأهب للدخول في الصناعة الفندقية في كل من مكة والمدينة خلال السنتين المقبلتين، وهو ما سيسبب هبوطا في المستوى العام في مستوى الإشغال، وسيشهد قابل الأيام تطبيق معايير التصنيفات الفندقية من خلال الهيئة العليا للسياحة وهو ما سيسجل نوعا من الخلخلة المزدوجة، وسيخلق نوعا من التوازن بين المعروض والمطلوب».

وقال عقبي إن هناك جزئية معروفة في سوق العمرة، وهي انخفاض الإشغال الفندقي منذ بداية شهر شوال إلى آخره، حتى وإن وضعنا في الحسبان أن مفهوم العمرة المفتوحة من شأنه تغيير بعض المفاهيم، لكننا نتكلم عن معدلات كانت مستمرة إلى العام الماضي، وهذا الشيء ينطبق على شهر صفر من بدايته وحتى المنتصف منه تكون نسبة الإشغال في أدنى مستوياتها، كل هذه العوامل تجعل من سوق الفندقة المصنفة في حالة اضطرابات متتالية، مشيرا إلى أن قرار الهيئة العليا للسياحة الذي سيبدأ تطبيقه قريبا هو قرار صائب، وهو تصنيف ليس له أي علاقة بالاستثمار ويتعلق فقط بالخدمة، وهي ذات سمات عالمية، ولا يمكن التنازل عن المستويات الفندقية العالمية، ولا يمكن تصنيف السعودية بمعزل عن العالم، وما سيجري هو تصنيف يتناسب مع مكانة السعودية عالميا وإسلاميا حسب رؤية سعودية محضة، مبينا أن القرار أدى إلى استثنائية كل من مكة والمدينة بحكم الحاجة الملحة إلى الإسكان فيما يختص بموضوع المسابح والفراغات الفندقية، ومواقف السيارات، وهو ما يشق على المساحات الضيقة في العاصمتين المقدستين بحكم أن قيمة الأراضي أضحت باهظة جدا، واشتراطات الترفيه خارج حدود الحاجة الملحة إلى الأماكن المحورية فيهما، شريطة ألا يكون هناك تنازل نهائيا عن مستوى الجودة.

واستطرد الخبير في التراث العمراني بالقول، إن العاصمتين المقدستين متجهتان نحو الجودة في تطبيق الاشتراطات الفندقية العالمية، ومن ليس لديه القدرة على مواكبة التطوير فعليه أن يترجل عن الركب ويترك الفرصة إلى من يستطيع تطبيق معايير الجودة، وهو ما سينعكس إيجابا على رفع مستويات الجودة، وزيادة نسبة الإشغال تأسيا ببقية دول العالم، ومن يريد الدخول إلى السوق الفندقية فلا بد أن يعي جيدا النظرة التنافسية التي تنطلق منها السعودية، في عملية التوثب نحو الوصول إلى درجات متقدمة في وسائل الجودة، مشيرا إلى أن الفندقة هي صناعة عالمية، في زمن نراعي فيه «الخصوصية»، وخصوصيتنا محفوظة حتى والسعودية تدخل إلى منظمة التجارة العالمية، ولا مناص من الجودة، معتبرا أن أسعار الفنادق في الداخل في مرحلة من المراحل أقل دول العالم من ناحية الأسعار الفندقية، وزاد «متوسط الغرفة العادية لفئة الخمسة نجوم هي مائة دولار، توازيا مع سعر الغرفة لفئة الثلاثة نجوم في دول العالم الثالث، ولم تأخذ الأبعاد الفندقية حقها في البلاد إلا في غضون الخمسة عشر عاما الماضية، ومفهوم الضيافة وكرمها كان عالقا بالصناعة الفندقية منذ زمن طويل».

وأبان عقبي أن مسألة «جودة» الفنادق في المدينة المنورة كانت تشهد تنازلات كثيرة، بحكم غياب المتابعة الدقيقة، نظرا إلى القلة العددية في متابعة الشأن الفندقي وضعف الإمكانات، في مدينة هي أكثر مدينة سعودية لديها غرف فندقية، وبالتالي هذا الحشد الفندقي الكبير يقابله إدارة متابعة متواضعة ليس فيها إلا ثلاثة أشخاص فقط، على الرغم من عملهم ما يمكن عمله في حقب مضت، والفترة المقبلة تتطلب صرامة في تطبيق المعايير بحكم أن الزبون يتطلع إلى خدمة.

