سعوديون ينتقدون نظرة المجتمع ويطالبون بتسهيل إجراءات التراخيص التجارية

يعمدون إلى استخدام شعار «دعم السعودة» في تسويق بضائعهم

TT

من منطلق تشجيع المنتجات السعودية ودعم الشباب السعودي في مجال عمله التجاري، يعمل وائل المرشدي وصديقه جميل جمجوم على التسويق للبضاعة الموجودة في محل صديق ثالث لهما، في محاولة منهما للمساعدة على نجاح الشاب السعودي في اقتحام مجال البيع والشراء.

وائل المرشدي الملتحق بجامعة الملك عبد العزيز بجدة وينتظر تخرجه من كلية الزراعة خلال الفصل الصيفي الحالي، ذكر أن المحل الذي يعمل فيه يبيع تي شيرتات وأساور وسلاسل وأكوابا وأطباقا بعد الكتابة عليها بطريقة غريبة ومميزة بحسب طلب الزبون نفسه، وأضاف: «عادة ما تقوم بتنفيذها شقيقة مالك المحل، إضافة إلى وجود خلطة من العجينة الخاصة التي يتم تشكيلها على هيئة أساور والكتابة عليها في ما بعد»، لافتا إلى أنه لم يتجاوز الأربعة أشهر منذ أن التحق بذلك العمل.

وانتقد وائل تفكير كثير من الناس ممن يعتقدون أن المحل الذي يحوي امرأة من شأنه أن يجلب زبائن أكثر، غير أن هناك من يفضل التعامل مع الرجال في عملية البيع والشراء بشكل أكبر من البائعات.

ولفت إلى أن بعض الشبان يقبلن أكثر على زيارة المحلات التي تبيع فيها الفتيات، وقال إن غالبية البائعات يتسمن بالجدية في العمل.

وهنا علق صديقه جميل جمجوم الذي يعمل معه في المحل نفسه في فترات الإجازات لأنه يتلقى تعليمه الجامعي في إحدى جامعات كندا قائلا إن «الجدية في العمل تعتمد على الشخص، بغض النظر إن كان رجلا أو امرأة، إلا أن بعض أصحاب المحلات يعمدون لتوظيف الفتيات كواجهة جميلة فقط سواء حققن مبيعات أم لم يحققن»، مشيرا إلى وجود أمور في البيع والشراء قد لا تتقنها المرأة بقدر ما يستطيع الرجل فعل ذلك، وزاد: «مجال التجارة يفرض على البائعين والبائعات وضع حدود احترام بينهم وبين الزبائن، وذلك تفاديا لوقوع أي مشكلات تكلفهم توقفهم عن العمل»، مبينا أن أكثر الزبائن إقبالا على الشراء من بضائعهم هم من الفتيات، باعتبار أن معظم المنتجات الموجودة تستهدفهن بشكل خاص، لأنهن أكثر اهتماما بالتسوق وإنفاق الأموال مقارنة بالرجل.

وذكر أن بعض الزبائن عادة ما يعترضون على الأسعار، أو يستصغرون ما يقومون بعرضه وبيعه، إضافة إلى وجود من يكتفي بتشجيع الفكرة لأنهم سعوديون يعملون في هذا المجال، مؤكدا أن عملهم أتاح لهم فرصة تلقي عروض كثيرة للمشاركة في البازارات والمعارض.

عمل المرأة أيضا في المجال نفسه الذي يعمل فيه الشبان السعوديون وجد تأييدا من قبل العاملين معهم في المجمعات التجارية، وذلك من منطلق أن وقوف الفتيات معهن كبائعات يعد أمرا طبيعيا جدا، وذلك بحسب ما أكده وائل المرشدي، وقال: «ليس في العمل بشكل عام أي عيب، ما دام أن المرأة والرجل يعملان ضمن إطار الاحترام بينهما، إضافة إلى أن المرأة سبق أن عملت طبيبة ومهندسة وغيرها من الوظائف المختلطة، مما يجعل عملها كبائعة ليس فيه أي خطأ».

