الأسعار تشتعل.. وجمعية المستهلك تنشغل في هيكلها الإداري

نائب الرئيس لـ «الشرق الأوسط» : الجمعية ستجتمع اليوم وتعيد النظر في الكثير من الأمور

TT

رغم المتابعة اليومية المكثفة لأزمة ارتفاع الأسعار في مختلف وسائل الإعلام، واستحواذ قصص غلاء الطماطم والخيار والبطاطس وغيرها؛ على أحاديث السعوديين، فإن جمعية حماية المستهلك ما زالت تسجل غيابا لافتا، حيث لم تكلف نفسها ولو بإصدار بيان على موقعها الإلكتروني يتضامن مع جيوب المستهلكين التي أحرقتها نار الأسعار، مع تطبيقها لسياسة «لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم».

من جهتها، حاولت «الشرق الأوسط» أكثر من مرة الاتصال برئيس الجمعية، الدكتور محمد الحمد، وأخذ إفادته حول ذلك، إلا أن سكرتير مكتبه كرر اعتذاره بحجة انشغال رئيس الجمعية المتواصل؛ وفي اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، أمس، مع نائب رئيس جمعية حماية المستهلك، الدكتور ناصر التويم، أرجع صمت الجمعية للمشكلات الإدارية التي تواجهها مؤخرا.

وكشف التويم لـ«الشرق الأوسط»، أن اليوم، الأحد، سيكون هناك اجتماع مهم يضم إدارة الجمعية، بهدف إعادة الهيكلة في الشأن الإداري، قائلا: «بعد يومين ستتضح الصورة»، بينما وصف مجلس الإدارة الحالي بأنه «شبه معطل»، وأفاد بأن الجمعية ستعمل على «إعادة النظر في الكثير من الأمور»، وبسؤاله إن كانت الأزمة الإدارية التي تواجهها الجمعية ستنتهي بنهاية هذا الأسبوع، أكد على ذلك، مشيرا إلى وجود الكثير من المشاريع والخطط التي ستنفذها الجمعية قريبا.

في حين يرى عضو جمعية الاقتصاد السعودية، عبد الحميد العمري، أن ارتفاع الأسعار جزء منه خلل في السياسة الاقتصادية وفي السياسية النقدية تحديدا، مفيدا بأن أزمة ارتفاع الأسعار منذ عام 2006 وحتى اليوم ناتجة عن «تشوهات داخلية واحتكار بعض التجار بعض السلع وأوضاع العمالة الوافدة في الأسواق والقطاعات التي لا يغطيها النشاط الرسمي أو ما يسمى (اقتصادات الظل)، مثل قطاع التجزئة وقطاع الخضراوات والفواكه».

وتابع العمري حديثه لـ«الشرق الأوسط»، متسائلا: «إذا كانت الجهات الرسمية لا تستطيع الوقوف أمام التضخم أو أن تعالج المشكلة التي تظهر مع التضخم؛ فكيف نذهب إلى بعض الجهات المجتمعية مثل جمعية حماية المستهلك؟!»، وأوضح أن جمعية حماية المستهلك هي «أصلا لا تستطيع حماية نفسها»، مرجعا ذلك إلى محدودية صلاحيتها وعدم قدرتها على «التدخل في عمل الجهات الرسمية أو تغيير سياسة معينة أو فتح الأسواق أو تحرير قطاع ما» ونحو ذلك.

يذكر أن جمعية حماية المستهلك أنشئت بقرار مجلس الوزراء رقم (202) وتاريخ 17/6/1428هـ، كما صدر قرار مجلس الوزراء الخاص بتنظيم الجمعية رقم (3) مطلع عام 2008، على أن تكون هذه الجمعية مؤسسة المجتمع المدني الرائدة في حماية المستهلك والدفاع عن حقوقه، ومصدرا لتوعيته وإرشاده.

وتشمل اختصاصات جمعية حماية المستهلك: تلقي شكاوى المستهلك المتعلقة بالاحتيال والغش والتدليس والتلاعب في السلع أو الخدمات والمغالاة في أسعارهما، والتضليل عن طريق الإعلانات في الصحف وغيرها، ورفع ذلك إلى الجهات المختصة ومتابعتها، ومساندة جهود الجهات الحكومية المعنية بحماية المستهلك، وإبلاغ تلك الجهات بكل ما يمس حقوق المستهلك ومصالحه، وإعداد الدراسات والبحوث، وعقد المؤتمرات والندوات والدورات، وإقامة المعارض ذات العلاقة بنشاط حماية المستهلك، ونشر نتائج تلك الدراسات والبحوث؛ وفقا للأنظمة والتعليمات.

يضاف إلى ذلك، إسهام الجمعية في: توعية المستهلك بطرق ترشيد الاستهلاك وتقديم المعلومات والاستشارات الضرورية له، واقتراح الأنظمة ذات الصلة بحماية المستهلك وتطويرها، إلى جانب تمثيل المستهلك في اللجان والهيئات المحلية والدولية ذات العلاقة بحماية المستهلك، والتعاون معها والمشاركة في أنشطتها المتعلقة بأهدافها، وذلك وفق الإجراءات النظامية المتبعة.

وفي المحور نفسه، تبدو الخضراوات والأطعمة هي الأبرز عند الحديث عن ارتفاع الأسعار، وهنا يفيد خبير التسويق الزراعي، الدكتور سعد خليل، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «أسعار الخضار ارتفعت بسبب قلة الإنتاج والمعروض في السوق من المحلي والمستورد لأسباب كثيرة؛ منها ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف إلى درجة لم تعش فيها إلا الخضراوات التي في البيوت الزجاجية المكيفة والمجهزة لمثل هذه الظروف؛ وهذه قليله لأنها مكلفة».

ويضيف: «أيضا لا نتجاهل عزوف المزارعين عن إنتاج القمح بعد صدور قرار عدم شرائه من المزارعين وانكشاف خسائر الخضراوات للمزارع، مما أدى إلى عزوف بعض المزارعين عن إنتاج الخضار أيضا تفاديا لتراكم الخسائر، بالإضافة إلى أن بعض كبار المنتجين التزم مع بعض الأسواق الخليجية في عقود سنوية للتوريد لها، وبالتالي أدى ذلك إلى قلة الإنتاج في السوق».

إلا أن الشركات الزراعية في السعودية ما زالت تصدر كميات كبيرة للدول المجاورة، والبعض يرى ضرورة تغطية عجز الإنتاج الداخلي بحيث تكون الأولوية للمستهلك المحلي، وهنا يقول الدكتور خليل: «السعودية عضو في منظمة التجارة العالمية؛ ولكن في مثل هذه الظروف ترفع بالمبررات للمنظمة وتوقف تصدير الخضار لحاجة السوق المحلية؛ والتاجر يجب عليه التفكير بعقلانية؛ فالتصدير في هذا الوقت وفي ظل الأسعار المحلية العالية يعتبر خسارة عليه».