البصمة السعودية تحضر بقوة في عالم صناعة الشوكولاته

يكثر الإقبال عليها خلال العيد.. وأصبحت منافسا حقيقيا للتمور

تتسابق محلات الشوكولاته في السعودية على تقديم أنواع متعددة من الشوكولاته بطرق مختلفة لجذب الزبائن (تصوير: أحمد فتحي)
TT

نجح السعوديون في وضع بصمة خاصة بهم في عالم صناعة الشوكولاته، بعد أن طوروا من مأكولاتهم التقليدية وأطباق الشوكولاته العالمية، بمزج عناصر هذه مع تلك، مقدمين بذلك أطباقا تتمايز بنكهات مختلفة وأشكال جمالية تسر الناظرين، في سوق قدر المتعاملون فيها حجم مبيعاتها السنوية بنحو 250 مليون ريال (66.6 مليون دولار) سنويا، بنسبة نمو تقدر بنحو 45 في المائة، تزيد إلى 65 في المائة خلال أيام الأعياد والمناسبات.

خلال الأيام القليلة الماضية التي سبقت نهار العيد، شهدت محلات بيع الشوكولاته والحلويات في السعودية، طلبا متزايدا، إذ بدا واضحا الازدحام أمام تلك المحلات، بجانب الطلبات المنزلية المتزايدة لإعداد أطباق مختلفة من الشوكولاته والحلويات، التي استحوذت عليها رغبة الكثيرين في استهلاك ما هو جديد من أشهى أطباق التمور والمعمول بأنواعه وحلويات تقليدية تمت إعادة تقديمها مع أجود أنواع الشوكولاته، التي تعد بدورها صناعة محلية فرضت وجودها في السوق. وهذه الخطوة وإن كانت قد بدأت مسيرتها خلال أعوام مضت، إلا أنها باتت تتوغل في أوساط العوائل السعودية هذا العام، مغيرة بما تتميز به من ذوق خاص وأشكال مختلفة تجذب كل من ينظر إليها عادات الأعياد، حيث إن هذه الصناعات التي أغلبها يعتمد على التمور والمعمول والشوكولاته بشكل رئيسي، أصبحت تلازم السعوديين في أعيادهم، بعد أن فرضت «الشوكولاته السويسرية» سيطرتها على الحلويات والمأكولات التقليدية خلال أعوام خلت.

وفي هذا الشأن قدر بدر العساكر نائب الرئيس التنفيذي للمبيعات والتسويق في «تمور الصالحية»، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» معدل زيادة المبيعات في سوق الشوكولاته والحلويات بنحو 17 في المائة خلال الفترة الماضية، مبينا أن هذا الارتفاع صاحبه ارتفاع في ثقافة المستهلك في السعودية بشكل عام، بعد أن أثبتت المنتجات ذات الجودة الأعلى حضورها في السوق، في الوقت الذي تطورت فيه طرق تصنيع وتقديم الحلويات والشوكولاته بشكل عام في الأسواق السعودية، الأمر الذي أحدث تطورا حتى في تمايز أطباق الشوكولاته وتنوع نكهاتها وما يضاف إليها من حلويات تقليدية من الثقافة المحلية أصبحت سمة ملازمة لأشهى وأجود أطباق الشوكولاته.

وأضاف العساكر، أن ثقافة المستهلك تعدت اهتمامه بجودة المنتجات إلى معرفته بطرق وأساليب تقديم أطباق الحلويات التي اختصرت الكثير من المسافات في مسار الضيافة، الأمر الذي زاد من وعي المستهلكين وكثرة المبيعات وقوة المنافسة بين اللاعبين في سوق الشوكولاته والحلويات.

ويحرص السعوديون على شراء أفخر أنواع الشوكولاته، خصوصا هذه الأيام، مولين اهتماما كبيرا بأطباق الشوكولاته، من حيث سهولة تقديمها ومذاقاتها الرائعة وأشكالها الجديدة التي تعبر عن الطريقة العصرية في الضيافة، إضافة إلى الطابع الخاص الذي تضفيه نكهاتها المختلفة على حلاوة اللقاء بين الأهل والأصدقاء.

وتأتي هذه الأطباق بجانب أطباق السعوديين التقليدية والتي بدأت في الانحسار، مثل الجريش والمرقوق وغيرهما التي تقدم بعيد صلاة العيد، وأحيانا كثيرة قبل خروج المصلين من المساجد لا سيما في القرى والمدن الصغيرة، ابتهاجا بفرحة أول أيامه بجانب الحلويات التقليدية أيضا. ولكن سرعان ما استدرك السعوديون أهمية إعادة صناعة الشوكولاته التي طغت على موائد أعياهم واحتفالاتهم، وذلك مع ما تختزنه ثقافتهم من مواد غذائية لعل أبرزها وأهمها التمور التي تمت إعادة تصنيعها بأشكال مختلفة ونكهات متنوعة وجدت في الشوكولاته شريكا مهما في تقديم أشهى وأطعم أطباق الحلويات.

