أكبر سوق تمور في السعودية تسجل مبيعات 173 مليون دولار في رمضان

السوق الإلكترونية لتمور عنيزة تشهد طلبات شراء أوروبية وأميركية

تحتل السعودية الموقع الأول في قائمة الدول المنتجة والمصدرة للتمور («الشرق الأوسط»)
TT

سجلت أكبر سوق محلية سعودية للتمور مبيعات بقيمته 650 مليون ريال (173 مليون دولار) مثلت صفقات تجارية وأخرى فردية خلال شهر رمضان المبارك وسط تفاؤل بين أوساط المستثمرين بحركة تسويق كبيرة بعد عيد الفطر.

وكشفت لـ«الشرق الأوسط» مصادر مطلعة أن شهر رمضان شهد تهافتا قويا في منطقة القصيم التي تضم كبرى الأسواق المكشوفة في المنطقة لبيع التمور بأنواعها كافة، من قبل الأفراد والمصانع والشركات ومحال ومتاجر البسكويت والحلويات أبرمت صفقات كبرى لتلبية الحاجة من الاستهلاك التصنيعي.

وتضم منطقة القصيم وسط المملكة العربية السعودية، وتحديدا في مدينتي بريدة وعنيزة، كبرى الأسواق المكشوفة لبيع التمور وتنفيذ عمليات تزويد الأسواق المحلية والإقليمية من التمور وتتم عبرها كذلك صفقات التصدير الخارجي.

وبحسب المصادر، فإن أسواق التمور في منطقة القصيم شهدت خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان تراجعا في الطلب الفردي على أنواع التمور المختلفة لا سيما مع حرص الكثير من المزارعين على ضخ كميات كبيرة من الإنتاج خلال هذا الشهر تخوفا من كساد في المنتج مع نهاية موسم التمور الذي يعتبر هذا العام من أقصر المواسم، حسب تأكيدات الكثير من التجار والمزارعين.

وذكرت المصادر أن كمية المبيعات خلال العشر الأواخر من رمضان مبالغ سجلت قيمة أقل من الثلثين الأولين من الشهر نفسه، حيث بلغ حجم التداول اليومي 14 مليون ريال بتراجع قدره 60 في المائة تقريبا، حيث كان حجم المبيعات اليومية في بداية رمضان يقدر بـ25 مليون ريال يوميا في حين بلغ حجم المبيعات بما يفوق 650 مليون ريال (173 مليون دولار) تقريبا تضمنت الصفقات التجارية في المزارع والمصانع.

وطبقا للمصادر العاملة، فإن الأيام الأخيرة من رمضان شهدت دخول نوعيات من التمور المختلفة التي تلقى استهلاكا كبيرة كـ«الصقعي» و«الخلاص» و«السكرية الحمراء» التي كانت شبه غائبة عن السوق في أغلب فتراتها الماضية خلال السنوات الأخيرة، حيث كانت تشكل نسبة 10 في المائة من النوعيات بالسوق بينما تشكل في الوقت الحالي أكثر من 45 في المائة من المعروض في السوق.

وكان النصيب الأكبر للمبيعات – بحسب مصادر السوق - يسجل لصالح التمر السكري الذي يشهد انخفاضا في الأسعار هذا العام عن الأعوام السابقة بنسبة 40 في المائة، مما حقق مبيعات كبيرة وشراء بكميات أكبر من الموسم الماضي.

من جانبه، أكد الدكتور خالد النقيدان، المدير التنفيذي لمهرجان بريدة للتمور، أن السوق ستتوقف خلال أيام العيد ومن ثم يعاود مزاولة النشاط، متوقعا أن تكون الفرصة متاحة أكبر لتجار التمور لنيل نصيبهم من ما تبقى من التمور في السوق لتخزينها وتصنيعها خلال المصانع أو تصديرها للخارج، حيث كانت الفترة الماضية تشهد ركودا نسبيا من قبل أغلب التجار وسيكون لهم نصيب الأسد من أغلب الصفقات بالسوق بعد العيد وهذا ما اعتدناه خلال الأعوام الماضية.

لكن المصادر لفتت إلى أن المزارعين يرون أن موسم التمور لهذا العام يعتبر الأصعب وسط تغير المناخ والحرارة المرتفعة، كما يؤكد عبد العزيز التويجري، عضو اللجنة الوطنية للتمور بالسعودية وأحد تجار التمور، أن الموسم هذه السنة كان سريعا والنضج في المحصول كان أكبر من الأعوام السابقة بسبب حرارة الأجواء، مما أوقعهم في حرج العمالة واضطرهم إلى زيادة العمالة لجني المحصول من المزرعة لكي لا يكون هناك كساد للمنتج داخل المزارع إذا ما تم جنيه بسرعة كافية.

