سعودي يخترع حلولا لـ6 مشكلات تعترض القطاعات الحكومية والخاصة

أبرزها مشكلة الفصول الدراسية والشيكات من دون رصيد وعبور المشاة وجهل الحجاج بالمناسك

المخترع والمبتكر السعودي عبد الملك الراجح يعرض لـ«الشرق الأوسط» إختراعه بشأن العلم السعودي بإبقائه مرفرفا بصفة دائمة ومضاء في الليل (تصوير: إقبال حسين)
TT

أنجز مهندس سعودي عددا من المبتكرات التقنية المتعددة وغير المتماثلة، ستسهم حال تطبيقها في خدمة عدة قطاعات حكومية وأهلية، وحل الكثير من الإشكالات التي تواجهها، واختار المخترع مناسبة احتفاء السعودية بيومها الوطني الـ80 للكشف عن هذه المبتكرات.

وأبلغ المهندس عبد الملك بن عبد الرحمن الراجح «الشرق الأوسط» أنه أنهى مؤخرا 6 مبتكرات مختلفة استوحاها من الإشكالات التي تواجه بعض القطاعات الحكومية والخاصة، بحثا عن حلول لها بأقل تكلفة واختصارا للوقت، مستفيدا من التوجه الذي تبناه الملك عبد الله في ما يخص إدخال التقنية الحديثة في قطاعات الدولة انطلاقا من الثورة العلمية الكبرى التي اجتاحت العالم.

وحدد الراجح 6 «رؤى تكنولوجية» كوسيلة لطرح حلول لمشكلات تعليمية ومصرفية ومرورية وخدمات تتعلق بالحجاج والمعتمرين، وتوج ذلك بطرح مشروع لاستخدام التقنية في خدمة علم بلاده، بجعله مرفرفا ومضاء بصفة دائمة.

واستهل المهندس الراجح مبتكراته بالإشارة إلى إمكانية إدخال التكنولوجيا في العلم السعودي، وذلك بالتزامن مع اليوم الوطني السعودي الـ80، الذي يمثل فيه العلم رمزا للوطن والأمة، كما يمثل فكرا مذهبيا ودينيا وسياسيا ولم يتغير منذ عقود، نظرا لثبات المذهب الديني والسياسي منذ أيام الدولة السعودية في أدوراها المختلفة، حيث اختار الملك المؤسس لبلاده علما مميزا، حيث وضع شعار التوحيد للعلم أو الراية أو البيرق، وهو شعار عزيز على نفوسنا ونفوس المسلمين في أنحاء العالم، وهذا التميز كاف بحد ذاته ليميز العلم السعودي بين أعلام باقي الدول في العالم، موضحا أن بالإمكان جعل العلم يرفرف آليا ومضاء إضاءة ذاتية، وذلك عن طريق ضخ الهواء من مراوح خاصة عبر سارية العلم (أنبوب) ليخرج عبر العلم نفسه أو على جانبي العلم، ووضع الإضاءة بطرقتين أيضا إما في داخل العلم أو على مساحة العلم كاملة بطريقة خاصة، وبذلك يكون العلم مرفرفا آليا حتى في عدم وجود رياح، كما أن الإضاءة الذاتية للعلم تتيح رؤية العلم بوضوح تام أثناء الليل بطريقة جمالية، ويوضع العلم في الموانئ الجوية والبرية والبحرية وعلى المباني الحكومية وأثناء الاحتفالات والمهرجانات الوطنية.