وبحسب مستثمرين في قطاع الشوكولاته، فإن السوق السعودية تعتبر من أكبر الأسواق في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بحجم يصل إلى 500 مليون ريال (133.3 مليون دولار)، من أصل ملياري ريال (533.3 مليون دولار)، حجم سوق الحلويات في البلاد، وتعتبر أيام العيد وشهر رمضان الموسم الذهبي للشوكولاته والحلويات في السعودية. وذكر عيسى العيسى المدير العام لشركة «ميشيل كلوزيل» الفرنسية لصناعة الشوكولاته في السعودية لـ«الشرق الأوسط» أن سوق الشوكولاته تشهد نموا مستمرا في حين أن هناك نسبة زيادة كبيرة هذا العام في مبيعات سوق الشوكولاته بلغت 45 في المائة وتصل إلى 65 في المائة خلال أيام الأعياد والأفراح، مبينا أن الجو الاستثماري السعودي ساعد على تطور صناعة الشوكولاته ودخول المنافسين فيه.

وقال العيسى إن العاصمة الرياض وحدها تستحوذ على نحو 6 آلاف محل للحلويات، 3 آلاف منها خاصة بالشوكولاته، في حين أن محلات الشوكولاته والحلويات التي تقدم صناعات خاصة بالشوكولاته والحلويات التقليدية تبلغ نحو 5 محال فقط، مبينا أن هذا الخط الإنتاجي الجديد لاقى استحسانا كبيرا حتى في الأسواق الأجنبية، وكثرة في الطلب.

وعن حجم السوق خلال موسم رمضان والعيد مجتمعين، قدر العيسى حجم السوق في الرياض فقط بنحو 500 ألف ريال (133 ألف دولار)، مبينا أن المحلات التجارية المتخصصة في بيع الشوكولاته، شهدت ازدحاما كبيرا الأيام الماضية، نتيجة إقبال الكثير من المستهلكين على شراء أنواع متعددة من الشوكولاته، التي أصبحت أهم الأصناف الرئيسية التي تقدم لمختلف الضيوف والزوار، خاصة مع تبادل الزيارات بين الأسر السعودية للتهنئة بحلول العيد.

وذهب العيسى إلى ما ذهب إليه بدر العساكر في أن ارتفاع في ثقافة المستهلك في السعودية بشكل عام، بعد أن أثبتت المنتجات ذات الجودة الأعلى حضورها في السوق، مضيفا أن الأشكال الجمالية التي ابتدعتها حدة التنافس بين مصنعي الشوكولاته، أعطت كذلك فارقا أساسيا جعل من أطباق الشوكولاته شكلا فاخرا من أشكال الضيافة، علاوة على ما تزخر به الشوكولاته من نكهات ومذاقات مختلفة، ما زالت تلك المصانع تتسابق على ابتكار الأجود والأفضل منها.

وأشار العيسى إلى أن سوق الشوكولاته، تتضمن خطين أساسيين هما حلوى «الشوكولاته» وهي المادة النهائية التي تستهلك مباشرة، ومادة «الكاكاو» الذي يدخل بأشكاله وأنواعه العديدة في الصناعات الغذائية، مؤكدا أن الكثير من المنشآت الصغيرة التي تدخل سوق الشوكولاته تخرج بسبب النوعية والجودة، التي تكون في الغالب المحك الرئيسي لعملية الاستمرار أو الخروج من السوق، حيث إن ثقافة المستهلك للشوكولاته تزيد في حين أن أكثر المستثمرين الجدد يلجأون إلى أنواع رديئة من الشوكولاته لرخص أسعارها وهو ما يحدو بهم للخروج من السوق باكرا، باستثناء بعض المستثمرين الآخرين الذي يلجأون إلى تقسيم أنواع الشوكولاته ما بين رديئة وذات جودة، وتخصيص كل قسم لصناعة أنواع كثيرة من الحلويات تعتمد على مزج وتزيين تلك الحلويات بالشوكولاته.

وأوضح العيسى أن الشوكولاته الخام المستوردة في السعودية يتم استيراد 75 في المائة منها من الدول العربية، بينما يتم استيراد نحو 25 في المائة من أوروبا، والباقي يأتي من بعض دول العالم.