وأفاد التويجري بأنه خلال السنوات الثلاث المقبلة سيكون هناك مشكلات في العمالة والطاقات، لأن الإنتاج بالمنطقة سيزيد، حيث يبلغ في الوقت الحالي 22 في المائة من إنتاج المملكة، وسيصل إلى 30 في المائة تقريبا، نظرا لزراعة كميات كبيرة من النخيل من قبل المزارعين ستكون جاهزة للإنتاج خلال الثلاث سنوات المقبلة، وهذا ما سيجعل سوق التمور ستواجه مشكلة إنتاج كبيرة والتي على أثرها لا بد أن يكون هناك تنظيمات وتشريعات خاصة بتصدير تلك الكميات بشكل مناسب، مما يبعد حدوث أي مشكلات أو تضخم في الإنتاج مثلا.

وأشار التويجري إلى أنهم يعيشون الآن في المرحلة الثالثة من مرحلة جني المحصول من المزارع، حيث إنه بحلول شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل سيكون المحصول قد تم جنيه بالكامل.

وحول مرحلة ما بعد العيد، أوضح التويجري أنها ستكون أوسع تحركا لتسويق التمور أكثر من رمضان – وفقا لرأيه - إذ يرى أن ما بعد عيد الفطر سيكون هناك عملية شراء وبيع للتمور بشكل أكبر من السابق مما يعطي نوعا من الاكتفاء من المحصول للبدء في عملية التصنيع والعمل على الصناعات التحويلية للتمور على فترة أوسع وتكون بشكل مركز.

من جانبه، أشار أحمد النفيسة، أحد ملاك أكبر المصانع الخاصة بالتمور والصناعات التحويلية بالسعودية، إلى أنهم يعملون الآن وفي مرحلة ما بعد العيد على التركيز على تصدير التمور للخارج وللمناطق المختلفة بالسعودية، حيث يعمل المصنع ساعات طويلة على التغليف والتنقيح والتصدير بأنواع التمور كافة.

وكانت مزارع الشيخ سليمان الراجحي الموجودة في منطقة القصيم تقوم بعملية التغليف للتمور وتصديرها بشكل يومي طوال أيام رمضان إلى المعتمرين في مكة المكرمة والمدينة المنورة لتفطير الصائمين.

وبرهن النفيسة على أن حجم الإنتاج بالقصيم كبير بالكميات التي يتم تصديرها من المصنع، حيث يتم تصدير 30 طنا يوميا من المصنع، برفع معدلاتها لتصل 90 طنا خلال العامين المقبلين لتحقيق اكتفاء ذاتي في عملية التصنيع وتوفير طاقات كبيرة لحجم الإنتاج الهائل من التمور بالمنطقة.

وستكون مرحلة ما بعد العيد فرصة للبعض للعودة للحلوى والمكسرات بعد انقطاع خلال شهر رمضان عنها وتنحية التمر جانبا وإحلال الحلويات وغيرها مكانها في المناسبات العائلية والاجتماعات الرسمية بعد أن كانت التمرة متسيدة الموائد خلال الأيام الماضية.

إلى ذلك، حلت طلبات تلقتها لجنة التسويق الخاصة بمهرجان عنيزة الدولي للتمور 2010 من أوروبا وأميركا وأستراليا، ثانيا بعد عدة طلبات تلقتها اللجنة ذاتها من روسيا، كانت قد استقبلتها اللجنة مع بداية المهرجان الأسبوع ما قبل الماضي.

وسبق تقييد الطلب القادم من أوروبا وأميركا عدة استفسارات عن أصناف التمور المنتجة محليا وأسعارها، وأجور النقل من القصيم إلى تلك الدول، لا سيما بعد تسجيل ارتفاع كبير في أسعار النقل التي تكلفتها عمليات إيصال طلبات من التمور إلى روسيا، وفي بعض الحالات تجاوزت أجور النقل أكثر من أجور التمور التي تم شراؤها.

وأخذت اللجنة الخاصة بتسويق منتجات تمور عنيزة على عاتقها البحث وراء مقيدي الطلبات من الدول الأوروبية، لتعزيز وتحقيق المصلحة العامة، التي تتركز حول انتشار منتجات عنيزة من التمور لعدد من الدول الأجنبية. وتفاوتت الطلبات القادمة من (تونس، وسويسرا، وأستراليا، ونيويورك، ولندن) ما بين أهم أنواع التمور المنتجة في عنيزة، ولوحظ وعي في نفوس الراغبين في الحصول على تلك المعلومات، وهو الأمر الذي يدل على متابعتهم لأسواق التمور التي تشهدها المملكة عبر عدد من المناطق بين سنة وأخرى.

وبلغت السعودية العالمية في إنتاج التمور، وتبوأت موقعا مهما في ترتيب الدول المنتجة والمصدرة للتمور، ولجأت خلال الأعوام القليلة الماضية إلى إنشاء مهرجانات خاصة بالتمور فقط، شهدها عدد من المناطق السعودية، التي تشتهر بصناعة وإنتاج التمور منذ قديم الأزل.

وبلغت عمليات البيع المنفذة إلكترونيا عبر لجنة التسويق في مهرجان عنيزة أكثر من 94 عملية بيع، وبلغت الكمية المبيعة بالطريقة ذاتها أكثر من 12 ألف كيلو من أنواع السكري الفاخر الذي تنتجه عنيزة بدرجات عدة.

