عيد الرياض يكشف تعطش الجمهور السعودي للفرجة المسرحية

في ظل غياب الحراك المسرحي على مدار العام

TT

عكست أعداد الجمهور الحاضر للعروض المسرحية التي أقيمت ضمن فعاليات احتفالات أمانة منطقة الرياض، التي تجاوزت 15 ألفا بحسب تقديرات أولية للجنة التنفيذية لاحتفالات الأمانة بالعيد لهذا العام، تعطش الجمهور السعودي للفرجة المسرحية، في وقت يعاني فيه المسرح هنا من ضعف عام إن لناحية الاهتمام الرسمي، أو لناحية البنية التحتية.

وأدى توافد أعداد غفيرة على بعض العروض المسرحية إلى قيام الجهات المنظمة في تلك المواقع بإغلاق الأبواب الخارجية قبل بداية العرض المسرحي بأكثر من ساعة.

ففي عرض مسرحية «بابا سامحني» كان الحضور 2500 متفرج في قاعة لا يتجاوز عدد مقاعدها الـ860، فامتلأت بهم قاعة كلية التقنية بحي صلاح الدين بالرياض وهو رقم قياسي يسجل لصالح العرض.

بل إن عروضا مسرحية نسائية حققت هي الأخرى أرقاما كبيرة في عدد المشاهدات لها من النساء في مدينة الرياض.

فعرض مسرحية «بنات فاطمة» بمركز الملك فهد الثقافي شهد إقبال أكثر من ثلاثة آلاف امرأة في يومه الأول فقط، وعرض مسرحية «هالة وهلالة» بلغ عدد الحضور فيه أكثر من 2000 مشاهدة على مدار اليومين الأولين من العيد.

تلك الأعداد الغفيرة من الجمهور المتعطش للمسرح والفرجة المسرحية تطرح عددا من التساؤلات عن غياب المسرح السعودي وعدم تواصل أعماله، واقتصاره على عروض تقدم في مناسبة واحدة على مدار العام.

وخلال تلك العروض المسرحية التي شهدتها احتفالات أمانة منطقة الرياض بمناسبة عيد الفطر المبارك أعرب عدد من الفنانين والممثلين السعوديين بخلاف زملائهم الفنانين الخليجيين الذين شاركوهم في بعض تلك العروض عن مدى استغرابهم لكبر حجم الحضور لعروض المسرح.

من جانبها، أبدت الفنانة الكويتية ليلى السلمان بطلة العمل المسرحي النسائي «هالة وهلالة» دهشتها بمستوى الحضور الجماهيري في أول وثاني أيام العيد. كما صرحت بأنها تخطط لعمل كثير من الأعمال المسرحية في الأيام المقبلة.

أما الفنان الكويتية عبير أحمد فقد أعربت عن دهشتها من الحضور النسائي الكبير خلال عرض مسرحية «بنات فاطمة» التي شاركت فيها، وهي التجربة الأولى لها بحسب حديث لها مع عدد من وسائل الإعلام المقروءة، وأضافت أن تلك الأعداد الكبيرة للحضور ستشجعها على المشاركة في أعمال مسرحية بالرياض في السنوات القادمة.

في حين اعتبر الفنان الكويتي محمد جابر، الذي يشارك في مسرحية «فاصل ونواصل» أن الجمهور في السعودية متذوق للأعمال المسرحية والفنية، ويضيف بقوله: «هذه التجربة الثانية لي مع مسرح العيد في الرياض، وأجد أن أعداد الجماهير في ازدياد»، مبديا استغرابه من عدم استثمار تلك الأعداد الكبيرة من الجماهير في طرح أعمل مسرحية جديدة ومتواصلة على مدار العام، معتبرا أن تلك الأعداد تدفع بجهات مسرحية كثيرة في الخارج لإقامة مزيد من العروض الجماهيرية.

وفي السياق ذاته، يعتبر الفنان السعودي علي إبراهيم أن ما قامت به أمانة منطقة الرياض من إحياء روح المسرح السعودي باستضافتها لأعماله يعد في صالح الأمانة وهي جهة غير مسؤولة عن تنشيط الحراك المسرحي، مما يدفعنا للتساؤل عن كيفية النهوض بالمسرح واستثمار جهود الأمانة في تعزيز ذلك الدور للمسرح السعودي.

من جانبه، اعتبر الفنان السعودي محمد المنصور أن المسرح السعودي في حاجة ماسة لمثل جهود أمانة منطقة الرياض ليكون ضمن الأجندة الثقافية والترفيهية لدى الأسر السعودية.

وكان اقتصاديون قد دعوا لتحويل المسرح إلى صناعة بالمفهوم الاقتصادي بحيث يكون لها مردودها وإيراداتها، ويكون من أهدافه الارتقاء بنفسه لمستوى الصناعة كما في بعض الدول العربية مع ضرورة أن يكون لها ضوابط تتلاءم مع بيئتنا وثقافتنا.

واعتبر أولئك المختصون أن مجانية دخول المسرحيات حاليا التي تأتي من مبادرات تقوم بها أمانات المدن في الأعياد والمناسبات قد تكون مقبولة حاليا لعدم توفر البيئة الاقتصادية المناسبة، لكنها بالوضع الحالي لا تحقق الهدف المنشود لصناعة فنية مسرحية، ولكنها تساهم في نشر هذا النوع من الفن كثقافة من الممكن أن يعتاد عليها الناس، بحسب وصفهم، مضيفين أن الفن أصبح صناعة تحقق مليارات الدولارات لبعض الدول العربية.

كما يسهم في استقطاب فرق فنية من دول عربية متقدمة في هذا المجال وبالتالي يكون هناك رفع للإنفاق الداخلي على المجال الترفيهي يسمح بضخ استثمارات كبيرة في هذا المجال.

إلا أن مشكلة المسرح السعودي الحقيقية تكمن في عدم توفر مظلة رسمية تتبنى تنظيم أعماله الفنية، فعلى الرغم من ظهور جمعية المسرحيين السعوديين للوجود منذ ما يزيد على السنتين، فإن تلك الجمعية تعاني من تهميش دورها وعدم الاعتراف الرسمي بها من قبل عدد من الجهات الحكومية والخاصة بحسب ما ذكره رئيس مجلس إدارة جمعية المسرحيين أحمد الهذيل، الذي أكد في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» على أن وزارة الثقافة والإعلام لم تقم بدورها بالتعريف بجمعية المسرحيين السعوديين للجهات ذات العلاقة، مما شكل عائقا أمام تواصل تلك الجمعية والقيام بمهامها.

يشار أن جمعية المسرحيين السعوديين تأخذ المنحى المؤسسي المدني في أعمالها، وهي تعاني من قلة الموارد المالية في ظل عدم توفر ميزانية مستقلة بها واعتمادها على الهبات المالية التي تقدمها وزارة الثقافة والإعلام التي تعمل الجمعية تحت مظلتها الإدارية.