الرياض تعزز استراتيجيتها من القمح بـ 990 ألف طن

تطمينات حكومية من عدم حدوث أي نقص في الطلب مع دخول موسم الحج

TT

تعزز السعودية أواخر الشهر الحالي، مخزونها من القمح بأكثر من 990 ألف طن، من المقرر أن تبلغ أحد الموانئ البحرية السعودية، عبر عدد من البواخر القادمة من أميركا وألمانيا، وهما الدولتان اللتان تشتهران بزراعة القمح، وتتبوآن موقعا مهما في مصاف الدول المنتجة للقمح ومشتقاته.

وتواجه السعودية بتلك الكميات احتمالية حدوث أزمة في الكميات المتوفرة من المنتج ذاته، وتضع مخزونا استراتيجيا للبلاد، بعد أن أعاقت ظروف مناخية طبيعية توريد القمح من روسيا، التي تعتبر الدولة الأولى في العالم من حيث إنتاج القمح، عقب أن اجتاحت الحرائق غابات القمح، مما يعد الأكثر ضررا على تلك الزراعة خلال العقود الثلاثة الماضية.

وطبقا لتصريحات أدلى بها المهندس وليد الخريجي، الذي يدير المؤسسة الحكومية الوحيدة المسؤولة عن توفير القمح والدقيق والبقوليات، لمواجهة الطلب اليومي لكافة نقاط الطلب في البلاد لـ«الشرق الأوسط» فإن كلفة الشحنات التي سترد لموانئ بحرية عدة في البلاد تخطت حاجز 654 مليون ريال «174.4 مليون دولار».

وتزامنت الكميات التي من شأنها رفع سقف المخزون الاحتياطي السعودي من القمح، مع اجتماع أدار دفته وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم أمس في العاصمة الرياض، للوقوف على آخر المستجدات التي من شأنها إضفاء تطمينات عن توفر كميات من القمح ومشتقاته، لمواجهة الطلب على الدقيق بأصنافه، وهو المنتج الذي سيشهد تناميا شديدا في الطلب مع دخول موسم الحج للعام الحالي، لضمان توفير الكميات من القمح في الموسم الذي تعد له السعودية العدة من جميع النواحي منذ وقت مبكر من كل عام.

وأخذ المهندس الخريجي مهمة التطمين عبر «الشرق الأوسط» من عدم حدوث أي طارئ أو إشكال قد يطرأ على الكميات التي ستتوفر في الأسواق المحلية خلال موسم الحج، الذي لم يتبق على دخوله 18 يوما اعتبارا من اليوم الأربعاء الذي يصادف 12 من ذي القعدة، وهو الشهر الذي يسبق ذي الحجة، أو شهر الحج.

وستبلغ الرياض دفعات عدة من القمح المستورد من الدولتين، تفعيلا لعقد دخلته المملكة مع أحد جهات التصدير في البلدين على دفعات يتم نقلها عن طريق البحر، ابتداء من أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري وتتواصل حتى شهر أبريل (نيسان) من العام المقبل.

وتستورد السعودية قمحا يحوي نسبة بروتين تقدر بـ 14 في المائة، و12.5 في المائة من الأنواع الصلدة لإنتاج الخبز العربي، كما أن هذا النوع من القمح يساعد على إنتاج مخبوزات عديدة، منها «التوست» و«الصامولي» و«الباغيت» و«الخبز الإيطالي»، وغيرها.

وتسعى الرياض من خلال دعم مخزونها الاستراتيجي لمواجهة أي أزمة قد تطرأ نتيجة توقف ضخ بعض الدول المنتجة للدول الموردة للقمح، الذي يدخل في صناعات غذائية عدة.

وبالعودة لتوسعات المؤسسة، فقد سبق ذلك خطوة سعيها لإجراء توسعات في بعض من المحطات التابعة لها في مناطق عدة من البلاد، وكان آخر تلك التوسعات ما أبرمه وزير الزراعة السعودي الدكتور فهد بالغنيم في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، الذي يتبوأ موقع رئيس مجلس إدارة مؤسسة الصوامع، بحضور المدير العام للمؤسسة، عقد توسعة صوامع فرع المؤسسة في محافظة جدة بطاقة تخزينية تبلغ 140 ألف طن من القمح، في عقد فاقت تكلفته أكثر من 315 مليون ريال «84 مليون دولار»، بالإضافة إلى توسعة فرع المؤسسة بالدمام في المنطقة الشرقية، لتصبح طاقته التخزينية 140 ألف طن من القمح، في عقد بلغت تكلفته أكثر من 339 مليون ريال «90.4 مليون دولار».

وتخشى الجهات الرسمية التي من شأنها توفير تلك السلع الغذائية في السوق المحلية من عودة سيناريو أزمة الخبز التي حدثت مطلع عام 2008، والتي شهدت إغلاق عدد من المخابز أبوابها، إثر النقص الحاد في الدقيق، وخلت أرفف الأسواق التجارية من أكياس الدقيق الصغيرة.

وسجلت أسعار الدقيق الفاخر ارتفاعا وصل إلى 90 ريالا، والعادي 60 ريالا، بدلا من «32 و22 ريالا على التوالي»، وهو ما جعل بعض المخابز تبحث إمكانية رفع سعر رغيف الخبز أو إنقاص العدد «4 أرغفة بريال» في ذاك الحين، حتى انتهت الأزمة بعد أن استغرقت نحو شهر.

أما أسعار الدقيق لليوم، فيقدر سعر كيس الدقيق الفاخر بـ28 ريالا، ودقيق البودرة 22 ريالا، والدقيق العادي 20 ريالا، ودقيق البر 30 ريالا، وأخيرا، دقيق البر الفاخر 30 ريالا، وهذه الأسعار بالنسبة للدقيق المعبأ في كيس 45 كجم.

أما بالنسبة لدقيق العبوات المنزلية «كيس 10 كجم»، فسعر كيس دقيق البر 8 ريالات، ودقيق بر فاخر 8 ريالات، وأخيرا، سعر كيس الدقيق البودرة 6 ريالات.

بعد مرور عامين على حادثة أزمة الدقيق، عادت مخاوف تكرار «سيناريو» شح رغيف الخبز من السوق السعودية، مع الجدل الذي أحدثه مؤخرا تواصل ارتفاع أسعار الشعير، واقتراب سعر الكيس من ملامسة الـ60 ريالا «16 دولارا» حتى الآن، بالنظر إلى هرب مربي الماشية من «نار» الشعير إلى «جنة» الدقيق، الأمر الذي أبدى المختصون حياله تخوفا من انعكاساته في المدى القريب.

وقدر المهندس الخريجي لـ«الشرق الأوسط» استهلاك بلاده من القمح شهريا بأنه يصل إلى 230 ألف طن، وعلى الرغم من طمأنته على أوضاع كميات القمح، فإنه لم يضع بلاده بعيدا عن الأزمة التي لحقت بروسيا، التي تغطي نحو 15 في المائة من احتياج العالم من القمح، وهي أزمة ألقت بظلالها على جميع دول العالم، لكنه أكد أن عمليات الاستيراد التي دخلتها السعودية من روسيا لم تتجاوز كمية تسلمتها السعودية في 2008 فقط، لأن المملكة دخلت في اتفاقات تأمين احتياجاتها من القمح من كندا، وأوروبا.