توزيع مياه المناطق «المنزوعة» لصالح توسعة الحرم على بقية أحياء مكة المكرمة

ارتفاع استهلاك المدينة المقدسة من المياه المحلاة إلى 470 ألف متر مكعب يوميا

الطلب على صهاريج المياه يشهد لأول مرة انخفاضا ملحوظا («الشرق الأوسط»)
TT

كشف المهندس عبد الله حسنين، مدير عام فرع وزارة المياه والكهرباء في مكة المكرمة، عن أن العاصمة المقدسة تستهلك يوميا حاليا 470 ألف متر مكعب من المياه المحلاة، مقابل 300 ألف متر مكعب يوميا في ذات الفترة من العام الماضي. مشيرا إلى توزيع المياه التي كانت مخصصة للمناطق التي تم نزعها في المنطقة المركزية، بجوار المسجد الحرام، على بقية أحياء العاصمة المقدسة، التي تشهد هذه الأيام انحسارا في الأزمات.

وقال المهندس حسنين في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كميات المياه في الأحياء التي تمت إزالتها لا تعني وفرة في المياه، بل تعني أنها ذهبت لدعم أحياء جديدة في مشاريع تنموية جديدة، فإذا كان أزيل 7 آلاف عقار بجوار الحرم، فكم من المنازل التي ظهرت في مناطق أخرى، وكم من الأحياء التي استحدثت، وكم من الأدوار التي ارتفعت، والفنادق الكبيرة التي ظهرت بجوار الحرم باتت تستهلك أضعاف أضعاف ما كانت تستهلكه المنازل الصغيرة التي تمت إزالتها».

وأضاف مدير فرع مياه وكهرباء مكة، أن كثيرا من الناس يدخل في حسابات خاطئة، ويفترض جدلا أنه إذا أزيل مكان ما فإنه يتعين أن يتم تمديد المياه في الأماكن الخالية فورا، مشيرا إلى أنه يجري الآن تمديد 7 آلاف توصيلة منزلية لمنطقة الشرائع، وكذلك توصيلات لمنطقة الحمراء والخالدية، والفيحاء، وكلها مناطق جديدة تم افتتاح شبكات توصيل المياه فيها لهذا العام، مفيدا في ذات السياق بأنه لا يوجد هاجس لدى وزارة المياه فيما يختص بمستقبل الإمداد في العاصمة المقدسة، وأن وزارته حصلت على 80 في المائة من المرحلة الثالثة، وتبقى ما نسبته 20 في المائة، وهي تعتبر مرحلة جيدة جدا، بحسب وصفه.

وأبان المهندس عبد الله حسنين، أن الطلب على صهاريج المياه يشهد لأول مرة انخفاضا ملحوظا، حتى في ظل الأعداد الكبيرة من المعتمرين والزائرين، وخاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وهي أيام خالية من الزحام، ومن المشاهد التي اعتادتها العامة أمام محطات التعبئة.

وزاد «من يبحث عن الحقيقة عليه أن ينزل إلى الميدان ويقوم بعمليات استطلاع للرأي وسيعرف عن كثب أن أزمات المياه اختفت، ولم يعد المشهد كما في السابق، بل سخرت إمكانيات ضخمة لخدمة المواطنين والزائرين والمعتمرين، وكنا في العام الماضي بنفس التوقيت نأخذ قرابة 300 ألف متر مكعب، واليوم العاصمة المقدسة تستهلك 470 ألف متر مكعب من مياه التحلية».

وأشار كذلك إلى أن التقدم والنجاحات باتت جلية، ولم تتعثر مشاريع المياه بتاتا في مكة المكرمة، ناهيك عن بعض أيام قبيل الشهر الكريم بقصد الصيانة ليس إلا، والمقياس الحقيقي لمدى التقدم هو هذه الأيام التي تشهد فيها مكة أعدادا مهولة تستوجب استهلاكا للمياه بشكل كبير، وهو ما يفرض علينا جوانب كثيرة من تقديم خدمات فاعلة في الأيام المزدحمة لطاقة استيعابية تبلغ الآن نحو 4 ملايين نسمة موجودين على أراضي العاصمة المقدسة.

