«الطيران المدني» تتهم سائقي الأجرة العامة بالجهل والقفز على القوانين

عقدت أمس ورشة عمل للاستفادة من تجارب الشركات العالمية المختصة

اتهامات رسمية لسائقي الأخيرة بالقفز على القوانين («الشرق الأوسط»)
TT

اتهمت هيئة الطيران المدني بالسعودية، سائقي المركبات الخصوصية، بعدم احترام الأنظمة والقوانين وقفزهم على اللوائح المعدة لنقل الحجاج والمعتمرين والمواطنين، ناعتة إياهم بأصحاب المشكلات، ليس فقط لمستقبلي الخدمة، بل للمسؤولين في مطار الملك عبد العزيز أيضا، في وقت كشف فيه معتمرون وحجاج تعرضهم لعمليات استغلال من قبل سائقي المركبات الخصوصية أثناء قدومهم لصالات مطار الملك عبد العزيز بجدة.

وطالب المعتمرون بفرض شباك موحد للنقل داخل المطار تشرف عليه أجهزة رقابية حكومية لدرء مشكلات كثيرة، أسوة ببقية المطارات العالمية التي لا تهاود السائقين الخارجين عن القانون، وطالبوا بصرامة أكثر لحمايتهم من الجشع، على حد قولهم.

وكشف محمد الحداد، مدير عام التنمية التجارية والممتلكات في هيئة الطيران المدني، لـ«الشرق الأوسط» أنهم في الهيئة يعانون من أصحاب الأجرة العامة من المواطنين، خاصة الأفراد منهم, مشيرا إلى أنهم في السابق كانوا يتعاملون مع شركات أجرة متخصصة, وكانت توضع لهم أسعار معينة, وكانوا يتقيدون بها، خاصة أنها كانت من وزارة المواصلات، آنذاك.

وأشار الحداد إلى أن أصحاب الأجرة العامة من الأفراد يتعاملون بطرق غير لائقة مع القادمين من المسافرين، حيث يتزاحمون عليهم بغية كسبهم, ويتفاوتون في الأسعار, التي تكون في فترات عالية جدا وغير مبررة, واستغلالية, ويعود ذلك لجهل القادم إلى السعودية بالأسعار, فضلا عن المشاجرات مع مسؤولي المطار, والمكلفين بمراقبتهم للقضاء على هذه الظاهرة.

وأبان مدير عام التنمية التجارية والممتلكات في هيئة الطيران المدني، أنه تم في السابق الاجتماع مع مدير المباحث, ومدير الشرطة , ومدير المرور, لوضع الحلول والمقترحات لهذه المعضلة والظاهرة السلبية, مشيرا إلى أنه شخصيا، تعرض في أحد المواقف إلى المضايقات من قبلهم, «لدرجة أنني كدت أتعرض للضرب الجسدي من أحدهم».

وأضاف الحداد قائلا: «إننا نعمل على وضع الخطط، التي نحاول تطبيقها, ونأمل من خلالها تطويرهم وتنظيمهم بشكل أفضل, وأتينا بشخص يشرف على هذا النشاط ككل, على أن تكون جهة موحدة, وتم تجهيز الموقع بمكتب خاص, بحيث يأتي المسافر إلى المكتب ويتم توجيهه إلى سائق الأجرة المعين, ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل الذريع، وذلك لعدم التزام أصحاب الأجرة, الذين غالبيتهم من كبار السن الذين يصعب التفاهم معهم, وتنظيمهم على الشكل اللائق».

وعرج الحداد بالحديث عن أن التنظيمات والترتيبات الموجودة في دول العالم الأخرى ليست مطبقة لدينا، على الرغم من الإمكانيات والقدرة على تطبيقها وتنفيذها أحسن من تلك الدول, ولكن لا نستطيع تطبيقها، نظرا إلى مثل هذه الشريحة من سائقي الأجرة الذين لا يتجاوبون معنا في إمكانية تطبيق مثل هذه التنظيمات.

وعن الجهة التي يجب أن تفرض مثل هذه التنظيمات، قال الحداد «إذا ما تكاتفت إدارة المطار, وإمارة منطقة مكة المكرمة, ومحافظة جدة, والقوة الأمنية الجهة المعنية, ويتم فرض النظام بالقوة من قبلهم, وإجبار سائقي الأجرة على تنظيم عملهم, وتنسيقها لتكون جهة حضارية, ولدينا فكرة في التعاقد مع شركة تضم كل شركات الأجرة, وسائقيها الأفراد, ويكون العمل موحدا, وذلك في سبيل القضاء على هذه الظاهرة السلبية».

