ارتفاع نسبة الإقبال على المطاعم في رمضان 20% عن العام الماضي

مطاعم السعودية في الشهر الفضيل.. إشباع للأذواق وسط روحانية الأجواء

المطاعم على مختلف فئاتها يستعد كل منها على طريقته لجذب الناس إلى موائده في رمضان (تصوير: عبد الله العتيق)
TT

أعداد تتزايد في قوائم الحجوزات لدى المطاعم، وتنافس محموم على تقديم أفضل الخدمات وتهيئة الأجواء الرمضانية، بل إن بعض المطاعم الأجنبية بدأت بإدخال وجبات عربية تتميز بطابعها الرمضاني للمحافظة على عملائها خلال شهر رمضان المبارك، وسط توقعات بزيادة الإقبال على المطاعم بنسبة 20 في المائة مقارنة بالعام الماضي.

وبشكل عام، يكتسب الطعام في رمضان أهمية خاصة، حيث يتطلع الناس إلى الإفطار بنهاية النهار، وتتجمع العائلة أو الأصدقاء أو حتى زملاء العمل، ويخصصون عدة ساعات لتناول الطعام، في حين أن شهر رمضان وافق هذا العام الإجازة الصيفية، وهو التوقيت الذي يكثر فيه خروج الأهل والأصدقاء للمطاعم والمتنزهات.

ومن المشاهد الجميلة في رمضان، انتظار الإفطار بشكل جماعي في عبادة فردية، فعلى الرغم من أن الصوم شأن شخصي يخص علاقة العبد بربه، إلا أنه اجتماعي إلى أبعد الحدود، فالإفطار يكون في الغالب جماعيا، فتمتلئ المطاعم بالعشرات وأحيانا بالمئات والآلاف من الصائمين، مما يؤكد أن الصوم عبادة ورياضة روحية، ومدرسة اجتماعية، تكرس وحدة المشاعر الإسلامية.

وفي حين تستقبل المطاعم أفواجا من الصائمين في رمضان، حيث تنظم الكثير من الجمعيات والمؤسسات الخيرية إفطارات جماعية، يحضرها العشرات والمئات وأحيانا الآلاف من المدعوين، وغير المدعوين أيضا، أوضحت مطاعم عدة لـ«الشرق الأوسط» أن الحجز بدأ وبشكل قوي منذ وقت مبكر حتى قبل بداية الشهر الفضيل، من قبل مؤسسات وشركات ومجموعات على تجهيز وجبات رمضانية وإرسالها لمساجد ومجمعات دينية، ومنشآت خاصة أيضا.

وبالتوازي مع ذلك، استقبلت الفنادق السعودية من جانبها شهر رمضان الكريم، بخيام رمضانية، في صورة بدت واضحة بأن التنافس بينها لم يعد يقتصر على تجهيز الوجبات الرمضانية أو مستوى تحضير الطعام، بل تجاوزه إلى تجهيز قاعات يتمايز بعضها عن بعضا بتصاميم مستوحاة من المعمار الإسلامي على مختلف عصوره.

درويش خير الخضراء، عضو لجنة الضيافة في الغرفة التجارية الصناعية بجدة، وصاحب مطاعم «فيرتيقو»، توقع خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن تبلغ نسبة زيادة الإقبال على المطاعم خلال شهر رمضان الحالي 20 في المائة مقابل شهر رمضان من العام الماضي، مرجعا السبب في ذلك إلى دخول شهر رمضان خلال هذا العام في موسم الصيف المتوافق مع العطلة الصيفية، حيث إن الأكثرية في السعودية يفضلون قضاء شهر رمضان داخل البلاد، الأمر الذي سيزيد من التفاعل مع العروض التي تقدمها المطاعم في مختلف مناطق البلاد.

