الشعثاء.. أكلة بدوية يعيدها رمضان إلى الموائد السعودية

عرفت بقيمتها الغذائية العالية وحلاوة طعمها

تختلف الأكلات في السعودية باختلاف طبيعة الأرض، وفي الإطار طبق من أكلة الشعثاء («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي كانت تحرص فيه الأسر السعودية حينما يحل شهر الصوم في المواسم الباردة على إعداد وجبات تتناسب مع المناخ السائد حينها، تتزين الأطباق الرمضانية هذه الأيام بأكلات من شأنها طرد متاعب الصيام الذي يحل، وعلى مدار السنوات المقبلة، في شهر الصيف، ومنها أكلة الشعثاء التي تتنافس ربات البيوت خاصة في المنطقة الوسطى من البلاد على إعدادها بوجبات الإفطار.

وتتمايز مناطق السعودية بتعدد الألوان الثقافية، ومن جملة تلك التعددية الثقافية كانت الثقافة الغذائية تتعدد هي الأخرى، فلكل جزء من تلك المناطق قيمها وعاداتها الغذائية التي تشتهر بها من خلال أكلاتها، فمن «الحنيني» في وسط السعودية إلى «المفلق» في شرقها إلى «فتة مقادم» في غربها و«العريكة» تأتي من جنوبها و«المقشوش» في شمالها.

غير أن بعض المواسم خلال السنة تفرض أصنافا معينة من الطعام، فتشتهر تلك الوجبات الغذائية بارتباطها بشهر معين من السنة، وتختلف درجة صعوبة إعداد الوجبة، بحسب مقاديرها وقيمتها الغذائية.

وتعتبر وجبة «الشعثاء» التي تتميز بها المنطقة الوسطى، أحد الأطباق الرئيسية لوجبة الإفطار طوال شهر رمضان بين السعوديين، وهي أكلة شعبية واسعة الانتشار بين سكان المناطق الريفية في أرجاء المناطق الوسطى بالسعودية، أعادها رمضان الحالي إلى الموائد السعودية.

وترتبط هذه الأكلة بشهر رمضان المبارك، في الوقت الذي يعتبرها بعض السعوديين الطبق الرئيسي في شهر الخير.

وتزدحم المائدة السعودية بألذ أنواع الأكلات التي لا تخرج إلا في هذا الشهر، ليتلذذ بها الصائمون بعد الإفطار، وهو الأمر الذي يعطي الصيام جرعة من الحماس مع الصيام والتلذذ بالأكل المقدم له.

وتتكون «الشعثاء» من الأقط والتمر بطريقة قديمة، يستخدمها حتى وقتنا الحاضر، ولكن في الوقت الحالي تم تحسينها وأضيف إليها السمن واللوز والزبدة حسب الحاجة إليها.

ويعتبر التمر من الكنوز الغذائية الصحية التي تعطي الجسم فوائد صحية وفيتامينات، وينصح به الإخصائيون في مجال التغذية.

ويتزامن ذلك مع تأكيدات مختصين في مجال علوم الأغذية أن التمر هو الغذاء المثالي، كما يوصي به أحدث الأبحاث العلمية والجمعيات الصحية لما يحتويه من سكريات وألياف وفيتامينات ومعادن.

وتقول لـ«الشرق الأوسط» مرام الصويلح، إخصائية تغذية بشركة دايت وتشرز، حول القيمة الغذائية التي تحتويها أكلة «الشعثاء» إنها من الأكلات المعروفة بمحتواها الغذائي، فهي عبارة عن طحن الأقط وخلطه مع التمر بعد نزع النوى منه (الفصم) وخلطه بمقدار قليل من السمن، التي تؤكل عادة في رمضان، فهو غني بالبروتين ويزيد مستوى الكالسيوم والفسفور الذي يسهم في بناء العظام وتقليل أمراض هشاشة العظام، ويحتوي على نسبة عالية من السعرات الحرارية والصوديوم.

وتوضح الصويلح أنه توجد طريقة صحية لعمل «الشعثاء» لمن لديهم مشكلات صحية، ويتم عمله بتحضير أقط منزلي بحليب قليل الدسم ويضاف عليه تمر منزوع النوى (الفصم) ويفضل تمر الخلاص أو نبوت سيف، ولا يفضل تناوله لمن لديه زيادة في الوزن أو مرضى الضغط والارتفاع في مستوى الكوليسترول، والأفضل استخدام زبدة قليلة الدسم.

وتبين مرام الصويلح أن لـ«الشعثاء» فوائد كثيرة، فهي مكونة من التمر والأقط، فيحتوي التمر على الكثير من الأملاح المعدنية والماغنسيوم والنحاس والكالسيوم والفسفور والبروتين والسكريات الطبيعية سهلة الامتصاص، أما بالنسبة للأقط المصنوع من اللبن فيحتوي على البروتين والكالسيوم، ويعمل على تنشيط البكتيريا النافعة بالأمعاء.

وتنصح الإخصائية مرام الصويلح بالتقليل من استخدام السمن المضاف إلى أكلة الشعثاء، الذي يعتبر من الدهون غير الصحية، وتسمى الدهون المشبعة، وهي غالبا ما تكون صلبة، وكثرة تناولها تساعد في ارتفاع الكوليسترول في الدم، الذي بدوره يعتبر عامل خطر للإصابة بأمراض القلب، لذا ينصح بالتقليل من تناولها قدر الإمكان.

إلى ذلك يوضح بدر الخالد، أحد محبي هذه الأكلة، لـ«الشرق الأوسط» أن طبق «الشعثاء» يعتبر من الأطباق المفضلة في شهر رمضان المبارك ويكون متميزا، خاصة مع الإفطار.

ويوضح الخالد أنه لا بد أن تؤكل «الشعثاء» فور تحضيرها في اليوم نفسه، ويكون لها لذة خاصة حال تناولها مع وجبة الإفطار.

ويقول محمد السعدون، مؤرخ أغذية سعودي، إنه يتم اختيار النوع المفضل للخروج بالنوى، وهو تمر الخلاص، ومن ثم يخرج منه النوى (الفصم)، وبالتالي يتم عجنه مع بعضه، حتى يصبح متماسكا مع بعضه، ويضاف إليه الأقط بعد طحنه ويتم عجنه بعد ذلك حتى يدخل مع بعضه البعض ويضاف إليه السمن حسب الحاجة، حيث يعتبر الأقط من طعام البادية في الماضي، ويتم تحضيره من حليب الماعز أو الضأن وقت الوفرة في الربيع.