وأضاف مدير عام التنمية التجارية والممتلكات في هيئة الطيران المدني أن القضية تتطلب تكاتفا من عدة جهات, وتطلب إحساسا موحدا بالهدف, وإدارة المطار يدها مفتوحة لأي اقتراحات أو تنظيمات مقترحة لتطوير الخدمة في مطار الملك عبد العزيز.

من جهته، ناشد معتمرون قبيل مغادرتهم الأراضي السعودية أثناء انتهاء موعد موسم العمرة، توحيد مكاتب النقل داخل المطارات في البلاد، مؤكدين تعرضهم لعمليات احتيال وسمسرة، على حد وصفهم، من قبل سيارات الأجرة الخصوصية، التي تعترض طريقهم فور خروجهم مباشرة من مطارات السعودية.

وقال محمد أحمد، أحد المعتمرين الماليزيين، الذي قدم على متن خطوط «طيران الخليج» قبيل شهر رمضان، إنه تفاجأ بمنظر ملاحقة مجموعة من أصحاب سيارات الأجرة أثناء خروجه من صالة الطيران الأجنبي بمطار الملك عبد العزيز، والكل يحاول أن يتلقفه، على حد تعبيره، مبينا أنه يجهل الأسعار المفترضة لنقله من مدينة جدة نحو مكة المكرمة، وظل يبحث عن مكاتب معتمدة من جهة المطار، تقوم بتوصيله، إلا أن ذلك لم يجدِ، واضطر للركوب قصرا مع أحد الركاب، الذي أخذ منه مبلغ مائة وعشرين دولارا، وحين وصوله إلى مكة المكرمة، سأل إدارة الفندق الذي يقطن فيه ليفاجأ بأن السعر أقل بكثير من الذي تم دفعه.

وأضاف محمد أن مطار كوالالمبور، أسوة بمطارات عالمية، توجد به مكاتب موحدة داخل صالات المطار، لديها خريطة جغرافية واضحة، بحيث ينقل لك الموظف المختص عدد الكيلومترات، وسعرها المحدد من شركة النقل المستثمرة، بالإضافة إلى تسعير الحقائب والأمتعة، بشكل مهذب ومنظم، حيث توجد لدى شركات النقل المصرح بعملها في المطار كل الأسعار من المطار وإلى جميع الفنادق والدور السكنية، من دون أي عملية تحايل، ويعطى الزائر لماليزيا، على سبيل المثال، كارتا مصغرا يحمل القيمة التسعيرية، بالإضافة إلى اسم السائق الذي يقوم بالخدمة، ورقم اللوحة للمركبة، ويستقطع جزء من ذلك المبلغ لصيانة المطار والقيام بعمليات إنشائية من مبان وصالات جديدة، تصب في مصلحة القطاع الخدمي في ماليزيا.

وفي سياق آخر، عقدت الهيئة العامة للطيران المدني أمس، ورشة عمل بهدف الاستفادة من التجارب والخبرات التي مرت بها الشركات العالمية المختصة في هذا المجال، ومن ضمنها شركة «شانغي» السنغافورية للمطارات الدولية، وذلك بحضور خبراء متخصصين في الإجراءات والسياسات المالية وفق أسس تجارية، إضافة إلى عدد من المسؤولين في الهيئة ومنسوبي الإدارة المالية.

ويأتي انعقاد ورشة العمل ضمن إعلان الطيران المدني حصر موجوداته ومطلوباته تجاه الغير، إلى جانب تحديد مركزه المالي، ووضع سياساته وإجراءاته المالية وفقا للنظام التجاري، فضلا عن تحويل سجلاته من النظام اليدوي إلى الآلي، وتحديد الأسلوب الذي سيتبعه كنظام لتخطيط موارده.

وأوضح الدكتور يوسف باسودان، نائب الرئيس للشؤون المالية والإدارية في الهيئة العامة للطيران المدني، أن هذه الورشة تأتي ضمن الجهود المبذولة حاليا في سبيل تطبيق إجراءات النظام المحاسبي التجاري بالتعاون مع شركة «كي بي إم جي».

وأضاف: «ناقشت الورشة أساسيات النظام المالي التجاري، على أساس الاستحقاق في صناعة الطيران المدني، والأسس التي يعتمد عليها والمجالات المالية التي يمكن تطبيقها، التي من ضمنها ربط سياسات التسعيرة بالتكلفة، والاستفادة من التجارب والخبرات التي مرت بها شركة (شانغي) للمطارات الدولية في هذا المجال».

