سوق الزّل.. ذاكرة الرياض التجارية والتراثية

اشتهرت بالصناعة الحرفية والآثارية.. وتزاحم الأجانب في أزقتها الضيقة

TT

تعتبر سوق الزّل في العاصمة السعودية، الرياض، المقصد الأول للكثير من السياح والمقيمين الأجانب في البلاد، لكونها من أهم المعالم التاريخية والسياحية والأثرية، وتتمثل أهمية سوق الزل من الناحية التاريخية في أنها تعتبر السوق الرئيسية لتجارة السجاد والملابس الرجالية والسلاح، حيث لا تزال محتفظة بهذا النشاط حتى الوقت الحاضر، ولما تحتويه من السلع التراثية كبيع التحف والقطع الأثرية والنحاسيات والملابس والأواني القديمة والمباخر والدروع وأنواع البنادق والسيوف، بجانب مختلف أنواع السجاد والبسط.

ويعود تاريخ السوق، بحسب عدد من البحوث والدراسات التاريخية، إلى عام 1901م تقريبا، حيث كانت تشكل جزءا من القصور القديمة التابعة لقصر الديرة القديم، وفيها البيت الذي كان يسكنه الملك عبد العزيز - يرحمه الله – عند دخوله الرياض، في ذلك الوقت، كما تعد السوق مقرا للصناعة الحرفية سواء المشالح أو الأزياء الشعبية والسجاد والأحذية في الماضي وحتى يومنا هذا، وتشكل هذه السوق بطابعها التراثي وطرازها المعماري العتيق لوحة تميزت بها الرياض من سنوات قبل تعالي ناطحات السحاب والأبراج والمباني الشاهقة، ويحلو للبعض وصف سوق الزل بأنها تحاكي أو تشابه سوق خان الخليلي بمصر أو غيرها من الأسواق العربية الشعبية القديمة كسوق الحميدية في سورية، وعلى الرغم من كون السوق تحمل اسم سوق الزل، فإن واقع السوق وما تحويه من سلع يخالف اسمها، إلا أن الاسم جاء كما يرويه أصحاب الخبرة في السوق ممن عاصروا بداياتها وسمعوا كثيرا من أخبارها أن ذلك يعود إلى رواج تجارة السجاد، حيث هي الأكثر شعبية ولها مكانة كبيرة عند مرتادي السوق قديما.

وأبرز أنواع السجاد الموجودة في السوق السجاد التركي والإيراني مثل سجاد قم (نسبة إلى مدينة قم الإيرانية) المصنع من الحرير، والسجاد التبريزي، إلى جانب السجاد الكشميري والروسي والأفغاني.

تقع السوق في المنطقة المحصورة بين شارع طارق بن زياد جنوبا، وشارع الشيخ محمد بن عبد الوهاب غربا، وشارع الشيخ محمد بن إبراهيم شرقا، وتبلغ مساحتها أكثر من 38 ألف متر مربع.

ونظرا لأهميتها التجارية والآثارية في المنطقة فقد عمدت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، منذ سنوات بتطوير منطقة قصر الحكم الواقعة في وسط مدينة الرياض، والتطوير يشمل السوق لتصبح المنطقة بأكملها معلما سياحيا وذات جدوى اقتصادية عبر برنامج سياحي متكامل على مستوى المدينة وإدراجه على خارطتها السياحية، وذلك ما دفع الهيئة العليا للسياحة والآثار لاعتبار السوق إحدى نقاط الجذب السياحي الهامة في المدينة والعمل على ربطها بالمواقع السياحية الأخرى في العاصمة السعودية، الرياض، ويهدف مشروع تحسينها إلى رفع المستوى الحضري للسوق والإبقاء على أنشطتها التجارية القائمة، وإعادة تنظيم البنية التحتية، والقيام بأعمال التبليط، والتظليل والإنارة للممرات الداخلية للسوق، بالإضافة إلى تحسين واجهات الممرات الداخلية وأسقفها.

وبحسب تجار في السوق ومتابعين للأنشطة بها، فإنهم يؤكدون أن أفضل الأوقات والمواسم التي يزداد فيها البيع والنشاط التجاري في السوق مواسم الأعياد بالنسبة للأجانب من غير المسلمين، وبخاصة خلال فترة أعياد الميلاد والكريسماس ورأس السنة، حيث يتبادلون الهدايا ويأخذونها معهم لتبقي في ذاكراتهم هذا المكان، بالإضافة إلى أعياد المسلمين في رمضان وغيرها.

ويعد فصل الصيف من أقل فصول السنة على مستوى المبيعات، ويعود السبب في ذلك إلى سفر الأجانب إلى خارج البلاد، بينما فصل الشتاء من أنسب الأوقات جذبا للمشترين، ويعد البدو المحليين من أكثر المغذين للسوق بالضائع والمنتوجات التراثية والمحلية.

ويؤكد خبراء السوق أن الأميركيين هم أكثر فئات المقيمين إقبالا على السوق، يليهم الكنديون، ثم البريطانيون، فالفرنسيون.

والجدير بالذكر أن البائعين - وأغلبهم من كبار السن - يجيدون اللغات الأجنبية، وخصوصا الإنجليزية، نظرا لكثرة المترددين الأجانب على متاجرهم.

وبحسب مطلعين على السوق فإن أكثر من 70 في المائة من الزبائن الأجانب يقبلون على شراء الفضيات من القلادات والخواتم والبراويز المصنعة بأشكال تراثية، التي تتراوح أسعارها بين 700 و1500 ريال (180 إلى 400 دولار).

والسوق مؤخرا تعاني من كثرة العمالة الوافدة مما أدخل السوق في حرب أسعار، بالإضافة إلى عدم إجادتهم فن التعامل مع الزائرين المترددين على السوق.

كما أن هذه العمالة تسيطر حاليا على حركة البيع والشراء وتشكل نحو 95 في المائة من إجمالي المحلات التراثية في مدينة الرياض، وبسببها يضطر أحيانا الواحد لبيع مقتنيات بـ75 ريالا (19 دولارا) في حين أن سعرها الأصلي 500 ريال (132 دولارا).