وطرح المهندس الراجح مبتكرا ثانيا لخدمة الحجاج والمعتمرين بعدة لغات، من خلال تركيب شاشات إلكترونية، للإجابة عن استفساراتهم الشرعية وغيرها، موضحا في هذا الصدد أنه عند وصول الحاج أو المعتمر إلى المواقيت أو عند رغبة الحاج أو المعتمر خارج البلاد في أداء الحج أو العمرة - فإنه يدور في ذهنه الكثير من التساؤلات حول الحج والعمرة والطريقة الصحيحة لأدائهما، ولأن للمملكة دورا مشهودا في خدمة ضيوف الرحمن، فإنها تقوم سنويا بطباعة الكثير من الكتب والنشرات والفتاوى، وكل ما يخص أداء الحج والعمرة من إرشادات شرعية أو صحية أو غير ذلك، ونظرا لتوافر التقنية الحديثة لديها، فإنه بالإمكان وضع شاشات تلفزيونية مرتبطة بذاكرة إلكترونية بعدة لغات، يمكن من خلالها للحجاج أو المعتمرين استخدام هذه الشاشات الإلكترونية عند حاجتهم للفتاوى المتعلقة بالحج والعمرة أو الإرشادات الأخرى وغير ذلك، ولا يتطلب هذا الإجراء سوى أن يقوم الحاج أو المعتمر في الداخل أو الخارج باختيار اللغة ومن ثم البحث عن المعلومات التي يريدها، وتوضع هذه الشاشات في المواقيت وموانئ المملكة البرية والجوية والبحرية والسفارات السعودية في الخارج، ويمكن طباعة المعلومات التي يريدها الحاج أو المعتمر إذا أراد ذلك برسم بسيط أو من دون، لتضاف هذه الخدمة الحضارية إلى سجل المملكة المشهود لها في خدمة الحجاج والمعتمرين.

واعتبر المبتكر السعودي أن التعليم يمثل حجر الزاوية في كل مناحي التنمية، ونظرا لاهتمام القيادة السعودية بتطوير التعليم وحل الإشكالات التي واجهها سابقا ويواجهها حاليا القطاع، من خلال مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم - قدم الراجح مبتكرا يتعلق باستبدال قاعات كبيرة بالفصول الدراسية، بهدف اختصار عدد الحصص والزمن الذي تتطلبه كل حصة دراسية في الوقت الحالي.

وأشار الراجح إلى أن المختصين في وزارة التربية والتعليم، ينشدون تطوير كل عناصر العملية التربوية والتعليمية والتخلص من السلبيات وحصد الإيجابيات، وقد طال التطوير جميع عناصر العملية التعليمية، إلا أن المبنى المدرسي قد يكون هو العنصر الوحيد الذي يشكل العقبة الكبرى في التطوير، لأن البقاء على الأسلوب التقليدي لنقل المعرفة من المدرس إلى الطلاب وبالمنهجية نفسها في توزيع طلبة الصف الواحد على عدة فصول - أدى إلى تأثر العناصر الأخرى وسبب الضغط والإجهاد على المدرس والطلبة والإدارة وميزانية الوزارة.

ولفت إلى إن استبدال قاعات دراسية تضم أعدادا كبيرة من طلبة الصف الواحد بالفصول، سيصبح أمرا مفيدا للتغلب على كثير من السلبيات في كل عنصر من عناصر التعليم، وخاصة إذا تم الأخذ في الاعتبار أن البيئة المحيطة بالطالب عند التحاقه بالمدرسة ليست كما هي في الماضي، فقد نالها التطور سواء على مستوى أسرته ومستوى التحصيل وانعكاس ذلك على الطالب، الذي أصبح يعرف الكثير من الأشياء ويجيد استخدام الحاسب، وقد يكون يعرف بعض الحروف والأرقام وغير ذلك قبل التحاقه بالمدرسة، إضافة إلى ضرورة استغلال التطور الكبير في وسائل التعليم الحديثة التي فتحت آفاقا لتسهيل الحصول على المعلومة سواء للمدرس أو الطالب.

وحدد الراجح الكثير من الفوائد المنظورة لهذا التوجه ومنها بحسب قوله: «انخفاض تكلفة المبنى المدرسي وإمكانية إنشاء مبانٍ مدرسية بتكلفة منخفضة، وذلك لتغطية الطلب المتزايد من المدارس نتيجة لزيادة عدد السكان وكذلك إمكانية انتشار المجمعات التعليمية بمراحلها المختلفة بتكلفة أقل وعدم الحاجة إلى مساحة أرض كبيرة، وتخفيض أعداد الحصص الدراسية على الدارس، مما يؤدي بالتالي إلى رفع كفاءة المدرس، مما ينتج عنه رفع درجة التحصيل العلمي لدى الطلاب».