وترى إدارة مهرجان عنيزة الدولي السادس للتمور، أن العمل وفق منظومة للتسويق الإلكتروني، تسير وفق شكل مرضٍ ويحرص على أن تتم عمليات التسويق بشكل يواكب أهمية السوق السعودية التي تعتبر الأهم على مستوى العالم من حيث إنتاج وتصدير أصناف التمور.

وتحرص إدارة المهرجان على تنمية عمليات التسويق بطريقة إلكترونية، لتصل بذلك إلى أوسع نطاق على المستوى العالمي، بما يتواكب مع مرتبة المملكة، التي تتصدر دول العالم من حيث إنتاج وتوزيع التمور السعودية للأسواق العالمية.

وكان مستثمرون روس قد احتلوا المرتبة الأولى، وتخطوا السعوديين، والإماراتيين، والكويتيين، في طلبات شراء أصناف التمور، من البورصة الإلكترونية الأولى من نوعها في العالم، والتي دخلت بها محافظة عنيزة، إحدى محافظات منطقة القصيم (وسط السعودية) العالمية، بعد أن مكنت الراغبين في شراء تمور من المعروضة في مهرجان عنيزة، الذي يصادف هذا العام نسخته السادسة على التوالي.

وبحسب عاملين في المهرجان، فقد شكل المتعاملون «الروس» أكثر نسبة من عملاء سوق التمور الإلكترونية مقارنة بالجنسيات الأخرى المتعاملة مع السوق، حيث سجلت إدارة سوق التمور الإلكترونية وجود 17 عميلا من جمهورية روسيا الاتحادية، نفذوا 26 عملية شرائية بكميات تقرب من الـ700 كيلوغرام، وكانت «السكرية الصفراء» ذا الدرجة الأولى النوع الذي لقي طلبا أكثر من غيره من الأصناف المعروضة في البورصة الإلكترونية.

من جانبه، أشاد يوسف الدخيل، المشرف العام على مهرجان عنيزة الدولي السادس للتمور 2010م، بالمستوى المتميز الذي ظهر من خلاله التسويق الإلكتروني للتمور والذي أطلقة المهرجان كأول مشروع من نوعه في العالم، مشيدا بالتفاعل الذي وجده المهرجان من مختلف الوسائل الإعلامية، ومؤكدا أن هذه المتابعة تعطي دلالة أكيدة على مكانة المهرجان، وأنه صار محل اهتمام مختلف الأوساط الإعلامية، موجها شكره وتقديره لجميع الإعلاميين على مجهوداتهم الكبيرة التي أبرزت المهرجان.

ولمح بما لقيه المهرجان من حضور وفد إعلامي خاص من قناة «CNN»، معتبرا أن مهمة فريق «CNN» تمت دون أي إشكالية، حيث تم تسهيل مهمة الفريق الإعلامي كأي وسيلة إعلامية أخرى.

وحول الإشكالات التي واجهت مشروع التسويق الإلكتروني، قال الدخيل: «المشروع جديد ومشكلاته كثيرة، واستنزف منا المشروع جهدا بدنيا كبيرا وتنظيميا أكبر، إضافة إلى المصاريف المالية التي أنفقت على هذا المشروع».

إلا أنه أكد كون أهم الإشكالات تكمن في مشروع التسويق الإلكتروني، لما له من مسارات قانونية وفنية وتقنية إدارية وتخصصية - بحسب وصفه.

واعتبر أن أي اختلال في أحد تلك المسارات سيؤدي حتما لوجود إشكالات متعددة.

ولمح بإيقاف البث المباشر للمزايدات - الذي كان تجريبيا هذا العام - والذي يعود لسبب فني وهو تواضع مستوى خدمة الإنترنت لدى غالبية المشتركين في المملكة وأشار إلى أن قلة أعداد المشاركين يعود لحداثة التجربة، مشيرا إلى ما أخذته العملية الأولى للشراء، حيث استغرق إتمامها 6 أيام من العمل، ولمح بتزايد الأعداد حيث بلغت صفقات الشراء 200 صفقة.

وعن مستقبل المشروع، أكد الدخيل متابعة خطواتهم من قبل منافسين آخرين، معتبرا ذلك الأمر سيقوي من تجارة التسويق الإلكتروني.

ونفى من جانبه تدخل أي أطراف خارجية في المهرجان، مؤكدا كون المهرجان له وضع خاص، حيث يحتاج إلى شراكة رئيسية بين ثلاثة أطراف، هي: إدارة المهرجان والبلدية والجمعية التعاونية والزراعية، معتبرا أن قناعة أي طرف من هذه الأطراف لا يمكن وصفه بأنه تدخل خارجي، وأشار إلى أن الأطراف الثلاثة كانت في حالة إجماع مستمر طوال الفترة الماضية.

وأفصح الدخيل عن قرار إدارة المهرجان أن تستبدل المعارض المصاحبة وفعاليات الحرفيين التي صارت مكررة وغير هادفة وتنفذ في اليوم الرسمي فقط، ثم تختفي، إلى فعاليات أكثر فائدة للمجتمع وللوطن وأكثر استمرارية.