فيما وجه المهندس عبد الله رحيمي، رئيس الهيئة العامة للطيران المدني، باستمرار الهيئة في سبيل تطبيق النظام المالي التجاري، وفقا لاستراتيجيتها بما يكفل التحول التدريجي، بناء على قرار مجلس الوزراء القاضي بتحولها إلى هيئة تدار وفق أسس ومعايير تجارية، والسماح للهيئة العامة للطيران المدني بتحويل الوحدات الاستثمارية في القطاعات المراد تخصيصها إلى شركات يرخص للهيئة بتأسيسها بمفردها وتملكها كاملة أو تملكها بمشاركة مستثمرين من القطاع الخاص.

إلى ذلك، وصلت صباح أمس لمطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة أول رحلة لشركة «طيران رأس الخيمة»، بعد أن منحتها الهيئة العامة للطيران المدني حق التشغيل لرحلاتها بين رأس الخيمة وجدة بمعدل أربع رحلات أسبوعيا.

وقال الشيخ عمر بن صقر القاسمي، رئيس مجلس إدارة شركة «رأس الخيمة»: «إن مولد الناقلة من جديد يلعب دورا حيويا ويخدم السياحة بين السعودية والإمارات العربية المتحدة، وذلك بما يشجع حركة المسافرين»، مؤكدا أهمية المملكة كوجهة سياحية لكونها تحتضن بلاد الحرمين التي يقصدها آلاف الزوار.

بينما أكد المهندس مازن خاشقجي، مدير عام مطار الملك عبد العزيز الدولي، أن هذه الخطوة تأتي ضمن تطبيق الطيران المدني لسياسة الأجواء المفتوحة، وذلك بهدف تسهيل السفر للمواطنين في البلدين، من منطلق ما تعرضه تلك الناقلات من أسعار تنافسية وتعدد الخيارات أمام المسافرين.

وأوضح أن مطار الملك عبد العزيز الدولي مستعد لاستقبال شركات النقل الجوي في ظل النمو المتسارع في حركة المسافرين والتجهيزات والخدمات التي تحتاجها تلك الناقلات في تقديم خدماتها.

من جهته، ذكر خالد بن عبد الله الخيبري، المتحدث الرسمي في الهيئة العامة للطيران المدني، أن هذه الخطوة تأتي في إطار سياسة الهيئة حول السماح لمزيد من الشركات بتشغيل رحلاتها من وإلى مطار السعودية، الأمر الذي سينعكس إيجابيا على نمو عدد المسافرين بين البلدين، إلى جانب نمو القطاع السياحي والاقتصادي وتشجيع المنافسة النزيهة التي تصب مجملها في مصلحة الراكب، فضلا عن الإسهام في توفير فرص عمل جديدة وتسهيل التجارة، مما يجعل المطارات مساهما رئيسا في دعم الاقتصاد الوطني.

خالد العبود، المدير التنفيذي لوكالة «الفارس الدولى» الوكيل العام للشركة في السعودية، أفاد بأنه جرى اختيار هاتين الوجهتين بعناية، مشيرا إلى أن جدة تعد بوابة الحرمين الشريفين، في حين تعتبر كاليكوت المعبر الرئيسي إلى ولاية كيرلا الهندية، التي ينحدر منها كثير من المقيمين العاملين في السعودية.

واستطرد في القول: «إن طيران (رأس الخيمة) تتطلع إلى حجز موقع مميز لها وسط شركات الطيران التجارية الرئيسية والناقلات منخفضة التكلفة التي جرى إنشاؤها مؤخرا، وعلى الرغم من انخفاض أسعار تذاكر الشركة فإنها تسعى لتقديم خدمات ذات قيمة تميزها عن شركات الطيران الاقتصادية».

وفيما يتعلق بأسعار التذاكر الخاصة بشركة «رأس الخيمة»، أبان المدير التنفيذي لوكالة «الفارس الدولي» – الوكيل العام للشركة في السعودية، بأنه سيجرى تسعير تذاكر السفر من وإلى جدة وكالكيوت، بدءا من 10 دراهم إماراتية.

يشار إلى أن الهيئة العامة للطيران المدني سبق أن منحت الشركة المصرية العالمية للطيران حق تسيير رحلاتها من مطار ينبع إلى القاهرة، بمعدل رحلتين يوميا، إلى جانب ثلاث رحلات أسبوعية من مطاري أبها والقصيم، وذلك في إطار تزايد الإقبال على رحلات الناقلات المصرية الجديدة من أسواق السعودية، الأمر الذي يعكس حاجة السوق المتنامية لزيادة عدد شركات الطيران ما بين البلدين، لافتة إلى أن الهيئة ماضية في هذا الاتجاه، نحو السماح لبعض الناقلات المصرية وغيرها من الناقلات في المنطقة متى ما استوفت شروط السلامة.