وأضاف درويش الخضراء، أن شركات ومؤسسات القطاع الخاص الآخذة في التنامي داخل السعودية، اعتادت إجراء إفطار جماعي خلال أشهر رمضان من الأعوام السابقة، وهو ما يرجح أيضا قيام هذه المنشآت بإشغال سوق المطاعم، نظرا لتضاؤل ساعات العمل خلال شهر رمضان، إذ يفضل معظم مديري تلك الشركات الاجتماع من وقت لآخر بموظفيهم خلال وجبة الإفطار، وهو ما درجت العادة عليه خلال الأعوام الماضية، إضافة إلى ما تقوم به من مسؤولية اجتماعية تجاه المجتمع بإقامة إفطار جماعي.

من جهته، قال عزام توتنجي، مدير عام مطاعم حديقة التاج في الرياض، لـ«الشرق الأوسط» إن عملاءهم من أفراد ومجموعات ومؤسسات بدأوا منذ وقت مبكر في حجز طاولات في المطاعم، ووجبات رمضانية يتم إيصالها لهم خلال أيام شهر رمضان، مبينا أن هنالك الكثير من الجمعيات والمؤسسات، التي تحجز في رمضان لعدة أيام، وتقدم من خلال خدمات المطعم إفطارات جماعية لمنتسبيها أو ضيوفها.

وعمن يرتادون المطعم بشكل فردي أو حتى مجموعات، أو ممن لم يقوموا بالحجز مسبقا، أوضح عزام أنه غالبا ما يكون نصف المطعم محجوزا والنصف الآخر للضيوف الذين يأتون للإفطار لظروفهم الخاصة، أو كانوا قد اتخذوا قرارهم بالمجيء في وقت متأخر، وهو ما يتم حاليا.

وعن تقاليد رمضان في المطعم، ذكر أنه بالنسبة إلى الذين يحجزون مسبقا، يتم الاتفاق معهم على عدد الأشخاص وأنواع الطعام، أما الآخرون فيختارون مما هو موجود، وما تم إعداده في ذلك اليوم من مأكولات ومشروبات، وحلويات، مضيفا أن عائلات بأكملها تأتي أحيانا للإفطار في المطعم. وبالعودة لعضو لجنة الضيافة، قال إن المطاعم الأجنبية دخلت هي أيضا المنافسة على موسم شهر رمضان المبارك، بتقديمها عروضا ترويجية، وإضافة الوجبات الرمضانية إلى قوائم مأكولاتها، وتزيين قاعاتها بالتراث العربي والإسلامي، ونصب الخيم الرمضانية لتهيئة الأجواء الروحانية لعملائها.

وأكد درويش الخضراء أن الديكورات التي تخصصها المطاعم لشهر رمضان المبارك، تلعب دورا كبيرا في جذب العملاء، لما يجدونه من أجواء خاصة تشعرهم بروحانية الشهر الفضيل، وما تبعثه تلك الأجواء من انطباعات تشعرهم بتميز الشهر واختلافه.

وفي ما يتعلق بتقديم وجبات الإفطار، قال مدير مطاعم حديقة التاج، أن الصائمين يبدأون إفطارهم بتمرات ومياه وأحيانا قهوة توفر جميعها مجانا كبقية المطاعم، ثم يلي ذلك الوجبات الرئيسية التي تختلف حسب ما يقدمه المطعم من وجبات يومية، إلا أن الوجبات الرئيسية والرمضانية عادة ما تكون حاضرة مثل الشوربة بأنواعها والسمبوسة، وأطباق المعكرونة والأرز، واللحم المشوي، والحلويات. وبالانتقال لسوق الفنادق الذي يشهد هو أيضا رواجا كبيرا من قبل العامة، فلم يقتصر اهتمام الفنادق بشهر رمضان المبارك، على تجهيز الوجبات الرمضانية وعلى استقدام الخبراء في تحضير الطعام، بل تجاوزه إلى تجهيز القاعات الرئيسية في تلك الفنادق بتصاميم مستوحاة من الخيام الرمضانية، التي أصبحت تقليدا سنويا يجمع سكان السعودية، خلال وقت الإفطار.