وبالعودة إلى العاصمة المقدسة، فقد اعتبر هشام عفيفي، مدير فندق «قراند كورال» في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الصناعة الفندقية قفزت في الآونة الأخيرة قفزة نوعية ليست في العاصمة المقدسة فقط، بل في جميع السعودية وذلك بعد أن بدأت الهيئة العليا للسياحة في تنظيم قطاع السياحة بشكل عام، ومن ضمنه قطاع الإيواء، بقيادة رائدها الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، ومنسوبي الهيئة الذين تم اختيارهم بناء على معايير أستطيع أن أطلق عليها دولية في هذا المجال المهم والحيوي، مفيدا بأن القطاع السياحي استطاع أن ينهض ويساهم في خطط التنمية بقوة، ولعل الزوار والمعتمرين لهذا العام المبارك 1431هـ قد أحسوا ببعض الفوارق في الخدمة والتنافس على تقديم الأفضل من جانب الفنادق.

وأشار إلى أنه من أهم أساليب الدعم في الوقت الحاضر، التكاتف والتعاون مع متطلبات الهيئة لتحقيق رؤية رائدها باعتبار أن تعتمد إدارة للجودة في الفنادق كافة، وذلك لمتابعة سير العمليات الفندقية.

من جانبه، اعتبر مروان حفظي، نائب رئيس لجنة السياحة والعمرة في الغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن عملية إيقاف الرحلات الدولية من قبل الطيران السعودي والمصري كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر الصناعة الفندقية في المدينة المنورة بعد أن أفاقت حديثا من الخسائر المدوية التي عصفت بفنادقها في العام الماضي جراء «الفوبيا» التي أصابت العالم وخلقت نوعا من الامتناع عن السفر نحو الأماكن المزدحمة.

وزاد «ما زلنا عالقين في دوامة توقف الرحلات الجوية نحو المدينة المنورة وهو ما سبب غياب الفئة الباحثة عن فنادق الخمسة نجوم».

وأوضح مروان حفظي أن هذا القرار ألقى بتبعات اقتصادية وخسائر كبيرة تعدت حاجز المائة مليون دولار لصعوبة السفر من وإلى مصر حيث يتطلب ذلك السفر مدة تصل إلى أربع وعشرين ساعة وهو أمر شاق ومتعب جسديا وما زلنا نأمل حل المشكلة العالقة التي لحقت بالمعتمر والطالب والطبيب والسائح والجميع تكبد تلك المشقة، وهو ما أسهب في ازدحام كبير على الطريق بين مكة والمدينة وزيادة عدد المركبات والضغط الشديد على الطريق السريع.

وأضاف «لك أن تتخيل أنه في مواسم سابقة كان عدد الرحلات من مصر إلى السعودية يصل إلى تسع رحلات يومية، وكانت تلك الرحلات تدفع بعجلة النمو الفندقي وتساهم في عمليات اتزان لنسب الإشغال، وهو ما تسبب في ضربة اقتصادية ثانية لحقت بفنادق المدينة المنورة من دون استثناء، ودخلنا في عملية تسويف مستمرة لحل القضية الشائكة.

وفي العاصمة المقدسة اعتبر سعد جميل القرشي، رئيس لجنتي الحج والعمرة بالغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن خبر إعلان عدد من فنادق المنطقة المركزية إغلاق باب الحجوزات بها حتى نهاية شهر رمضان هو حديث غير صحيح، وقال إنها لم تصل إلى الإشغال الكامل، ولم تتوقف عملية الحجوزات نهائيا، مبينا أن أسعار الفنادق هذا العام تغيرت بالكامل عن العام الماضي، ولك أن تتخيل أن غرفة في برج «الجوار»، تأجرت بخمسة آلاف ريال في العام جراء وباء الخنازير، بينما تكلفة إيجارها لهذا العام تصل إلى خمسة وعشرين ألف ريال لليلة الواحدة، وزاد بالقول «من أهم الخطط التي قمنا بإعدادها، أخذ التدابير الكافية من أجل الحيلولة دون وقوع أي تجاوزات على الأنظمة المعمول بها، وأن ورش العمل للحج سيتم البدء فيها في شوال تحت إشراف الجهات العليا، ولدينا ورقة عمل سنقوم بتقديمها إلى غرفة مكة في مؤتمر جودة الحج والعمرة».

وفي شأن متصل علق محمود رشوان، رئيس اللجنة التجارية بالغرفة الصناعية في مكة المكرمة، لـ«الشرق الأوسط»، أن تراكم السنوات الماضية خلق استثمارات بمليارات الدولارات، خصوصا من تملكوا العقارات في السنوات الماضية، حيث اشتروا الأراضي بعشرات أضعافها عما طرح من المستثمرين القدامى، ناهيك عن تكلفة البناء ومواده التي تضاعفت أسعارها من ثلاثمائة إلى أربعمائة، وحين نضجت عقاراتهم دخلوا في دوامة إنفلونزا الخنازير، وتوقف الطيران الجوي من وإلى مصر، بعد أن منع الإيرانيون في وقت مضى معتمريهم من السفر بسبب داء الخنازير وخطر العدوى، مفيدا بأنه في موسم الحج فإن الحصص موزعة وعملية الإشغال حاصلة لا محالة، بينما في العمرة وعلى مدار العام ساهمت هذه الأحداث في تأثير محدود على المعتمر بحكم المشقة التي تنال المعتمر.

