اتفاقية مرتقبة لدراسة نسبة الإصابة باضطراب فرط الحركة لطلاب المدارس

تقديرات أولية غير شاملة تشير لتجاوز السعودية المعدلات العالمية للإصابة بـ15%

15% من أطفال المدارس في السعودية مصابون بأمراض فرط الحركة وتشتت الانتباه («الشرق الأوسط»)
TT

تعتزم جمعية طبية مهتمة برصد حالات الأطفال المصابين بتشتت الانتباه وفرط الحركة، عقد اتفاقية مع وزارة التربية والتعليم السعودية، تمهد للقيام بمسح شامل لجميع مدارس الدولة الحكومية والخاصة، لتحديد نسبة المصابين بالمرض من طلاب وطالبات تلك المدارس.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» مصدر مطلع عن تسجيل السعودية لما يزيد على 15 في المائة من حالات الإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لدى الأطفال، بينما تمثل النسبة العالمية لتلك الإصابة ما بين 3 - 5 في المائة كنسبة إصابة بين طلاب المدارس.

وأوضحت الدكتورة سعاد اليماني استشارية المخ والأعصاب بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث ورئيسة جمعية ومجموعة دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (افتا) أن تلك النسبة تم تقديرها وفق دراسة علمية قام بها الدكتور جمال الحامد بوزارة الصحة بفرع المنطقة الشرقية خلال عام 2001م موضحة أن الدراسة طبقت على 77 مدرسة بمراحل التعليم العام بالمنطقة الشرقية بالسعودية.

وأشارت يماني إلى أن نسبة الإصابة بهذا الاضطراب لا يعرف مقدارها الحقيقي بالسعودية في ظل غياب المسح الشامل لمختلف مناطق السعودية، مشيرة في الوقت ذاته إلى سعي جمعيتها (إفتا) بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بالإضافة لوزارة الصحة لعمل مسح شامل لكافة مدارس التعليم العام خلال الفترة المقبلة لمعرفة نسبة الإصابة بهذا الاضطراب بين طلاب مراحل التعليم العام. واعتبرت يماني أن نسبة الإصابة في بعض دول الخليج العربي هي أقل منها في السعودية، مشيرة بذلك إلى حجم الإصابة في دولة الإمارات حيث سجلت هناك 14.9%، بينما بلغت في دولة قطر 11.1%.

واعتبرت أن من الحقائق المؤلمة لتلك الإصابة والتي تؤكدها مراكز البحث العلمي أن 30 - 50% من ذوي إفتا يضطرون إلى البقاء في نفس السنة الدراسية، بينما 35% من التلاميذ من المصابين بإفتا لا يستطيعون إكمال الثانوية العامة، وأن 25% من المراهقين المصابين بإفتا يتم طردهم من المدرسة، و35% من المراهقين المصابين بإفتا يتم توقيفهم من المدرسة، وتقدر تلك الدراسات العلمية أن 80% من المراهقين المصابين بإفتا متأخرون أكاديميا على الأقل في مادة، و20 - 60% من المراهقين ذوي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه متورطون في سلوك غير قانوني. ولمحت الدكتورة سعاد اليماني إلى أن هدف جمعيتها هو نشر الوعي بين الأسر وأفراد المجتمع وبين العاملين في الميدان كالأطباء والتربويين والاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين وغيرهم عن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه والطرق السليمة للتعامل معه وسن القوانين والأنظمة التي تضمن لهذه الفئة الحقوق وتوفر لها بعض الخدمات اللازمة كإنشاء عيادة تخصصية شاملة لتشخيص وعلاج افتا وعقد مؤتمرات وندوات محلية وإقليمية من أجل مناقشة إجهاد ونتائج هذا الاضطراب على الأسرة والمجتمع والاطلاع على أحدث الطرق في العلاج.

وأشارت في الوقت نفسه إلى قيام جمعية ومجموعة دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (إفتا) بعقد مؤتمرين علميين، وكان أول مؤتمر في الشرق الأوسط حول اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في ديسمبر (كانون الأول) 2004م في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث - الرياض، وعقد المؤتمر الثاني في أكتوبر (تشرين الأول) 2008م باستضافة متحدثين من الولايات المتحدة الأميركية، وتضمن المؤتمر في ذلك العام ورش تدريب التربويين ليصبحوا مدربين، بالإضافة لنشاط فني للأطفال، وورشة عمل للأهالي.

