«نقاء».. ثلاث فتيات يستبدلن التمريض ونظم المعلومات بمشروع بيئي في السعودية

نشاطهن اللامنهجي حل بديلا لتخصصاتهن العلمية

خلو قطاعات حكومية وخاصة من خدمات تدوير المخلفات البيئية هو ما صنع لـ«نقاء» فرصة البدء في المشروع
TT

صنعت ثلاث فتيات في جدة من نشاطهن اللامنهجي في الجامعة فرصة للعمل، وذلك عبر إنشاء مؤسسة تقدم حلولا بيئية للمجتمع. مستقيات فكرة المشروع من أنشطة نفذنها، وورش عمل انتظمن فيها، إلى جانب حصولهن على تدريب في برامج الريادة الاجتماعية داخل البلاد وخارجها.

المشروع الذي ابتكرته الفتيات، لا يتكلف، بحسب حديثهن لـ«الشرق الأوسط» رأسمالا عاليا، سوى الإدارة الجيدة، وبعض النثريات التي تتطلبها الدراسات والشعارات التي يضعنها على صدورهن وتحمل اسم المؤسسة «نقاء»، فضلا عن متطلبات العروض التقديمية ومصروفات البروتوكولات المتطلبة، حينما يعرض منتجهن «الأخضر» على عميل ما.

يتمثل المنتج البيئي للمؤسسة، في شكل استبيان ورصد، وحلول ترافقها توعية بيئية للعميل ومنسوبيه، فيما يتم التنسيق مع جهة أخرى لحمل المخلفات المتنوعة وإعادة تدويرها والاستفادة منها لاحقا.

ويأتي هذا المشروع، في وقت يجد فيه الشباب والشابات في البلاد، على حد سواء، صعوبات في إيجاد الوظائف الملائمة للتخصص والمردود المادي. فيما يرجع المراقبون السبب إلى الشركات الخاصة، التي تقدم وظائف برواتب لا تحقق آمال طالب العمل من جهة، وإلى تطلعات غير واقعية من قبل طالبي العمل من جهة أخرى، إضافة إلى تفضيلهم الوظائف الحكومية التي تسجل عادة طلبا واسعا في مقدمة المعروض من الوظائف.

بدورهن، أكملت منى عثمان (23 عاما) ونورة المغربي (22 عاما)، دراسة بكالوريوس التمريض، فيما أنهت صديقتهما منى العامر (24 عاما) الدرجة نفسها في نظم المعلومات الإدارية، وشرعن فور التخرج في البدء بتنفيذ مشروعهن الخاص، ضاربين بعرض الحائط، التقديم في الوظائف الحكومية أو الخاصة.

ولفتت الفتيات في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن بداية المشروع انطلقت من داخل أروقة كلية دار الحكمة التي نفذن داخلها أول النشاطات المتعلقة بتدوير النفايات، مما دفع الكلية لإرسالهن إلى جامعة بابسون بولاية بوسطن، وذلك في يوليو (تموز) 2009. وشاركن بعدها في «قمة أوباما» لأعمال الريادة الاجتماعية المنعقدة في أبريل (نيسان) الماضي.

وتشير نورة المغربي إلى تنسيق المؤسسة مع شركات تدوير النفايات، التي تستهدف عادة المصانع التي تضخ كميات واسعة من المخلفات. فيما استثمرت الفتيات فرصة خلو قطاعات حكومية وخاصة من خدمات تدوير المخلفات البيئية، مما صنع لهن فرصة البدء في المشروع.

وحول آلية تطبيق المشاريع الخاصة بهن، تقول المغربي «نبدأ بالتنسيق مع العميل، ومن ثم توزيع استبيانات للموظفين، نقيس على أثرها درجة الوعي، وكمية المخلفات وأنواعها، ونجلب السلال التي توضع داخلها المخلفات ونوزعها بعد تقسيمها، على حسب نوع المخلفات». وتضيف: «نعود بعد ذلك بشكل أسبوعي، لتقييم الوضع والوقوف على التقدم، أو التراجع الذي يسجله تفاعل العميل ومنسوبيه، ونطور ذلك بشكل دوري».

أما تخليص المخلفات، فيتم عبر شركات التدوير، التي توفر بدورها الحاويات الكبيرة، وتنقل المخلفات، بحسب امتلائها وأنواعها، بينما تقبض المؤسسة البيئية ثمن المخلفات من شركات التدوير».

وكانت المؤسسة البيئية الوليدة، قد وقعت اتفاقية مع منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة الأسبوع الماضي، وتعكف الفتيات في الوقت نفسه، على استهداف المدارس في مدينة جدة، إلى جانب القطاعات الخاصة والعامة.

وعلى الرغم من أن المردود المادي لم يكن مرتفعا في هذه الاتفاقية، كما علمت «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع في المنظمة، فإن الفتيات أكدن أنها مجرد بداية للمؤسسة ستتيح لهن تحويلها مستقبلا إلى عقود مستمرة.

تقول منى عثمان «إن هدفنا الأول هو زيادة الوعي، وبالتالي تقديم الحلول مع ارتفاع الوعي بشكل تدريجي لدى المنظمات والقطاعات التي سنبدأ العمل معها». في إشارة إلى أنه كلما زادت التوعية، زادت فرصة جلب المزيد من العملاء.

فيما تؤكد منى العامر، أن نشاط المؤسسة لن يقتصر على التوعية والحلول فقط، فهناك مؤتمرات وملتقيات بيئية، تعقد في دول الخليج والعالم العربي. تقول «سجلنا مشاركات خارجية متعددة، ونحرص على المتابعة اللازمة لتطوير العمل بشكل مستمر».

وأضافت «إن الآمال تبدأ في البداية كأحلام، ولكن مشروعنا الذي نعتبره رياديا، تمتد مخرجاته لتصل إلى كل فرد يعمل أو ينتسب إلى أي من عملائنا، وهو في نهاية المطاف، يحقق لكل أطياف المجتمع بيئة (خضراء)».