وأضاف: «وإمكانية زيادة زمن الحصص المدرسية بكل مرونة، بحيث يحصل الطالب على أكبر قدر من الجهد المبذول من قبل المدرس (( بحيث تغطي الحصة الدراسية حاجة الطالب)). والانضباط والتوجيه داخل الصالة يوكل إلى المدرسين الآخرين، وبذلك يتاح أمام مدرس المادة عرض المادة فقط، بحيث يصبح مدرس المادة لديه الوقت الكافي لعرض المادة والإجابة عن الأسئلة وعمل الاختبارات اللازمة واستخدام الوسائل إلى غير ذلك».

وبين أن من فوائدها أيضا «إتاحة هذا النظام إدخال مناهج جديدة تماشيا مع متطلبات العصر كاللغة الإنجليزية والحاسب الآلي وغيره، وأن يصبح المبنى المدرسي مناسبا جدا للعملية التعليمية، حيث يمكن تهيئته لذلك بأقل التكاليف ورفع الكفاءة من النشاطات الأخرى غير المنهجية، إضافة إلى إتاحة الفرصة أمام أعضاء هيئه التدريس نتيجة لتخفيض عبء أعداد الحصص وتوافر الوقت الكافي للمتابعة الجيدة للطالب في الاستذكار والواجبات وغير ذلك، وأن هذا النظام يسمح بزيادة مشاركة الطلاب في النشاطات الاجتماعية كالمشاركة في عملية الإرشاد كالمرور والصحة وغير ذلك، لأن الطلاب لا يعانون ضغط الوقت».

وأضاف: «كما تصبح الحصص الدراسية كافية جدا لمراجعة الدرس الماضي وعرض مادة جديدة وكافية للمتابعة وأداء الاختبارات اللازمة والواجبات كذلك، ويمكن استخدام الحصص للمذاكرة، حيث إنه يتم زيادة الزمن المقرر للحصص الدراسية، نتيجة اختصار عدد الحصص على الدارس»، مشيرا إلى أن هذا النظام يتيح للمدرس الالتحاق بالدورات التدريبية دون الإضرار بالتدريس، كما أنه يقلل الضرر الناتج عن نقص أو غياب أحد المدرسين لأي سبب كان، خاصة في بعض المدارس.

واستطرد «إن هذا النظام يتيح أيضا للمدرس إمكانية الخدمة في أكثر من مدرسة، وذلك عند الحاجة لتغطية نقص ما في أعداد المدرسين. كما أن هذا النظام يمكن أن يساعد في سد العجز في التدريس في المملكة بشكل عام، ويؤدي بالتالي إلى اتخاذ القرارات المناسبة، ويمكن عند تصميم مثل هذه الصالات التعليمية مراعاة نقلها من مكان إلى آخر عند الحاجة».

وأضاف: «تتيح هذه الاستراتيجية زيادة وتطوير وسد النقص في الجانب التربوي للطلاب بإدخال وسائل التربية، سواء بالمناهج أو غير ذلك».

وشدد المهندس الراجح على ضرورة أن يعي المختصون، عند تناولهم هذه الاستراتيجية، ضرورة دراستها بمعزل عن الطريقة الحالية التي تختلف عن الطريقة التقليدية السائدة «الفصول الدراسية»، ضاربا مثلا بالمعلم في النظام الحالي الذي لديه 3 حصص في اليوم، ويحتاج أن يلقيها 3 مرات بشكل متكرر في زمن لا يقل عن 135 دقيقة (ساعتان وربع)، في حين أن النظام المقترح يتيح للمعلم أن يدرس المادة مرة واحدة وفي زمن أقل.

