السعودية: وزير العدل يحمل اللجنة الوطنية للمحامين مسؤولية عدم تلقيه مقترحاتهم وملاحظاتهم

د. قاروب لـالشرق الأوسط»: هناك سوء تقدير من قبل بعض القضاة للحصانة الممنوحة لهم

وزير العدل السعودي د. محمد العيسى مع ماجد قاروب وصالح كامل
TT

حمل وزير العدل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى مسؤولية عدم إيصال كثير من ملاحظات ومقترحات المحامين التي تم طرحها عليه خلال اللقاء الحقوقي الوطني الثاني يوم أمس، للجنة الوطنية للمحامين، وذلك أثناء اجتماعه على هامش اللقاء برؤساء لجان المحاماة التابعة للغرف التجارية على مستوى مدن السعودية. وأوضح أنه تم عقد اجتماع مسبق مع بعض المحامين نتج عنه تداولا للرأي أثمر في إيجاد حلول متقاربة لكثير من المقترحات المقدمة من قبل هؤلاء المحامين إلى وزارة العدل منها التراخيص الممنوحة لهم من قبل الوزارة، لافتا إلى أن تلك الطروحات ستكون على مستوى أكثر شمولا بشكل يضمن دعمها ومساهمتها في تطوير القضاء.

يأتي ذلك، في وقت طالب فيه صالح كامل رئيس الغرفة التجارية الصناعية في جدة اللجان المحلية للمحامين بكل غرفة واللجنة الوطنية للمحامين بضرورة انتهاز فرصة التجاوب السريع من قبل وزير العدل مع ما هو محق من تلك المطالب، والسعي عن طريقها إلى تذليل العقبات.

وكان الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى قد دشن أمس فعاليات اللقاء الحقوقي الوطني الثاني الذي استضافته ونظمته لجنة المحامين التابعة للغرفة التجارية الصناعية في جدة، وذلك بحضور رئيس مجلس إدارة الغرف التجارية ورئيس غرفة جدة، إلى جانب عدد من المهتمين بالشأن الحقوقي والقضائي.

وأشار وزير العدل خلال كلمة ألقاها إلى عدم وجود أي مانع شرعي أو نظامي في الجملة من تولي المرأة لمهنة المحاماة ما دامت في إطار ضوابطها الشرعية، غير أن منحها الترخيص يتطلب معالجة لا تمثل عقبة نظامية، وإنما تمثل أهمية إيجاد فترة انتقالية في تطبيق بعض مواد نظام المحاماة المتعلقة بمنح ترخيص الممارسة للمرأة التي تسعى الوزارة إليه، وأضاف: «ستشهد دور العدالة تخصيص أماكن للمحامين في المباني القضائية الجديدة وإبراز أهمية هذه المهنة ومكانتها في المنظور العدلي»، مؤكدا على أن المحاماة تعد القضاء الواقف لأن المحامين شركاء في تحقيق العدالة.

من جهته، اعترف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور ماجد قاروب رئيس لجنة المحامين في غرفة جدة بوجود سوء تقدير من قبل بعض القضاة في ما يتعلق بالحصانة الممنوحة لهم، موضحا أن الانفعال أو سوء كل من الخبرة والتقدير أو حتى الظروف النفسية المحيطة بالقضايا من شأنها أن تتسبب في ذلك الشيء.

وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نتطلع إلى أن تكون حصانة المحامي من خلال نظام أكثر من كونها عن طريق ممارسة يقدرها البعض وينكرها البعض الآخر في المجتمع، لا سيما أن المحامين اكتسبوها عبر عملهم الاحترافي وسمعتهم التي بنوها على مدى سنوات طويلة». وطالب بضرورة وضع المحامين مع القضاة في الكفة نفسها من حيث الحقوق والواجبات والالتزامات لأنهم شركاء بالمناصفة في إحقاق الحق، مشددا على أهمية ممارسة كل من القاضي والمحامي أعماله من دون أي نوع من أنواع الضغوط عليه، بحسب قوله، وزاد: «على الرغم من وجود سوء تقدير من قبل بعض القضاة أحيانا، فإن حصانتهم تعتبر حقا مكتسبا، عدا عن أن ذلك قد يعود إلى حالات معينة تحتم علينا قراءة كل حالة منها على حدة»، مبينا أن المحامين قد يتعرضون للإيقاف في دول العالم كافة إذا ما تجاوزوا الحدود المعقولة.

وأبان رئيس لجنة المحامين في غرفة جدة أن جميع الموجودين في القطاع الحقوقي لم يتلقوا إلا التعليم العالي في الجامعات، ومن ثم وجدوا أنفسهم في مناصبهم من دون أن يتأهلوا بأي عمل من الأعمال التحضيرية للمحامين أو القضاة أو الضباط أو غيرهم، إلا أن المرحلة الجديدة في مشروع الملك عبد الله لتطوير مرفق القضاء تشمل التأهيل المسبق والتدريب الدائم وتعديل التعليم الأساسي للقانون.

وهنا علق وزير العدل قائلا إن «مبدأ الحصانة للقاضي لا تعرفه القوانين إلا في أضيق نطاق، بما في ذلك الحصانة القضائية، وإنما تعد ضمانات الحياد والاستقلال ورعاية هيبة وشرف المهنة وفق ترتيبات معينة تتخذ عند الاقتضاء»، وأفاد أن النظام لم يتضمن النص على مفردة الحصانة، إضافة إلى أن التوسع في هذه المفردة أخذ سياقا غير مقر في الدراسات الحقوقية المتعمقة، مضيفا: «لا أعتقد أن مختصا؛ سواء في القانون الإداري أو الدستوري، يستخدم هذه الكلمة وفق توسعها الحالي الذي أخذ طابعا إعلاميا عاما تداولته الألسنة والأقلام، ولا سند له من الرصيد الحقوقي عند التحقق والتأمل»، واستطرد قائلا: «إذا كانت الحصانة هي الحياد والاستقلال ورعاية شرف المهنة القضائية في التعامل معها من قبل المجتمع خاصة الأجهزة التنفيذية، فهي موجودة في أعلى درجاتها وتسندها أحكام النظام».

وبالعودة إلى رئيس لجنة المحامين في غرفة جدة، أفاد بوجود نقاط مفقودة في تعامل المحامين مع الجهات ذات الاختصاص، التي منها طبيعة تعاملهم مع هيئة التحقيق والادعاء العام، مرجعا سبب ذلك التعامل إلى أن جهاز الهيئة لا يزال جديدا حتى الآن، وأضاف: «ما زالت هيئة التحقيق والادعاء العام في طور اكتمال بنيانها؛ إذ إنها لم تباشر اختصاصاتها والتوظيف فيها بالكامل، الأمر الذي ينعكس على طبيعة تعاملها مع المحامين في ظل وجود نواقص بها»، مؤكدا في الوقت نفسه على وجود فهم أكبر وممارسة أفضل لمناخ العمل ما بين أصحاب المصالح والحقوق أمام الهيئة في حال اكتمال أعمالها على مستوى السعودية.