السعودية تلزم الجمعيات الخيرية بالتوثيق لمنع الهدر المالي

بلغ عددها 589 جمعية و88 مؤسسة خيرية.. بدعم سنوي 300 مليون ريال

ألزمت وزارة الشؤون الاجتماعية الجمعيات الخيرية التابعة لها بالتوثيق لمنع الهدر المالي في مصروفاتها («الشرق الأوسط»)
TT

أكد مصدر مطلع بوزارة الشؤون الاجتماعية بالسعودية، لـ«الشرق الأوسط»، أن عدد الجمعيات الخيرية العاملة بالسعودية في مختلف المجالات والأنشطة بلغ، بحسب إحصائية الوزارة الحالية، 589 جمعية خيرية، منها 32 جمعية نسائية، بينما بلغ عدد المؤسسات الخيرية 88 مؤسسة، في الوقت الذي يشهد فيه العمل الخيري في السعودية دعما لافتا من قبل الحكومة السعودية.

وأوضح محمد العوض، الناطق الرسمي بوزارة الشؤون الاجتماعية، أن الدعم الحكومي يتجاوز 300 مليون ريال لكل الجمعيات الخيرية كدعم سنوي لها، ولمح إلى أن ذلك المبلغ جاء وفق توجيهات من خادم الحرمين الشريفين بعد أن كان الدعم السنوي لا يتجاوز مبلغ 100 مليون ريال سنويا.

وحول ما أشيع من وجود هدر مالي لدى عدد من الجمعيات الخيرية بالسعودية بالنظر للمصاريف الإدارية كإيجارات المقار الرسمية ومصاريف الخدمات العامة ونفقات تنقل المجالس الإدارية لتلك الجمعيات، أكد العوض أن وزارة الشؤون الاجتماعية، ممثلة بالإدارة العامة للجمعيات الخيرية، تلزم الجمعيات كلها بتوفير توثيق لكل معاملاتها المالية من إيرادات ومصروفات، في الوقت الذي تقوم فيه الوزارة بتكليف محاسبين قانونيين ومراجعين ماليين بتدقيق تلك السجلات المالية.

ونفى العوض أن يكون هناك هدر مالي في تلك الجمعيات الخيرية؛ لأن تلك الجمعيات تلزم بصرف ما يرد إليها من الزكاة والصدقات المالية في مصارفها الشرعية، في الوقت الذي أبرمت فيه الوزارة اتفاقا مع مكاتب المحاسبة لتزويدها بتقارير ربع سنوية عن تلك الجمعيات، وهو ما يعني أنها تخضع لـ1792 عملية مراجعة مالية سنويا.

ونبه العوض إلى أن كل مجالس الجمعيات العمومية لتلك الجمعيات الخيرية تخضع لمتابعة وتدقيق ومحاسبة من قبل أمراء المناطق والمحافظات.

وأضاف العوض أن الجمعيات الخيرية تخضع، هي الأخرى، لمراقبة ومتابعة في الجوانب المالية والإدارية من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية.

وأكد المتحدث باسم وزارة الشؤون الاجتماعية أنه لم يتم إيقاف أية جمعية خيرية بسبب هدر مالي حتى الآن، وما تم في حق بعض الجمعيات كان بسبب رغبة الأعضاء المؤسسين لتلك الجمعيات. واعتبر العوض أن الإيقاف للجمعيات بحسب النظام واللوائح لا يكون إلا من قبل مجالس إدارة الجمعيات، وهو ما يتعارف عليه بالإيقاف الاختياري، بينما الإيقاف الذي يتم من قبل الوزارة هو الإلزامي، معتبرا أن هذا الإيقاف الأخير لا يكون إلا بسبب عدم وفاء الجمعية بالتزاماتها تجاه العمل الخيري الذي اختارته ليكون مجالا لنشاطها.

وأشار العوض في حديثه إلى أن نسبة ما يصل للجمعيات الخيرية من إيراد مالي من قبل الوزارة تختلف بحسب نشاطات وبرامج ومشاريع كل جمعية خيرية، ولمح إلى كون بعض الجمعيات الخيرية ممن تتمتع بموارد مالية كبيرة لا تقدم لها الوزارة إلا قدرا ضئيلا من ذلك الدعم المالي، مشيرا إلى أن هناك جمعيات تقوم بتبني برامج إيواء وتدريب لبعض الأسر الفقيرة، ما يدفع بالوزارة إلى تقديم دعم مالي مقطوع لتلك البرامج الإضافية لديها.

في السياق ذاته، اعتبرت ثريا عابد، نائبة رئيس جمعية الوفاء الخيرية النسائية، أن لكل جمعية استراتيجيتها المالية الخاصة والتي تسير عليها في مصاريفها الإدارية، معتبرة أن من الصعوبة تعميم أي هدر مالي إن وجد عند البعض من الجمعيات الخيرية على بقية إدارات الجمعيات، وتؤكد، في الوقت نفسه، أنه لا يوجد لديهم أي هدر مالي. وتستدل على ذلك بشهادة وزارة الشؤون الاجتماعية التي تتابع كل أنشطة الجمعية وبالأخص الجانب المالي، ولمحت إلى أن جمعيتها تقدم خدماتها لما يزيد على 2500 أسرة عبر مركز خدمات الجمعية، مؤكدة انفراد الجمعية لديهم بمسكن الوفاء الصحي الذي يقدم خدمات فندقية لأكثر من عشرين ألف مريض ومرافق سنويا ممن يحولون عن طريق المستشفيات المتخصصة من مناطق السعودية أو من خارجها.

ولمحت إلى ما يقدمه مركز الوفاء التأهيلي من خدمات تعليمية وتأهيلية للمعاقات ممن لا يقبلن في المراكز الحكومية.

في سياق متصل، ترى رنا المرعي، من جمعية النهضة النسائية الخيرية، أن التخطيط المسبق ووضع الميزانيات التقديرية يلغيان الهدر المالي، خاصة إذا تم بإشراف قسم محاسبي متكامل ودقيق، يقدم تقارير دورية عن الوضع المالي يشرف عليه محاسبون قانونيون، وهذا ما تعتمده الجمعية سنويا أثناء انعقاد الجمعية العمومية، علما بأنه إذا كانت هناك حاجة لمصاريف إدارية إضافية فإنه تتم تغطيتها من خلال مجلس الإدارة على مدار السنة.

يشار إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية في السعودية أعلنت، في يونيو (حزيران) الماضي عن بدئها التشغيل التجريبي للنظام الحاسوبي الموحد، والذي يربط عددا من الجمعيات الخيرية التابعة لها، على نحو يكفل لها مراقبة كل الإجراءات الإدارية والمالية التي تتخذها تلك الجمعيات، في الوقت الذي تخضع فيه سنويا لنحو 1800 عملية مراجعة لحساباتها.