وحول مسألة تدوير المياه من مناطق منزوعة لمناطق مأهولة، ذكر حسنين أن أي كمية مياه كانت تضخ للمنطقة المركزية سيتم تحويلها لبقية الأحياء وفق آلية علمية ومنظمة، ولن نقوم بإخفائها أو تخزينها، بل هي حق مشروع للمواطنين، وسيحصلون عليها.

وبين أن المنطقة المركزية التي كانت حول الحرم، ما زالت موجودة ولم يتم نزعها مائيا حيث تم تحويلها إلى مدخل العزيزية، ومدخل محبس الجن، وهي التي أصبحت منطقة عسكرية، ومنطقة العزيزية التي كانت في السابق تشهد توجه أعداد قليلة من المعتمرين أصبحت من المناطق المحورية الأكثر استهلاكا، ومنطقة المسفلة وجرول، ويخطئ من يظن أن مكة اكتسبت نوعا من الارتياح المائي بل توزعت الأعداد والفنادق والمساكن في جميع الأحياء بعد أن كانت حكرا على المنطقة المركزية.

إلى ذلك أوضح عبد المحسن آل الشيخ، رئيس المجلس البلدي بالعاصمة المقدسة، لـ«الشرق الأوسط» أن المجلس البلدي يتجاوب ويتعاطف مع كثير من الأحياء المكية التي تعتمد على صهاريج المياه في التزود بكميات من المياه، فالمجلس، حسب وصفه، يستمع للمواطن ويقوم بتدوين احتياجاته ورفعها للجهات المعنية.

وأوضح أن خطابات أحياء مكة المكرمة لا يمكن بأي حال من الأحوال التأخر أو التعذر عنها ليس فقط في مجال المياه وإنما على كافة الأصعدة فيما يتعلق بالقطاع الخدمي، فإن كانت تختص بجهة ما ترفع إلى المجلس بتوصية بعد دراستها ووضع الحلول المناسبة لها.

وأشار رئيس المجلس البلدي إلى أن تقدم المواطنين قاطني أحياء العاصمة المقدسة بطلب للحصول على المياه عبر التمديدات الأرضية هو مطلب مشروع، وأن خطابات قد تم رفعها إلى وزير المياه مباشرة فيما يختص بطلب التزود، وأحيانا إلى إدارة المياه في العاصمة المقدسة، فيما يختص بعمليات التمديد والشح على نطاق سواء، حتى في حال وجود تسربات وعدم صلاحية الأنابيب الموصلة.

وذكر مواطنون أن أحياء العاصمة المقدسة باتت أشد إلحاحا في طلب تحويل كميات المياه في المناطق المنزوعة، وأكدوا أنهم باتوا يجمعون معاريض لتقديمها للجهات المسؤولة بغية الحصول على حصص تلك المناطق بإجراء تمديدات جديدة لتلك الأحياء التي يقطنوها والتي ما زالوا يستخدمون فيها صهاريج المياه، مبينين أنه ينبغي أن تدرج تلك أحياء كالشوقية وبطحاء قريش والشرائع والنورية إلى جداول الإدارة العامة للمياه، وينبغي عدم تأخير تنفيذ تلك المشاريع نظرا لأن مكة على موعد مع العالم الأول الذي أعلنه أمير المنطقة الأمير خالد الفيصل، ووجود صهاريج المياه والمجاري يتعارض مع تلك الأهداف والطموحات.

وتقوم وزارة المياه والكهرباء في العاصمة المقدسة بإنشاء مشاريع شبكات المياه والصرف الصحي والخزانات ومحطات المعالجة بمدينة مكة المكرمة بلغت 2.8 مليار ريال، وأن بعض هذه المشاريع تم الانتهاء منها ودخلت في خدمات المياه والصرف الصحي وتكلفتها 1.5 مليار ريال، بينما ما زال العمل يتواصل حاليا في مشاريع مياه وصرف صحي بلغت تكلفتها أكثر من مليار ريال.