وأشارت إلى أنه تم الاتفاق مع الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال على ترجمة وطباعة الدليل التربوي لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، بالإضافة لعقد دورات تدريب الأهالي ليصبحوا مدربين بالتعاون مع الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، ولمحت إلى عزم الجمعية على إقامة المؤتمر المشترك مع الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، وهو المؤتمر الأول للأكاديمية بالشرق الأوسط.

وتضيف اليماني بالقول: «كما أقامت الجمعية المهرجان الأول لمجموعة دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه تحت عنوان (امرح وتعلم) في أبريل (نيسان) 2007م، ثم أعقبه إقامة المهرجان الثاني والذي كان تحت عنوان (مهرجان عبقري) في أغسطس (آب) 2010م بمناسبة اليوم العالمي للاضطراب».

ولمحت اليماني إلى قيام الجمعية وهي جمعية خيرية توعوية غير ربحية تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية، بإطلاق أول موقع إلكتروني عربي متخصص عن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، يهدف لنشر التثقيف العلمي والتربوي والطبي عن هذا الاضطراب، كما عمدت الجمعية إلى إنشاء أول قاعدة معلومات للمهتمين بهذا الاضطراب من أجل تنسيق الجهود والبرامج المستقبلية.

واعتبرت أن أكبر الصعوبات التي تواجه جمعيتها في الوقت الحالي هي قلة وعي المجتمع بإفتا وعدم إيمان العديد من الأشخاص بوجود هذا الاضطراب، بالإضافة إلى صعوبة الوصول لصناع القرار ومسؤولي الوزارات الحكومية العامة (القطاع التعليمي - الصحي وغيرها من القطاعات) تقف حاجزا أمام وصولنا لتأدية رسالتنا - بحسب وصفها - ، معتبرة أنه على الرغم من الاعتراف الرسمي من قبل الحكومة السعودية بحقيقة هذا الاضطراب وأثره على الأطفال والذي تمثل في صدور الموافقة على المشروع الوطني لإفتا من قبل مجلس الوزراء في شهر سبتمبر (أيلول) عام 2009م فإن تلك الموافقة لا تكفي وحدها للنهوض بأعباء التعريف ونشر الثقافة المجتمعية بهذا الاضطراب، وتضيف اليماني حول وصفها لهذا الاضطراب بالقول: «هو اضطراب عصبي سلوكي ناتج عن خلل في بنية وظائف الدماغ، يؤثر على السلوك والأفكار والعواطف، ويصيب الأطفال ويستمر معهم حتى البلوغ بأشكال وأعراض مختلفة، وبعض أعراضه سلوكية تتعلق بالفهم والانضباط والتعامل الاجتماعي، معتبرة أنه ليس بمرض وإنما اضطراب»، وترجع أسباب الإصابة به إلى أسباب غير معروفة بشكل كامل، وتستدرك بالقول: «ولكن العوامل الوراثية تلعب دورا كبيرا في الإصابة تصل إلى 55 - 92%».

وتأمل الدكتورة سعاد اليماني أن يتحقق حلم جمعيتها، الذي يتمثل في دعم الجمعية والمجموعة لكي تستطيع القيام بالحملة التوعوية المكثفة على مدى ثلاث سنوات والتي تهدف لرفع الوعي بين 35% من أفراد المجتمع بهذا الاضطراب لدى الأطفال، معتبرة أن الجهل به واعتقاد البعض أن ما يشعر به الأهالي نحو سلوك أطفالهم ناتج عن التدليل الزائد لهم من الأمور التي نأمل في تصحيحها في أذهان أولياء الأمور من خلال حملة جمعيتهم. وفي سياق متصل قامت جمعية ومجموعة دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (إفتا) لإطلاق مهرجان «عبقري» الثالث، والذي يقام سنويا بمناسبة اليوم العالمي لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ويهدف لرفع الوعي بإفتا وخلق تلاحم وتآزر بين أطفال إفتا وبقية الأطفال من خلال الأنشطة الترفيهية والمقامة بمهرجان «عبقري»، وذلك مساء أمس وأول من أمس، بحديقة غار المعذر التذكارية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض.

وشهدت فعاليات «مهرجان عبقري 3»، حضورا كبيرا من لاعبي أندية الهلال والنصر والشباب وأقيمت مباراة ودية لكرة القدم بين أطفال إفتا ونجوم كرة القدم، بمشاركة عدد من الفنانين السعوديين، بالإضافة إلى أركان ترفيهية متعددة للأطفال وبرنامج مسرحي وعروض الدراجات الهوائية وألعاب السيرك والخفة ومسابقات توعوية متنوعة.