وأبان رشوان، أن خط العمرة كان مفتوحا، وكثير من المعتمرين الذين ينتهجون خط سير معين حصل لهم نوع من الربكة فإما أن يأتوا عن طريق ينبع وإما عن طريق جدة في حال توافرت لهم حجوزات، وهو ما يعكس سلبا تردي الحالة التجارية والاقتصادية في كثير من المحلات التجارية في المدينة المنورة، نظرا إلى أن هناك استثمارات كبيرة جدا قائمة على موسمي الحج والعمرة، مستشهدا بأن قرار الجهات الحكومية يلعب دورا كبيرا في ضخ الدماء في الصناعة الفندقية والتجارية بالمدينة المنورة، وعلى سبيل المثال، كانت «دلة البركة» أول الاستثمارات الفندقية في السابق بتكلفة مليار ريال سعودي، في الماضي، أي ما يعادل ثلاثة مليارات بسعر الآن، واضطرت إلى إغلاق مجموعتها قبل فتح باب العمرة على مدار العام.

وأبان رشوان أنه لا يجب أن يغفل دور القطاع الخاص بحكم أنه شريك في التنمية من حيث الإشراك في صنع القرار، نظرا إلى السيولة الكبيرة التي ضخها في السوق منذ سنين طويلة وهو شعار رفعته الدولة منذ أكثر من خمسة عشر عاما، وعقدت على أثره اجتماعات كثيرة ومطولة تخللتها ورش عمل متعاقبة تهدف إلى التعريف بأهمية الاستثمار الخاص في دفع عجلة التنمية، وشارك فيها 6 وزراء من الدولة، وحين نأتي إلى قطاع الحج والعمرة نجد قرارات بشكل منفرد، لم تدرس بطريقة كافية تلقي بظلالها على الاستثمارات بشكل كامل.

وقال إن نسبة الإشغال ستصل إلى 70 في المائة، وحجم الاستثمار الفندقي محصور في الأجانب خارج الحلقة الدائرية الثانية، وداخل الحلقة الدائرية الأولى هي فقط حقوق انتفاع، كاشفا عن أن الاستثمار في القطاع الفندقي هو فقط للأجانب ويدخل في عملية تستر إلى تستر - بحسب رشوان - ولا يوجد هناك استثمار أجنبي حقيقي في المدينة، لأن الاستثمار الحالي هو ملك سعوديين وإنشاء مبان عليها وتأجيرها لأجانب في عملية تستر واضحة لا تعود باقتصادات على البلد وأهله، يواكب ذلك حرب أسعار وتلاعب رقمي، حيث يعود ريعها لأجانب موجودين في السعودية.

وذكر رئيس اللجنة التجارية بغرفة المدينة، أن عدد الفنادق في المدينة يتجاوز الأربعمائة فندق ولا تقل مستوياتها بأي حال من الأحوال عن الثلاثة نجوم، وهناك بعض الفنادق خارج المنطقة المركزية بأربعة نجوم وهي في الأصل نجمة أو نجمتان، نظرا إلى الفساد الإداري والتلاعب في عمليات التصنيف، وهو ما سيوقف الوكلاء السياحيين «الصوريين» الذين اعتادوا عقد اتفاقيات لمجاميع المعتمرين على فئات غير صحيحة نهائيا، فحان دور الهيئة لتقلم أظافر المتلاعبين بالتصنيفات والنجوم، وشركات الحج والعمرة ظاهرها سعوديون وباطنها عمالات من جنسيات مختلفة، لا تأخذها هوادة في التلاعب بالأنظمة والقرارات.

واختتم محمود رشوان بقوله، إن وسطاء «الرشوة» في الحصول على تصاريح فنادق في الحلقة الثانية وقعوا الآن في مأزق التصنيف، لأن السوق التجارية أصبحت سوقا حرة وينبغي أن تكون الخدمات المقدمة مطابقة للمواصفات العالمية، لأن القطاع الخاص أصبح يعمل تحت مظلة اتحادات الغرف التجارية، وفي نهاية الأمر يخرج الجميع بحلول مشتركة نحو خلق آراء متعددة لا أحادية تجني على الصناعة العقارية مليارات الدولارات.