وتقوم الفنادق باستضافة عملائها في خيام رمضانية في قاعاتها ومطاعمها بشكل مستوحى من الأشكال والرسومات الإسلامية، كما قامت بعض الفنادق بإضافة جو تقني من خلال شاشات عرض كبيرة للإسهام في خلق جو رمضاني مميز، في خطوة لكسر الروتين المنزلي، وخصوصا أن ذلك يوافق موسم الصيف.

ودفعت التجربة، التي خاضتها الفنادق السعودية خلال الأعوام الماضية، من خلال خيامها الرمضانية ذات التصاميم والتحف الدينية المتنوعة التي تنقل من يأتيها إلى عالم آخر يتكيف معه كيف ما شاء - زوار هذه الخيام إلى مطالبة الفنادق بتكرار الخيام الرمضانية كل عام.

وقد يجد زوار هذه الخيام أثناء تناولهم وجبات الإفطار أو السحور خلال شهر رمضان في أجواء تزخر بتشكيلات متنوعة من التصاميم والتحف الدينية في زوايا هذه الخيام - نوعا من كسر الروتين اليومي والخروج منه إلى أجواء جماعية توحي بروحانية الشهر الكريم، حيث لوحظ ارتيادها بكثرة منذ بداية الشهر وكذلك العام الماضي، نظرا لما توفره من جو اجتماعي وعائلي يتناسب مع العادات والتقاليد السعودية.

وهنا قال بيتر فينامور، المدير العام لفندق الفيصلية لـ«الشرق الأوسط»، إن عدد زوار مجلس فوانيس العام الماضي بلغ أكثر من 20 ألف زائر، متوقعا أن يشهد عدد الزوار خلال موسم رمضان الحالي زيادة بنسبة 30 في المائة مقارنة بالعام الماضي، حيث تمت توسعة مجلس فوانيس هذا العام ليستوعب 1200 شخص يوميا.

وأضاف بيتر فينامور أن فندق الفيصلية يواصل فتح أبوب خيمة الفيصلية الرمضانية، التي اعتادها سكان العاصمة السعودية الرياض خلال الأعوام الماضية، مبينا أن أجواء فوانيس «خيمة الفيصلية الرمضانية» لاقت رواجا كبيرا خلال العام الماضي، الأمر الذي أحدث توجها لتطوير وتحسين جميع التجهيزات والتصاميم، حيث تمت إضافة بعض التحسينات الشكلية من تحف وفوانيس ونوافير وغيرها، استعدادا لاستقبال الزوار.

وقال مدير عام فندق الفيصلية، إن إدارته راعت جميع الجوانب في تجهيزها للخيمة الرمضانية، حيث تمت تهيئة المكان ليتناسب مع شرائح عدة من المجتمع كالعائلات والشركات والمجموعات الكبيرة، مضيفا أن الخدمات الشخصية أوليت اهتماما خاصا، لما تدعو إليه من الاسترخاء والاستمتاع.

وذكر فينامور أن تصميم مجلس فوانيس هذا العام تم وفق طراز الأرابيسك التراثي العريق.

من جهته، أوضح طارق بخيت، مدير إدارة التسويق بفندق «الفورسيزنز الرياض»، أن الفندق يزخر بضيوفه في الخيمة الرمضانية، التي تعودها زوار الفندق كل عام، والتي تقدم وجبات الإفطار والسحور بشكل يومي، من خلال قوائم طعام تشمل الكثير من الأطباق الرمضانية والمحلية والعالمية في قالب يتميز بديكوراته وتحفه الرامزة إلى التاريخ الإسلامي، إضافة إلى إتاحة الفرصة لمتابعة البرامج الرمضانية من خلال شاشات عرض كبيرة، وتوفير ألعاب وبرامج ترفيهية مخصصة للصغار.

وأضاف بخيت أنه خلال شهر رمضان العام الماضي، استقبلت الخيمة الرمضانية أكثر من 44 ألف زائر، متوقعا أن يرتفع عدد زوار الخيمة إلى أكثر من ذلك خلال شهر رمضان الحالي.