وأشار إلى وجود صعوبات كثيرة تواجه الشباب السعودي في العمل التجاري؛ من أبرزها الإجراءات البيروقراطية من قبل الجهات المعنية المتضمنة صعوبة استصدار تصريحات للمحلات واستغراقها فترات زمنية طويلة، مبينا أن المحلات التي يتم تأجيرها من دون الحاجة لاستخراج تصريح عادة ما تكون إيجاراتها مبالغا فيها. وكانت المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني قد أعلنت في وقت سابق عن بلوغ عدد العاملين في نشاط تجارة الجملة والتجزئة بالسعودية قرابة المليون فرد، الغالبية العظمى منهم من غير السعوديين، مشيرة إلى أن أكثر من 90 في المائة منهم يملكون مؤهلا دون الجامعة.

وأشارت إلى أن هذا النشاط الاقتصادي هو الأول في السعودية من ناحية عدد العاملين به في القطاع الخاص، في حين يعد الثاني عموما بعد حجم العاملين في الإدارة العامة من موظفي الدولة، وأضافت: «يعتبر عدد العاملين في تجارة الجملة والتجزئة أكثر من عدد موظفي وموظفات قطاع التعليم، لا سيما أن ذلك النشاط الاقتصادي من الأنشطة التي يقبل على الالتحاق بها الشباب في السعودية بنسبة تفوق المجالات الأخرى باستثناء الوظائف الحكومية العسكرية والمدنية».

وأرجعت سبب ذلك الإقبال إلى أن بيئة العمل فيه تعتبر - نسبيا - مقبولة لهم وإن كانت أقل دخلا مقارنة بالعمل على خطوط الإنتاج في المصانع أو في الورش المهنية التي هي أكثر صعوبة، لافتة إلى أن تلك الحقائق على أرض الواقع تحتم إعطاء هذا النشاط الاقتصادي مزيدا من الاهتمام والتركيز.

وبالعودة إلى وائل المرشدي، استطرد بالقول: «هناك مضايقات نواجهها من بعض الناس ذوي الفكر المحدود الذين يطلقون التعليقات الساخرة على عملنا كبائعين سعوديين، أو انتقادات تطال طريقة لبسنا وأسلوبنا في التعامل مع الغير، لا سيما أنه ينبغي التصرف بلباقة مع الزبائن». وأبان أن الطريقة المتبعة للتسويق تتمثل في تشجيع الزبون على دعم السعودة، الأمر الذي جعلهم يكونون قاعدة لا بأس بها من العملاء، غير أنه استدرك قائلا: «ثمة مجموعة من الناس غير جادين في الشراء، إضافة إلى وجود من يحاول أخذ أفكارنا وتنفيذها بجودة أقل».

أحد البائعين السعوديين في محل للشوكولاته أكد خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» على أنه لا يهتم مطلقا بنظرة المجتمع تجاهه، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن بعض الزبائن الرجال لا يثقون في وجود نسائهم داخل المحل مع بائع سعودي، في حين يمنحون الثقة لغيره من البائعين كونهم أجانب، بحسب قوله.

وذكر البائع الذي فضل عدم ذكر اسمه أن الشبان السعوديين في مثل تلك المجالات عادة ما يكونون أحرص على بنات بلدهم من غيرهم، غير أنه استدرك قائلا: «قد تكون هناك فئة من الشبان شوهوا صورة الغير، إلا أن، في المقابل، ثمة آخرين يعملون بجدية وإخلاص»، وأضاف: «تعود ملكية هذا المحل لإحدى شقيقاتي، وقد اخترت العمل فيه براتب شهري لا يتجاوز 1500 ريال بهدف الحفاظ على حقها من الضياع إذا ما تم تركه لغيري من الوافدين، إلى جانب أنني لم أعثر على وظيفة بعد تخرجي من الجامعة منذ نحو عامين»، مبينا أنه يجد الراحة المطلقة في العمل بهذا المجال الذي أكسبه كثيرا من العلاقات والخبرة في التعامل مع الآخرين، بحسب قوله.