ولم ينس الراجح في ظل تزايد إصدارات الشيكات من دون رصيد، التفكير في حلول لهذه المشكلة، موضحا أن السعودية حريصة كل الحرص على وضع النظم والتشريعات والإجراءات الجزائية لحماية اقتصادها، ليزداد متانة واستقرارا، ويكون محل ثقة الجميع، سواء في الداخل أو الخارج، مما ينعكس بدوره على أداء المستثمرين، لافتا إلى أن بلاده تعد من أوائل الدول التي توسعت في استخدام التعاملات الإلكترونية وفي كافة مناحي الحياة وتسير بخطوات ثابتة نحو الحكومة الإلكترونية، وتسهيل الإجراءات على المواطنين والمقيمين والتخلص شيئا فشيئا من الإجراءات الروتينية التي أصبحت في عداد الماضي ولا تواكب طبيعة العصر.

وذكر أن استخدام الآلات الإلكترونية لإصدار الشيكات المصرفية المصدقة، وهي آلات شبيهة بآلات صرف النقود التابعة للبنوك مع تعديل بسيط في أداء وظيفتها - هو الحل لهذه الإشكالية، حيث يتم إصدار الشيكات المصدقة وحجز المبلغ مقابل رسم للشركة المشغلة لهذا المشروع، معتبرا أن استخدام هذه الآلات سوف يقضي بشكل كبير جدا على مشكلات إصدار الشيكات من دون رصيد أو الأخطاء أو التلاعب في كتابة الشيك والتخلص من الأعباء الإدارية والقضائية وعدم الحاجة إليها، لأن الثقة سوف تزداد بالشيكات المصرفية، كما أن استخدام هذه الآلات سيوفر عنصرين مهمين، هما: الدقة والتوثيق المطلوبان، مما ينعكس بدوره على السياسة الاستثمارية وثقة المستثمرين بالتعامل بالشيكات.

وطرح الراجح حلولا لممرات عبور المشاة في الشوارع من خلال استخدام آلات كهربائية في أماكن عبور المشاة شبيهة بالتلفريك أو المصاعد الكهربائية مع شيء بسيط من التعديل، مما يؤدي إلى استخدامها بطريقة حضارية مميزة، حتى لو حمل تنفيذ هذا المشروع طابعا ربحيا عن طريق تشغيلها من قبل القطاع الخاص وبيع التذاكر، معتبرا أن الأولوية في تنفيذ المشروع للمناطق شديد الازدحام، كما بالإمكان البدء بتطبيقها في مكة المكرمة والمدينة المنورة، نظرا للكثافة البشرية خصوصا في موسمي الحج والعمرة، معتبرا أن هذا المشروع سيحقق أرباحا إضافية للشركات المشغلة من خلال الدعايات التجارية المركبة على هذه الآلات الكهربائية المتحركة.

وختم المهندس الراجح مخترعاته الستة بالإشارة إلى إمكانية إنشاء نوافير باستخدام مياه ملونة، من خلال تلوين المياه بعدد من الصبغات المختارة والمناسبة للتصميم المراد تطبيقه في أي مكان داخل المدن، ومثل هذه النوافير المستخدم فيها هذه المياه الملونة سيظهر أثرها الجمالي واضحا مهما كان حجمها، وخاصة أثناء ساعات النهار والليل، لأن إنشاء النوافير باستخدام المياه العادية يلزم في الغالب المبالغة في حجم مساحة النوافير والبحث عن أشكال مميزة واستخدام الأضواء الملونة ليلا وكل هذا يرفع التكلفة المادية للنافورة، أما باستخدام المياه الملونة في النوافير، فإنه يخفض التكاليف المادية ويزيد أثرها الجمالي في المدن أثناء الليل أو النهار، كما أن استخدام هذا النوع من النوافير يتيح للمصمم الكثير من خيارات التصميم الكثيرة والجميلة بشكل فريد ومبتكر.